كل ما يجري من حولك

«فورين بوليسي»: حذار ابتلاع «الطعم السعودي» في الحديدة!

426
 متابعات| العربي:
حذّرت مجلة «فورين بوليسي» من مغبة مضي الولايات المتحدة قدماً في دعم المملكة العربية السعودية، مشيرة إلى التكاليف الإنسانية الباهظة المترتبة عن ذلك في اليمن، حيث تقود الرياض حملة عسكرية ضد «الحوثيين». وقالت المجلة الأمريكية: «في حال مالت الولايات المتحدة إلى المقاربة السعودية (لحرب اليمن)، فمن المرجح أن تكون بذلك قد تركت ملايين اليمنيين لمواجهة المجاعة».
واعتبرت «فورين أفيرز»، تحت عنوان «الملايين سوف يتضورون جوعاً إذا ما ضاعف ترامب دعمه لحرب السعودية في اليمن»، أن أهداف المملكة في «تثبيت حكومة» الرئيس عبد ربه منصور هادي في اليمن «بالقوة» العسكرية «تتناغم مع رغبة ترامب في فرض توازنات إقليمية في وجه إيران»، على نطاق الشرق الأوسط. وعلى ضوء «المراوحة الميدانية»، و«الإنهيار المتكرر للجولات المتعددة في المحادثات الأممية»، إلى جانب «رفض سائر أطراف الصراع الإقرار بعجزهم عن فرض الحل العسكري» للأزمة اليمنية، رأت المجلة أن «حرف السياسة الخارجية الأمريكية» إزاء الأزمة في اليمن، عن التوجهات التقليدية المتمسكة بـ«تهيئة الأرضية لقيام حل سياسي»، نحو نهج «التصعيد العسكري» كما تنوي إدارة ترامب، سوف يرتّب «تداعيات إنسانية مهولة» هناك، خصوصاً وأن معدلات سوء التغذية قد بلغت «مستويات حرجة»، مسجلة زيادة بمقدار الثلث مقارنة بمعدلاتها خلال العام الماضي، إلى جانب «تفشي وباء الكوليرا»، و«خروجه عن السيطرة».
كذلك، حمّلت المجلة طرفي النزاع «المسؤولية عن الكارثة» الحاصلة في ذلك البلد، حيث «تقصف السعودية مستودعات المواد الإغاثية»، والعيادات، والمدارس، وسائر البنى التحتية الأساسية من طرق وجسور وموانىء، فيما «يقوم الحوثيون غالباً بعرقلة أعمال المنظمات الإنسانية، والوكالات الإغاثية»، و«نشر الحواجز المتفلتة» في عدد من المناطق، إضافة إلى «عرقلة وصول المواد الإغاثية»، و«فرض حصار وحشي وغير إنساني على مدينة تعز».

