كل ما يجري من حولك

  كلمة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف 1437هـ ” النص كاملاً “

563

متابعات../

أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ

الحمدُ لله رَبِّ العالمين وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أن سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُه ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين وتمام عدة المرسلين، أرسله اللهُ رحمةً للعالمين وحُجَّة على الظالمين، بشيراً ونذيراً وداعياً إلَى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فبلّغ رسالات الله وجهَاد في سبيل الله صابراً محتسباً حتى أتاه اليقين، اللهم صلِّ على مُحَمَّــد وعلى آل مُحَمَّــد وبارك على مُحَمَّــد وعلى آل مُحَمَّــد، كما صليتَ وباركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار من المهاجرين والأنصار وعن سائر عبادك الصالحين.

أيها الإخوةُ والأخوات، شعبَنا اليمني المسلم العزيز، السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، ونبارك لكم ولكافة الأُمَّــة الإسْــلَامية حلولَ هذا الذكرى العزيزة والمناسبة المجيدة، مناسبة ذكرى مولد خاتم الأنبياء مُحَمَّــد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، صَلَــوَاتُ اللهِ وَسَلَامُـهُ عَلَيْـهِ وَعَلَـى آلِــهِ الطيبين الطاهرين، ونحن وشعبنا اليمني العزيز يحتفلُ بهذه المناسبة العزيزة والذكرى الخالدة المجيدة إنما هو احتفاءٌ بنعمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى وتقديرٌ لفضلِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى وشكرٌ لله على ما مَنَّ به على البشرية جمعاء وعلى المسلمين حينما بعث فيهم رَسُــوْلاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلمُهم الكتابَ والحكمة، (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)، وهكذا يتجهُ شعبنا اليمني العظيم على نحوٍّ متميز تميَّزَ عن سائر الشعوب بمدى احتفائه واحتفاله وابتهاجه وتفاعُله مع هذه الذكرى ومع هذه المناسبة العزيزة من واقع محبته العظيمة لرَسُــوْل الله صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَـى آلِــهِ، من واقع انتمائه الأصيل لقيَم ومبادئ الإسْــلَام العظيمة والعزيزة.

إن شعبَنا اليمني الذي هو يمنُ الأنصار يمن الأوس والخزرج الذين آووا ونصروا وحملوا رايةَ الإسْــلَام عاليةً وكانوا سباقين إلَى الإيمان والنصرة، الذين تبوؤ الدار والإيْمَـان، هذا هو الشعبُ اليمني الذي يحذو حذوَ أسلافه أولئك، بالتمسك بالإسْــلَام وبقيمه وبمحبة الرَّسُــوْل صلى اللهُ عليه وَعَلَـى آلِــهِ، وبالاهتداء به، وبالاحتفاء به، وبالتوقير له، وبالتعظيم له وبالتقديس له صَلَــوَاتُ اللهِ وَسَلَامُـهُ عَلَيْـهِ وَعَلَـى آلِــهِ، وبالرغم مما يعانيه شعبُنا اليمني في هذه المرحلة من أحداث جِسَامٍ وهو يواجه هذا العدوانَ المتجبر الغشوم الظالم الذي تكالبت فيه قوى الشر العالمية الإقليمية والمحلية، وفي طليعتها أَمريكا وإسرائيل ومن الإقليم من الوطن العربي نفسِه، النظام السعودي المجرم العملي الخائن لأمته ولدينه، وعلى مستوى البلد المرتزقة الذين باعوا أنفسَهم للشيطان وباعوا شعبَهم وباعوا وطنهم، وباعوا كرامتَهم وباعوا حتى إنْـسَـانيتهم، شعبُنا اليمني وهو يُعاني من هذا المحنة الكبيرة والعظيمة وهو يُستهدَفُ بدون أي حق بدون أن يقترفَ ذنباً يبرر لأولئك المعتدين ما يفعلونه به وما يرتكبونه بحقه من أبشع الجرائم وأفضع الاعتداءات، يستهدفون الحياةَ ويستهدفون الأَرْض، يعملون على إذلال وتركيع هذا الشعب الحر العزيز المسلم ومن حوله المنطقة بكلها تعيشُ الأحداثَ الجسامَ وتعيشُ واقعاً استثنائياً مليئاً بالفتن، مليئاً بالحروب، مليئاً بالأزمات؛ نتيجة الاستهداف الكبير لهذه المنطقة ولشعوبِها بأجمعها، الاستهداف لهذه الأُمَّــة جمعاء بهويتها الإسْــلَامية في أَخْلَاقها وفي قيمها، واستهدافٌ لها أيْـضاً كأُمّةٍ؛ بغية تفكيكها وبعثرتها وتمزيقها والسيطرة التامة لها والاخضاع لها والإذلالِ لها والاستعباد لها، وبُغية الاستغلالِ لها إنْـسَـاناً وأرضاً وخيراتٍ وثروةً، هذا الوقعُ المساوي الذي تعيشُه الأُمَّــة هذا الواقعُ المظلمُ الذي وصلت إليه الأُمَّــةُ نتيجةَ انحرافِ الكثير من المحسوبين عليها من الأنظمة ومن القوى السياسية ومن داخل الشعوب، أيْـضاً انضمام الكثير إلَى صفِّ الأَعْـدَاء خيانةً وعمالةً وتآمراً وكيداً ومكراً بهذه الأُمَّــة وبأبنائها وبهُويتها وبوجودها الحضاري بكله.

هذه المرحلةُ المظلمة وهذا الواقع المظلم والمأساوي وهذه الأحداث الجسام التي ألّمت بهذه المنطقة وبشعوبها إنما تدفعنا وتدفع كُلّ المستنيرين وكُلّ الذين يحسون بالمسؤولية تجاه هذا الواقع وكُلّ الأخيار وكل الأحرار وكل الشرفاء الذين يتطلعون إلَى إخراج هذه الأُمَّــة من هذا المأزق الكارثي الذي تعيشُه في كُلّ الشعوب وفي كُلّ المنطقة، إنما نرى جَميْعاً في هذه المناسبة العزيزة نافذةً للضواء وأفقاً للخلاص ونوراً يبعث على الأمل ويُنيرُ الدرْبَ ويفسح المجال ويضيء الطريق للجميع، أين هو الحل وأين هو المخرج وأين حقيقةُ المشكلة وأين حقيقة الحل لهذه المشكلة؟.

