كل ما يجري من حولك

تسريبات العتيبة تكشف كيف حاول الضغط على أوباما للمشاركة في العدوان على اليمن

518

موقع متابعات | تقارير | ترجمة وتحرير نون بوست

أليكس إمونس

في إطار العلاقات الوثيقة التي تجمع بعض الدول على غرار الولايات المتحدة الأمريكية بمنتهكي حقوق الإنسان، تقوم الحكومات المستبدة بتسليط ضغط مستمر على هذه الدول حتى تتغاضى عن الانتهاكات التي يرتكبونها. وقد تجلت مثل هذه الممارسات من خلال الرسائل الإلكترونية التي تم اختراقها، والتي جمعت بين سفير الإمارات العربية المتحدة الذي يتمتع بتأثير بارز في الولايات المتحدة وأحد مسؤولي الأمن القومي في إدارة أوباما. وقد كشفت هذه الرسائل الإلكترونية، التي تحصل عليها موقع “الإنترسبت”، كيف كانت الحكومات الأجنبية الصديقة تضغط على البيت الأبيض من أجل غض الطرف على الانتهاكات التي ترتكب في مجال حقوق الإنسان، ورضوخ البيت الأبيض لهذه الضغوط في العديد من المناسبات.

 

من خلال المبادلات الإلكترونية التي جدت في يونيو سنة 2016، حاول سفير دولة الإمارات العربية المتحدة، يوسف العتيبة إقناع روبرت مالي، أحد كبار مستشاري الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما فيما يتعلق بشؤون الشرق الأوسط، بأن تقرير المتعلق بحقوق الإنسان الذي ينتقد قصف التحالف المدعوم من قبل الولايات المتحدة لليمن، منحاز وغير عادل. والجدير بالذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد عضوا رئيسيا في صلب التحالف الذي تقوده السعودية في حرب اليمن التي أسفرت عن مقتل الألاف من الأشخاص وتدمير المستشفيات ومصادر الغذاء والبنية التحتية للمياه، فضلا عن ترك 7 ملايين شخص على شفا المجاعة.

 

وفي الأثناء، شدد العتيبة على أن التقارير الصادرة عن وكالة الأنباء العالمية “رويترز”، التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، كانت متحيزة بشكل غير منصف. واستشهد العتيبة بتقرير لوكالة رويترز أوردت من خلاله أن الممالك العربية قد ضغطت على الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حتى يلغي تصنيف التحالف اليمني ضمن قائمة الأمم المتحدة التي تعنى بكشف وفضح كل الدول التي تتسبب في قتل الأطفال الأبرياء.

 

ذهب العتيبة إلى القول إن هيومن رايتس ووتش قد وضعت معيارا لا يمكن تحقيقه في إطار حقوق الإنسان. وفي هذا الصدد، أفاد سفير الإمارات “بالطبع نحن نؤمن بحقوق الإنسان، ولكن بعض هذه المجموعات تضع معايير أشبه “بمعيار البلاتين” الذي لا يمكن لأي أحد بلوغه.

والجدير بالذكر أن وكالة الأنباء رويترز زعمت أن وزراء خارجية دول الخليج قد هددوا بسحب ملايين الدولارات من البرامج الإنسانية للأمم المتحدة، وإيقاف الدعم المادي الموجه لها. وفي مؤتمر صُحفي استثنائي أجري بعد يومين من صدور التقرير، لم  يقم بان كي مون بتأكيد صحة التقرير من عدمه. ومن المثير للاهتمام أن لويس تشاربونيو، الصحفي الرئيسي الذي تولى تحرير “الرواية” التي نشرتها وكالة رويترز، قد قَبِل بمنصب مدير الأمم المتحدة في منظمة هيومن رايتس ووتش التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، وبعد شهر من ذلك غادر تشاربونيو وكالة الأنباء.

 

من ناحية أخرى، قال العتيبة لمالي، من خلال هذه المبادلات الإلكترونية، “أعتقد أن بعض التغطية الإعلامية متحيزة”. في المقابل، رفض مالي، الذي أكد صحة الرسائل الإلكترونية بينه وبين العتيبة، التعليق على مسألة هذه التسريبات. وفي غضون عدة دقائق، بادر مالي بإجابة العتيبة قائلا: “حقا؟ هل تظن أن الإيمان بحقوق الإنسان يعد تحيزا؟” وأضاف مالي قائلا: “أعتقد أنكم تعتبرون التغطية الإعلامية لقضية تقرير الأمم المتحدة برمتها منحازة أيضا”.  وردا على ذلك، قال العتيبة: “أنت تمزح أليس كذلك؟ أتريدني أن أصدق بأن المراسل الذي سيعمل من قبل هيومن رايتس ووتش سيغطي حرب اليمن بموضوعية؟؟ رجاءً”.

