أكثر من عامين على انتهاء الحرب في محافظة لحج، وما تزال العديد من المنازل والمرافق مدمرة، ولم يتبق منها إلا أطلال في انتظار إعادة الإعمار الذي طال أمد الوعد به. ومع مرور الزمن تتضاعف وطأة المعاناة لدى المتضررين، خصوصاً في مدينة الحوطة، مركز المحافظة.
يروي متضررون، لـ«العربي»، تفاصيل معاناة جارهم الحاج علي سالم، الذي يقولون إنه نزح خلال الحرب إلى منطقة صبر، وعندما عاد بعد انتهائها وجد منزله قد نُسف وتحول إلى ركام، ما اضطره للسكن في مبنى الشؤون الإجتماعية كحل مؤقت. وظل يقصد أبواب المرافق الحكومية لعله يجد تعويضاً عادلاً في إعادة بناء مسكنه لكن دون جدوى، حتى مات قبل أشهر، فيما بقيت أسرته نازحة في مبنى الشؤون الإجتماعية دون أن يتم تعويضها.
المواطن جابر أحمد سعيد يحتفظ، هو الآخر، بصور منزله المتضرر، ووثائق أخرى تتعلق بإجراءت المتابعة وحصر الأضرار، لكن كل ذلك يبقى ملفاً محفوظاً من دون فائدة. أما جابر ماجد فيسكن في منزل إيجار مكون من غرفتين وصالة ومطبخ وحمام، ولا يكفيه راتبه لتوفير نفقة المنزل وتسديد الإيجار.
مسؤول محلي في المحافظة يشير، في حديث إلى «العربي»، إلى أن «المباني الحكومية تكتظ بالمتضررين، وهي غير مهيئة لسكن العوائل كونها عبارة عن مكاتبها متلاصقة، ومع هذا الجميع مجبرون لأنه لا يوجد بديل». ويضيف: «نحن في السلطة المحلية لا يوجد بيدنا قرار إعمار المنازل، ولا ميزانية، فالإعمار قراره بيد دول التحالف».
وفي هذا الإطار، يصف الناشط، زهري عقلان، موقف دول «التحالف» بأنه «خاطئ»؛ كونها ربطت تحسين أوضاع الناس المتضررين بـ«مصالح سياسية دون أن تفرق بين الجانب الحقوقي والسياسي».
إعمار طال انتظاره
ما يزال أغلب أبناء لحج صامدين جوار منازلهم المهدمة، فيما ارتأى بعضهم تكليف أقاربهم بـ«المناوبة» على أطلال المنازل من أجل استقبال لجان الحصر و التعويضات. كانوا يأملون أن عملية إعادة الإعمار ستكون سريعة، خصوصاً مع تزايد اللجان والمنظمات وجهات أخرى، لكن هذه غادرت ولم تعد مجدداً.
يقول حمزة ياسين: «لم أعول على من يحصر أضرار منازلنا ويقوم بالتصوير، سواء كان جهة حكومية أو مستقلة. في الوقت الذي نسهل فيه عملها، واثقون أنها لن تفيدنا بشيء». ويضيف أن «ما كنا نعول عليه في مساعدتنا هو الصليب الأحمر الإماراتي لكنه لم يصل إلينا».
بدوره، يرى المواطن قيس اللحجي أن «لحج ليس فيها أي مصالح تجارية حتى يتم تعميرها بأسرع وقت كما حدث في المخا، التي تم تعميرها بعد تحريرها مباشرة، رغم أنها تحررت بعد عام من تحرير لحج».
وتؤكد الناشطة المجتمعية، أنسام الفقيه، من جهتها، لـ«العربي»، «(أننا) قمنا بالنزول للأماكن المتضررة والمواقع التي نزح إليها المتضررون، وعملنا رصداً لحالاتهم وما يحتاجونه، لكن لم نجد من استجابة حتى ولو بسلة غذائية». وتتابع أن «الحكومة حاولت إخراج من يسكن في مباني المرافق الحكومية دون جدوى، كون المتضررين لا توجد بدائل لديهم، ولا يملكون المال لاستئجار منازل».
مرافق حكومية مسكونة
يلفت المواطن صديق اللحجي إلى أنه «يقيم في مبنى الأحوال المدنية، بعد تعرض منزله ومنزل والده للنسف والتفجير من قبل الحوثيين أثناء الحرب». ويقول: «وجدت منزلي مهدماً بالكامل، وسكنت في مرفق حكومي، وإلى الآن لم يعط لنا أي تعويض أنا ووالدي، ولم نستطع استئجار منزل لأنني مسؤول عن أسرتين، وأنفق عليهم، وغير موظف ومتزوج ولدي أطفال».
ويقطن المتضررون في المرافق الحكومية الآتية: مبنى الزراعة، سكن كلية الزراعة، مبنى الرعاية الإجتماعية، مكتب الجهاز المركزي، مبنى الثقافة، مبنى الهيئة العامة للكتاب المدرسي، مكتب الشؤون الإجتماعية، روضة الأطفال، جمعية المعاقين حركياً، مكتب الضمان الإجتماعي، الغرفة التجارية، مبنى الأحوال الشخصية. ويمثل تواجدهم إعاقة لمباشرة العمل في تلك المكاتب الرئيسية، غير أن الأولوية الآن لما يطالب به المواطنون من «إعادة تعمير منازلهم والعودة إليها».
حصر لم يكتمل
يفيد مهندسون في مكتب الأشغال بالمحافظة، لـ«العربي»، بأن عدد المنازل التي تضررت في الحوطة ومديرية تبن، بشكل جزئي أو كلي، 800 منزل. ويوضحون أن الحوطة، مركز المحافظة، بها 200 منزل سكني مهدم تقطنها أكثرمن 300 أسرة، وأغلبية سكان هذه المنازل يسكنون اليوم في مرافق حكومية، فيما بقية المديريات لم يتم حصر أضرارها من الحرب بسبب عدم اعتماد ميزانية تشغيلية.
وحصل «العربي» على إحصائيات مواقع الأسر المتضررة في الحوطة، والتي تقع في حارة النخارة وعددها 40 منزلاً، وفي حارة بلغيث وقيصى والجامع وعددها 120 منزلاً، وفي حارة الثقافة وعددها 7، وفي مواقع أخرى بأعداد قليلة.

– العربي