اليوم من خلال هذا الواقع نتطلعُ إلَى هذه الذكرى لنرى فيها كُلّ الدروس وكل العِبَر التي نحتاجُ إليها نوراً وبصيرةً ووعياً ومشروعاً عملياً يقود أمتنا إلَى الخلاص وَإلَى الفرج وإلَى التغيير من الواقع السيء وإلَى الواقع المنشود الذي يمثل الخير ويمثل العز لهذه الأُمَّــة، نتطلع إلَى رَسُــوْل الله مُحَمَّــد صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَـى آلِــهِ من خلال هذه الذكرى وهو الحاضر دوماً، نحن لا نستذكر غائباً غاب عن وجداننا أَوْ غاب عن مشروعنا أَوْ عن واقعنا أَوْ عن اهتمامنا أَوْ عن إيماننا؛ لِأَن رَسُــوْلَ الله مُحَمَّــداً صَلَــوَاتُ اللهِ وَسَلَامُـهُ عَلَيْـهِ وَعَلَـى آلِــهِ هو رَسُــوْلُ الله الذي نؤمنُ به هادياً وقائداً معلّماً، في صلاتنا في كُلّ يوم وفي كُلّ ليلة نقفُ بين يدي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى فنشهد له بالوحدانية وبالربوبية ونشهد لعبده ونبيه مُحَمَّــد بالرسالة في موقعه رَسُــوْلاً قائداً مربياً أُسوةً قُدوةً نوراً نقتدي به ونهتدي به ونتأسى به، ونسير على دربه، فهو الحاضر دَائماً في وجداننا، حب مع قداسة عظيمة في موقعه العظيم رَسُــوْل من عند الله، وفي كماله الإنْـسَـاني العظيم الذي تعشقه كُلُّ نفس سليمة في فطرتها، الرَّسُــوْل الحاضر دوماً في إيماننا وفي وعينا وفي صلاتنا وفي هدينا الذي نعودُ إليه، هَدَى من عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى، وفي مبادئنا وفي قيمنا، الرَّسُــوْلُ نستحضرُه اليوم في هذه المناسبة أملاً لخلاص البشرية كُلّ البشرية من كُلّ ما تعانيه؛ نتيجة هيمنة وطُغيان قوى الاستكبار والطاغوت التي ملأت العالم كله بشرها وفسادها وإجْــرَامها وطغيانها وسوئها وقُبحها، نتطلع إلَى الرَّسُــوْل صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَـى آلِــهِ في حركته بالرسالة، نتطلع إليه بما أحدثه من تغيير عظيم بمشروعه الإلَهي العظيم في واقع العالم آنذاك ابتداءً من المنطقة العربية، ذلكم المشروع العظيم الذي كان به خلاصُ البشرية، فالرَّسُــوْل صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَـى آلِــهِ وهو خاتمُ النبيين وتمامُ عدة المرسلين يحمل كُلَّ إرث الأنبياء، وفي حركته وفي ذاته هو فيما حمله من قيم وأَخْلَاق قدّم للبشرية في مرحلتها الأخيرة كُلّ خلاصة الماضي فيما أودعه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى لأنبيائه ورُسُله وللبشرية في جميع مراحل التَأريخ من هدىً ونورٍ وقيم وأَخْلَاق وتعاليم يترتب عليها سموُّ البشرية وكرامتها وعزتُها وسعادتها وتضمن الحلول لكل مشاكلها وتضمن لها المسير في الاتجاه الصحيح في الصراط المستقيم نحو الله ونحو ما يرضي الله، وفي استخلافها على الأَرْض بما يعمر هذه الحياة وبالعدل وبالحق ولسعادة الدنيا ولسعادة الآخرة أيْـضاً، الرَّسُــوْلُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَـى آلِــهِ بعثه الله والعالَمُ آنذاك في واقع مظلم في جاهليته الأولى التي تتشابه إلَى حَــدٍّ كبير مع جاهلية اليوم، تلك الجاهليةُ التي كان عليها الواقع على مستوى المنطقة العربية وعلى مستوى بقية العالَم بات مُفَرَّغاً من القيم الإنْـسَـانية وَالأَخْلَاقية باتت حالةُ الضلال والتيه التي يعيشها الإنْـسَـان في شتى أرجاء المعمورة آنذاك هي المسيطرة، بات الإنْـسَـانُ يفتقر كُلّ الافتقار إلَى ما يحقّقُ إنْـسَـانيته كإنْـسَـان إلَى ما يستنقذُه من حالة التِّيه والانحطاط والضياع التي يعيشُها في واقع الحياة، بات مفتقِراً ومتعطشاً إلَى القيَم الفطرية التي بها كرامته كإنْـسَـان وتَمَيُّزه كإنْـسَـان وسعادته كإنْـسَـان في هذا الوجود، ولذلك كان الواقعُ العربي أولاً كما قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى: “وإن كانوا من قبلُ لَفي ضلالٍ مبين”، ذلك الضَـلَالُ المبينُ يتمثل فيما كان عليه العربُ من الاعتماد على الخُرافة وعلى الجهل وعلى الشرك وعلى الكُفر وعلى الوَثَنية وعلى التوحُّش، مظاهرُ ذلك الضَـلَالِ كانت في أن الواقعَ الذي كان يعيشُه العربُ كله واقعُ ضياعٍ لا كيان يجمعُهم، لا هدف، لا مَشروع، لا رسالة، لا قضية، سوى أمة متفرقة متبعثرة متناحرة ليس لها أيُّ مشروع مُهم في هذه الحياة، تعيشُ في واقعها العِداءَ الشديدَ والنهبَ والسلب والتخلُّف والجهل بكل أشكاله، ولذلك كانوا يستندون إلَى الخُرافة عقيدةً، وأي ضَـلَالٍ للإنْـسَـان حينما يجعلُ من الخُرافة عقيدةً، فعبدوا الأصنامَ وأشركوا بها مع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى وجعلوا من الأحجار التي كانوا هُم يقومون بنحتها أَوْ بشرائها أَوْ ببيعها جعلوا منها آلهةً مع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى، اعتقدوا فيها النفعَ وَالضرَّ وتعبّدوا لها وتوجهوا إليها كشريكة، أشركوها مع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى، كذلك كانوا في واقعهم العام بعيدين عن الواقع الإنْـسَـاني على مستوى فظيع من التوحُّش، لدرجة أن البعضَ منهم لم يكن أبداً ليتحاشى من أن يقومَ بقتل ابنه إذَا وُلد له مولودٌ وهو يعيشُ ظروفاً صعبةً أَوْ فقراً، فيقتُلُ ابنَه خشيةَ الإملاق، إما على ابنه أَوْ من واقعه الذي يعيشه كظرف اقتصادي صعب، كما قال الله ُسُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى، (وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ)، كذلك قال لهم (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ)، وهَكذا كان العربي الذي ينظر إلَى واقع الحياة من حوله نظرةً سخيفةً تعتمدُ الخرافة ونظرة زائفة لا تستند إلَى الحقيقة ولا إلَى الوعي، كان متخبطاً في واقع الحياة، بهذه النظرة يتعاطى مع كُلّ ما حوله، ينظر إلَى المرأة نظرة احتقار بالغة، ينظر لها إلَى أنها مجرد سوأة وعار، فكان أحدهم كما حكى القُــرْآن الكريم، (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ، يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ)، يقتل ابنته وهي طفلة وهي في منتهى الصغر في مقام يستجلب من الإنْـسَـان ويكسب من الإنْـسَـان عاطفتَه ومحبته، (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ)، يَأكُل الميتة، يتناحر الجميع على أتفه الأسباب وأبسط المسائل، فيقتتلون عشرات السنين، ليس لهم هدف في الحياة ولا مشروع في الحياة، كُلّ واقعهم عبارة عن ضياع بكل ما تعنيه الكلمة، أما الواقع من حولهم فهناك امبراطوريات قائمة ولكنها متوحشة لا روح لها ولا قيم ولا أَخْلَاق ولا عدل تقتتل، واقع عالمي أشبه ما يكون بواقع الغابة، كُلّ اهتمامات الناس منصبَّةٌ إلَى أن يأكُلُ بعضُهم بعضاً وأن يقتل بعضهم بعضاً وأن ينهب بعضهم بعضاً وأن يضطهد القويُّ الضعيفَ وهَكذا كان، لكن عندما أتى الرَّسُــوْلُ مُحَمَّــدٌ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وعلى الله برسالة الله الخاتمة بمبادئها العظيمة غيّرت كُلّ هذا الواقع ابتداءً بالواقع العربي نفسه.

ذلك العربي الجاهل البدوي المتخلف الذي يركَعُ ويسجد للحجر التي نحتها أَوْ اشترها والذي يقتل ابنته ويئدها وهي طفلة والذي لا يعيشُ الرحمةَ في وجدانه ولا كيانه والذي يحمل الخُرافة تجاه واقعه، والواقع من حوله بعيدٌ عن الحقيقة، والذي ليس له هدف ولا مشروع في هذه الحياة.. بفعل الإسْــلَام وبفعل مبادئ الإسْــلَام وبفعل نور الإسْــلَام وبفعل حركة نبي الإسْــلَام تحوَّل إلَى عربي آخر، إلَى عربي راقٍ مؤمنٍ موحّد لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى يحمل القيم ويترفَّع عن سفاسف الأمور يحمل رسالة الخير وإرادةَ الخير، ويتَحَـرّكُ لإقامة الحق والعدل.. الأُمَّــة المبعثرة المتفرقة المتناحرة المقتتلة المتهالكة على عقال بعير أَوْ على قليل من الغنم أَوْ على قليل من الأَرْض أَوْ أية اعتبارات أُخْــرَى، تحوَّلت إلَى أمة موحدة تجتمع كلمتُها على أشرف رسالة، على أعظم مبدأ على أشرف قيم، على أزكى أَخْلَاق، وتَحَـرّكت بعد صراع مرير، وبعد جهود كبيرة من خلالها تغيَّر هذا الواقع، لم يكن بالشيء السهل ولا بالشيء البسيط الذي تمكّن به الرَّسُــوْلُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَـى آلِــهِ من تغيير هذا الواقع، تَحَـرّك يبلّغُ رسالات منذراً ومبشراً وهادياً وصابراً على الناس ومحتسباً في ذلك، بكتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى، بآيات الله البينات حتى غيّر هذه النظرة، هذه الروحية، هذا التفكير السطحي والساذج الذي كان يحكُمُ الإنْـسَـان آنذاك، فكانت حركة النبي صلوات الله وَعَلَـى آلِــهِ متجهةً إلَى هذا الإنْـسَـان الجاهل الغبي المتخلف لتغيير فكره لتغيير نظرته الساذجة لتزكية نفسه لتزكية روحه لتعديل وتقويم سلوكه، بالأخذ بيده نحو معارج الكمال الإنْـسَـاني، فلذلك قال اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى الذي بفضله وبرحمته بالبشرية جمعاء وبرحمته بالبيئة الأولى لهذا الدين بالمنطقة العربية، هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)، تلك الأُمَّــة التي لم تكن ترتبط لا بكتاب من كتب الله ولا بهدى من هدى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى، يتلوا عليهم آياته ويزكيهم، وعِمادُ استقامة الإنْـسَـان في الحياة وصلاحه في الحياة ونفعه في الحياة وعلاج مشاكل كُلّ الحياة التي هي منشأها الإنْـسَـانُ وعلى يد الإنْـسَـان، زكاءُ الإنْـسَـان، زكاء نفسه إلَى تدنست النفسُ الإنْـسَـانية، فتتحول إلَى منبعٍ للشر، وتكونُ هي منشأ كُلّ المشاكل في هذا العالم، (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)، فتتحول إلَى أمة الكتاب التي تتغير كُلّ ما لديها من رؤى سخيفة وأفكار ظالمة ومنحرفة إلَى رؤى منشأها هدى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى منشأها كتاب الله؛ لتكون أمة الكتاب أمة القُــرْآن التي ترى بنور القُــرْآن، تقيّم الأشياء من خلال القُــرْآن، نظرتها إلَى الواقع من حولها، إلَى الأحداث من حولها من خلال القُــرْآن، وتحمل رسالة القُــرْآن وهدى القُــرْآن وأَخْلَاق القُــرْآن، ويعلمهم الكتابَ والحكمة؛ لتكون الأُمَّــة الحكيمة تحمل الحكمة رؤيةً وتحمل الحكمة سلوكاً، وتحمل الحكمة مواقف، وتتَحَـرّك على أَسَــاس من الحكمة، أمة متزنة في تصرفاتها، حكيمة قائمة على أسس صحيحة.