 

من جانب آخر، صرح تشاربونيو، الصحفي السابق لدى رويترز، لصالح موقع الإنترسبت، أن روايته “لا غبار عليها”، كما أنها “بحث معمق وشامل”، مشيرا إلى أن بان كي مون قد أكد كل ما كتبه. وأضاف تشاربونيو أن “الوقائع في اليمن كفيلة بإثبات صحة ما ورد في التقرير” سواء اعترف بها بعض الدبلوماسيين أم لا.

 

من ناحية أخرى، ذهب العتيبة إلى القول إن هيومن رايتس ووتش قد وضعت معيارا لا يمكن تحقيقه في إطار حقوق الإنسان. وفي هذا الصدد، أفاد سفير الإمارات “بالطبع نحن نؤمن بحقوق الإنسان، ولكن بعض هذه المجموعات تضع معايير أشبه “بمعيار البلاتين” الذي لا يمكن لأي أحد بلوغه. ولا يفوتني أن أذكركم بالاجتماع الذي عقدته مع هيومن رايتس ووتش عندما قدمت لأول مرة إلى واشنطن العاصمة”.

 

في المقابل، أوردت سارة ليا ويتسن، رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، لموقع الإنترسبت، أنها بالفعل قد عقدت اجتماعا مع العتيبة، لكن ليس بمقدورها تذكر تاريخ ذلك تحديدا نظرا لأنها لا تحمل سجلاتها بصحبتها.

 

علاوة على ذلك، نددت ويتسن بالتصريحات الصادرة عن العتيبة التي شكك من خلالها في مصداقية هيومن رايتس ووتش. وفي هذا السياق، أفادت ويتسن أن “دولة الإمارات التي تلعب دور الضحية وتدعي انحياز هيومن رايتس ووتش ضدها تتجاهل العمل الذي نقوم به في 19 دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فضلا عن الجهود التي نبذلها في حوالي 100 دولة حول العالم”. وأضافت ويتسن أن “هناك عددا محدودا من الدول التي ترفض بشدة انتقاد سجلها في مجال حقوق الإنسان”.

 

دولة الإمارات العربية المتحدة تعد عضوا رئيسيا في صلب التحالف الذي تقوده السعودية في حرب اليمن التي أسفرت عن مقتل الألاف من الأشخاص وتدمير المستشفيات ومصادر الغذاء والبنية التحتية للمياه، فضلا عن ترك 7 ملايين شخص على شفا المجاعة.

بالإضافة إلى توثيقها لما يحدث في اليمن، انتقدت هيومن رايتس ووتش الانتهاكات التي ترتكبها  الإمارات العربية المتحدة ضد العمال المهاجرين وممارساتها التعسفية في حق المعارضين، بما في ذلك قضايا التعذيب المزعوم والاختفاء القسري. من جانبها، قالت سارة ليا ويتسن إن “انتقاد دولة الإمارات العربية المتحدة لهيومن رايتس ووتش لم يرد إلا إثر ساعات من الإبلاغ عن سجل التعذيب والتعدي الذي ينتشر داخل أبوظبي”.

 

وأردفت ويتسن أنه “في حال جمعنا بين مختلف حيثيات المسألة فضلا عن الممارسات الشنيعة في اليمن، على غرار تورطها في مئات الهجمات غير القانونية ضد المدنيين، يمكنك أن تدرك لماذا تقوم الإمارات بمهاجمتنا. في الواقع، لا تتسامح الحكومة الإماراتية مع أي انتقاد يطالها على الإطلاق، فما بالك بالتنديد بسجلها في مجال حقوق الإنسان “. وتجدر الإشارة إلى أنه، وفي سنة 2014، رفضت الإمارات العربية المتحدة دخول ويتسن إلى البلاد.

 

من جانبه، لجأ مالي، في نهاية المطاف، إلى اعتماد لهجة أخف حدة، حيث أفاد قائلا: “أنا معجب باختلاف وجهات نظرنا، نحن دائما نفكر أن الطرف الآخر ليس جديا! الصحفيون، والأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، كلها منحازة ضد المملكة العربية السعودية”، التي تعد بمثابة الزعيم الإقليمي الذي تتبعه دولة الإمارات العربية المتحدة في كثير من الأحيان.

