كل ما يجري من حولك

صحيفة رأي اليوم: آن للسعودية أن تفر من مأزقها الكبير في اليمن

606

متابعات | رأي اليوم | حماد صبح

 

 

 

 

 

 

 

 

احتشدت في الآونة الأخيرة إشارات ومقاربات من جانب السعودية توحي بأنها بدأت تدرك أخيرا عمق المأزق الذي ألقت بنفسها فيه في اليمن في 26 مارس 2015 الذي تقدر تكاليفه اليومية ب 200 مليون دولار عدا التكاليف والتبعات الأخرى الكثيرة التي تصعب الإحاطة بأبعادها كافة . وأبرز الإشارات والمقاربات :

أولا : ما ذكرته صحيفة ” الشرق ” القطرية نقلا عن مصادر يمنية من أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أوفد المبعوث الأممى لدى اليمن إسماعيل ولد الشيخ إلى مسقط العاصمة العمانية ” للاستنجاد بها  لدى جماعة أنصار الله وصالح لتهدئة الأعمال القتالية على المدن الحدودية السعودية التي بلغت ذروتها في الأسابيع الأخيرة ” ، وتتحدث الأخبار عن مقتل 50 جنديا وضابطا سعوديا على الحدود مع اليمن منذ مايو الماضي .

ثانيا : استقبال السعودية لشخصيات شيعية عراقية آخرها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ، قيل إن من بين أهدافها توسيط تلك الشخصيات لدى طهران للمساعدة على إنهاء القتال في اليمن .

ثالثا : ثالثا : الحديث عن إمكانية وصول وفد دبلوماسي سعودي إلى طهران لمعاينة السفارة السعودية فيها ، والقنصلية السعودية في مشهد بعد عام ونصف من قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين .

رابعا : المصافحة والمعانقة بين جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني وعادل الجبير وزير الخارجية السعودي في اسطنبول على هامش اجتماعات الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي للتداول حول القدس المحتلة وأحداث الأقصى .

خامسا : ما نشره الصحفي والكاتب السعودي مشاري الذايد الموصوف بقربه من الدوائر الرسمية في بلاده في ” الشرق الأوسط ” بخصوص رفض ولي العهد ووزير الداخلية السابق الأمير محمد بن نايف تسليم القيادي العسكري الأول السابق في حزب الله عماد مغنية إلى أميركا في 1995 حين وصل قادما من السودان على طائرة حطت في مطار جدة ؛ قاصدا طهران ، وعلم الأميركان بوصوله ، وطالبوا بتسليمه ، فرفض الأمير محمد متحججا بأن السعودية لا تسلم من جاء معتمرا لأحد . كلام الذايدي جاء في سياق الرد على اتهام قطر للسعودية بعرقلة سفر الحجاج القطريين ، ولكن يمكن التقدير أنه إشارة حسن نية سعودية لحزب الله ولإيران وللشيعة كافة من قبيل صيد عصفورين بحجر واحد .

***

قيل دائما : من السهل أن تبدأ حربا ، والأصعب أن تخرج منها . وهذه حال السعودية في مأزقها الكبير الصعب في اليمن . بدأت الحرب ، بل العدوان على جزء من الشعب اليمني ، وهو في القتل والتخريب على كل الشعب اليمني ؛ مستسهلة لها . وبعد شهر من بدئها أعلنت مشروع ” إعادة الأمل ” للشعب اليمني متوهمة أنها توشك أن تنتهي . وهاهي اليوم في عامها الثالث بكل أهوالها ودمائها ومآسيها على الشعب اليمني وعلى السعودية التي أضحت عاجزة عن حماية مواطنيها في نجران وجيزان وعسير من هجمات جماعة أنصار الله التي وصلت صواريخها الطائف وجدة والرياض . وكل الأحاديث عن قرب الحسم السعودي للحرب انتهت بخلافها تماما : الحرب تتواصل ، والمأزق السعودي فيها يكبر ويتعمق ، وأنصار الله وقوات صالح يزدادون تحديا وصلابة وثقة في حتمية قهر العدوان ، والسعودية فوق مأزقها المستعصي في اليمن تتوالى مشكلاتها وخيباتها داخليا وخارجيا . داخليا : لا يمكن الاستخفاف بعواقب إبعاد محمد بن نايف عن ولاية العهد على تماسك الأسرة السعودية ،  وبآثار المشكلات الاقتصادية الناتجة عن انخفاض سعر النفط والتكلفة الكبيرة للحرب في اليمن . وما يحدث في العوامية في محافظة القطيف ليس عاديا أبدا . لأول مرة منذ استقرار الحكم السعودي قبل 80 عاما تقصف القوات السعودية بالأسلحة الثقيلة بلدة داخلية . وخارجيا : تنهار كل خططها في سوريا ، وتحشر نفسها في أزمة شاملة مع قطر لن يكون حظها من النجاح فيها مغايرا لحظها منه في حربها أو عدوانها في اليمن . الكف عن الاندفاع في الخطأ ولو جاء متأخرا خير من مواصلة ذلك الاندفاع مكابرة وعنادا . الحرب _ حتى لو كانت دفاعا عن الذات _مرهقة ، عظيمة التكلفة ، فما الحال إذا كانت عدوانية ؟! أحسب أنه آن للسعودية أن تفر من مأزقها الكبير في اليمن ، ولعل الإشارات والمقاربات التي ذكرناها تكون مبشرات باتجاه سعودي نحو ذلك الفرار .

You might also like