أية نقلة من ذلك الواقع المظلم الذي كان يعيشه العرب، لا حكمة ولا زكاء ولا هدى ولا مشروع إلَى أمة بين يديها الحكمة التي قدّمها رَسُــوْل الإسْــلَام من خلال القُــرْآن، من خلال تلك التعاليم العظيمة، الحكمة في السلوك، الحكمة في التصرفات، الحكمة في المواقف، الحكمة في القول والحكمة في الفعل، هكذا أكرم الله هذه الأُمَّــة بهذه الكرامة العظيم بهذا الهدى العظيم، وإن كانوا من قبل لفي ضَـلَالٍ مبين، لا حكمة ولا زكاة ولا نور، تخلف وانحطاط في كُلّ واقع الحياة، يأكلون الميتة، في واقعهم الحياتي يعيشون بؤساً فضيعاً جداً، وتناحراً، (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) لكل الأجيال اللاحقة هدىً باقٍ في أوساط الأُمَّــة، فالقُــرْآن باقٍ في أوساط الأُمَّــة والرسول صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَـى آلِــهِ أسوةٌ باقية من موقع الأسوة من موقع الهداية، فيما تركه فيما قدمه من هدى فيما قدمها من تعاليم، فيما عُرف من سيرته صَلَــوَاتُ اللهِ وَسَلَامُـهُ عَلَيْـهِ وَعَلَـى آلِــهِ، (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)، وما أعظَم قيم هذا الدين.

مشكلتُنا اليوم أيها الإخوة الأعزاء، مشكلة الكثير من أَبْـنَـاء الأُمَّــة وجماهير الأُمَّــة أن نظرتَهم إلَى الإسْــلَام وإلى رسالة الإسْــلَام وإلى الرَّسُــوْل صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَـى آلِــهِ نظرةٌ ناقصة ينقصها الكثير والكثير، السائد اليوم في الذهنية العامة أن الإسْــلَام هو مجرد تلك الطقوس فقط، وأمة الإسْــلَام هي تلك الأُمَّــة التي بقي لها من إسْــلَامها صلاة وصوم وزكاة وحج وشيء يسير من هامش هذا الإسْــلَام من هنا أَوْ هناك، بينما غُيِّبَ من واقع الإسْــلَام أَسَــاسياتٌ هي التي تُعطي قيمةً حتى للصلات وفاعلية للزكات وفاعلية للمسجد وقيمة لما بقي، فحينما أضيعت من واقع الأُمَّــة تلك الأَسَــاسيات بقي لها إسْــلَامٌ لا طعم لها لا روح له لا أثر له لا نفع له لا يحق حقاً لا يبطل باطلاً، لا نرى أثرَه في الكثير من أَبْـنَـاء الإسْــلَام من أَبْـنَـاء هذا الدين من أوساط هذه الأُمَّــة، لا نرى لها أثراً في زكاء النفوس ولا في القيم ولا في الأَخْلَاق، إسْــلَامٌ جُرِّدَ من العدل، والعدلُ من أَسَــاسيات الإسْــلَام، وما الذي حل بديلاً عنه؟، هو الظلم، فكان واقعُ هذه الأُمَّــة للأسف الشديد مليئاً بالظلم والتظالم.

واليوم كُلٌّ يشكو مما يعانيه من الظلم من أَبْـنَـاء الأُمَّــة وعلى يد من هم محسوبون على أنهم من الأُمَّــة، ثم نأتي إلَى زكاء النفوس نجد ظاهرة التوحش اليوم في واقعنا الذي هو فعلاً جاهلية أُخْــرَى تحدث عنها الرَّسُــوْلُ فيما سبق حينما قال: بُعثت بين جاهليتين أُخراهما شرٌّ من أولاهما”؛ لِأَن هذه الجاهلية فيما يمتلكُه قادتها وفيما يمتلكه رجالها وفيما تمتلكه جيوشُها وفيما يمتلكه أربابها وأصحابها هي أسوأ وأكثر خطورةً وضراً وشراً على البشرية مما كانت الجاهلية الأولى، الجاهلية الأولى لم يكن الجاهليون فيها يمتلكون من الإمْكَانات العسكرية والإعْــلَامية وغيرها مثل ما هو قائم في واقعنا اليوم، اليوم المسألة بشكل كبير جد خطيرة ووصل سوؤها إلَى حدٍّ فضيع، ومعانات البشرية من ويلاتها وكوارثها ومآسيها على نحوٍّ لا يخفى على أحد، في جاهلية اليوم نرى التوحش الذي كان في جاهلية الأمس قبل مبعث نبي الإسْــلَام مُحَمَّــد صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَـى آلِــهِ، نرى اليوم الأطفال والنساء، والإنْـسَـان رجلاً أَوْ امرأةً، كبيراً أَوْ صغيراً، شاباً أَوْ شيخاً لا قيمة لحياته، يقتل الآلاف بكل بساطة، إذَا كان العربي في الماضي بمُديته أَوْ بسيفه أو بخنجره يقتل، فجاهلية اليوم تمتلك أعتى وأفتك أَنْوَاع الأسلحة التي تتمكن من خلالها من تنفيذ الإبادة الجماعية والقتل الجماعي للآلاف من الأطفال والنساء، وللإنْـسَـان القُدرة على أن يخمنَ أَوْ يقدرَ الأرقام من قتلى البشرية من ويلات جاهلية اليوم بالملايين، أطفالاً ورجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، نتيجة إمْكَانات جاهلية اليوم، جاهلي اليوم أَمريكي أَوْ إسرائيلي، سعودي أَوْ إمَارَاتي أَوْ غيره، جاهلي اليوم بوحشيته بتجرُّده من الإنْـسَـانية يستخدم الطائرات، يستخدمُ القنابل المحرمة والأسلحة المحرمة دولياً، يستخدم افتك أَنْوَاع الأسلحة؛ ليقتل الآلاف والآلاف من الأطفال والنساء بطريقة وحشية بشعة، لا تستطيع إلَّا أن تقولَ إن الذي يفعل ذلك متجرد من كُلّ الشعور الإنْـسَـاني، يعيش تَمَــاماً الحالة الغريزية التي يعيشها أيُّ وحش أي حيوان متوحش، لا فرقَ بينه وبينه، بل هم أضل بل حتى من الحيوانات، قد ترحم تلك الحيوانات ما لا ترحمه تلك الوحوشُ البشرية.

الإسْــلَامُ هو دينُ القيم دين الأَخْلَاق (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، واليوم أين هو العدل وأين هو الاحسان أين هي قيم العطاء والبذل، في المقابل الذي نراه سائداً في واقع القوى المتجبرة والمتمكنة، حتى المحسوبة منها على الإسْــلَام في هذه الأنظمة التي تتظاهرُ بالتدين السائد والمنكر وهو البغيُ بأقسى وأبشع أشكاله، البغيُ في التعدي على الشعوب، في قتل الناس، في الانتهاك للحرمات، في الاستهانة بالدماء واسترخاص إزهاق أرواح الناس.

