كل ما يجري من حولك

هكذا هم النعاج حين يركبهم الغرور!!

396

 

الشيخ عبدالمنان السنبلي

“لو قرأتُ هذا الكتابَ من قبلُ، لما أرسلتُ جندياً واحداً إلى اليمن”..

هكذا قالها الزعيمُ العربي الراحل جمال عبد الناصر بعد أن قرأ كتاباً أُهدي له بعنوان (الحملة العثمانية على اليمن)، وَيبدو أن أحد المقربين منه من الرافضين ربما للتواجد المصري في اليمن هو من أهداه له!

طبعاً يريد الزعيم ناصر من خلال هذا الكلام أن يبين حجم التورط المصري في اليمن وَإلى أي مدىً غير مقبولٍ وصل إليه الوضع هناك رغم نبل الهدف وَالمقصد المصري من التدخل في اليمن في ذلك الوقت وَالذي كان ينبع من إحساسٍ قوميٍ عربيٍ خالصٍ تجاه الشعب اليمني وَغير متأثرٍ بأهدافٍ وَأجنداتٍ أجنبيةٍ أو بالأحرى غير عربية.

وَالسؤالُ هنا: ماذا لو قرأ سلمان أو طفله المدلل اليوم ذلك الكتاب خاصةً بعد أن تجاوز عدوانه (وليس تدخله!!) على اليمن يومه الخمس المائة؟!! هل كان سيفكر بنفس الطريقة التي فكر بها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر أم غير ذلك؟!!

في حقيقة الأمر أن سنةً وَنصف من العدوان كانت كفيلة لأي متابع أن يقرأ وَيطلع على حقيقة شخصية هؤلاء القوم وَيعرف عنهم أكثر وَأن لا مجال للمقارنة بين عقلياتهم المتبلدة وَالمتحجرة وَبين من كان يحمل مشروعاً قومياً عروبياً صادقاً وَقائماً على استراتيجيةٍ واضحةٍ وَمدروسةٍ سليمة، فقد شن هؤلاء الحمقى عدوانهم على اليمن وَهم لا يعلمون حتى لماذا فعلوا ذلك إلا أنهم تلقوا أوامراً من أسيادهم هنالك في واشنطن فأطاعوا، وَإلا لكان مجرد فقط أن يروا مشهداً واحداً لجنودهم وَهم يفرون كالنعاج من أمام أبطال الجيش اليمني وَاللجان الشعبية كافياً وَكفيلاً بأن يستوعبوا حجم المستنقع الذي أوقعوا أنفسهم فيه وَيبدأوا بالبحث عن مخرجٍ لهم من هذه الورطة من وقتٍ مبكرٍ جداً. لكنه الغرور حين يسيطر على عقول النعاج يجعلها تظن أنها قادرة على إخضاع وَترويض الأسود!!

بصراحة لقد كان بنو عمومتهم الصهاينة أذكى منهم في تعاملهم مع هكذا وضع وَهكذا ظروف، فقد كانوا إذا أحسوا أن الأمور لا تسير كما تشتهيه أنفسهم وَخططهم، فإنهم يسارعون حثيثاً إلى البحث عن مخرجٍ سريعٍ لهم يجنبهم المزيد من الخسارة وَالاستنزاف وَلا يعدمون الحيل أو يجدون حرجاً في أن يوقفوا عدوانهم دون تحقيق أهدافه كما حصل ذلك في حرب تموز 2006 أو في عدوانهم على غزة في 2008 وَ2010.

كذلك الأمريكان أيضاً فإنهم لا يمكن أن يتركوا حليفاً استراتيجياً لهم يتورط في حرب استنزافٍ طويلةٍ إلا إذا كانوا قد فكروا في التخلص منه أو ابتزازه، وَهذا بالضبط ما يفعلونه اليوم مع حليفهم السعودي الذي تركوه يغوص في هذا المستنقع اليمني الصعب دون أن يقوموا حتى بتقديم النصح له من مغبة الاستمرار في السير بعيداً في هذا الاتجاه، وَمع ذلك فإن السعوديين ما انفكوا يراهنون على حليفهم الأمريكي وَيرون فيه الأب الروحي المخلص!!

في الواقع لقد ركب الغرور هؤلاء القوم من مستعربي نجد حتى أنهم لم يعودوا يعرفون أين تكون مصالحهم وَكيف يرعونها وَمن هم خصومهم وَأعداءهم الحقيقيون، وَهكذا هو حال النعاج حين يركبها الغرور وَتحسب أنها قادرةٌ على تركيع وَإخضاع الأسود، فلا تصحو من سكرة عنجهيتها وَاستكبارها إلا حين تقع في قبضة الأسود، وَلا عزاء بعد ذلك!!

You might also like