قنبلة مدوية فجّرها محافظ عدن عبدالعزيز المفلحي، بإعلانه استقالته من منصبه، موجهاً اتهامات مباشرة لرئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، بالفساد وعرقلة المشاريع التنموية في عدن. وبعد ساعات من إعلان الاستقالة، جاء ردّ الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، كما كان متوقعاً، برفضها، مع وعد بالبحث في حيثياتها.
«النَفَس» الذي قدّم به المفلحي استقالته، أمس الخميس، حمل في طياته مفاجآت لم يكن يتوقعها على ما يبدو بن دغر، رغم الفتور في العلاقة الذي بدأ يرتسم منذ مدة بين الرجلين، حتى أثناء تواجدهما سوياً في المدينة، وما بعد مغادرتها واستقرار المفلحي في مصر، قبل أن يطلق أواخر الشهر الماضي رسائل تحذيرية لبن دغر بأن صبره على «فساده» بدأ ينفد، وأن صمته على تجاوزاته «لن يطول كثيراً»، واتهامه بأنه استولى على خمسة مليار ريال من إيرادات عدن، وتحويلها إلى الخارج، فكان رد بن دغر على هجوم المفلحي، بتكليف وكيل أول محافظة عدن أحمد سالم ربيع، بإدارة شؤون المحافظة، في خطوة عدت حينها بأنها انقلاب فعلي على المفلحي، وإجراء يتضمن سحب الصلاحيات تدريجياً.
«مناورة» بن دغر استدعت «تصعيداً» من المفلحي، اختزله بموقف تقديم الاستقالة ووصف بن دغر بأنه يقود «كتائب فساد مدرّبة ومحمية» و«يخطف الماء من أفواه الناس»، مؤكداً بأن «الفساد المتفشي في حكومة بن دغر، ملأت روائحه الكريهة أجواء اليمن ومدن شتى في العالم، وقد أصاب البلاء البلاد».
كما طلب من الرئيس هادي، فتح تحقيق في اختفاء مبلغ الخمسة مليار ريال، مشيراً إلى أن تحويل المبلغ من حساب المحافظة بهذا الشكل، وتجاهل المخول بهذا الحساب وهو مدير عام المالية ومحافظ محافظة عدن، يعتبر مخالفة قانونية تستدعي المساءلة أمام الجهات القضائية.
كما تحدث المفلحي في استقالته عن مظاهر تردي الخدمات الأساسية وانقطاع التيار الكهربائي وارتفاع الأسعار في عدن بالتزامن مع الانهيار السريع للعملة المحلية أمام العملات الأجنبية.
بدوره، لم يتأخر هادي كثيراً في الإعلان عن رفض استقالة المفلحي، موجهاً باستدعائه هو وبن دغر إلى الرياض، لـ«فعل ما يحقق استتباب الأمن والاستقرار والتنمية في العاصمة المؤقتة».
تقديم المفلحي استقالته ببيان، خضع لجولات تحليل وقراءات بدأت ولم تنتهِ حتى اللحظة، ما فجّر الغضب في الشارع العدني ضد حكومة بن دغر، فخرجت أمس مظاهرة ليلية غاضبة في مدينة المنصورة، تطالب بطرد بن دغر من معاشيق، وإسقاط حكومته، وهناك من يرى بأن المفلحي بإعلانه الاستقالة قدّم خدمة مجانية لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي»، الذي سبق أن أطلق الأسبوع الماضي «برنامج تصعيد ميداني» في عدن، رفع شعار واحد هو إقالة بن دغر وتحميل حكومته مسؤولية تدهور الأوضاع في عدن، وهو ما أثبتته رسالة المفلحي بـ«الوقائع والحقائق الدامغة». في انتظار رد بن دغر، على المفلحي و«الانتقالي» سوية، مع استبعاد فرضية إقدام هادي على إقالته، حتى لا يحسب بأنه انصاع لضغوط الإمارات التي يمثلها «الانتقالي» في الجنوب.