الإسْــلَامُ الذي هو منظومة من القيم التي تربط بين البشرية وتحسسها بأنها أسرة واحدة من نفس واحدة، اليوم يتَحَـرّك البعض حتى ممن هم محسوبون على هذا الإسْــلَام بعكسِ هذا تَمَــاماً، في الإسْــلَام يقول الله في قرآنه يقول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً)، يقول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى (يا أيها الناس) خطابٌ للبشرية كلها، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، هذا هو الإسْــلَام الذي يؤسس للروابط الإنْـسَـانية بين المجتمع البشري بكله ويقدم للمجتمع البشري من المبادئ والقيم والأَخْلَاق ما يكفل له ويحقق له أن يعيشَ هذا الشعور الأخوي الأسرى، أن يعيش التضامن، أن يعيش التعاون، أن يعيش التفاهم، أن يعيش المواساة، أن يعيش التعاضد، بدلاً عن التظالم والتناحر والاستهداف، على ما هو قائم اليوم في واقع البشرية، الإسْــلَام بهديه العظيم والمبارك الذي يعطي الإنْـسَـان رؤية ونوراً وبصيرة تجاه الواقع بكله، فلا يعيش أعمى ولا يعيش قابلاً للخداع والتضليل وساذجاً في تفكيره يتمكن أي ضال أَوْ أي مضلل بالأسلوب الإعْــلَامي أَوْ بالأسلوب الثقافي أَوْ بالأسلوب الفكري من أن يجره إلَى المتاهات.. القُــرْآن الكريم يعطيه أعلى مستوى من الوعي، قال اللهُ عنه (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) إلَى النور وهكذا هو الإسْــلَام العظيم الذي يحول الأُمَّــة إلَى أمة لها رسالة تنشد الحقَّ تسعى إلَى الخير، وتحمل إرَادَة الخير وتسعى لنشر الخير في العالم أجمع وإحقاق الحق وإقامة العدل، الإسْــلَام الذي هو دينُ ألفة وَإخاء وتعامل وتفاهم، يقول الله فيه (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، يقول الله فيه (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) يقول الله فيه (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ)، هذا الإسْــلَام العظيم الذي أثمر في الواقع، تجربة معطاءة عظيمة مشروع واقعي كانت تجربةً الواقعية وحضروه الفعلي في واقع الناس ولمس تغييره، لم يكن مجرد مشروع مثالي، ليبقى مجرد نظرية تقال أَوْ تدرس فقط، لا، نزل إلَى الواقع على يد الرَّسُــوْل مُحَمَّــد صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَـى آلِــهِ، ولمست عظمة هذا الإنْـسَـان وغيّرَ الواقعَ تَمَــاماً ومثّلَ فعلاً أرقى مرحلة في تَأريخ البشرية فيما عُرف عن تَأريخها، في كُلّ ما عُرف عن تَأريخ البشرية، وأرقى واقع هو ذلك الواقع الذي صنعه الإسْــلَام فعلاً في المنطقة العربية وامتدت آثاره إلَى كُلّ أرجاء المعمورة بفعل حركة النبي مُحَمَّــد صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَـى آلِــهِ بتلك القيم بتلك المبادئ بتلك الأَخْلَاق بتلك التعاليم، وهذا ما يجبُ أن نعيَه جيداً، ثم بعد الانحراف عن تلك القيم عن تلك الأَخْلَاق عن تلك التعاليم، عن ذلك الهدى، والاقتصار على شكليات وليست حتى في مستوها النقي، تطوّع لخدمة الجائرين والمستكبرين، أصبحت المساجد تُطوَّعُ لخدمتهم أصبحت الجبايات المالية تُطوَّع لمصلحتهم، وهكذا أصبحت بقية الهامشيات، باستثناء الأوساط التي تستمر في اتجاهها الصحيح كأوساط الأُمَّــة، ولكن نتائج الانحرَاف في واقع الأُمَّــة ملموس وكارثي ومأساويي جداً، فالدين الإسْــلَامي الذي جلب للأمة الحرية وأراد للبشرية كلها أن تكونَ حرة، عندما غاب عنه هذا المبدأ ما هو واقعنا اليوم نحن المسلمين، تأتي قوى العالم المتجبرَة المستكبرة، وفي طليعتها أَمريكا ومعها إسرائيل، ويأتي البعضُ من داخل المسلمين من العملاء والخونة والمجرمين المنقلبين على مبادئ الإسْــلَام العظيمة والطاعنين لأمتهم في الظهر، ياتون من جديد لاستعباد الأُمَّــة.. المشكلة التي تعاني منها اليوم أمتنا هي مشكلة الاستعباد الذي يريدُه الأَمريكي والإسرائيلي بأمتنا، هو الاستعباد لأمتنا والتحكم في كُلّ شيء في واقع أمتنا، وهذا هو الاستعباد، أن يفرضَ عليكم ثقافتَه وسياسته، أن يتحكمَ بك في كُلّ شأنك، لا تفعل إلَّا ما يريد ولا تتَحَـرّك إلَّا بما يريد، وأن يحكم حياتك، أن يحكم واقعك، أن يتحكم بكل شأنك، هذا هو الاستعباد، وديننا هو دينُ الحرية الذي تعلمنا فيه ونتعلم منه أن لا نقبل أبداً بأن نُستعبد لأحد وأن لا نكونَ عبيداً إلَّا لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى، ديننا هو الذي علمنا الله فيه وقال في قرآنه (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ)، الإسْــلَام يعلّمنا كمسلمين أن لا نتجه نحن لاستعباد أحد وأن لا نستعبد بعضنا البعض وأن لا نقبل من أحد من البشرية أن يستعبدنا؛ لِأَن الله لم يريد لأحد أن يتخذ العبادَ أرباباً، أن يجعل من العباد عبيداً له، وَأن يجعل من نفسه رباً لهم، حتى الملائكة ليس لها ذلك، وحتى الأنبياء ليس لهم ذلك، فما بالك بالمجرمين والمتوحشين والقوى الانتهازية والطامعة والمتجربة.

مأساةُ الأُمَّــة أن يأتي إليها أشرُّ خلق الله أسوأ عباد الله، قوى طاغية متجبرة ظلومة متوحشة لا أَخْلَاق لها ولا قيم ولا تُعطي أي اعتبار ولا مكانة للبشرية ولا لحقوق البشرية فتستعبدها قهراً وتستعبدها إذلالاً وهواناً وظلماً.

إن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى حينما وجّه عباده لطاعته وعبادته إنما يفيضُ عليهم من رحمته ويفيض عليهم من كرمه، إنما يمنحهم من عزته، أما أولئك فهم بطغيانهم وإجْــرَامهم ووحشيتهم ولا إنْـسَـانيتهم وخلوهم من كُلّ القيم من كُلّ الأَخْلَاق من كُلّ المعاني النبيلة والشريفة هم يستعبدون الناس بالإذلال بالاضطهاد بالظلم بالإفساد بالهوان، وهذا ما لا يجوز ولا يمكن القبول به نهائياً.. الأُمَّــة التي كان قد صنع منها الإسْــلَام بمنظومته المتكاملة أمة واحدة اليوم متفرقة، وتستمرُّ عملية التفريق والتجزئية والبعثرة، وتلقى ساحةً قابلة ومهيئة، فينجر الكثير من المحسوبين على الأُمَّــة، ينجر بكل بساطة إلَى تلك العناوين التي تسوَّق وتشغَّل وتفعّل لتفرقة وتجزئة الأُمَّــة وإثارة العداوة والبغضاء بين أوساط الأُمَّــة، العداءات وفقاً للعناوين الطائفية والمذهبية، تلقي تجاوباً بين أوساط الأُمَّــة، ينجر الآلاف والآلاف من أوساط الأُمَّــة فيحملون العداوة والبغضاء وإرَادَة الشر والحقد وَالكراهية ويتَحَـرّكون ليقتلوا أَوْ ليدمّروا أَوْ ليأذوا الكثيرَ من أَبْـنَـاء الإسْــلَام تحت عناوين طائفية أَوْ مذهبية عناوين، تفرقة على المستوى المناطقي تلقى تجاوباً، فيأتي البعض ممن يحمل اسم إسْــلَام وينتمي إلَى الإسْــلَام وهو يجهل مبادئ هذا الإسْــلَام وقيم هذا الإسْــلَام وهو مُفرَغ مِن أثر تلك المبادئ العظيمة بالإسْــلَام في نفسه وبحقد مناطقي يتخذ موقفاً من أخيه المسلم؛ لِأَنه من تلك المنطقة، أنا من منطقة كذا فاكره الذي من منطقة كذا، وأريد أن أقتل الذي من منطقة كذا ولا أريد أن أقبل به، أي انحطاط؟، أي تخلف؟، أية مأساة هذه التي وصلت إليها هذه الأُمَّــة، الله يقول (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُو) اليوم توظّف حالة الانتماءات هذه الانتماءات المناطقية التي هي للتعارُف للتحارب للتقاتل للتباغض للكراهية للعداوات والبغضاء.

