«الانتقالي» يرفض عرض بن دغر: لا نريد دمج «المقاومة»!

متابعات| العربي:
حديث بن دغر جاء خلال كلمة ألقاها في الاحتفال الذي أُقيم في عدن بمناسبة ذكرى ثورة 26 سبتمبر، حيث أكد «(أننا) سنعمل بكل طاقتنا على توحيد القرار السياسي والعسكري في بلدنا، فتلك مهمة وطنية كبرى، وسنبدأ خلال الأيام القادمة بدمج الوحدات العسكرية التي نشأت في ظروف معينة في وحدات ذات طابع وطني لها لون واحد هو لون اليمن الكبير».
واعتبر أن وجود وحدات خارج سيطرة الحكومة يشكل خطراً على الأمن، قائلاً إن «بقاء هذه الوحدات على هذا النمط القائم اليوم يمثل خطراً على أمننا، وعلينا أن نوقف هذا الخطر، لقد وعدنا بالتقدم نحو هذا الهدف، وقد أعددنا قاعدة العند والكلية العسكرية لهذه المهمة وكذلك المكلا، وسنرى قريباً برنامجاً ملموساً في هذا الإتجاه».
وتوالت الردود على تصريحات بن دغر من قِبَل عدد من قيادات «المجلس الإنتقالي». إذ اعتبرها نائب رئيس المجلس، هاني بن بريك، في تغريدة على حسابه في «تويتر»، «تهديداً مباشراً للجنوب»، قائلاً: «نعتبر كلام بن دغر عن إعادة قوات شمالية إلى الجنوب تهديداً مباشراً للجنوب وأهله، ونحذر من مغبة هذا التصريح المستفز، وعلى التحالف تدارك الأمر». وأضاف بن بريك: «لن يستفزنا أحد، فنحن مستعدون لإعادة الكرة».
بدوره، عدّ رئيس اللجنة الإعلامية في المجلس، لطفي شطارة، تصريحات بن دغر «تحريضاً على تفجير الإحتقان، وعملاً غير مسؤول»، فيما أصدر الناطق الرسمي لـ«المجلس الإنتقالي»، سالم ثابت العولقي، بياناً هدد فيه بمواجهة أي خطوة لبن دغر، متوعداً بـ«إسقاطها مثلما أسقطت مليشيات الحوثي وقوات صالح الغازية».
وأشار العولقي إلى أن «قوات النخبة والحزام لا تهدد الأمن بل تثبته، ولقد حققت نجاحاً لم تحققه محاور عسكرية وأجهزة أمنية وقوات خاصة تابعة للشرعية اليمنية عجزت عن أن تضبط مطلوباً أو تثبت الأمن في شارع، ما يعني أن استهداف هذه القوات الأمنية هو استهداف لجهود مكافحة الإرهاب أو هو شكل من أشكال المساندة للقوى التي تدافع عن الإرهاب».
وبعدما انهال سيل من التعليقات والردود عبر وسائل التواصل الإجتماعي من قِبَل سياسيين ونشطاء جنوبيين على تصريحات رئيس حكومة هادي، عاد بن دغر ليوضح تصريحاته في بيان، قائلاً: «لا تقولونني ما لم أقل، كيف تتصورون ونحن نقاتل العدو ونواجه المخاطر يومياً أننا سندمج وحداتنا العسكرية والأمنية التي حققت انتصاراتنا مع وحدات معادية نتواجه معها يومياً على خط النار. قرارنا واضح وهو قرار دمج الوحدات العسكرية والأمنية التي تشكلت في المناطق المحررة في ظروف معينة، وعلى أساس مناطقي واضح. وكما تعرفون ويعرف القاصي والداني أي مستوى حاد من الخلافات قد بلغ الأمر بهذه الوحدات، لولا حكمة الرئيس وتعاون الأشقاء في التحالف».
وبين بن دغر أن «القرار يهدف إلى بناء وحدات تتكون من أفراد لا ينتمون إلى منطقة محررة بعينها، بل إلى كل المناطق المحررة، وحدات لا تحكمها عصبية مناطقية أو سياسية، وذلك هو الأساس في تكوين كل جيوش العالم والمؤسسات الأمنية».
المفارقة أن عملية الدمج التي تحدث عنها بن دغر الخميس كانت قيادات «المقاومة الجنوبية» قد وافقت عليها في اجتماع عُقد في أغسطس من العام 2015 بمدينة عدن. وقد رشّحت القيادات المذكورة، حينها، اللواء عيدروس الزبيدي واللواء شلال شايع للقيام بمهمة دمج كتائب «المقاومة» بتشكيلات «الشرعية» العسكرية والأمنية، لكن تلك المساعي لم يكتب لها النجاح، خصوصاً وأن دولة الإمارات قدمت، بعد الإتفاق، دعماً كبيراً لقوات «الحزام الأمني»، ونشرت قواته في عدد من المحافظات الجنوبية، ودخلت في نزاع مع الرئيس هادي.
