أصبحنا تحت أقدام اليهود والنصارى؛ لأننا أضعنا مسؤوليةً كبرى ونبذنا كتابَ الله خلف ظهورنا
- أخطاء نرتكبها لها عواقب وخيمة، ومنها أننا دائماً نبحث عن المخارج والتبريرات لتقصيرنا
- الحديث عن الجهاد، عن المواقف القرآنية العملية في مواجهة أعداء الله، عن نصر دين الله، عن بذل المال والنفس أصبح غريباً
- العودة للقرآن الكريم للاهتداء به هو الطريقة الصحيحة، هو الأسلوبُ الصحيح، لا أن نظلَّ على ما نحن عليه، ونفهمه أنه كُلّ شيء وكل ما يطلب منا من جهة الله سبحانه وتعالى
- أصبح غريباً أن يتحدث الإنسان عن أنه يجب أن نتخذ موقفاً من أعداء الله
- واقع المسلمين مظلم أسوأ من واقع اليهود لأننا أضعنا مسؤولية كبرى
متابعات../
لا تخلو محاضَرةٌ للسيد حسين بدرالدين الحوثي إلا ويؤكّدُ فيها أن لا مخرَجَ للأُمَّةِ من حالة التِّيه والضياع التي تعيشُها إلا بالعودة إلَى القرآن الكريم، بالعودة إلَى الإسْــلَام كمنظومة متكاملة، بالعوة إلَى هديه العظيم، بالعودة إلَى ثقافته التي تقدِّمُ للأمة البصيرة والوعي.
وبعد أن شخّص السيدُ حسين الحوثي الإشكاليات التي تعيشُها الأُمَّـة العربية والإسلامية تحدث في محاضرته (لا عذر للجميع أمام الله) فقال: (الحقيقة أن الشيءَ الذي يجبُ أن نهتديَ به هو القرآن الكريم، القرآن الكريم الذي قال الله فيه {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (الإسراء: من الآية 9) وسماه بأنه هدى للناس هدى للعالمين).
معتبراً أن (العودة للقرآن الكريم للاهتداء به هو الطريقة الصحيحة، هو الأسلوبُ الصحيح، لا أن نظلَّ على ما نحن عليه، ونفهمه أنه كُلّ شيء وكل ما يطلب منا من جهة الله سبحانه وتعالى).
واستغرب السيد حسين الحوثي أن طرح هذه المواضيع كالعودة إلَى القرآن قد أصبح غريباً عن أنظارنا، وغريبة لدى الكثير منا، مُشيراً إلَى ما روي عن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أنه قال في حديث: ((كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفاً والمعروف منكراً)).
وفي المقابل يشير السيد حسين الحوثي أننا نرى الآخرين اليهود والنصارى هم من يتحركون في البحار، في مختلف بقاع الدنيا، مقاتلين يحملون أسلحتهم وطائراتهم ودباباتهم قواعدهم العسكرية برية وبحرية، فرقاً من الجنود من أَمريكا ومن ألمانيا ومن فرنسا وأسبانيا وكندا ومختلف بلدان العالم الغربي.
وفي هذا السياق تحدث السيد حسين الحوثي باستغراب ممزوج بالتساؤل: (هم من ينطلقون فاتحين! هم من يتحركون يحملون أسلحتهم في مختلف بقاع الدنيا!، بينما هذه الأُمَّـة الإسلامية أمة القرآن، القرآن الذي أراد أن تتربى على أن تحمل روحاً جهاديةً، أن تحمل مسؤوليةً كبرى، هي مسؤولية أن تعمم دين الله في الأرض كلها، حتى يظهر هذا الدين على الدين كله، على الديانات كلها حتى يصلَ نوره إلَى كُلّ بقاعِ الدنيا، هذه الأُمَّـة التي قال الله عنها مذكّراً بالمسؤولية: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} للعالم كله {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران: من الآية110)، أصبح الآن الحديث عن الجهاد، الحديث عن المواقف القرآنية العملية في مواجهة أعداء الله، الحديث عن نصر دين الله، الحديث عن بذل المال عن بذل النفس عن العمل أصبح غريباً، أصبح منطقاً نادراً لا نسمعه من وسائل الإعلام في مختلف البلدان العربية إلا في النادر، ولا نسمعه من المرشدين والعلماء والمعلمين إلا في النادر، ولا ذكر له في مناهجنا الدراسية، ولا في ما يكتب في صحفنا، أصبح غريباً أن يتحدث الإنسان عن أنه يجب أن نتخذ موقفاً من أعداء الله).
وأضاف قائلاً: (لو نظر كُلُّ واحد منا إلَى شاشة التلفزيون، أَوْ استمع إلَى الأخبار لسمع بأذنيه أن هناك فرقاً من مختلف الدول الغربية، فرق من اليهود والنصارى مقاتلين، في البحر الأحمر وفي البحر العربي وفي الخليج وفي البحر الأبيض المتوسط وفي مختلف بقاع الدنيا في البر والبحر).