وهكذا نلحظ أن واقعَ الأُمَّــة مأساوي وأن أبرز مشاكل الأُمَّــة اليوم تتخلص في ثلاث إشكالات، كلها نتيجة انحراف عن أَسَــاسيات في هذا الدين، في هذه الرسالة، في نهج النبي مُحَمَّــد صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَـى آلِــهِ، أولها الاختلال الرهيب في الوعي، فبعد أن قدّم الإسْــلَام بقرآنه وتعاليم نبيه وإرشاداته ما يكفل الإنْـسَـان أن يكون على أرقى مستوى من الوعي والبصيرة والنور لا يحمل في فكره ولا في تصوراته لا سذاجات ولا مفاهيم مغلوطة ولا أفكاراً سطحية ومغلوطة ولا نظراتٍ غيرَ واقعية، وأن يكون على مستوىً عظيمٍ، محصناً لا يتأثر بخداع الآخرين ولا تضليل الآخرين بأي شكل كان دعاية إعْــلَامية، نشاط تثقيفي، فكري، أصبح المسلم اليوم في كثير من البلدان مجرَّداً من الوعي قابلاً للتأثير، ونجد مظاهرَ الاختلال الرهيب في الوعى بأشياء كثيرة اليوم، ألا يجد التيار التكفيري من أوساط الأُمَّــة الكثير من الناس الذين ينخدعون له يتأثرون به، ويستغلهم لدرجة أنه يدفع بالكثير ليفجّروا أنفسهم ويقتلوا أنفسَهم؟!.

هذه السذاجة هذا الغباء هذا الفراغ التام من عملية الوعي والتحصن الفكري والثقافي يجعل البعضَ ضحيةً إلَى هذه الدرجة إلَى أن ينجر ليكون أداةً بيد التكفيرين، وقد يذهب ويفجّر نفسه ويقتل الكثير من الأطفال وَالنساء ويستهدف تجمعاتٍ بشرية متنوعة، هذه القابلية للتكفيريين التي جرّت معهم وتجر يومياً العدد الكبير من الناس في مجتمعنا الإسْــلَامي هي تدل بكل وضوح على اختلال رهيب في الوعي، الانسياق وراء أَعْـدَاء الأُمَّــة، الانسياق وراء أَمريكا، الانسياق وراء إسرائيل، الميل نحو أَعْـدَاء الأُمَّــة، الانخداع بشعاراتهم وعناوينهم التي يرفعونها، حينما يأتي الأَمريكي بكل ضغائنه الواضحُ بكل شره الذي ملأ الدنيا ليتحدّثَ عن حقوق إنْـسَـان أَوْ ليتحدث عن ديمقراطية أَوْ ليتحدث عن حرية ثم ينخدع البعضُ به ويتأثر بكلامه ويصدِّقه أَوْ يصدق إسرائيل أنها تريد السلام وتنشد السلام أَوْ غير ذلك، هذا من مظاهر الاختلال الرهيب في الوعي في وَاقع الأُمَّــة عندَما نلحظ أن هناك في واقع الأُمَّــة جماهيرَ واسعة وأعداد كبيرة في حالة من الجمود أمام كُلّ هذا الواقع المأساوي، والكل يشهد بأن هذا واقع مأساوي وكارثي وضار بالأُمَّــة وأنه يُفترض أن تسعى الأُمَّــة للتغيير وللخروج منه، فترى الكثير الكثير في حالة من الجمود ينتظرون المجهول وينتَظرون الواقعَ ليتغير من تلقاء نفسه، هذا الشاهد من شواهد الاختلال الرهيب في الوعي.

الإشكاليةُ الثانية اختلالٌ كبير في القيم وَالأَخْلَاق، وهذا ملحوظ بشكل كبير في وَاقع الأُمَّــة، لا تجد اليوم الفرق بين الكثير ممن ينتمي للإسْــلَام وبينَ غيره من أي أمم أُخْــرَى، انعدام لكل القيم والأَخْلَاق، توحش، إجْــرَام بشكل بشع جداً جداً، الحالة التي نشاهدها لدى التكفيرين ولدى آخرين ممن يفتكون اليوم بالأُمَّــة ويظلمون الأُمَّــة ويقهرون الأُمَّــة هل تجد فارقٌ بينما عليه النظام السعودي وبين إسرائيل أَوْ بين أمريكا أَوْ بين أية فئة متوحشة في هذه الأَرْض؟، مع أن هؤلاء ينتمون للإسْــلَام!!، أين هي قيم الإسْــلَام؟، هل تجد لها أثراً في أفعالهم في اليمن وفي أفعالهم وَمؤامراتهم الفظيعة الرهيبة المدمرة في بقية شعوب المنطقة، هذا الاختلال الرهيب في القيم والأَخْلَاق هو نتيجة انحراف عن رسالة الإسْــلَام وقيم الإسْــلَام، بكلّ بساطة يقتلون الناس، يظلمون الناس، ينهبون ثروة الأُمَّــة، يحتلون الأَرْض، ينتهكون العرض، يهتكون الكرامات، تجاوزون الحرمات، لا حدود ولا قيود ولا التزامات واعتبارات، يتصرفون كما لو لم يكن لهم أيُّ ارتباط لهذا الدين ولا أي انتماء إليه، وهذه حالة سائدة بشكل عجيب، عندما تجد الكثير من الناس يبيعُ نفسَه بمال، يفعل أي شيء مهما كان إجْــرَامياً أَوْ وحشياً مقابل أن يحصل على المال من أجل المال، يبيع نفسه، يبيع وطنه، يبيع شعبه، يبيع أمته، يبيع قيمه، يبيع إنْـسَـانيته، يبيع أَخْلَاقه لماذا؛ لِأَنهم سيعطونه بعضاً من المال، وهذا المال هو مما نهبوه عليه وأخذوه عليه، هذا اختلال رهيب في القيم والأَخْلَاق، ولنا أن نتصور كم ينشأ من خلال ذلك من مشاكلَ ومآسيَ في واقع الأُمَّــة.

ثم الإشكالية الثالثة الكبيرة غيابُ المشروع الحقيقي للأمة، فهذا هو منشأ كُلّ مشاكل الأُمَّــة كُلّ مشاكل الأُمَّــة لها منشأ يعود إلَى ثلاثة أسباب الاختلال الرهيب في الوعي والاختلال الرهيب في القيم والأَخْلَاق وغياب المشروع الحقيقي للأمة، والحلول والبدائل هي لأَعْـدَاء هذه الأُمَّــة، يُفترض أن لها رسالةً وَمشروعاً وَهدفاً تبني واقعها؛ لتكون أمة عظيمة قوية، تقدم النموذج العالمي كأمة حضارية راقية واقعها قائم على الأَخْلَاق وعلى القيم وَعلى العدل وتنشر الحق والخير إلَى أرجاء العالم، وتتميز بوعيها بالدور الاستخلافي للإنْـسَـان في الأَرْض، كيف يعمر الأَرْض ويعمر الحياة ويبني الحياة على أَسَــاس من القيَم على أَسَــاس من المبادئ العظيمة؛ بهدف مقدس يسيرُ نحو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى، وحينما غاب المشروع الحقيقي للأمة حلّت بدائل عنه هي مشاريعُ الأَعْـدَاء وهي مؤامراتهم، لم تبق الأُمَّــةُ هَكذا مجرد حالة فراغ، اليوم تتَحَـرّك مشاريع الأَعْـدَاء في الأُمَّــة وَتستهدفها بالدرجة الأولى، مشاريع تتَحَـرّك في أوساط الأُمَّــة لصالح أَعْـدَاء الأُمَّــة، البعثرة والتفكيك اليوم مشروع رئيسي للأَعْـدَاء، يتَحَـرّكُ في داخل الأُمَّــة على أيدي محسوبين على هذه الأُمَّــة، أنظمة كالنظام السعودي الجائر المستكبر الغبي الجاهل المسيء إلَى السلام والى رسالة الإسْــلَام والى نبي الإسْــلَام، وَالجماعات التي انتجها وفرّخها وصنعها مع الغرب مع أَمريكا ومع إسرائيل في وَاقع هذه الأمة في داخل هذه الأُمَّــة في أوساط هذه الأُمَّــة، البعثرة والتفكيك لهذه الأُمَّــة إلَى أسوأ حال، ثم نجد أن السعي كُلّ السعي من كُلّ هؤلاء الذين هم صنيعة العدو في داخل الأُمَّــة ويد للعدو في داخل الأُمَّــة كُلّ جُهدهم ينصبُّ في فرض تبعية عمياء وغبية لتطويع الأُمَّــة لعدائها وتسخيرها بكل ما تملك لصالح أَعْـدَائها، اليوم يراد للأمة أن تتفكك حتى لا يبقى لها أي كيان، بعثرة وتجزئة، مناطقية مذهبية، العراق اليوم يفكك، اليمن يراد له أن يفكك، يراد لكل المنطقة أن تُبعثر، وبعد عملية التفتيت وحينما لا يبقى أي كيان للأمة تكون الأَرْضُ للعداء، تكون الأَرْض للأَمريكي وللإسرائيلي ولمَن معهم، يكون الإنْـسَـان العربي ما بقي منه مطوعاً لصالح الأَعْـدَاء لتُقاتِلَ به أَمريكا أيَّ عدو لها في أي قطر من أقطار العالم، سواءٌ ضد الصين أَوْ ضد روسيا أَوْ ضد أية قوى منافسة لها في العالم، ويراد للثروة العربية أن تكون حكراً للعداء وأن تفلس الأُمَّــة، هكذا بدلاً عن أن تكون الأُمَّــة أمةً لها مشروع أصيل مستقل، ولن يكون لها مشروع أصيل، تعيش فيه واقع التبعية لأعدائها، يستحيل هذا، يستحيل أن يكون لها مشروعها الأصيل وتعيش واقعَ التبعية لأَعْـدَائها كما يفعل النظام السعودي الذي يتمظهر بالإسْــلَام وبطقوس من الإسْــلَام، ثم ينجر في سياسَاته وتوجُّهاته وَمواقفه 100% في أثر ما يريدُه الأَعْـدَاء وفي أثر الأَعْـدَاء.

