فُـتاتُ الغُزاة يشغِلُ صراعاً بين مرتزِقتهم بمأرب
-
متابعات| صدى المسيرة- زكريا الشرعبي:
كغيرها من المحافظات اليمنية الواقعة تحت الاحتلال تعيشُ المناطقُ الواقعة تحت سيطرة المرتزقة بمحافظة مأرب صراعاتٍ معقّدة، ومتعدّدة المحاور، بين فصائل المرتزقة وأجنحة تحالف العدوان.
قياداتُ المرتزقة: سلطان العرادة، هاشم الأحمر، علي محسن الأحمر، محمد علي المقدشي، بالإضافة للمنخرطين في العدوان من قيادات قبيلة مراد، وبعض قيادات المرتزقة المنتمين لقبيلة آل جلال هم أبرز الأطراف الذين ظهروا حتى الآن في دائرة وفوضى الصراع التي تشهدُها المحافظة، في إطار الارتزاق من تحالف العدوان والتسابق على الفتات الذي يُلقيه عليهم مقابل نهبه للثروة والموارد.
هذه الصراعات لا تتوقف عند انقسام أطراف المرتزقة بين جناحَي العدوان الإماراتي والسعودي وتهافت كُلّ طرف منهم على جناح، بعرض الولاء المطلق إليه وتسليم الوطن وثروته على أطباق الارتزاق مقابل أن فتاتاً بسيطاً من العائدات، أو مناصب شكلية هنا وهناك، وإنما تجاوزت ذلك إلى مواجهة كُلّ طرف للآخر بشكل مباشر عبر الاقتتال في شوارع المدينة أو غير مباشر عن طريق الاغتيالات وزراعة العبوات الناسفة.
وَفيما تؤكد هذه الصراعات حقيقة المشروع العدواني ورغبته في تمزيق اليمن وتحويلها إلى ساحة للصراعات المحلية والإقليمية فإنها تؤكد أيضاً الأهداف التي يقاتل من أجلها أطراف المرتزقة تحت مسميات (الشرعية) وشعارات (الوطنية).
وبالإشارة إلى آخر مستجدات المواجهة بين فصائل المرتزقة في مأرب اندلعت الأسبوع الماضي اشتباكات مباشرة بالقرب من القصر الجمهوري بين مرتزقة من أتباع المرتزق هاشم الأحمر من جهة، وأتباع المرتزق محمد علي المقدشي المعيّن من قبل العدوان رئيساً لأركان المرتزقة من جهة؛ وذلك على خلفية شحنة أسلحة وصلت من دولة العدوان السعودي ويرغب كُلّ طرف في الاستئثار بها.
وحيث يوالي المرتزق المقدشي دولة العدوان الإماراتي ويوالي المرتزق الأحمر دولة العدوان السعودي فإن الصراع بينهما لا يقتصر – فقط على من يتسلم شحنة الأسلحة-، بل يمتد إلى صراعات بين مرتزقة حزب الإصلاح والمرتزقة الموالين للإمارات على المناصب والسيطرة على الثروة؛ من أجل بيعها للعدو والتفرد بالارتزاق.
وفي هذا السياق يخوض المرتزِقُ المقدشي صراعاً مع المرتزِق سلطان العرادة، حيث يسيطر الأخيرُ مع الفار علي محسن الأحمر وقيادات الإصلاح على عائدات النفط التي يقومون ببيعها لحسابهم الشخصي، بالإضافة إلى أن المرتزق العرادة قام بنهب مليارَي دولار و23 مليار ريال كانت في البنك المركزي بالمحافظة، وهو ما كشف عنه الكاتب السعودي المقرَّب من النظام جمال خاشقجي، بينما يرى المرتزق المقدشي بصفته قائداً لأركان المرتزقة أنه يجبُ أن يحصلَ على نسبة من هذه الثروة الهائلة، ما دفعه يوم الثلاثاء الماضي لتحريك بقوات كبيرة لمحاصرة البنك المركزي في المحافظة؛ بذريعة رفض العرادة أوامرَه بتسليم رواتب مجندي المنطقة.
وأشارت المصادر إلى أن المرتزق المقدشي أرسل أطقماً عسكرية قامت بتطويق مقر البنك ومداخل الشوارع المؤدية إلى منزلَي مدير الأمن وقائد قوات الأمن الخاصة المعيَّنين من قبل العدوان.
تجدر الإشارة إلى أن الصراعات على عوائد النفط والغاز والاستحواذ على السلطة المحلية، تعصِفُ بجميع مكونات تحالف مرتزقة العدوان، ولا شيء يجمعها غيرُ التدافع نحو العدو للحصول على الأموال التي يتسلمونها نظير قتالهم في صفوف العدوان، في وقت تؤكد التقارير الدولية أن 17 مليون يمني مهددون بالجوع؛ بسبب الحصار الذي يفرضه العدوان السعودي الأمريكي على اليمن.
