الجنوب.. مطارات مغلقة وأسعار مرتفعة

إذاً، هو استهدافٌ صريح مع «سبق الإضرار والتسيّب» تتعرّض له الشركة، تقوم به جهات معروفة – وغير معروفة – محلية وإقليمية، لحاجات هي في نفوسها، لا يمكن للبُعد السياسي أن يكون غائباً فيه أبداً، إن لم يكن هو المطلوب أصلاً.
آخر فصول هذا الإستهداف، ولا نعتقد أنه سيكون الأخير، هو عرقلة ومنع تزويد الطائرات (على قلتها وركاكة جهوزيتها ومحدودية رحلاتها) بالوقود، واضطرارها من أجل تجاوز هذا المنع إلى التوجّه إلى جيبوتي، قبل وبعد كل رحلة من وإلى عدن. وحين نقول إلى عدن، لأنه المطار الوحيد الذي ما زال مفتوحاً، أو بالأصح ما زال شبه مفتوح، بعد أن أُغلقَ مؤخراً مطار سيئون أمام الرحلات الداخلية والخارجية لطيران «اليمنية» و«السعيدة» لأسباب مجهولة. قالت مصادر نقابية إن بعض هذه الأسباب يتعلق بمطالب حقوقية للعمّال، مشيرة إلى أن العمّال هناك لم يستلموا حوافزهم المالية منذ أبريل 2015، أي منذ اندلاع الحرب بأسابيع قليلة.
أما مطار الريان بالمكلا، فهو ما زال في غيبوبته منذ بداية الحرب، مع أنه لا توجد مشكله تعترض فتحه، والدليل أن رئيس الحكومة اليمنية المُقال، خالد بحاح، حطّ بطائرته الإماراتية برفقة ضباط إماراتيين، قبل أيام، بأرض المطار، بكل سلاسة وبدون أي مشاكل فنية أو أمنية أو ملاحية.
يحصل كل هذا في ظل ارتفاع مخيف لأسعار التذاكر بنسبة تصل إلى أكثر من 400% (الأغلى عالمياً)، بحسب مصدر في الشركة، قال، في تصريح لوسائل إعلامية محلية، قبل أيام، إن هذه الزيادة كانت اضطرارية لمواجهة الخسائر التي تتكبدها الشركة بسبب قيام منظمة الطيران العالمية (إياتا) بتعليق أعمالها أواخر مارس 2015، من غرفة المقاصة (ICH BSP) الخاصة بمبيعات الوكلاء في اليمن.
وعلى ما تقدّم، تنتصب أمامنا عدة أسئلة لها طَعم المُرّ ومذاق العلقم، في عيون حائرة وحلوق تخنقها الغصة والحسرة:
– لماذا هذا التعمّد في تعذيب الناس بسفرهم؟ ومن المستفيد من ذلك؟
– لِمَ لا تسيّر دول «التحالف» رحلات لطيرانها إلى مطارات الجنوب، طالما أنها المسيطرة على البلاد، وتهيمن على الأجواء والبحار، وتمتلك بيدها كل أسباب الحل، فضلاً عن أنها أغنى دول العالم بالنفط (الوقود) الذي يمثل الجزء الكبير في هذه المعضلة؟
– ثم السؤال الأكثر مرارة وغرابة: لماذا هذا الصمت المطبق من قبل المتضررين أنفسهم، أفراداً وجماعات ونخباً ومكونات سياسية وثوروية؟ فهل استلذ الجميع طعم التعذيب وطاب له مذاق القهر إلى درجة الإستكانة؟