كما شدّدت «فورين بوليسي» على «غياب آفاق» حل الصراع في اليمن، معتبرة أن الجوع والموت هما «الفائزان الوحيدان» من استمراره، لا سيما وأن تدشين الحملة السعودية هناك في مارس من العام 2015، فاقم من مستويات «انعدام الأمن الغذائي»، و«ندرة المياه»، بالمقارنة مع مستويات ما قبل الحرب التي كانت مرتفعة أصلاً. وزادت المجلة أن 14 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فيما يقترض نصف سكان اليمن المال من أجل تلبية احتياجاتهم الغذائية الضرورية. وأكدت المجلة على أن ما يجري في اليمن يسلك «منحى ما قبل المجاعة»، في ظل عدم توافر الإمدادات الغذائية الكافية، وغياب الرعاية الصحية اللازمة لعدد متزايد من السكان، محذرة من أن تفشي المجاعة الشاملة بات قاب قوسين أو أدنى من أن يصبح أمراً واقعاً، وهو إذ «ينتظر فقط الشرارة»، والتي قد تنجم عن زيارة ترامب إلى الرياض، وفق المجلة.
وتابع التقرير الذي أعده جيريمي كونيندك، أن حالة «الجمود» الميداني، و«غياب المزاج لتقديم تنازلات» من قبل أي من أطراف الصراع الدائر في اليمن، يدفع «التحالف السعودي» نحو السعي إلى إحداث «تغيير في المعادلة العسكرية»، من خلال «السيطرة على مدينة الحديدة الساحلية»، و«بدعم أمريكي»، تحت زعم أن ذلك سوف يساعد في «حرمان الحوثيين من الإيرادات» التي يحصلون عليها جراء تشغيلهم للميناء، من جهة، وفي «إعاقة وصول الدعم الإيراني» إليهم من جهة أخرى. وفي هذا السياق، دعا الكاتب الإدارة الأمريكية الجديدة إلى «عدم ابتلاع طعم» السعودية، لأن «زيادة الضغط العسكري والاقتصادي على الحوثيين، لن يغيّر في المعادلة السياسية الأساسية القائمة بالنسبة لهم»، بل «سوف يؤدي إلى وقوع خسائر فادحة في صفوف المدنيين» اليمنيين.
إلى ذلك، ذكّر كونيندك بالمساعي السعودية المتواصلة منذ العام 2015 من أجل «الضغط على الحوثيين»، و«دفعهم إلى تقديم تصالحية أكثر» إزاء الرياض، و«إخفاق» تلك المساعي، مشيراً إلى أن مناشدات السعودية للإدارة الأمريكية السابقة بالحصول على دعم أكبر، قوبلت مراراً بالدعوة إلى «ضبط النفس»، بدلاً من «التصعيد». من منظور الكاتب، إذا كانت المملكة العربية السعودية في الوقت الراهن، وفي سياق مساعيها للهجوم على الحديدة «تسوق الذرائع نفسها التي روجتها لاستعادة مدينة عدن» عام 2015، فإن سيطرة «التحالف» على الأخيرة «لم تحدث سوى فارقاً استراتيجياً ضئيلاً في مسار الصراع»، كما أسفرت عن «زعزعة الأمن في عدن»، «وتكريس خط تماس عسكري بين مينائها وباقي مدن البلاد»، فضلاً عن تسببها في «عرقلة تدفق البضائع التجارية والمواد الإنسانية». على هذا الأساس، شرع الكاتب يعدّد الأخطاء التي ارتكبتها الرياض في اليمن، مثل الهجوم على مدينة مأرب عام 2015، وقرار نقل المصرف المركزي اليمني إلى عدن عام 2016، إلى جانب التشدد في إجراءات حصار حركة الواردات اليمنية (تم التخفيف منها بعد تدخل الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما)، وهي جملة تدابير بررها الجانب السعودي بـ«الذرائع نفسها» لاستعادة عدن، والهجوم المرتقب على الحديدة، في إشارة إلى المساعي المتعلقة بممارسة ضغوط على «الحوثيين».
وفي الإطار عينه، ذهب كونيندك إلى أن «الهجوم على الحديدة يتناسب مع هذا المسار» الرامي إلى دفع «الحوثيين» إلى تقديم تنازلات، وإن «بتكاليف أعلى» من الناحية الإنسانية، مستبعداً أن يحدث الدعم الأمريكي للعملية «تغييراً في الميزان العسكري العام»، مع الجزم بأن يحمل هذا الدعم نذر «مجاعة في القريب العاجل»، و«ببصمات أمريكية».
ختاماً، أكد كونيندك أن «حل الصراع» في اليمن لن يكون إلا عبر «طاولة المفاوضات»، داعياً الولايات المتحدة إلى «ممارسة ضغوطها على كافة الأطراف» من أجل هذا الحل «بدلاً من دعم طرف، عبر عقد صفقات الأسلحة الضخمة» على حساب طرف آخر. وإذ شدّد كونيندك على «الدور المهم» الذي لعبته واشنطن حتى الآن، في «وقف تدهور الأمور في اليمن نحو المجاعة»، نبّه الكاتب من أن «التخلي عن هذه السياسة» في عهد إدارة ترامب «سوف يرمي بملايين اليمنيين إلى براثن المجاعة»، لا سيما وأن «دعم الإندفاعة العسكرية السعودية (المنشودة) هناك لن يجعل البلاد أكثر أمناً»، مناشداً ترامب وأركان إدارته أن يقولوا للسعوديين «إنهم لا يريدون حمل وزر المجاعة في ضمائرهم»، وأنه «ينبغي على الرياض أن تحذو حذوهم».

You might also like