كل ما يجري من حولك

العدوان السعودي على اليمن و”الجاهلية الجديدة”

474

 

– جمال كامل

الحرب الظالمة التي فرضتها السعودية على الشعب اليمني، لا تشبه اي حرب من الحروب التي شهدتها المنطقة من قبل، لوجود عناصر في هذه الحرب ميزتها عن باقي تلك الحروب، منها التعصب الطائفي بأقبح وجوهه، والحرب النفسية بأقذر ادواتها، والتعتيم الاعلامي بأفضح صوره، والتناقض الفاحش بالعدة والعتاد بأخر مظاهره اثارة للخجل والخيبة، وقبل كل هذا وذاك الروح الجاهلية التي بعثتها السعودية في نفوس بعض العرب، بعد ان نجحت في تهميش روح الاسلام في هذه النفوس، بوهابيتها الكارثية، وبدولاراتها الوسخة.

رغم ان بالامكان كتابة صفحات طويلة وعديدة عن الحرب النفسية التي يشنها الاعلام الخليجي والاعلام العربي المسعدن، والقائم كليا على الكذب والتدليس، على الشعب اليمني، كما يمكن تناول اللغة الطائفية التي تجاوزت كل الحدود لهذا الاعلام، او تناول التعتيم الاعلامي الذي يمارسه هذا الاعلام ، والذي يشبه الى حد بعيد ممارسة الاعلام الصهيوني خلال تغطيته العدوان الصهيوني على لبنان وغزة، الا ان “الروح الجاهلية” التي ميزت هذا الحلف ، ولو كانت صورية، هي التي يجب الوقوف عندها ، لما تمثله من كارثة قد تفتت الدول العربية وتمزق مجتمعاتها.

من يشاهد التحشيد والتجييش الخليجي والعربي لنصرة السعودية، ضد الشعب اليمني ، تقفز الى ذهنه مقولة “انصر اخاك ظالما او مظلوما”، تلك المقولة الجاهلية التي حاول الاسلام طمسها والقضاء عليها منذ اكثر 1400 عام ، الا ان السعودية ، ومن خلال “حلفها الجاهلي ” الجديد ضد الشعب اليمني، أعادت الحياة الى هذه المقولة، وهو مايؤكد ان الجاهلية مازالت تعشعش في نفوس البعض.

الملفت ان “الجاهلية الجديدة” التي تتزعمها السعودية اليوم ، هي اسوء بكثير من الجاهلية الاولى”، وهذا السوء والانحدار الاخلاقي للسعودية و “حلفها الجاهلي الجديد”، يتمثل في فقدان هذا الحلف للمروءة والشهامة التي كانت تطبع بعض خصال “الجاهلية الاولى”، فقد كان الغدر وقتل القوي للضعيف لا يعد فروسية بل جبنا ونذالة، بينما تطبع الخسة والدناءة، “التحالف الجاهلي السعودي”، حيث لم تخجل السعودية ولا الجيوش والطائرات الخليجية، ولا تلك الجيوش والطائرات العربية، من الاعلان وبفخر عن مشاركتها في هذا “الحلف الجاهلي”، لقتل شعب عربي مسلم اعزل فقير، يعاني ومنذ عقود من الفقر والحرمان بسبب ظلم هذا “الحلف الجاهلي”.

بلغت خسة ونذالة هذا الحلف، ان اساطيل الدول المشاركة فيه، تعلن وبزهو المنتصر، انها تمنع وصول المساعدات الانسانية من غذاء ودواء لاطفال اليمن الذين يتضورون جوعا، ويؤكدون انهم سيواصلون هذه السياسة الى ان يستسلم الشعب اليمني ويرفع الراية البيضاء، ويقبل ان يكون تابعا ذليلا للسعودية زعيمة هذا “الحلف الجالي”.

لا يمكن قياس الجاهلية السعودية”، ب”الجاهلية الاولى ” فالاولى كانت اكثر مروءة منها، فالتاريخ يذكر ان بعض المشركين لم يتحملوا ما نزل من اذى على بني هاشم عندما حوصروا في شعب ابي طالب، فثارت حميتهم ومزقوا الوثيقة التي وقعها عتاة قريش لمعاقبة بني هاشم ، بعد ان رفضوا ان يعيش اطفالهم ونساءهم في دعة، بينما يعاني اطفال ونساء بني هاشم من الجوع والعطش، ولكن في “الجاهلية السعودية” يتسابق الخليجيون والعرب على تجويع اخوة لهم في العروبة والدين ، بل ويتفننوا في تجويعهم، دون ان تتحرك في عروقهم حمية “الجاهلية الاولى”.

كما حكم التاريخ على كل الظلمة والمجرمين والمستبدين، رغم انه كُتب بيد المنتصرين، وجلهم من الظلمة، الا ان للحق قوة، وهذه القوة تمنح البقاء للحق وتجعله عصيا على الاندثار، فمن المؤكد ونحن نعيش عصر ثورة المعلومات والقرية الصغيرة، فان التاريخ سيحكم على “الجاهلية الجديدة” كما حكم على الاولى، بل سيكون حكمه اكثر وضوحا وعدلا، وسيمنح الاجيال القادمة القدرة على الحكم على السعودية و”حلفها الجاهلي” ، لما ارتكبوه من قتل وتجويع وترهيب وتدمير وتشريد، ضد شعب عربي مسلم مظلوم ، جريرته الوحيدة، انه قال للسعودية “كفى”.

You might also like