كل ما يجري من حولك

العُـدْوَان على الـيَـمَـن ومدى شرعية المبادرة – من المنظورَين الوطني والدولي

451

 عبدالعزيز البغدادي.. 

ورقة قُدمت في جامعة صنعاء

بتأريخ 25/ 1/ 2016

تنويه: الحديثُ عن شرعية المبادرة هنا مدخَلٌ للحديث عن ما يسمى بالرئيس الشرعي والحكومة الشرعية تلك الشرعية التي استخدمت من قبل العُـدْوَان الأَمريكي السعودي ومن تحالف معهما ضد الـيَـمَـن والمستمر حتى كتابة هذه الكلمات ومنذ أَكْثَـر من عشرة أشهر مستهدفاً كلما يخطُرُ ولا يخطر على بال إنْسَــان، ومن المثير للحُزن الشديد أن المنظمة الدولية المسمّاة بالأمم المتحدة قد استخدمت كأداة لمحاولة تغطية كُلّ الجرائم المرتكبة من إبادة جماعية وجرائم ضد الإنْسَــانية وعُـدْوَان سافر ليكونَ ذلك مادة أَسَاسية للتضليل الإعْـلَامي والإيهام بأن كُلَّ هذا العُـدْوَان وكل هذه الجرائم إنما هي دعمٌ لإعادة الشرعية الهاربة إلَى حكم الـيَـمَـن.

1- مفهوم الشرعية الدستورية والثورية:

 في معنى الشرعية والمشروعية –

يُقصَدُ بالشرعية السلطة التي تستندُ في وجودها إلَى إرَادَة الشعب ويحدّد الدستور المبادئ العامة للشرعية، مؤكداً أن الشعب هو مصدر السلطات، أَي أن الشرعية تستند إلَى المبدأ العام الذي يقول بأن إرَادَة المجتمع هي ما يجب أن يحكم حياتهم

-الشرعية الدستورية:

ويُقصَدُ بالشرعية الدستورية بالمجمَل بأنها إرَادَةُ المجتمع في الظروف العادية المتجهة لنظام سياسي يحكُمُ الحياة العامة قائمة على عدة مبادئ تعبر عن تلك الإرَادَة متمثلة بشكل أَسَاس في الاحتكام لمبدأ سيادة القانون وتحديد قواعد اللعبة السياسية.

– أما الشرعية الثورية فيتمثل جوهرها في:

الإقرارُ بحق المجتمع في إظهارِ رغبته بتغيير قواعدِ اللعبة السياسية حينما يجدُ أن السلطة السياسية فاسدة وَأن فسادَها يهدد كلياً أَوْ جزئياً مصلحة المجتمع، ينبغي العمل بصورة غير عادية، أَي عن طريق غير الانْتخَابات في تغيير قواعد اللعبة السياسية، ويبدأ غالباً بإعلان دستوري ثم يتبعه خطوات أُخْـرَى مترجمة له إلَى إجراءات تغيير.

أما المشروعية فهي ترجمة إرَادَة المجتمع أَوْ الشعب إلَى قواعد دستورية وقانونية تنظم قواعد اللعبة السياسية المعبرة عن تلك الإرَادَة والتي يجبُ أن تحل محل القواعد القائمة سواءٌ جاء التغيير لتلك القواعد عن طريق الشرعية الدستورية أَوْ الثورية.

2- الشرعية والمبادرة:-

حين خرج الشعبُ الـيَـمَـني إلَى الشارع مطالباً بإسقاط النظام وتغييره هبطت عليه المبادرة الأَمريكية السعودية المسماة (بالمبادرة الخليجية) بغرض إنقاذ النظام وَالتحايل بواسطتها على الشرعية الثورية كي تتحول الثورة إلَى تسوية سياسية مائعة بين القوى والأحزاب السياسية المكونة للسلطة والمعارضة، وهي مكونات ثبت من خلال حرصها على المحاصصة وهروبها من الشراكة الوطنية، ثبت أنها أقرب إلَى العصابات منها إلَى الأحزاب والقوى السياسية التي يُفترض أن تكون حريصة على الخيارات التي تخدم البُعد الوطني الشامل وليست آلةً تتمحور وتتمترس حول مصالحَ حزبيةٍ ضيّقة لا تمثل سوى مصالح بعض قيادات تلك الأحزاب والمكونات (الشلل)!!

ومع ذلك أَيْ ومع افتراض أن المبادرة تمثل الأحزاب السياسية الموقّعة عليها فإنها إنما تمثل جزءً من المجتمع الـيَـمَـني قد يصل في أقصى الحالات إلَى عشرة في المئة 10% من الشعب الـيَـمَـني، من هنا فإن هذه النسبة هي نسبة شرعية المبادرة إياها، وقد رأينا كيف عارَضَ شبابُ ثورة 11 فبراير 2011 من المستقلين بل والحزبيين رأينا كيف عارضوا المبادرة؛ لأنهم أدركوا أنها مؤامرة سعودية أَمريكية لسرقة ثورتهم وإعادة إنتاج الفساد من خلال المحاصَصة والقسمة للسلطة بين فاسدي السلطة والمعارضة.

شرعية عبدربه هادي:

1- شرعيته قبل المبادرة –

معروفٌ أن عبدربه هادي هرب إلَى الشمال في يناير 1986 أَيْ بعد أحداث يناير الدموية في جنوب الوطن (جمهورية الـيَـمَـن الديمقراطية) سابقاً وجرت محاكمتُه في الجنوب وحُكِمَ عليه بالإعدام بتهمة المشاركة مع آخرين بقتل العديد من أبناء الجنوب.