وفي هذا السياق أيضاً هددت قيادات من قبائل مراد، قبل أيام، السلطة المحلية التابعة للعدوان في مأرب بتفتيت تحالف المرتزقة وتشتيته؛ وذلك بسبب ما أسمته إقصاءَها من المناصب وحرمانها من عائدات النفط.
وعقدت قيادات من قبيلة مراد، يوم الأحد، لقاءً طارئاً؛ لمناقشة العلاقة بينها وبين حكومة الفار هادي والسلطة المحلية التابعة لها.
وطالب اللقاء في بيان، بنصيب القيادات المنخرطة في العدوان من عائدات النفط والغاز، وذلك بنسبة 20%.
واتهمت تلك القيادات سلطات الفار هادي بتهميشها وإقصائها من مفاصل الدولة رغم ما قدمته من تضحيات، بحسب وصفها، مطالبة بإعادة النظر في التمثيل الاعتباري لقبائل مراد ووضع كلٍّ في مكانته.
وكشف المجتمعون أن اللقاءات ستكرر في الفترة المقبلة لمتابعة مستوى استجابة حكومة هادي والسلطة المحلية لمطالبهم.
ولا يأتي موقف القيادات المنتمية لقبيلة مراد؛ بسبب وقوف الأطراف الأُخْـرَى مع مشروع الاحتلال الهادف إلى استنزاف نفط مأرب وتمزيق نسيجها الاجتماعي، والذي يعد وصمة عار سيسجلها التأريخ على القبيلة، ولكن لأن أطراف المرتزقة الأُخْـرَى على رأسها قيادة السلطة المحلية التابعة لمرتزقة حزب الإصلاح تستأثر دونَها بالسلطة وعائدات النفط وأموال وأسلحة العدوان.
وكان موقع المراسل نت قد كشف، السبت الماضي، عن مصادرَ وثيقة الصلة أن الفار علي محسن الأحمر أصدر قراراً بتعيين العميد “جحدل حنش” قائداً للواء 26 وجبهة مديرية بيحان خلَفاً للعميد مفرح بحيبح، ما تسبب بعودة التوتر مع قبيلة مراد التي ينتمي إليها الأخير، فيما أشار الموقع إلى أن صراعاً مماثلاً كان قد نشب، في مارس الماضي، بين رئيس فرع المؤتمر بمأرب المرتزق عبدالواحد القبلي (تم تجميدُ عضويته) وبين القيادي المرتزق بالإصلاح ومحافظ مأرب سلطان العرادة؛ بسبب قضايا تتعلق باستحواذ الإصلاح على إيرادات النفط والغاز.
ونقل الموقع بياناً عن القيادي “القبلي” قال فيه إن أطرافاً سياسية على مستوى المحافظة تسعى إلى تكريس نهج الإقصاء وإبعاد الأطراف السياسية الأُخْـرَى، مضيفاً أن “المعمول به اليوم من قبل قيادات أمنية وعسكرية وشخصيات نافذة في إدارة المحافظة يندرجُ في حكم المليشيات من حيث الإقصاء الممنهج والمضايقات والاستهداف المتكرر للقيادات والرموز السياسية الأُخْـرَى.
وفي مسار الخلاف بين دولتَي العدوان (السعودية والإمارات) والعداء الإماراتي لحزب الإصلاح؛ باعتباره حسب تصنيفها منظمةً إرهابية، يسعى مرتزقة الأخير إلى توطيد نفوذهم في مأرب من خلال تعيين القيادات العسكرية التي يصدرها الفار محسن لصالحهم؛ خوفاً من أن ينقلب عليهم تحالُفُ العدوان بشكل مفاجئ، كما يقومون -بحسب مواقع صحفية- بتخزين الأسلحة المقدمة من قبل العدوان، فيما تسعى دولة العدوان الإماراتي ومن خلال المرتزق المقدشي إلى بسط نفوذها في المحافظة وشراء ولاء مرتزقة القبائل.
وبين هذين الجناحَين تشهد محافظة مأرب عملياتِ اغتيالات متكررةً، ففي يناير الفائت اغتيل العقيد المرتزق عبدالوهاب شعلان والذي عيّنه الفار هادي رئيساً لشرطة السير في محافظة إب الخارجة عن سيطرة المرتزقة، وفي المقابل تعرّض المرتزق عبدالله الشندقي لمحاولة اغتيال باستهداف سيارته بإطلاق الرصاص، ما أدى إلى إصابة شقيقه، وذلك في محافظة مأرب، ومثل ذلك تعرض المرتزق الموالي للعدوان الإماراتي اللواء عادل القميري في ديسمبر العام الماضي.
ورغم كُلّ هذا والصراع المحموم بين أطراف المرتزقة من أجل الكسب والثروة إلا أن مجنديهم لا يزالون منذ أشهر بدون رواتب أو علاوات، وهو الأمر الذي دفعهم قبل يومين إلى التظاهر في شوارع مأرب ورفعهم لافتاتٍ تتهم سلطات الفار هادي بنهب مستحقاتهم.