ويرى السيد حسين الحوثي أن مسؤوليتَنا التي أراد الله لنا هي أن نقاتلَهم حتى يكونوا أذلاء صاغرين، من نصل بهم إلَى درجة أن لا يفكروا أن يعملوا شيئاً ضد الإسلام والمسلمين.
واعتبر السيد حسين الحوثي أن الواقعَ الذي نراه اليوم وسيطرة اليهود والنصارى تمثل (خزي للمسلمين في الحقيقة، خزي، وتقصير عظيم أمام الله سبحانه وتعالى، ونبذ لكتابه، نبذ للقرآن خلف ظهورنا).
وقال إن علينا ألا نستغرب إذا سمعنا أنه تم إنزال مجاميع من الجنود كنديين، أَوْ أسبانيين، أَوْ أَمريكيين، أَوْ فرنسيين في أفغانستان، لا نستغرب أن نسمعَ أن هناك سفناً أَمريكية وهناك فرقاً لسفن أَمريكية وفرنسية وألمانية وغيرها في البحر الأحمر، وأن هناك جنوداً يدخلون اليمن وجنوداً يدخلون الجزيرة، وجنوداً في العراق وجنوداً في مختلف بقاع الدنيا داخل بلاد المسلمين.
إختلاق التبريرات لعدم التحرك
ويشرح السيد حسين الحوثي الواقع الذي نعيشُه عندَ ما نسمع هذه الأخبار، مختلقين التبريرات لعدم تحركنا تارة باستغرابنا من الحديث عن هذا الموضوع، وتارة أُخْــرَى باختلاق أحد التبريرات التي يطرها الكثير وهي: [لماذا الآخرون أيضاً لم يتحدثوا، هناك علماء آخرون لم يتحدثوا!]. إذا لم يتحدث أحد من العلماء قالوا: العلماء لم يتحدثوا. ومتى ما تحدث البعض قالوا: الباقون أيضاً لازم أن يتحدثوا. فإذا لم يتحدث الكل قالوا: إذاً فالقضية غير ضرورية.
ولتشخيص المشكلة يرى السيد حسين الحوثي أن الواقع هو: (أن الناس فيما بينهم يتهادنون – إن صحّت العبارة – العلماء هم يرون أنفسَهم معذورين؛ لأن الناسَ لا يتجاوبون، والناس قد يرون أنفسهم ليس هناك ما يجب أن يعملوه؛ لأن العلماء لم يقولوا شيئاً.
وهنا يحذر السيد حسين الحوثي من هذه الوضعية قائلاً: (ألسنا متهادنين في ما بيننا؟ لكن يوم القيامة قد يكشف الواقع فلا نعذر لا نحن ولا علماؤنا، قد لا نعذر أمام الله سبحانه وتعالى).
من ينتظر تحرك الجميع فهو ينتظر المستحيل
ويدعو السيد حسين الحوثي كافةَ أَبْنَـاء المجتمع للتحرك لمواجهة عدو الأُمَّـة العربية والإسلامية الذي حدّده القرآن الكريم وهم اليهود والنصارى متمثلين في هذا الزمان بأَمريكا وإسرائيل، مُشيراً إلَى أن انتظارَ تحرك الجميع يُعَدُّ من المستحيل فقال: (العلماء قد يكونون كثيرين في أيّ عصر، ومن يتوقع أن يتحرَّكَ العلماءُ جميعاً فإنه ينتظرُ المستحيلَ، والتأريخ يشهد بهذا، والحاضر يشهد بهذا، كانت إيران بلداً مليئة بالحوزات العلمية ومليئة بالعلماء، تحرك واحد منهم وتحرك معه من تحرك أيضاً من العلماء، وقعد كبار من العلماء، وقعد كثير من العلماء).
وبنفسية الناصح الصادق يحث السيد حسين الحوثي الأُمَّـة العربية والإسلامية بالعودة إلَى الصراط المستقيم قائلا: (لنرجع إلَى القرآن الكريم، القرآن الكريم يتحدث عن قصة نبي الله موسى (عليه السلام) عندما قال لقومه: {ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} (المائدة: 21)، عندما رفض بنو إسرائيل أمر نبي الله موسى، ذكر الله سبحانه وتعالى أيضاً كلامَ رجلين من بني إسرائيل: {قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (المائدة: 23) ألم يذكر الله كلام الرجلين ويُسَطِّره ككلام نبيه موسى؟ رجلان، تلك الأُمَّـة التي كانت مع موسى ألم يكن فيها علماء وفيها عبّاد؟ هل تتصور نبياً من الأنبياء يعيش فترةً مع أمته ثم لا يكون فيها علماء وعبّاد؟ ثم لا يكون فيها وُجهاء وفيها شخصيات كبيرة، وفيها.. مختلف فئات المجتمع تكون متواجدة، لكن موقف أولئك وإن كانوا علماء وإن كانوا وجهاء وإن كان فيهم عبّاد يعتبره الله سبحانه موقفاً لا قيمة له، يعتبره عصياناً له ولنبيه، لكن رجلين منهم: {قَالَ رَجُلانِ} لم يقل قال عالمان أَوْ قال عابدان أَوْ قال شيخان أَوْ قال رئيسان {قَالَ رَجُلانِ}.