وبعد مشاركته في حرب صيف عام 1994 عُيِّنَ نائباً للرئيس.

وبذلك يكون تعيينُه نائباً للرئيس باطلاً بُطلاناً مطلقاً طبقاً للقانون، إذ لا يجوزُ أن يتولى المحكومُ عليه في أَيَّةِ جريمة أَيَّةَ وظيفة، ما بالك بنائب رئيس وإلى جانب كونه نائباً غير شرعي فإن تعيينَه يعد جريمةً يجب أن يعاقبَ مَن اقترفها!

وإذا قيل بأنه قد صدر بحقه عفوٌ فهذا قولٌ مردودٌ؛ لأن العفو إن صح فإنه يلغي العقوبة ولا يلغي ثبوتَ الجريمة، أَي أنه يكون مجرماً معفياً عنه

2 شرعيتُه بناءً على المبادرة:-

أ – ولما كان تعيينُه نائباً للرئيس باطلاً فإن تعيينه رئيساً بموجب المبادرة يعد باطلاً كذلك استناداً لقاعدة: ما بني على باطل فهو باطل!!!

ب – أما إذا تجاوزنا السببَ الأول للبُطلان أَي بطلان تعيينه رئيساً لبُطلان تعيينه نائباً فإن شرعيته في المبادرة قائمة على الاحتيالِ والتضليل لعدة أسباب منها:

السبب الأول أن اختيارَه رئيساً أسمي انْتخَاباً وهذا كذبٌ وافتراء مورس محلياً وعربياً ودولياً ذلك؛ لأن الانْتخَاب لا يكون إلا إذا وُجد أَكْثَـر من مرشح، ولا يسمى اختيارُ مرشح وحيد انْتخَاباً، ولهذا فقد كانت العملية محل تندُّر على المستويات المحلية والإقْليْمية والدولية.

السبب الثاني أن المحافظات الجنوبية قد قاطعت ما أسمي بانْتخَاب هادي، أَي امتنعت عن المشاركة في الاحتيال لعدة أسباب أهمها معرفتها بشخصه!.

ج – أن مدته بناء على المبادرة السعودية غير الشرعية وَغير القانونية المحددة بعامين كانت قد انتهت في فبراير 2014.

من خلال ما سبق يتبين أن المبادرة السعودية الأَمريكية لا شرعية لها من المنظورين الوطني والدولي، ومن ثم لا شرعية لهادي لا كنائب للرئيس ولا كرئيس ولا شرعية لحكومة الوفاق، سواء من المنظور الوطني أَوْ الدولي، ونوجز أَسَاس هذا الاستنتاج فيما يلي:

أولاً: من المنظور الوطني:-

لا وجودَ لإرَادَة وطنية شعبية واضحة لاختيار هادي رئيساً للـيَـمَـن للأسباب التي سبق ذكرها، ومن ثم فلا شرعية للمبادرة؛ لأن الشرعية إنما تُستمد من الشعب كَون الشرعية سلطة والسلطة لا تستمدُّ شرعيتَها من السلطة، وهو ما ينطبق على الشرعية الدستورية والثورية معاً.

ثانياً: من المنظور الدولي:-

الشرعية الدولية تتأسس على إرَادَة المجتمع الدولي، ومقصود بإرَادَة المجتمع الدولي هنا كُلّ إرَادَة الدول الموقّعة على ميثاق الأمم المتحدة، وميثاق الأمم المتحدة هو المرجعية الإجرائية الأَسَاسية المعبّرة عن إرَادَة المجتمع الدولي.

ولما كان هذا الميثاق ينص في ديباجته على أن الغرَضَ من إنشاء هيئة الأمم المتحدة هو تحقيق الأمن والسلام الدوليين واعتبار جميع الدول الأعضاء، أَي أعضاء المجتمع الدولي، يتمتعون بالسيادة الكاملة ومنع تدخل أَي عضو أَية دولة في شئون الدولة الأُخْـرَى وأن على مجلس الأمن أن يتخذَ الإجراءات اللازمة لمنع التدخل والعُـدْوَان على الدول الأُخْـرَى فإن ما قام به مجلسُ الأمن يعد انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة يوجب المساءلة ويعطي الحقَّ للدولة المعتدى عليها إلَى جانب الحق في مقاضاة الدول المعتدية، الحق في مقاضَاة هذه المنظمة التي تحايلت من خلال الوقوف في صفِّ سلطة مرفوضة شعبياً هاربة، ودعم العُـدْوَان على الـيَـمَـن باسم شرعية لا وجود لها، فالدولة تتكون من (الشعب، الإقْليْم، السلطة).

ومنظمةُ الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالذات وقف في صف السلطة ضدَّ الشعب وضد الإقْليْم، وساهم من خلال قراراته الباطلة المتلاحِقة في إيهام الرأي العام المحلي والدولي بأن ما يقومُ به النظام السعودي بدعم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ودول أُخْـرَى من عُـدْوَان سافر ارتُكبت ولا تزالُ تُرتكب خلاله أبشعُ الجرائم، ابتداءً بالحصار ثم قصف المنشآت وتدميرها وتدمير البُنَى التحتية، وارتكبت مختلف الجرائم: جرائم ضد الإنْسَــانية، جرائم الإبادة الجماعية، جرائم العُـدْوَان، وكل الجرائم التي تخطُرُ ولا تخطُرُ على البال

You might also like