كل ما يجري من حولك

صحف صينية وامريكية : صواريخ الصين النووية العابرة للقارات.. رسائل مبكرة لترامب

1٬120

 متابعات:

قبل أيام، نشرت الصين، صواريخ بالستية عابرة للقارات، قادرة على حمل رؤوس نووية، أقصى شمال شرقي الصين، على مقربة من الحدود مع روسيا، في خطوة تحمل “توجيه إنذار مبكر” إلى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
ونشرت صحيفة “غلوبال تايمز″ الصينية، في 24 يناير/كانون ثاني المنصرم، صوراً لتلك الصواريخ، وتأكد أنها من طراز “دونغ فينغ-41″، التي تعد الأكثر تطوراً في العالم.

ويبلغ مدى تلك الصواريخ 14 ألف كيلو متر، أي أنها قادرة على بلوغ أي هدف على وجه الأرض، باستثناء النصف الجنوبي لقارة أمريكيا الجنوبية، ويمكن تحميل الواحد منها 10-12 رأساً نووياً، يمكن لكل منها ضرب هدف مختلف.
وحرصت بكين على إضفاء غموض على الخطوة، وثار جدل كبير في روسيا والولايات المتحدة، حول المعنيين بها، وتحدثت وسائل إعلام روسية عن أن الصين توجه رسائل إلى الطرفين (الروسي والأمريكي)، بالرغم من الحلف الذي يجمع موسكو وبكين.

فقد ألمح كل من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، في الأسابيع الماضية عن تطوير الترسانة النووية لبلديهما، الأمر الذي ينذر ببوادر سباق تسلح جديد بين القوتين النوويتين.

وتحدث ترامب عن ذلك بوضوح في لقاء مع قناة “MSNBC” الأمريكية، في 23 ديسمبر/كانون أول الماضي، إذ قال: “فليكن سباق تسلح، سنتفوق على الجميع في كل مجال ونحافظ على تفوقنا”.

وبخصوص الخطوة الصينية، سارع المتحدث باسم الكرملين، دميتري بوسكوف، للتأكيد على عدم تشكيلها تهديداً لبلاده، الأمر الذي وافقه فيه، إلى حد كبير، مركز “ستراتفور” الأمريكي، المختص بالدراسات الاستراتيجية، في 25 يناير/كانون ثاني المنصرم.

وأكد المركز (في تقرير له) أن طراز الصواريخ وموقع نشرها، يشيران إلى أن الولايات المتحدة هي المعنية رقم واحد، دون أن يلغي فرضية سعي بكين لإثبات حضورها في مجال القوة العسكرية لجميع الأطراف الأخرى.

• تهديد مبكر لترامب
ووفقاً لما سبق، يبدو جلياً أن الخطوة الصينية تعد – بالدرجة الأولى – بمثابة تهديد مبكر لترامب لحمله على “عدم التمادي في العداء للصين”، نظراً للتصريحات التي أدلى بها الأخير حول مسألة تايوان وعلاقتها بالصين.

وبالعودة إلى الوراء، ورغم التحول الاستراتيجي للرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، نحو شرق وجنوب شرق آسيا، على حساب الشرق الأوسط، وبالتالي منافسة الصين في المنطقة، إلا أنه (أوباما) لم يغامر بتهديد الاقتصاد الصيني، كما التزم بسياسة “الصين الواحدة”، التي تحدث خليفته عن نيته إنهائها.

ومن المعروف أن سياسة واشنطن تجاه ملف استقلال تايوان عن الصين، هي التزام الحذر والتحفظ منذ عقود، نظراً لأن بكين ترى في الملف الأكثر حساسية وخطراً على سيادتها.

وإن كانت الحكومة الصينية قد ردت على تصريحات ترامب وفريقه، حول سياسية جديدة تجاه تايوان، بشكل دبلوماسي هادئ، مفاده أن الملف “ليس محل تفاوض”، فإن الصحف الصينية الرسمية مررت حجم غضب بكين وتعاطيها مع الموقف بجدية.