وعلى الرغم من تلك الموافقة، إلا أن مؤيدي «المجلس الإنتقالي» اعتبروا كلام بن دغر «استهلاكاً لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع»، مبررين ذلك بأن «الحكومة الشرعية لا يوجد لها حضور عسكري ووحدات قتالية تدين لها بالولاء في عدن، باستثناء ألوية الحماية الرئاسية وهي عبارة عن كتائب غير نظامية وأفرادها متعددو الولاءات والانتماءات». ولفت هؤلاء إلى أن «قوات الحزام الأمني المدربة والمسلحة جيداً، بالإضافة الى ألوية تدين بالولاء لرئيس المجلس الإنتقالي عيدروس الزبيدي هي التي تسيطر فعلياً على المؤسسات والمنشآت الهامة في عدن، بينها المطار وميناءا المعلا والمنطقة الحرة بالإضافة إلى النقاط المحيطة بعدن. وهذه الوحدات… باتت تسيطر فعلياً على مساحات واسعة في محافظة أبين مسقط رأس الرئيس هادي، بالإضافة إلى سيطرتها سابقاً على محافظات لحج والضالع وأجزاء من محافظتي حضرموت وشبوة النفطيتين».
وفي هذا الإطار، يقول مصدر مقرب من «المجلس الإنتقالي» في عدن، لـ«العربي»، إن «تسليم قيادة قوات الحزام الأمني للواء شلال علي شائع هو ما أثار خوف وهلع الحكومة». ويورد المصدر رواية يقول إنها «تفسر واقع الحال بعدن وحقيقة ما يحدث بعيداً عن التصريحات الرسمية». يدعي أن «منظمة دولية عاملة في عدن طالبت رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر بالتدخل لدى التحالف للإفراج عن موظف من أصول يمنية محتجز لديه، غير أن بن دغر نصح مدير المنظمة الدولية بالذهاب إلى اللواء عيدروس الزبيدي باعتباره الوحيد الذي يمكنه الإفراج عن موظف المنظمة، وقال لمدير المنظمة الدولية بالحرف الواحد لا يغرك ما تراه فالواقع مختلف تماماً في عدن».
أكثر من ذلك، ذهبت بعض قيادات الحراك الجنوبي إلى المطالبة بـ«الحسم العسكري مع بن دغر». وغرد القيادي في الحراك، أحمد عمر بن فريد، في حسابه على «تويتر»، بالقول: «بن دغر تجاوز حدود التهريج، وتحول فعلاً إلى حصان طروادة ستدخل منه وخلاله قوات الإحتلال إلى الجنوب مرة أخرى، الحزم مع هذا المخلوق أمر حتمي».
في الاتجاه نفسه، يرى القيادي في الحراك، العميد حسن البيشي، في تصريح لـ«العربي»، أن بن دغر «كشف مخطط قيادته السياسية التي تسعى لاحتواء المقاومة الجنوبية بضمها إلى مليشيات حزب الإصلاح، ليسهل لهم السيطرة العسكرية والأمنية على الجنوب لفرض الوحدة عليه بالقوة من جديد من ناحية، ولتقوية موقفهم في مفاوضات الحل النهائي، خاصة أن المجلس الإنتقالي الجنوبي مسيطرة على أرض الجنوب، وجاهز لتمثيل شعب الجنوب وقضيته العادلة في أي مفاوضات قادمة». كما يرى البيشي أن «تصريح بن دغر لا يمت للواقع بأي صلة لأسباب من بينها أنه لا يوجد جيش وأمن في الشمال، الموجود هناك مليشيات الإصلاح ومليشيات صالح والحوثي».
في المقابل، يبدي القيادي في الحراك، بجاش الأغبري، في تصريح لـ«العربي»، تأييده إعلان بن دغر شريطة أن «يضم الدمج كل مناطق الجنوب، وأن لا يتخذ الطابع المناطقي، كما أننا نرفض أن تدمج قوات من المحافظات الشمالية مع القوات الجنوبية».
ويرى رئيس الهيئة الشرعية الجنوبية، الشيخ حسين بن شعيب، من جانبه، في حديث إلى «العربي»، أن «خطوات توحيد الجيش مطلوبة، مع الأخذ بالاعتبار ضرورة دمج الحزام الأمني، والتشكيلات المليشاوية في عدن بالمؤسستين العسكرية والأمنية، وفي تعز العمل على إنهاء المليشيات الحزبية والمناطقية». ويطالب بن شعيب بـ«دعم التحالف للشرعية ممثلة بالرئيس هادي، عسكرياً وأمنياً، وترك الإزدواجية في الصلاحيات خصوصاً بين هادي والإمارات».
ويعتبر بن شعيب أنه «إذا لم يتحقق إعداد جيش الشرعية لمعركة تحرير المناطق التي يسيطر عليها الإنقلابيون، وتدريبه وتزويده بأحدث الأسلحة، وتسليم المعسكرات في المناطق المحررة للشرعية، وسحبها من المقاومة من أجل خوض معركة حاسمة وسريعة مع القوى الإنقلابية، فإن الجيش سيجد نفسه في آخر المطاف في مواجهة الميليشيات والحزام الأمني من جانب والمليشيات الإنقلابية من جانب آخر، وفي هذه الحالة سيكون الجيش هو الخاسر».
من جهته، يصف القيادي في الحراك الجنوبي، عبد الكريم السعدي، في حديث إلى «العربي»، الدعوة إلى «توحيد الجيش» بالـ«إيجابية»، ويؤكد إيجابيتها، بحسبه، «بروز المليشيات في المناطق المحررة والمحتلة». ويرى السعدي أن «الدعوة ستفقد أهميتها إذا جاءت منفصلة عن مجموعة من القرارات والاجراءات التي تتضح معها جلياً ملامح الحل السياسي في اليمن، ويجب أن تكون مادة من مواد الحل السياسي للأزمة». ويضيف أنه «لا يتفق مع الردود المستعجلة في رفض الدعوة وقبولها»، داعياً «الجميع إلى التعاطي بإيجابية معها شريطة أن تكون في وقتها المناسب وسياقها السياسي المتوافق عليه».