أبطالُ اليمن يتفوّقون في حرب الصورة والميدان: جيزان ونجران وعسير: مسرحٌ لحرائق أساطير الترسانة الأمريكية وهزائم الجيش السعودي ( تقرير )
متابعات../
إذا كانت الصورةُ التي يقدِّمُها الجيشُ السعودي عن نفسه هي امتلاكَه للترسانة العسكرية الأمريكية المتطوّرة واستعراضَ ما يمتلكه عبر شاشات الفضائيات، فإن محوَّ تلك الصورة يأتي من خلال الفتك بتلك الترسانة، أما إذا كان الفتكُ بتلك الترسانة يأتي عن طريق إشعالها بواسطة إحراق (الكراتين) بداخلها فإن هذا يمثّل ضربةً نفسية كبيرة في معنوية الجندي السعودي وضربة أَكْبَر لثقة الجيوش في دول العالم بالعتاد الأمريكي، كما أن نقل الصورة المهينة للجيش السعودي والسلاح الأمريكي يعد ضربة مزدوجة وقاتلة لكل مقومات التفاخر السعودي بما يملكه وما يستعرضه عبر الشاشات.
بالقُرب من منفذ علب الحدودي وتَحديداً في موقع الهنجر السعودي وموقع قلل الشيباني المحرّر من الاحتلال السعودي كانت تلك المساحة الممتدة بين الموقعين مسرحاً انتقلت منه الصورة إلى العالم لإحراق عشرات الآليات العسكرية ذات الصناعة الأمريكية رغم الحرب التي يقودها النظام السعودي على الإعلام المناهض للعدوان، غير أن واقع الوسائط ووسائل التواصل الاجتماعي لم تمكن النظام السعودي من كبح جماح الصورة رغم ما دفعه من ملايين لإدارات مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى الرغم من إمْـكَانية تفجير تلك الآليات التي ظهرت في مشاهد الإعلام الحربي وبعدة طرق أُخْـرَى، غير أن عملية القضاء على الترسانة السعودية باتت جزء من المشهد العام للحرب، وبات المتطلعون لما يتم عرضه ينتظرون ابتكاراتِ المقاتل اليمني في الاستخفاف بأسطورة الأسلحة الأمريكية، ويفسر أهميةَ ذلك في مسار المعركة اهْتمَامُ النظام السعودي بعدم ظهور تلك الصور للعَلَنِ أَكْثَـر من اهْتمَامه بمصير جنوده وآلياته؛ ولذلك تواردت أنباء عن تبنّي المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ لمطالب سعودية تريد أن يتم التوقّف عن بث تلك المشاهد، ولا ضير فيما يبدو أن يستمر نزيف الجيش السعودي خارج الأضواء، فكسر الصورة التي قدمها الجيشُ والنظام السعوديان عن نفسيهما سيحولهما إلى مجرد أضحوكة أمام العالم.
آلاف الصور والمشاهد التي وزعها الإعلام الحربي لعمليات الجيش واللجان الشعبية في جيزان ونجران وعسير وكانت الأخيرة مسرحاً لآخر عملية جرى فيها اتقان عملية اللامبالاة بحجم وقوة ما يمتلكه الخصم عبر إحراق المدرعات والآليات السعودية عبر إشعال (الكراتين) بداخلها في موقع الهنجر، فيما الكاميرا تنقل لحظةً بلحظة كيف تتحول تلك الآليات المتطوّرة والمدرعات الحديثة إلى رماد، حيث بات المقاتل اليمني يرى أنه من المكلّف أن يتم تبديدُ المتفجرات لتدمير تلك الآليات التي كلفت مليارات الدولارات التي دفعها النظام السعودي لشركات التصنيع العسكري الأمريكية.
تلك الصور لم تعد حديثَ اليمنيين فحسب، بل باتت حديث الساعة بالنسبة لنشطاء مواقع التواصل الاجتماعي من العرب، خُصُـوْصاً أولئك الذين أثخنت السعودية في بلدانهم الجروح، فبات المقاتلُ اليمني وما يفعله بالنسبة لأولئك المتابعين والمترقّبين بمثابة الثائر الجَمْعي الذي يثأر لأطفال ونساء العراق وسوريا وليبيا واليمن من أولئك الذين استكبروا في الأرض، فما كان من اليمني إلا أن يكسر كبرياءَ العدو لأجل قضيته ولأجل كُلّ أولئك المجروحين من بطش النظام السعودي.
وفي بادئ الأمر كانت أفعالُ المقاتلين اليمنيين في العمق السعودي تبدو للمتابعين على أنها تصرفاتٌ عفوية، غير أن عفويتها تلك لا تحيد عن هدفها الرادع للعدوان، ومع مرور الوقت وتوارد الآلاف من الصور بدأ يتكشف للمحللين والمراقبين أن تلك الأفعالَ استراتيجية ناجحة وُضعت مسبَقاً ولم تخلُقْها الصدفة؛ لأن مواجهة التكبر والتجبر لا بد أن تكونَ عبر التصدي لما يصدُرُ عن المتكبرين (النظام السعودي) وما يرتكبه من جرائم أولاً، وقتل ذلك التكبر والتجبر عبر الاستخفاف به وإهانته ثانياً.
في مثل هذا العصر الذي يتحكم به الإعلام وتتحكم به الصورة، كان لدى قيادة الجيش واللجان الشعبية إلمامٌ موفَّقٌ بالتعامل مع مقتضيات العصر الجديد متمثلاً بـ(حرب الصورة)؛ ولذلك طرأ على مشاهد الإعلام الحرب تطور جديد خُصُـوْصاً منذ انطلاق العمليات التي تلت فشل مفاوضات الكويت، حيث جرت العناية بدقة ونقاء الصورة التي تنقلها الكاميرات للعمليات الحدودية والتي استطاعت أن تقنع المُؤسّسات الإعلامية الدولية، ومثالاً على ذلك يكون التقرير الذي نشره موقعٌ عسكري بريطاني معتمداً على مشاهد الإعلام الحربي؛ ليستنتجَ أن النظام السعودي يعمد إلى عدم الإعلان عن قتلاه من الجنود رغم أن الصورة التي نُقلت من أرض المعركة تظهر ملامح القتلى، بحيث يصبح سهلاً على المجتمع السعودي التعرّف على هُوية من يعرفونهم من أولئك القتلى. في نفس الوقت يؤكد فعالية استراتيجية الجيش واللجان الشعبية في حرب الصورة هو الارتباك الذي ظهر على الإعلام السعودي والذي تحوّل تعدده وكثافته إلى عبءٍ عليه عندما وجد أن عليه أن يملأ عشراتِ القنوات والصحف والمواقع الإخبارية بالمبررات أَوْ المغالطات والادعاء بزيف الصور التي يعرضها الإعلام الحربي للجيش واللجان الشعبية، إلا أن ما قدمه الإعلام السعودي من محاولات تفيدُ بأن تلك الصور مزيّفة قد أضافت له خسارة جديدة تتمثل بما ناله من سُخرية المتابعين إلى جانب الإهانة التي يتعرض لها بفعلِ تلك الصور والمشاهد التي باتت محطّ اهْتمَام كُلّ النشطاء العرب، بما فيهم الشباب السعوديون المعارضون لنظام آل سُعُـوْد وللحرب على اليمن.
*صدى المسيرة: إبراهيم السراجي