صحيفة “تشاينا ديلي” الصينية الرسمية، قالت في 16 يناير/كانون ثاني الجاري: “إذا كان ترامب عازماً على اتباع استرتيجية استفزازية بما يخص شؤون تايوان بعد توليه منصبه، فلن يبقى أمام بكين سوى خيار واحد، وهو أن تنزع قفازاتها، ولن نتمكن من تجنب مرحلة من التفاعلات الشرسة والمسيئة”.

ومطلع يناير، قال ترامب في حوار مع صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، إن “تايوان جزء من الصين، لكن يمكننا التفاوض على كل شيء مع بكين”، الأمر الذي أثار حفيظة الحكومة الصينية آنذاك.

وفي اليوم التالي قالت الخارجية الصينية، ردًا على ترامب، إن مبدأ “صين واحدة” يمثل الأساس السياسي الذي لا يمكن التفاوض عليه للعلاقات بين بكين وواشنطن، وحثت “الأطراف المعنية” في الولايات المتحدة على الاعتراف بحساسية قضية تايوان.

وتتمتع تايوان بحكم ذاتي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، إلا أنها تسعى للحصول على استقلال كامل عن الصين. بينما تطالب بكين دول العالم، بأن تلتزم بمبدأ “صين واحدة”، الذي يؤكد على أن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين.
• الردع الصيني
في هذا السياق، لا بد من التساؤل حول قدرة الصين الحقيقية على ردع وإخافة الولايات المتحدة أو روسيا، أو خوض سباق تسلح معهما، في ظل تواضع الترسانة النووية الصينية.

وتشير أحدث تقارير مؤسسة “ستوكهولم الدولية لأبحاث السلام”، إلى امتلاك الولايات المتحدة قرابة 7 آلاف رأس نووي، و7 آلاف و300 لدى روسيا، في حين لا يتجاوز حجم الترسانة الصينية 270 رأساً.

إلا أن مجلة “فورين بوليسي”، نشرت أمس الأول الإثنين، تقريراً ألقى الضوء على تركيز الصين على امتلاك ترسانة حديثة متطورة وآمنة، ورفع قدراتها التقنية من حيث المسافة والسرعة والدقة.

فاللافت أن صواريخ “دونغ فينغ-41″ الصينية التي يدور الحديث حولها، تمتلك المدى الأطول والسرعة الأكبر من بين جميع الصواريخ العابرة للقارات القادرة على حمل رؤوس نووية.

وتتجاوز قدرات الصواريخ الصينية نظيرتها الروسية، من طراز “ساتان 2″ التي أزاحت موسكو الستار عنها في أكتوبر/تشرين أول الماضي، وتسببت برعب في أوروبا، والتي تتميّز بالتركيز على الحمولة النووية، على ما دونها من معايير القوة.

وبالمقابل يوضح تقرير المجلة الأمريكية، أن الترسانة الروسية، بل والأمريكية، تعانيان من القدم، ويتطلب إعادة تأهيلها مليارات الدولارات سنوياً، بل يقدر التقرير تكلفة إعادة تأهيل الترسانة الأمريكية الموجودة حالياً إلى تريليون دولار في العقود الثلاثة المقبلة.

علاوة على تكاليف الحفاظ على سلامة تلك الأعداد الهائلة من الرؤوس النووية، والتي ستزداد طردياً مع قدمها، والحاجة المتزايدة لتأهيل أجيال جديدة من الخبراء في التعامل معها.

وخلص التقرير، إلى اعتبار الصين القوة النووية “الأذكى”، وبالتالي الأقدر على بعث رسائل تهديد حقيقية للقوى الأخرى، يتوجب أخذها بعين الاعتبار في إطار أي سباق دولي للتسلح، وعدم إغفالها لدى الحديث في ملفات سياسية حساسة.

ويعود تاريخ امتلاك الصين لصواريخ نووية، قادرة على بلوغ الولايات المتحدة، إلى ثمانينات القرن الماضي، وفق تقرير “ستراتفور”، كان أولها صاروخ دونغ فينغ-5، إلا أنها لم تكن بالفاعلية والقدرات التي عليها النسخة 41، الحالية.

You might also like