ما يجب علينا في الوقت الحاضر
وأشار السيدُ حسين الحوثي إلَى أن اللهَ سبحانه وتعالى ينظر إلَى ما يقول الإنسان إن كلامه هداية وتذكير بهداية، معتبراً أن المطلوب مَن يذكر الناس بما يجب عليهم، وأن لا عذر لهم أمام الله أن يقولوا: الآخرون لم يتحدثوا معنا.
وتساءل: (هل كان عذراً لبني إسرائيل الذين قعدوا أن الآخرين منهم أيضاً – من علمائهم وعبّادهم – لم يقولوا كما قال الرجلان؟ الله ذكر كلام الرجلين: {قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (المائدة: 23) ألم يرشدوا الناس إلَى خطة عمليّة ينفذون بها الأمرَ الإلهي بدخول الأرض المقدسة، فيحققون بها الاستجابةَ لنبيهم والطاعة لله ولرسوله، ألم يُوجِّه الرجلان إلَى خطة عمليَّة؟. هذان الرجلان سطّر الله كلامهما مع نبيه).
ويوضح السيد حسين الحوثي أن هناك أخطاء نرتكبها ولها عواقب وخيمة، ومنها أننا دائماً نبحث عن المخارج والتبريرات عندما يحدثنا البعض أَوْ يذكرنا بخطورة وضعية نحن نعيشها، معتبراً أنك عندما تعرض (ما سمعته منا على الآخرين باعتبار هل مثل هذا عمل يرضي الله سبحانه وتعالى؟ وأعتقد لا أحد يمكن أن يقول لك من العلماء بأن هذا عمل لا يرضي الله: أن تهتف بشعار التكبير لله والموت لأَمريكا والموت لإسرائيل واللعنة على اليهود والنصر للإسلام، وأن تجند نفسك لمواجهة أعداء الله، لا أحد من العلماء يستطيع أن يقول لك أنه عمل لا يرضي الله. والإنسان المسلم الحقيقي هو مَن همُّه أن يعمل ما يحقق له رضِى الله سبحانه وتعالى).
واعتبر السيد حسين الحوثي أن (هناك من العلماء من لا يتابع الأحداث، هناك من العلماء من يتمسك بقواعد يعتبر نفَسه معذوراً أمام الله باعتباره غيرَ متمكن أن يعمل شيئاً، وهناك من العلماء وهم كثير من إذا ما انطلق الناس في أعمال أيدوهم ودعوا لهم. ونحن جربنا هذا.. في الماضي كان كثيرٌ من علمائنا بما فيهم سيدي إبراهيم الشهاري (رحمة الله عليه) وسيدي محمد حسين شريف وغيرهم من العلماء (رحمة الله عليهم) ممن قد ماتوا وممن لا زالوا موجودين كانوا يدعون لنا، ويؤيدوننا، ويدعموننا بأموال أيام كنا نتحرك في عام 1993م وأيام أعمال لــ(حزب الحق)، وهم كانوا يرون أن حركتنا تُعتبَرُ حركة ترضي الله سبحانه وتعالى، وأن تأييدَهم لأعمالنا يعتبر مما يرفع عنهم العهدة أمام الله، أي أنهم أصبحوا يدعمون عملاً هو أمر بمعروف ونهي عن منكر، هو عملٌ لإعلاء كلمة الله، هو عمل يرضي الله سبحانه وتعالى؛ لأن أيَّ عالم زيدي مرتبط بالقرآن وبأهل البيت يجدُ في نفسه كثيراً من الإحراجات الداخلية أنه لا يأمُرُ بالمعروف لا ينهى عن المنكر لا يجاهد).
ويعتقد السيد حسين الحوثي أن بعض العلماء يرى أن عذره في عدم التحرك هو يعود إلَى (مسألة أن هناك عذر له أمام الله، هو أن الناس لا يستجيبون، أن الناس لا يقبلون، أن الناس لا يتحركون، فماذا يعمل، إذاً سيبقى في بيته، لكن متى ما رأى من تحرك ارتاح هو، وانطلق هو لدعم من يتحرك من أجل أن يشارك ولو بتأييده، أن يشارك في عمل يرضي الله سبحانه وتعالى. ويعتبر من الأعمال التي يرى في نفسه حرجاً أنه لا يقوم بها. عندما يقوم بعمل كهذا، أَوْ يؤيد ناس يعملون أعمالاً كهذه يعتبر نفسه يؤدي ما يريد الله منه).
