كل ما يجري من حولك

بين مقاومة اسرائيل والعدوان على اليمن : ابواق وشيطان اخرس

563

 

العهد : بثينة عليق

لعبت السعودية على مدى أعوام طويلة دور الحارس لبوابات عديدة، أبرزها بوابة الولايات المتحدة الاميركية. ما يعني تلقائيا الوقوف بانتظام وطواعية على بوابة “اسرائيل” ضمن منظومة اقليمية دولية اكبر وأوسع. الوظيفة السعودية القادرة على أدائها ضمن الفريق هي مواجهة كل مشاريع المقاومة ضدها.

والحق يقال ان السعودية بذلت اقصى ما يمكن لـ”كلب حراسة” ان يؤديه بوفاء وتصميم قل نظيرهما.

حاولت مملكة الرمال دون كلل أو ملل. ومنذ عبد الناصر حتى اليوم. استخدمت أدواتها المالية والاعلامية. وضعت نصب عينيها أهدافا محددة. الإبادة الثقافية لكل ما هو مقاوم، أشخاصا ورموزا وافكارا.

وقد اشترت لهذه الوظيفة جيشا من الاعلاميين والمثقفين والمفكرين. عمل هؤلاء بوعي تام وتخطيط من اجل هدم عوامل الصمود الذاتي في العالم العربي برروا الانحناء امام كل مستعمر ومحتل، جعلوا التطبيع مع اسرائيل ضرورة سياسية، طالبوا باعادة صياغة للتاريخ وصولا الى جلد الذات وهدم الثقافة.

طالب هؤلاء بأن يسود التسامح في كل ما له علاقة بالصراع العربي الاسرائيلي. لم يميزوا بين المقاومة والحروب الاهلية والمغامرات، طالبوا بقبول اسرائيل حسب شروطها ووفق ما يناسب بقاءها واستمرار ظلمها واحتلالها.

واكثر ما حاربه هؤلاء مقولة الوظيفة الاستراتيجية للدول المقاومة، وتحديدا سوريا الاسد ومصر عبد الناصر. كتب احد القادة البارزين في جيش المستكتبين في اعلام آل سعود حازم صاغية ان “القفز الى ما يتجاوز الحدود ناتج عن عجز تعانيه الدولة السورية”.

اعتبر صاغية أن المقاومة والنضال خارج الحدود يقوم بها من يسميهم بـ “الضاربون بالاوهام”، وان خوض هذه المعارك الوهمية هو “سبب التخلف”.. ما يحقق الانجازات من وجهة نظره هو منطق التسويات والميل للسلام او الاستسلام، بدليل ان انور السادات استرجع ارض سيناء لانه “تخلى عن مشروع مصر الكبرى الذي رعاه عبد الناصر”.

كما يفرد صاغية الاهتمام الكبير للاستخفاف بالشعارات التي يعتبرها خاوية والمفاهيم المناقضة للعصر. لا بل يذهب الى حد اعتبار ما يسميه مفهوم “تعظيم الشهادة” بانه “نقيض التكيف مع العالم… انه انقطاع عن الزمن”.

كل هذا وغيره الكثير يأتي في سياق اداء دور كلب الحراسة للولايات المتحدة الاميركية ومشاريعها في المنطقة. تظهر التطورات في المنطقة ان هذا الميل الى الدعة والاستسلام والتكيف مع موازين القوى ينتهي عند البوابة الاسرائيلية الاميركية.

مع اليمن وسوريا والعراق تتحول السعودية الى ذئب مفترس لا يرحم. تصبح الوظيفة الاستراتيجية – الناتجة عن العجز بحسب صاغية في حال قررت سوريا او مصر استخدامها ضد اسرائيل – هي العمود الفقري للسياسة السعودية في مواجهة الشعب اليمني الاعزل.

وترخص في سبيل ذلك الدماء، وينتفي التناقض بين القتل وبين متطلبات العصر.

تتحول المغامرات الى بطولات والاوهام الى حقائق، ترفع الشعارات الخاوية التي وصلت الى حد اعلان مسؤول اماراتي انه سيرفع علم مشيخته على سد مأرب.

زميل له من البحرين غارق الى ابعد الحدود في “الانفصال عن الزمن الواقع”، يهدد بلغة ثأرية متخلفة ان يقتل مقابل جندي معتد من مشيخته اربعة او خمسة ابطال من اليمنيين المدافعين عن ارضهم وعرضم وكرامتهم.

وسائل الاعلام المملوكة والممولة من المشيخات الخليجية تحولت الى اعلام حربي، يتولى مهمة التعبئة للقتال والموت.

تغيب التقارير المتسائلة عن عبثية الحرب وكلفتها وتأثيرها السلبي على التنمية واستنزافها للموارد الاقتصادية والبشرية.

تصبح هنا مقولة “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة” – التي طالما كانت مادة للسخرية عند هذه القنوات – شعارا مقدسا وضروريا .

عندما تتعلق الامور بالعدوان السعودي على اليمن ينقسم جيش المستكتبين عند المشيخات السعودية الى قسمين، الاول بوق للسلطان يردد صدى مواقف الاسياد، بينما يلوذ الثاني بالصمت. لا تحركه مجازر العدوان السعودي في اليمن.

ولا تستفزه اشلاء الاطفال اليمنيين بحجة العمق الاستراتيجي السعودي. يكاد الشأن اليمني يغيب عن اهتماماته ومقالاته وتحليلاته. مهمته النقدية تتلاشى.. لدى اليمن قدرة عجيبة، حولت ابواق المشروع الاميركي الى “شيطان اخرس” .

You might also like