كل ما يجري من حولك

السعودية في المالديف.. سحبُ السيادة مقابل ضخ الأموال (مترجم)

500

بدأ الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز جولته الآسيوية يوم 25 فبراير، والتي ستمتد لمدة شهر وتشمل 7 دول هي ماليزيا و إندونيسيا و بروناي و اليابان والصين ويختتمها بجزر المالديف.

جمهورية المالديف هي واحدة من أفضل الوجهات السياحية في العالم، مع أكثر من مليون سائح أجنبي يتمتعون بشواطئها اللامعة ومياهها الواضحة وضوح الشمس كل عام.

في وقت لاحق من هذا الشهر، جزر المالديف – الشهيرة بقضاء شهر العسل – من المقرر أن تستضيف نوعا مختلفا جدا من الزوار عندما يصل الملك سلمان بن عبد العزيز إليها لإجراء محادثات رسمية وقضاء عطلة.

على رأس جدول الأعمال في محادثاته مع الحكومة في عاصمة جزر المالديف الصغيرة، ماليه، من المرجح أن يكون مشروع استثماري سعودي بقيمة 10 مليار دولار، يعتقد انه سيشمل شراء سعودي أو استئجار طويل الأجل لسلسلة من 19 جزيرة مرجانية للجمهورية الصغيرة، التي تشمل تقريباً 1200 جزيرة مرجانية جمعت في سلسلة مضاعفة من 26 جزيرة مرجانية.

في حين رفض الكشف عن تفاصيل الصفقة، يقول رئيس المالديف، عبد الله يمين، أن المشروع الاستثماري السعودي سيتضمن “أنشطة رياضية بحرية دولية، ومشاريع تنمية مختلفة، وتطوير العديد من المنتجعات السياحية، والعديد من المطارات وغيرها من الصناعات”.

من جهة أخرى، عبر حزب المعارضة الديمقراطي المالديفي، بقيادة الرئيس السابق محمد نشيد الذي يعيش حاليا في المنفى في بريطانيا – عن غضبه إزاء تلك الخطط.

sdxdx
عبد الله يمين عبد القيوم، رئيس جمهورية المالديف

وقال بيان للحزب: “لم يتم مشاركة أية معلومات عن المشروع المقترح مع الجمهور.. وهذه الخطط ستسمح بتحكم قوة أجنبية في عدد من الجزر المرجانية في البلاد. هذا الأمر يرقى إلى زحف استعماري “.

في الوقت نفسه، أثيرت مخاوف أن ما يقدر بنحو 4000 شخص قد يكونوا مهددين بان يتم نقلهم من منازلهم إذا ما تم المضي قدما في بيع الجزر المرجانية للسعوديين. قامت قوات الشرطة في المالديف بفض مظاهرة في الآونة الأخيرة، كما داهمت الشرطة مجموعة بتهمة التخطيط لإثارة مظاهرات أثناء زيارة الملك السعودي.

أسطح بلد على وجه الأرض

هناك أيضا مخاوف من أن التنمية، مع أعمال البناء الواسعة النطاق وأنشطة التجريف، ستهدد بضرر لا يمكن إصلاحه للطبيعة البيئية لجزر المالديف.

جزر المالديف هي الدولة الأكثر تسطحا على وجه الأرض. يحذر العلماء من أن تغير المناخ وارتفاع منسوب مياه البحر يجعل هناك إمكانية كبيرة أن الغالبية العظمى من مساحة اليابسة في الجزيرة ستكون تحت الماء بحلول نهاية القرن.

fdfdzd
تضاريس جرز المالديف

الرئيس السابق محمد نشيد – الذي أطيح من السلطة في عام 2012 في ما يقول أنه انقلاب عسكري وحكم عليه بالسجن غيابيا لمدة 13 عاما – خلال الفترة التي قضاها في منصبه كان مدافعا قويا لاتخاذ إجراء بشأن تغير المناخ داعيا المجتمع الدولي إلى حماية مستقبل بلاده.

للتأكيد على المشاكل التي يسببها تغير المناخ والضرر الذي يلحق بالشعاب المرجانية لجزر المالديف بسبب ارتفاع درجة حرارة البحار، نظم نشيد اجتماع لمجلس الوزراء تحت الماء.