الواقع اليوم مأساوي لدرجة أن عدو الأُمَّــة أَمريكا وَإسرائيل تحارب الشرفاء والأحرار وتسحق الأُمَّــة بدون أية تكلفة، بل بربح، تسخر من داخل الأُمَّــة أولئك الأغبياء الذين انقلبوا على أمتهم وعلى مبادئ دينهم وأَخْلَاقهم وقيم رسالة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى، تشغلهم هم لضرب الأُمَّــة وتتَحَـرّك معهم بمقابل، أَمريكا اليوم تحارب في اليمن ولكن مقابل أن تكسب حتى المال وحتى قيمة سلاحها الذي يُقتَلُ به اليمنيون كما في أية بقعة أُخْــرَى تفعل ذلك، السعودي اليوم والإمَارَاتي وغيرهم من داخل الأُمَّــة يتَحَـرّكون هُم جنوداً مجندةً لأَمريكا وَلإسرائيل خداماً طيعين مذعنين، يتفانون يبذلون كُلّ الجهد، يسخرون كُلّ الطاقات، يحشدون كُلّ الإمْكَانات، يبذلون كُلّ الجهود لتنفيذ مؤامرات أَمريكا وإسرائيل في المنطقة، وفي المقابل أيْـضاً يقدمون لأَمريكا فيما تفعله معهم لمصلحتِها هي، يقدمون لها المال حتى لا تخسر أي شيء ولا تقدم أَوْ تخسر دولاراً واحداً، تقدم لهم السلاح وتشارك معهم في قتل أَبْـنَـاء الأُمَّــة في اليمن وفي غيرِ اليمن، ولكن تكسب المال، كل ما قدمته تكسب مقابله مكاسب هنا أَوْ هناك مادية وسياسية، هذه مأساة.

إذَاً أمام كُلّ هذا الواقع بكل مشاكله وبمنشأ مشاكله التي نعاني منها نرى أنه لا بد أن يتجهَ كُلّ الأحرار وَالشرفاء والبقية الباقية في الأُمَّــة؛ لِأَنه لا يزال الخير قائماً في أوساط الأُمَّــة، وعلى امتداد تَأريخ الأُمَّــة بقي للحق صوته وبقي للدين أهله، وبقي للمبادئ والقيم من يحملها في كُلّ عصر وإن كانوا مضطهدين وَإن كانوا مظلومين، واليوم وبحمد الله تتسع هذه الدائرة في أوساط هذه الأُمَّــة وتزداد أعداد المتطلعين والناشدين للتغيير، والتغيير هو بالعودة إلَى تلك المبادئ والقيم، التغيير يبدأ من النفوس، ثقافي وفكري، تغيير كُلّ الآراء، تغيير كُلّ المفاهيم المغلوطة التي عمّمتها تلك الجهات الظالمة والطاغية، اليوم لا تحتاج إلَى أن تبحثَ لها عن تجربة وعن طريق للخَلاص، التجربة معروفة، ما هناك من سبيل للأمة إلَّا العودة إلَى هذه القيم إلَى الإسْــلَام منظومة متكاملة، ليس الإسْــلَام على النموذج السعودي الأَمريكي الإسرائيلي أبداً، الإسْــلَام بمنظومته المتكامِلة، الإسْــلَام بقيمه ومبادئه، الإسْــلَام بوعيه بنوره بهديه ببصيرته بعدله بقيمه بأَخْلَاقه بإنْـسَـانيته، الإسْــلَام الذي كان في وَاقع تطبيق مُحَمَّــد وتجربة مُحَمَّــد وحرَكة مُحَمَّــد رَسُــوْل الله صَلَــوَاتُ اللهِ وَسَلَامُـهُ عَلَيْـهِ وَعَلَـى آلِــهِ، الإسْــلَام الذي أثبت فعلياً نجاحَه مرتين: مرة يومَ طُبِّق تغيّر الواقع تَمَــاماً إلَى وَاقع عظيم متميز مختلف، ومرة يوم خولف وانحرف عن أَسَــاسياته، فرأينا الواقعَ سيئاً أسودَ مظلماً وقاتماً إلَى حد فظيع، أثبت نجاحَه في كلتا الحالتين.

اليوم الحلُّ للأمة والخيار للأمة أن تعود إلَى الإسْــلَام كمنظومة متكاملة إلَى هديه العظيم، إلَى القُــرْآن في ثقافته التي تقدِّمُ للأمة البصيرة والوعي، ولا يُفصل بين الأُمَّــة وبين ذلك الصورة المشوَّهة للدين التي قدمها التكفيريون؛ لِأَنه يكفي التكفيريين والقوى التي تحسب نفسَها على الإسْــلَام كالنظام السعودي يكفيهم ويكفي الناس عنهم أنهم في جبهة أَمريكا وظهروا علناً وبالوضوح حلفاءَ لإسرائيل، هم في جبهة أَعْـدَاء الأُمَّــة، ثم في والواقع، هناك وضوح، المسألة ليست خفيةً، بشاعة ما يعملون وسوءُ ما هم عليه وسوءُ أثرهم في الحياة وما نتج عنهم وعن أَعْــمَـالهم وعن سياساتهم وعن تصرفاتهم وعن ثقافاتهم، ما صدر عن ذلك ونتج عنه من آثار كارثية في واقع الحياة كافٍ في أن ندرك أنهم باطل الباطل وشر الشر وأسوأ السوء، لا ينبغي الانخداع بهم وَلا النظرة من خلالهم إلَى حقيقة الإسْــلَام وإلى حقيقة نوره وهُداه، ولا يُنتظر أيْـضاً أن يتجه الجميع أَوْ يصلح الجميع أَوْ يتَحَـرّك الجميعُ نحو التغيير، اليوم هناك الكثير من القوى المتطلعة للتغيير، القوى الساعية إلَى التحرُّر، القوى التي تدرك خطورة الواقع، فيها الخير وفيها البركَة، عندما تنشط عندما تطور أداءها عندما تتعاون أكثر عندما تفعّل هذه المسارات الثلاثة في إطار صُنع الوعي، أن تتسع دائرة الوعي، تعزيز القيم والأَخْلَاق في النفوس، العمل على الدفع بالأُمَّــة نحو مشروعها الحقيقي؛ لتكون أمة لها مشروع لها هدف لها رسالة لها دور في الحياة تسعى لتحقيقه، هنا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى سيكون إلَى جانب الأُمَّــة، هذه من أهم الدروس التي يمكن أن نستفيدَها في هذه الذكرى، ومع أنه ينبغي أن يكون هناك دَائماً في كُلّ المناسبات وعلى الدوام، في الدروس، في العمل التثقيفي، في العمل الفكري، في النشاط التوعوي دَائماً، تقديم الدروس من حركة النبي، عن حقيقة الإسْــلَام عن حقيقة قيمه، عن حقيقة مبادئه، عن حقيقة أَخْلَاقه، ما تحتاج إليه الأُمَّــة وهي تواجه كُلّ هذه التحديات؛ لِأَن من عظمةِ الإسْــلَام أنه قهر آنذاك كُلّ أَعْـدَائه الذين كانوا أَعْـدَاءً لقيمه ولمبادئه العظيمة وَالإنْـسَـانية وأَخْلَاقه الفطرية فتغلب على كُلِّ التحديات وواجه كُلّ التحديات.

