كل ما يجري من حولك

الرجلُ الانقلابي في زمن الوصاية المعولمة

495

عبدالملك العجري

عندما يقولُ السيدُ عبدالملك الحوثي: لا للزمن السعودي ولا للزمن الأَمريكي، وعندما تقول ثورة 21 سبتمبر لا لتوصيات صندوق النقدي والبنك الدوليين للإصْـلَاح الاقْتصَادي في الـيَـمَـن، فذلك انقلابٌ كاملُ الأَرْكَان، انقلاب مزلزل وَكامل الأَرْكَان على الشرعية التأريخية للزمن السعودي في الـيَـمَـن، انقلابٌ على الشرعية المشروطة بمقاسات الزمن السعودي لمزاول السياسة والسلطة وتقاليده التي أرساها لعقودٍ من الزمن كراعٍ ومصدّر للشرعية.

انقلابٌ على قواعد الارتباط الدولي للزمن الأَمريكي وعقيدة المحافظين الجدد والتعديلات التي أدخلتها على مفاهيم وقيم أَسَاسية عالمية كمفهوم السيادة والاحْتلَال، الإرْهَـاب والسلام، الحُـريّة والاستبداد، الديمقراطية والديكتاتورية، والتطرف الاعتدال، والخير والشر.

العقيدة التي قال عنها ريتشارد هارس مسؤول التخطيط في الخارجية الأَمريكية إنها تشكل مذهباً جديداً في السيادة، فالسيادة ليست صكاً على بياض يمنح الحكومة حُـريّة الفعل داخل حدودها، السيادة التزام، وفشل أي حكومة في الوفاء بالتزامها يُفقِدُها بعض مزايا السيادة ويبيح لحكومات كالولايات المتحدة التدخل ويمنحها حق ما يسميه “حق الدفاع الذاتي أَوْ الوقائي أَوْ الاستباقي”.

العقيدة التي أباحت لأَمريكا التصرف باعتبارها “قانوناً بذاتها” يتجاوز القوانين والأعراف والمُؤسّسات الدولية، فهي من يقرر مصير نظام الحكم لبلدة ما، سيما المنطقة العربية من حيث البقاء أَوْ التغيير أَوْ السقوط.

انقلابٌ على عقيدة السوق والوصايا المقدسة للبنك والصندوق الدوليين والتي لا ترى حرجاً أن يموت الإنْسَـان جوعاً والصوامع مليئة بالغلال “فهي ظاهرة طبيعية منشأها ندرة الموارد في عالم يفيض بسكانه، وللسوق وحدها أن تقرر ما يكون وما لا يكون، حتى وإن نالت من أهم ما يميز الدولة الوطنية وهي السيادة على سياستها المالية والنقدية والاقْتصَادية، ومن يتمرد على إرادتها يصير طعاماً لتروس مكنتها العملاقة التي تعمل بلا قلب لإشباع غرائزها المتوحشة.

You might also like