إنهيار جديد لسعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار ينذر بكارثة إنسانية في ظل توقف مرتبات موظفي الدولة لأكثر من خمسة أشهر، وتراجع مستوى الدخل لدى السواد الأعظم من اليمنيين.
وفي غضون أيام فقط، ارتفع الدولار صباح الأربعاء الماضي، مقابل الريال، ووصل إلى سعر 328 ريالاً، وأغلق السوق على سعر 335 ريالاً، إلا أن ذلك التدهور المفاجئ لم يتوقف بل استمر صباح الخميس ليفقد الريال اليمني 5 ريالات من قيمته الشرائية بعد أن لامس سعر الدولار الـ 340 ريالاً مساء. تقلبات سعر الصرف لم تتوقف يوم الجمعة، الذي تفتح شركات الصرافة أبوابها فيه مساءً، وعلى الرغم من أن الساعات التي تستأنف فيها شركات الصرافة لا تتجاوز الأربع ساعات، إلا أن سعر صرف الدولار قفز إلى 352 ريالاً، كما ارتفع سعر صرف الريال السعودي المتواجد في السوق بكثرة إلى 92 ريالاً. تلك الارتفاعات الحادة في سعر الدولار تواصلت يوم السبت ليصل سعر صرف الدولار إلى 360 ريالاً في صنعاء مساءً.
أزمة دولار
أزمة سيولة خانقة تعيشها أسوق الصرافة المحلية بالدولار، فشركات الصرافة في العاصمة صنعاء تشتري الدولار من السوق وترفض البيع حتى بسعر أعلى من سعر السوق الموازي، وما يزيد علامات الاستفهام أن أزمة السيولة بالعملة المحلية تلاشت، فالمليارات من العملة الوطنية الجديدة والتالفة جاهزة لشراء الدولار من قبل شركات ومحلات الصرافة، عكس البنوك التي لا تزال تعاني من أزمة السيولة في العملة الوطنية.
محمد الوصابي، أحد العاملين في محل “الشرماني للصرافة” في منطقة مذبح في صنعاء، أكّد لـ”العربي” أن الارتفاعات الجديدة ناتجة عن ارتفاع الطلب من قبل التجار الذين يستعدون لموسم الاستيراد السنوي الذي يأتي قبل قدوم شهر رمضان بثلاثة أشهر، وأضاف أن عشرات التجار يقدمون السيولة المالية لشركات الصرافة للقيام بشراء الدولار مقابل عمولة، وبسبب التنافس ارتفع الدولار.
حرب العملة
وكيل وزارة المالية، أحمد حجر، أكّد أن الارتفاعات الحادة لسعر صرف الدولار عمل مقصود ويندرج في إطار الحرب الاقتصادية والمالية التي يشنها “التحالف” من خلال قنواته وأدواته في الداخل.
وأشار حجر في حديث لـ”العربي” إلى أن الارتفاعات الجديدة لسعر الدولار إحدى نتائج قرار نقل البنك المركزي اليمني، وتعطيل وظائفه، مشدداً على أن من مسؤولية البنك ضبط السوق وفرض الرقابة عليه والتدخل بضخ الدولار لمواجهة الطلب من العملات الصعبة.
ولفت وكيل وزارة المالية إلى أن قرار نقل البنك كان الهدف منه شل قدرة البنك على التحكم بالسوق المصرفي وتجميد أصوله الخارجية، وهو ما تسبب بتوقف البنك عن فتح إعتمادات مستندية للتجار مما دفع التجار إلى الشراء من السوق الموازي، كاشفاً أن “التحالف” عمد إلى فتح قنوات داخل العاصمة للمضاربة بالدولار، وذلك في إطار الحرب الاقتصادية والمالية التي تمارس من قبل “التحالف” وحكومة هادي على صنعاء وذلك للضغط عليها.
وبيّن أن من أدوات الحرب المالية الحالية سحب الدولار بالريال السعودي الذي لا يفتح به اعتمادات مستندية في الخارج.
مراقبون اقتصاديون أوضحوا أن الارتفاعات الحادة في سعر صرف الدولار نتيجة لخروج السوق المصرفي في صنعاء أو عدن عن السيطرة.
الأسعار تستعر
تأثيرات تدهور سعر صرف الريال على أسعار السلع الأساسية تسبب بحالة هلع في أوساط التجار ووسطاء البيع. وارتفع سعر القمح من 6300 ريال للكيس (50 كيلو جراماً) إلى 7000 ريال بنسبة زيادة 11.1 %، كما ارتفع سعر كيس الدقيق (50 كيلو جراماً) من 7000 ريال إلى 7500 ريال بنسبة زيادة بلغت 7 %.
أسعار السكر قفزت هي الأخرى من 10000 ريال للكيس (50 كيلو جراماً) إلى 12500 ريال بنسبة زيادة 25 %، وبالمثل تباينت الزيادات في أسعار الأرز حسب جودة المنتج بين 44 % للأزر البسمتي الهندي، و9 % للأزر المزة، و50 % للأزر الأقل جودة.
وتصاعد أيضاً أسعار زيت الطعام من 7000 ريال للدبة سعة 20 ليتراً إلى 8200 ريال بنسبة زيادة بلغت 17%، وفيما لا تزال أسعار الديزل الكيروسين مستقرة في سعر 3800 ريال للدبة سعة 20 لتراً، ارتفع سعر البنزين من 3600 ريال للدبة سعة 20 لتراً إلى 5400 ريال بنسبة 50 % من السعر السابق.
توعد
وزير التجارة والصناعة في حكومة “الإنقاذ الوطني”، عبده بشر، اعتبر أن الارتفاعات السعرية التي شهدها السوق خلال الأيام الماضية غير مبررة، واتهم التجار بـ”الجشع وخدمة الأعداء”. وتوعد بشر بمحاسبة المتسببين في تلك الارتفاعات وإتخاذ إجراءات رادعة بحق من وصفهم بـ”المخالفين والعابثين بقوت المواطن”.