سبب الواقع المظلم الذي نعيشه
ويرى السيد حسين الحوثي أن على الناس إذا أرادوا أن يعرفوا أن عملهم يرضي الله أن يسألوا العلماء بطريقة صحيحة مثل: (نحن نريد أن نحارب أَمريكا وإسرائيل، نحن نريد أن نواجه أعداء الله، نحن نراهم يتحركون داخل البلاد الإسلامية ووصلوا إلَى بلادنا وإلى سواحل بلادنا، نريد أن يكون لنا موقف ضدهم، هل هذا عمل يرضي الله؟. مَنْ من العلماء الذي يمكن أن يقول لك: لا؟. اسأل على هذا النحو وستجد الإجابة الصحيحة.
وأضاف: أن خلاصة المسألة هو: أننا كمسلمين، أن نقارن بين أنفسنا – وهذا كما قال الإمام علي (عليه السلام): ((متى اعترض الريب فيَّ حتى صِرت أُقْرَن بهذه النظائر)) – نحن الآن يجب أن نقرن أنفسنا باليهود، فإذا ما وجدنا أن اليهود هم أَكْثَر اهتماماً بقضاياهم، أَكْثَر اهتماماً بشؤونهم، أَكْثَر اهتماماً بديانتهم فإن هذا سيكشف بأننا أسوأ من اليهود.
وأكد السيد حسين الحوثي أننا في واقع مظلم أسوأ من واقع اليهود أننا نرى أن اليهود والنصارى هم من يستذلوننا، أليس كذلك؟ أليس المسلمون الآن، أليس العرب الآن تحت أقدام اليهود والنصارى حكومات وشعوب؟ ألم يقل الله عن اليهود والنصارى أنه قد ضرب عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله؟ هل رفعت الذلة والمسكنة عنهم؟. لا لم تُرفع، ما يزالون، لكنا نحن من أصبحنا أذلّ منهم، من ضُربت علينا ذلة ومسكنة أسوأ مما ضربت على بني إسرائيل. هل تفهموا هذا؟. لماذا؟ لأننا أضعنا مسؤولية كبرى؛ لأننا نبذنا كتاب الله خلف ظهورنا؛ لأننا لم نعد نهتم بشيء من أمر ديننا على الإطلاق؛ ولم نعد نحمل لا غضباً لله، ولا إباءً وشهامةً عربية، فعندما ترى أن الأُمَّـة العربية والأمة الإسلامية أصبحت تحت أقدام اليهود والنصارى، وأن اليهود والنصارى حكى الله عنهم بأنه ضرب عليهم الذلة والمسكنة، وأنهم قد باءوا بغضب منه، وترانا نحن المسلمين، نحن العرب تحت رحمة اليهود والنصارى، أليس كذلك؟. ماذا يعني هذا؟ يعني هذا أننا في واقعنا، في تقصير ٍأمام الله أسوأ مما اليهود والنصارى، أن تقصيرنا أمام الله أشد مما يعمله اليهود والنصارى. لماذا؟ لأن الله بعث رسولاً عربياً منا، وكان تكريماً عظيماً لنا، ومِنَّة عظيمةً على العرب أن بعث منهم رسولاً جعله سيد الرسل وخاتم الرسل {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (آل عمران: الآية 164) {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ} (الجمعة: الآية 2) هؤلاء الأميون الذين لم يكونوا شيئاً، لم يكونوا رقماً – كما يقول البعض – لم يكونوا يشكلون أي رقم في الساحة العالمية، بعث الله منهم رسولاً عربياً تكريماً لهم، ونعمةً عليهم، وتشريفاً لهم، أنزل أفضل كتبه وأعظم كتبه بلغتهم القرآن الكريم، كتاباً جعله أفضلَ كتبه ومهيمناً على كُلّ كتبه السماوية السابقة، ألم يقل هكذا عن القرآن الكريم؟، بلغتهم نزل القرآن الكريم، أراد لهم أن يكونوا خيرَ أمة، تتحرك هي تحتَ لواء هذه الرسالة، وتحمل هذه الرسالة فتصلُ بنورها إلَى كُلّ بقاع الدنيا، فيكونوا هم سادة هذا العالم، يكونوا هم الأُمَّـة المسيطرة والمهيمنة على هذا العالم بكتابه المهيمن، برسوله المهيمن، بموقعهم الجغرافي المهيمن، حتى الموقع الجغرافي للأمة العربية هو الموقعُ المهمُّ في الدنيا كلها، والخيرات، البترول تواجده في البلاد العربية أَكْثَر من أية منطقة أُخْــرَى.