لكن الرئيس الحالي عبد الله يمين – الذي نفى بشدة مزاعم فساد الحكومة ذكرت مؤخرا في تقارير لقناة الجزيرة القطرية – شدد على الحاجة إلى النمو الاقتصادي ويرى في الاستثمارات السعودية العملاقة كمفتاح لتحقيق الازدهار في المستقبل. وقال “نحن لسنا بحاجة إلى اجتماعات تحت الماء، نحن بحاجة للتنمية.”

علاقات أقرب من أي وقت مضى

برزت بين السعودية والمالديف – الدولة ذات الأغلبية المسلمة ويبلغ عدد سكانها أقل قليلا من 400 ألف نسمة بما في ذلك حوالي 100 ألف عامل أجنبي – علاقات أوثق من أي وقت مضى في السنوات الأخيرة.

وتقول المعارضة في المالديف أن العقلانية وراء مليارات الدولارات السعودية هي خطط من قبل الرياض لإنشاء نقطة انطلاق ومنطقة اقتصادية خاصة، مكتملة بمرافق ميناء، لصادرات النفط والغاز إلى آسيا، وخصوصا في الصين.

جمهورية المالديف، التي تعتمد اعتمادا كبيرا على السياحة وتقوم باستيراد 90% من احتياجاتها الغذائية، هي في ورطة اقتصادية خطيرة. في عام 2013، منح السعوديون “قرض ميسر” بقيمة 300 مليون دولار إلى الحكومة المالديفية.

الإسلام في جزر المالديف لديه عناصر مختلطة تقليديا من التصوف والديانات الأخرى. لكن في السنوات الأخيرة، ساد شكل أكثر صرامة للإسلام بين السكان على غرار الوهابية السعودية. كان السعوديون قد تعهدوا ببناء 10 مساجد من الطراز العالمي، وقد تبرعوا ب 100 ألف دولار في منح دراسية للدراسة في السعودية.

gfdsdfa
تزايد أعداد السعوديين الذين يزورون جزر المالديف

أجرى الرئيس عبدالله يمين عدة زيارات إلى السعودية. في عام 2015، أنشأ السعوديون سفارة في جزر المالديف. وفي أوائل عام 2016، خفضت الحكومة في العاصمة ماليه العلاقات الدبلوماسية مع إيران قائلة أن سياسات طهران في الشرق الأوسط تضر بالسلام في المحيط الهندي.

في السنوات الأخيرة، تزايد أعداد السعوديين الذين يزورون جزر المالديف. في أوائل عام 2014، أفادت تقارير أن الأمير سلمان أنفق 30 مليون دولار من اجل الاستحواذ على ثلاثة منتجعات في جزر المالديف لمدة شهر، مما أثار استياء الكثير من السياح الذين تم إلغاء عطلاتهم.

في منتصف عام 2015، أقام نائب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وزير الدفاع القوي سياسيا، أقام حفل عيد ميلاد فخم في المالديف، قيل أن المغنية شاكيرا ومغني الراب بيتبول كانوا من بين المدعوين.

تنامي العلاقات بين الرياض وماليه تسبب في بعض القلق في المنطقة، خاصة في الهند. في العام الماضي مجموعة بن لادن السعودية للبناء والمقاولات تم منحها – مقابل مبلغ لم يكشف عنه – عقد لبناء مطار دولي جديد في جزر المالديف. وقامت الحكومة المالديفية بإنهاء اتفاق سابق مع شركة هندية لبناء هذا المطار.

الدفع نحو آسيا

جولة العاهل السعودي الأسيوية – التي تشمل سبعة دول كبرى – تم وصفها كأكبر مبادرة دبلوماسية من الرياض في آسيا، حيث يقول محللون أن رحلة آسيا تهدف لبسط النفوذ السعودي من خلال الاستثمارات في المنطقة وتنويع اقتصاد المملكة بعيدا عن النفط والغاز.

fafd
جولة الملك سلمان بن عبد العزيز الأسيوية

خلال تلك الجولة، يبدو أن حكام السعودية لا يؤمنون بالسفر الخفيف. تشمل الحاشية الملكية – يعتقد أن عددهم 1500 – 25 أميرا و 10 وزراء سافروا على ست طائرات من طراز بوينج، مع طائرة نقل عسكرية إضافية تحمل 500 طن من الأمتعة.
في الوقت الذي تنتظر فيه الحكومة في المالديف الوفد السعودي من أجل دفعة تعزيز تشتد الحاجة إليها لثرواتها الاقتصادية، تحذر المعارضة من خسارة وشيكة للسيادة والمزيد من المشاكل البيئية في بلد يعتبره كثيرون جنة سياحية.

المصدر: ميدل إيست آي

You might also like