في ختام هذه الكلمة نتحدَّثُ بالشأن المحلي عن بعض المواضيع:

أولاً: وشعبُنا اليمني يواجهُ العدوانَ الإجرامي الجاهل السعودي الأَمريكي الإسرائيلي الصهيوني، اليوم شعبنا اليمني العظيم يواصلُ معركتَه بكل عز بكل ثبات بكل صمود مستفيداً من رصيده القيَمي والأَخْلَاقي والمبدئي الذي يستمد به من الله عزماً ويستمد به عزاً ويستمد به صبراً، اليوم تجلَّى ما يريده المعتدون في بلادنا من خلال أشياءَ كثيرةٍ، وحشيتهم إجرامهم بشاعة ما عملوه بهذا الشعب، بحق هذا الشعب، كشفهم.. وأيضاً النموذج اليوم القائم والموجود في عدن وفي أبين وفي لحج يتضحُ من خلاله ماذا يريد هؤلاء “الشرعية” التي يأتي بها الأَمريكي والإسرائيلي والسعودي، عبدهم الطائع والخانع هي داعش والقاعدة التي أتوا بها إلَى عدن، هي الفوضى العارمة التي نشاهدها اليوم في الجنوب، هذا النموذج الموجود اليوم في الجنوب بحضور داعش والقاعدة وانعدَام الأمن والاستقرار، والفوضى السائدة والغالبة على كُلّ شيء، هذا هو النموذج الذي يريدونه في بلادنا لمرحلة؛ لِأَن الدورَ الذي يراد لداعش والقاعدة أن تؤديَه هو دورٌ مرحلي يشوّه الإسْــلَام ويسيء إلَى الإسْــلَام، ويمكّن للسيطرة الفعلية المباشرة المقبولة من الأَمريكيين والإسرائيليين.

إن أهم دور لداعش والقاعدة في منطقتنا العربية هو أن تقوض كُلّ الكيانات القائمة، أن تضربَ الأُمَّــة، أن تستنزف الأُمَّــة، أن تضعف الأُمَّــة، أن تكرّه الإسْــلَام لدى الأُمَّــة، وفي النهاية أن تهيئَ أرضية قابلة لأَمريكا وإسرائيل لاحتلالهم المباشر وسيطرتهم التامة وغلبتهم المطلقة كمنقذين مقبولين، هذا هو دورُ داعش والقاعدة وهذا ما يراد لها، ولذلك رأينا ما يريده أولئك في بلدنا.. بلاك ووتر الأَمريكية هي وجه أَمريكا وهي إرَادَة أَمريكا وهي مشروع أَمريكا مع داعش والقاعدة في اليمن وفي البلدان العربية، بلاك ووتر مافيا المخدرات والمتوحشون التكفيريون المجرمون هم ما تقوله أَمريكا عن الحُرية والديمقراطية وحقوق الإنْـسَـان، هذه هي حقوق الإنْـسَـان على الطريقة الأَمريكية، هذه هي الحرية على الطريقة الأَمريكية، هذه هي الديمقراطية التي تعدنا بها أَمريكا، ديمقراطية أَمريكا وحقوق الإنْـسَـان في قاموسها هي هذه، هي بلاك ووتر، هي الجانجويد المتوحشون المجرمون، مرتزقة المخدرات مافيا المخدرات المجرمون الذين يُطلقونهم من السجون ويأتون بهم من أقطار العالم ليقتلوا الناس؛ ليرتكبوا أبشع الجرائم بحق الناس؛ ليفقدوا الناس الأمن والاستقرار؛ لينهبوا الثورة ويحتلوا الأَرْض.

هذا هو إسْــلَامُ السعودية وديمقراطية أَمريكا، هذا هو النموذج للنظام السعودي المستبد المتفرعن الطاغية الإجرامي، وهو أيْـضاً الوجه الحقيقي لما تقوله أَمريكا، لا حرية أبداً ولا ديمقراطية بمفهومها الصحيح والحقيقي وتريدها أَمريكا للمنطقة، هل يمكن أن تكونَ أَمريكا وأن يكون مشروعها الحقيقي للديمقراطية في المنطقة وأكبر عبدٍ لها في المنطقة وخادم لها في المنطقة ومقربٍ منها في المنطقة ووليد غير شرعي لها في المنطقة هو النظام السعودي المستبد؟!، أين الديمقراطية وأين الحرية؟، نحن نعرف ما يحصل في السعودية من عقوبات الجلد والإعدامات على الفكر على الثقافة، على مقال يُكتب أَوْ كلمة تقال قد يحكم على الإنْـسَـان هناك بالإعدام!!، هؤلاء هم جماعة أَمريكا هم أَوْلَادها غير الشرعيين، هم تلامذتها هم أتباع نهجها، هم الذين يتَحَـرّكون لمصلحتها في الميدان.

إن من أهم ما نستفيده من حقيقة الأحداث، والأحداث تقدِّمُ الكثيرَ من الحقائق أنه في باب المندب في ضربة التوشكا في ضربة ذلك الصاروخ امتزج هناك الدمُ الأَمريكي وَالإسرائيلي والسعودي وكذلك الإمَارَاتي والداعشي والقاعدي، بلاك ووتر التي هي أداة أَمريكا جُند أَمريكا مرتزقة أَمريكا تعبّر عن حضور أَمريكا الفعلي وعن حُضور إسرائيل الفعلي، وقُتل إسرائيليون في باب المندب.

هناك كانوا جَميْعاً مجتمعين في خندق واحد في مشروع واحد في اتجاه واحد، قُتل منهم جَميْعاً وامتزج دمُهم جَميْعاً، واختلط ذلك الدم في الخندق الواحد والموقف الواحد، الدم الأَمريكي والدم الإسرائيلي والداعشي والسعودي؛ لِأَنهم جَميْعاً شيءٌ واحدٌ وتوجه واحد وكلهم لمشروع واحد، ثم واقع الخونة في الداخل وهو واقع مؤسف وأرهق البلد كَثيراً، حالة الاستقطاب والنشاط الكبير لشراء الذمم والولاءات إنما هو مأساة في المنطقة عموماً وكذلك في البلد يقدم خدمة كبيرة للأَعْـدَاء، وهو أهم عامل مساعد للأَعْـدَاء في كُلِّ التطورات التي حدثت في البلد، المشكلة أن الخوَنة طبع اللهُ على قلوبهم فهم لا يفقهون ولا يفهمون وإلا فصفقتهم خاسرة، هم أغبياء بكل ما تعنيه الكلمة؛ لِأَنهم باعوا أنفسهم وباعوا أوطانهم وباعوا إنْـسَـانيتهم وباعوا شعبهم وباعُوا شعبهم، وباعوا كرامتهم مقابل ماذا؟، مقابل قليل من المال، السعودي حينما يُعطي بتوجيه من الأَمريكي وَالإسرائيلي لشخص هنا أَوْ شخص هناك، لجماعة هنا أَوْ جماعة هناك قليلاً من المال فهو لا يُعطي تبرُّعاً ولا بفعل إرَادَة خير، إنما لِأَنه يعتبرُ كاسباً بأكثر مما أعطى، إذَا اشتراك وأعطاك المال فهو يعتبر أنه كسب الكثير الكثير وأعطاك القليل، إنه اشترى ثروتك التي هي أكثر بكثير مما أعطاك، اشترى نفسك وقيَمَك وأَخْلَاقك، فصفقة الخونة هي صفقة خاسرة، ما قدموه عظيمٌ وما حصلوا عليه قليل ويسير.

