كل ما يجري من حولك

“نيويورك تايمز”: أقدام الجنود الأمريكيين “ثقيلة الوطأة” في الشرق الأوسط

538

قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إنه بعد مرور شهرين من تنصيب الرئيس دونالد ترامب، “تتزايد الدلائل على أن الجيش الأمريكي يعمّق انخراطه في سلسلة من الحروب المعقّدة في الشرق الأوسط، التي لا تبدو أن نهاياتها تلوح في الأفق”، ملمحة إلى أن هناك المزيد من المتغيرات في السياسة الأمريكية داخل المنطقة في قادم الأيام، لا سيما وأن الرئيس ترامب يضع الاعتبارات العسكرية في المقام الأول، على حساب المقاربة والحلول الديبلوماسية للأزمات.
وتابعت الصحيفة بأن “الزيادة في تعقيد هذه الحروب (الشرق أوسطية)، والدور الأمريكي فيهما، واضح وجلي في اليمن، حيث تتولى الولايات المتحدة القيام بدورين مختلفين، وقد ازدادت وتيرتهما خلال عهد ترامب”، في إشارة إلى قيام واشنطن بدعم “التحالف” الذي تقوده الرياض على الساحة اليمنية، من جهة، ومحاربة التنظيمات المتشدّدة، من جهة أخرى، مع تسجيل شهر مارس وحده أكثر من 49 غارة جوية أمريكية هناك، أي أكثر مما قامت به واشنطن في ذلك البلد خلال أي من سني أوباما، وغيره من الرؤساء الأمريكيين، وفق معهد “أميريكان انتربرايز”. ومن منظور الباحثة في المعهد، كاترين زيمرمان، يمكن القول إن “هذا التصعيد العسكري، لم يترافق مع وجود استراتيجية واضحة لإنهاء حرب اليمن، أو القضاء على تنظيم القاعدة”، لا سيما وأن ذلك لم يسفر عن حدوث “اختراقة ديبلوماسية” على هذا الصعيد.
وأشارت الصحيفة إلى أن الإدارة الأمريكية السابقة، التي “انجذبت بقوة” إلى صراعات الشرق الأوسط، سعت في الوقت عينه، إلى “تقليص انخراط الولايات المتحدة” في المنطقة، وذلك عبر مساعيها لترسيخ “الحلول السياسية”، لافتة إلى الوقت الطويل الذي كانت تستغرقه إدارة أوباما في المشاورات قبل القيام بأي عملية عسكرية أو غارة جوية، وما نجم عن ذلك من “حالة إحباط” في صفوف القادة العسكريين، والحلفاء الخارجيين لواشنطن.

وبالمقارنة مع عهد إدارة أوباما، التي قدمت الدعم العسكري للرياض وفق ضوابط معينة، فقد لفتت الصحيفة إلى أن إدارة ترامب وافقت على عدد من صفقات الأسلحة منذ تولي الأخير منصبه، من بينها صفقات أسلحة دقيقة التوجيه، جرى إيقافها خلال عهد الإدارة السابقة، مشيرة إلى الحفاوة التي يلاقيها “نهج ترامب” إزاء إيران من قبل زعماء دول الخليج الذين “يأملون بأن يكون لديهم صديق في البيت الأبيض حالياً، يساعدهم على التصدي لغريمهم الإقليمي”. وبحسب ما أدلى به المستشار السياسي للسفارة السعودية في واشنطن، فهد نزار، للصحيفة، فإن إدارة الرئيس الأمريكي الجديد تدرك أنها في وضعية تمكنها من تحقيق “الاستقرار في المنطقة”، كما أن هناك “أفكاراً مشتركة” بين القيادة السعودية وترامب.
واعتبرت الصحيفة أن تصريحات ترامب قبل توليه مقاليد الحكم، وتزايد ضحايا الغارات الأمريكية في الآونة الأخيرة، قد أثارت تساؤلات حول ما إذا كان الرئيس الجديد “قد أزال القيود المفروضة على آلية عمل وزارة الدفاع، فيما يخص شن الحروب”، فيما “ينفي مسؤولون حدوث هذا الأمر”، في وقت “يصر فيه مسؤولون عسكريون أمريكيون على أن تبسيط آليات وتسهيل إجراءات شن الغارات الجوية”، لا يعني “إعفاء القادة العسكريين من البروتوكولات الصارمة الرامية إلى تفادي وقوع إصابات في صفوف المدنيين” على مسارح الحروب. وفي هذا الإطار، أوردت الصحيفة ما عبّر عنه قائد القيادة الوسطى بالجيش الأمريكي، ليونارد فوتيل، بقوله “إن وزارة الدفاع لم تخفّض قواعد الاشتباك” على تلك المسارح، وبخاصة في اليمن، والعراق، وسوريا.
ومع الإشارة إلى مخاوف البعض من أن “يؤدي تزايد انخراط الولايات المتحدة” في حروب الشرق الأوسط إلى “استدراج الأخيرة إلى حروب قاتمة”، وإلى “تعزيز نزعة العداء لأمريكا”، فضلاً “دعم دعاية المنظمات الجهادية”، لحظت الصحيفة “تحولاً نحو عمليات تدخل عسكري أوسع” بعيداً عن “إرث أوباما” في السياسة الخارجية، بما يشمل ساحات الصراع في اليمن، والعراق، وسوريا، التي تعد “دولاً فاشلة”” تشهد “صراعات متداخلة”. وفي هذا السياق، أفاد روبرت مالي، وهو مسؤول رفيع خلال عهد الإدارة الأمريكية السابقة، ونائب رئيس قسم السياسة في “مجموعة الأزمات الدولية” حالياً، بقوله “إن زيادة (وتيرة) التدخلات العسكرية منذ وصول ترامب إلى الرئاسة، لا يبدو أنها جاءت مصحوبة بتخطيط متزايد لمرحلة ما بعد تحقيق الانتصارات العسكرية”، مشدداً على أن التخطيط السياسي والديبلوماسي لمرحلة ما بعد الحرب لا يقل أهمية عن التخطيط العسكري في تحقيق الأهداف المنشودة خلال الحروب والصراعات. وعلى هذا الأساس، اعتبر مالي أن “غياب الديبلوماسية (الناجعة)، وقصور التخطيط للمستقبل في أماكن مثل اليمن، وسوريا، يمكن أن يجعلا انتصارات الولايات المتحدة، وحلفائها، في تلك البلدان، غير مستدامة”، مشيراً إلى أن التجارب والخبرات السابقة للولايات المتحدة في حروب الشرق الأوسط تبين أن القوات الامريكية تجد نفسها مضطرة إلى “الدخول في حروب طويلة الأمد”، أو أن “النصر (الذي حققته) سوف يتلاشى فور مغادرتها” ميادين تلك الحروب.

You might also like