 

في المقابل، اعترض العتيبة على تصريحات مالي، نافيا الادعاء القائل إنه كان يرد نيابة عن السعودية، حيث أفاد “أنا لم أذكر السعودية مطلقا. إني أتحدث عن التعاطف القائم على أحكام مسبقة أو التحيز فيما يتعلق بقضايا معينة وكيف يمكن الخلط بينها وبين مسائل على غرار حقوق الإنسان. أنا متأكد أنك لا تحاول إقناعي أن كل صحفي على هذا الكوكب هو مثال عن الاستقامة والأخلاق”.

 

والجدير بالذكر أن سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة لم تستجب لطلب التعليق على هذه المسألة. وفي الأثناء، يعد العتيبة صوتا مؤثرا في دوائر السياسة الخارجية في العاصمة الأمريكية، مع العلم وأنه يُعرف بالحفلات ومأدبات العشاء الفخمة التي يقيمها التي تعتبر فرصة مثالية للعتيبة لتأكيد دعمه للعمل العدواني الذي تنتهجه الولايات المتحدة وتدخلها في الشرق الأوسط. وفي الآونة الأخيرة، تنامى نفوذ العتيبة بفضل علاقته الوثيقة بصهر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المستشار الأعلى جاريد كوشنر. ووفقا لما نشرته صحيفة “بوليتيكو”، يحرص كلا الطرفين على الحفاظ على “تبادل المكالمات الهاتفية والرسائل الإلكترونية بصفة مستمرة”.

 

في وقت سابق من هذا الشهر، أخذ القراصنة في تسريب نبذة من رسائل البريد الإلكتروني على برنامج “هوتميل” الخاص بالعتيبة، الذي غالبا ما يستخدمه في أعماله. وفي الأثناء، أرسل القراصنة هذه العينات إلى مواقع إخبارية مختلفة، بما في ذلك الإنتيرسيبت، وذي دايلي بيست، والجزيرة، وهافينغتون بوست. في الأسبوع الماضي، كشف القراصنة عن جملة من الرسائل الإلكترونية، وذلك اعتراضا منهم على الحرب التي تدور رحاها في اليمن. عموما، لم ينشر موقع الإنترسيبت بعض الرسائل نظرا لأنه لم يستطيع التثبت من صحتها، في حين لم يكن بعضها الآخر ذا قيمة إخبارية.

 

من خلال المبادلات الإلكترونية التي جدت في يونيو سنة 2016، حاول سفير دولة الإمارات العربية المتحدة، يوسف العتيبة إقناع روبرت مالي، أحد كبار مستشاري الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما فيما يتعلق بشؤون الشرق الأوسط، بأن تقرير المتعلق بحقوق الإنسان الذي ينتقد قصف التحالف المدعوم من قبل الولايات المتحدة لليمن، منحاز وغير عادل.

في الحقيقة، اعترف القراصنة الذين يطلق عليهم اسم “غلوباليكس”، الذين ادعوا سابقا أنهم يتبعون موقع “دكلياكس”، بتسريبهم لهذه الرسائل الإلكترونية. ومن المثير للاهتمام أن المخابرات الأمريكية قد اتهمت روسيا بالوقوف وراء موقع دكلياكس، في حين أنه من غير الواضح ما إذا كان قراصنة “غلوبالكس” يعملون لصالح روسيا أم أن هذه الادعاءات مجرد محاولة لنشر هذا الانطباع في صفوف المراقبين والمتابعين للوضع. وحين سئلوا عن دوافعهم، رد القراصنة  معتمدين عبارات إنجليزية بالكاد تفهم عبر البريد الالكتروني، قائلين أنهم  “لا ينتمون إلى أي بلد أو دين”، في الوقت ذاته، أورد القراصنة أن هدفهم يتمثل في “جعل الولايات المتحدة عظيمة مرة أخرى”.

 

ومنذ تسريب رسائل البريد الإلكتروني بين العتيبة ومالي، واجهت القوات الإماراتية في اليمن وابلا من الانتقادات الشديدة لانتهاكها حقوق الإنسان. وفي كانون الثاني / يناير، شارك الكوماندوز الإماراتي في عملية تابعة للبحرية الأمريكية، علما وأنها قد أدت إلى مقتل 10 أطفال. وفي الأسبوع الماضي، كشفت وكالة الأنباء “أسوشيتد برس” أن الإمارات تدير شبكة سرية من سجون التعذيب في جنوب اليمن التي تغذي المخابرات التابعة للجيش الأمريكي.

 

المصدر: ذي إنترسبت

You might also like