إننا في هذا اليوم العظيم وفي هذه الذكرى المقدَّسة والمجيدة والعزيزة نؤكد على جُملة من المواقف أولاً: نؤكد على موقفنا الثابت المبدئي والديني والإنْـسَـاني والأَخْلَاقي في التضامُن مع شعب فلسطين المظلوم وحقه في الحُريّة والاستقلال واستعادة كامل أرضه واستعادة مقدسات الأُمَّــة وعلى رأسها الأقصى الشريف، واعتبار العدو الإسرائيلي الغاصب لفلسطين عدواً لكل الأُمَّــة وخطراً على الأمن والاستقرار في العالم أجمع، واعتبار كُلّ أشكال التطبيع للعلاقات معه من كافة الأنظمةِ المحسوبة على المسلمين خيانةً ونفاقاً بكل ما تعنيه الكلمة، ووفق المصطلح القُــرْآني، وشراكة معه في كُلّ جرائمه :

ثانياً: ندعو شعوبَ أمتنا كافة إلَى اليقظة والتَحَـرّك الجاد والمسؤول تجاه المؤامرات الأَمريكية والإسرائيلية التي تستهدفُ الجميعَ بلا استثناء من خلال أدواتها العملية وأياديها الإجْــرَامية المتمثلة ببعض الحكومات، وفي مقدمتها النظام السعودي وَالجماعات التكفيرية التي تتَحَـرّك ضمن مشروع هدام وتدميري؛ بهدف تفكيك كُلّ مكونات الأُمَّــة والوصول بها إلَى الانهيار التام والخضوع المطلق لأَمريكا وإسرائيل وتشويه الإسْــلَام والرَّسُــوْل والقُــرْآن في المنطقة وفي أُورُوبا وفي سائر العالم.

ثالثاً: أدعو كُلَّ الأحرار والشرفاء في بلدنا العزيز المظلوم من كُلِّ فئات الشعب إلَى مواصَلة التَحَـرُّك الجادِّ المسؤول في التصدِّي للغُزاة والمعتدين والاستنهاض المستمرّ في أوساط الشعب لدعم الخيارات الاستراتيجية وتحرير كُلِّ شبر محتل من البلد، بالتوكل على الله تعالى وبالعمل والجهاد والتضحية في سبيله تعالى حتى يتحققَ لشعبنا العزيز نيلُ الحرية والاستقلال وينعمَ بالأمن والاستقرار، ولا نضيع وقتَنا في الرهان على أي أحد، لا رهان على أمم متحدة، الأُمَــم المتحدة تؤدي دورَها ونشاطها وفقاً للسياسات الأَمريكية، حتى في المفاوضات الأخيرة في سويسرا السفير الأَمريكي يتصلُ إلَى مبعوث الأُمَــم المتحدة ويقول له: كفى مفاوضات. فيقول: كفى مفاوضات والموعد لفترة أُخْــرَى؛ لِأَن الأَمريكي يريدُ للحرب أن تستمرَّ ويريد للغزو أن يستمر ويريد أن يستمر نزيفُ الدم اليمني وأن تُسفك المزيد من الدماء اليمنية؛ لِأَنه يعادي هذا الشعب ويعادي كُلّ الأحرار والشرفاء في العالم.

المسؤولية كبيرة؛ لِأَن المعركةَ ليس فقط دفاعاً عن أرض، صحيحٌ أن المستهدَفَ احتلالُ الأَرْض اليمنية، واحتلال اليمن بأجمعها هدفٌ لأَمريكا وهدفٌ مغرٍ لإسرائيل ومطمعٌ للسعودية، وهي لا تؤدي إلَّا دوراً للآخرين وإلا ليس لها مشروعٌ في المطلق نهائياً، ليس لها أي مشروع على الإطلاق، هي تتَحَـرّك في مشروع أَمريكا ومشروع إسرائيل، لكن المسألة أكبر، المسألة مسألة حرية، هم يريدون استعبادَ هذا الشعب، ولن يُستعبد لهم أحد ويقبل بالعبودية له إلَّا ويكون من الخاسرين، يخسر إنْـسَـانيته وكرامتَه ويخسر دينه، يخسر كُلّ شيء، لا يمكن أن يقبَلَ بهذا إلَّا إنْـسَـان خائبٌ وخاسر وغبي وجاهل.

مخاطرُ التقصير كبيرة؛ لِأَن الأَعْـدَاء يتَحَـرّكون بأقصى جُهدهم، يبذلون كُلّ ما يستطيعون في سبيل تحقيق أَهْــدَافهم المشؤومة، ما يستدعي من كُلّ الأحرار والشرفاء في كُلِّ الاتجاهات، في الجبهة الثقافية، في الجبهة الإعْــلَامية، في الجبهة التعبوية، في الجبهة العسكرية، في الجبهة الأمنية، أن يتَحَـرّكوا بجد وأن يضاعفوا من الجُهُود.

ولا خيارَ لنا جَميْعاً ولشعبنا إلَّا الصمود، طالما أن المعركة معركة حرية وكرمة، لا بديل عن الثبات إلَّا الاستعباد والضياع، أن يملؤوا اليمن ببلاك ووتر، بمرتزقة أَمريكا، وبالتكفيريين، بذبح اليمنيين، لقتل اليمنيين لإفقادهم الأمن والاستقرار، حتى يصل الحال بالناس إلَى الاستسلام المطلق، ثم يأتي الإسرائيلي والأَمريكي مباشرة لاحتلال البلد.

ولا ينبغي الوهن أبداً، مهما كان حجمُ التطورات، مهما طالت الأحداث لا ينبغي الوهن؛ لِأَن في قداسة موقفنا ونحنُ يمنيون مسلمون مؤمنون لنا قيمٌ لنا مبادئ لنا أَخْلَاق لنا انتماء لنا هوية لنا قضية عادلة، لا وهن أًبداً، يمكنُنا أن نصمُدَ ولو عبرَ الأجيال وليس فقط على مستوى هذا الجيل، ونحن نرى حتى في الأجيال الصاعدة من العَزْم والثبات والوعي والهمَّة والشجاعة والفتوة والقوة ما يبعثُ على الأمل العظيم وما يسعدنا ويطمئننا.

لا ينبغي أبداً الوهنُ مهما طالت الحرب، مهما كان حجمُ التحدّيات، مهما كان حجمُ المأساة، ولا الاكتراث بالإرجاف، الارجاف على المستوى الإعْــلَامي أَوْ على مستوى مَرْضَى القلوب الذين تفرغوا من إنْـسَـانيتهم وقيمهم، ولا بأية تطوُّرات مهما كانت؛ لأننا حاضرون أن نحارب مهما كانت التطورات، أن نواجه المعتدين الذين يريدون أن يسلبونا حريتَنا وكرامتنا وأن يهينونا وأن يحتلوا أرضنا وأن يهتكوا عرضنا وأن يضيعونا من صفحة التَأريخ.

نستعد أن نواجهُهم إلَى يوم القيامة جيلاً بعد جيل، ليس هناك أيُّ اكتراث بأية تطورات على الأَرْض؛ لِأَن التطوُّرات إن حدثت هنا أَوْ هناك في بعض من الجوف أَوْ في بعض من مأرب أَوْ أية منطقة أُخْــرَى، ساهم في ذلك التقصيرُ من البعض، وساهم في ذلك حالةُ الارتزاق وشراء الذمم والولاءات.

ولكن أطمئن كُلَّ الأحرار والأوفياء والثابتين أن النتيجة الحتمية التي وعد بها اللهُ عبادَه الصابرين والثابتين والمتقين هي النصرُ وأن العاقبة للمتقين؛ ولذلك نحن بالله الأقوى تحملاً والأعظمُ قُدرةً على الاستمرار؛ لِأَن الصمودَ والثباتَ خيارُنا وقَدَرُنا، ولأننا أصحاب قضية ولسنا في موقف البغي ولا التعدّي ولا الفضول، ونحن لا نلعب دوراً لصالح أحد، نحن لنا قضية أصيلة، نحن نقاتل رضا لله دفاعاً عن قيم عن أَخْلَاق عن مبادئ ومبادئ أَسَــاسية، عن حريتنا بكل ما تعنيه حريتنا، فمهما كانت الأحداثُ التجاربُ أثبتت والسننُ الإلَهية والكونية أثبتت وتجارب الشعوب أثبتت أن الشعوبَ الصابرة والصامدة تنتصرُ في النهاية، وأن العاقبةَ في وعد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى لعباده المتقين والثابتين والصابرين، ولا عدوان إلَّا على الظالمين.

نسأل اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى أن يوفِّقَنا لاتباع هدى نبيه وللتمسُّك بمبادئ الإسْــلَام وقيَمه العظيمة، وأن يوفقنا جَميْعاً بشعبنا هذا للثبات والصمود في وجهِ كُلِّ التحديات والمؤامرات ومكائد الأَعْـدَاء، وأن يرحَمَ شهداءَنا وأن يشفيَ جرحانا وأن يفك أسرانا وأن ينصُرَ شعبنا المظلوم، إنه سميعُ الدعاء.

والسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

You might also like