كل ما يجري من حولك

عدن وخطط السعودي المرتبكة !؟

524

هشام الهبيشان

ها هي الحرب السعودية على اليمن، تُقارب نهاية النصف الثاني من عامها الثاني، من دون تحقيق أيّ من نتائجها، سوى تسليم أجزاء واسعة من الجنوب اليمني لـ«القاعدة» و«داعش». وما يجري اليوم في عدن، بالتحديد، من تفجيرات، هو دليل على فشل العدوان السعودي، فـ«القاعدة» و«داعش» تتمدّدان بشكل كبير، وسط صمت وتؤاطئ من محور العدوان على تواجد هذه المنظمات المتطرفة.

إنّ ما جرى في اليمن خلال ما يقارب العامان، شكل علامة فارقة في تاريخ الدولة اليمنية، وفي تاريخ الدولة السعودية، فالحرب السعودية على اليمن، أخذت أنماطاً عدّة، وأهدافاً خبيثة، سوف ترتدّ، آجلاً أو عاجلاً، على الداخل السعودي، كما يقرأ ويتحدث معظم المتابعين. فاليوم، هناك معلومات موثّقة تقول إنّ هناك تمدّداً كبيراً للمجاميع المتطرفة في الداخل اليمني: «داعش» أو «القاعدة» وغيرهما. وتشير هذه المعلومات، إلى أنّ هنالك ما بين 23 إلى 27 ألف مُسلّح متطرف، يقاتلون في شكل كيانات مستقلة، مثل «القاعدة» و»داعش». كما تفيد المعلومات عينها، أنّ هناك مخططاً ما، تحضّره بعض القوى في محور العدوان على اليمن، يستهدفُ إدخال الدولة اليمنية، بكلّ أركانها، في حرب طويلة، عن طريق الزجّ بآلاف المقاتلين «المتطرفين» إلى ساحات المعارك. لكن هذه الاستراتيجية، التي تتبعها بعض قوى محور العدوان على اليمن، من المؤكد أنها سترتدّ عليهم، آجلاً أم عاجلاً، كما تحدثنا. وهناك تجارب كثيرة في التاريخ أثبتت عقم المخطط السعودي في اليمن، لا بل أثبتت أنّ هذه المخططات سترتدّ على صانعيها مهما طال الوقت أو قصر.

هنا لا يمكن إنكار حقيقة أنّ هذه القوى المتطرفة المذكورة، ساهمت، إلى حدّ كبير، بدعم عدوان قوى محور العدوان على اليمن، بشكل مباشر أو غير مباشر، خصوصا في معارك الجنوب اليمني. لكن الذي حصل بعد ذلك، هو سقوط الجنوب اليمني في الفوضى العارمة، نتيجة تمدّد المجاميع المسلحة المتطرفة في عدن ومحيطها بالتحديد. ولولا يقظة القوى الوطنية اليمنية، منذُ اللحظة الأولى لانطلاق العدوان بمرحلته الثانية، على شمال اليمن، لكانت كلّ اليمن سقطت تحت رحمة المجاميع المسلحة المتطرفة. فقد أدركت القوى الوطنية حجم خطورة الحرب مبكراً وتنبّهت لخطورة ما هو قادم. ورغم ما جرى في جنوب اليمن وبعض مناطق شماله، ورغم تمدّد المجاميع المسلحة المتطرفة «داعش» و«القاعدة» وغيرهما بعد ما يُقارب العامان على هذه الحرب العدوانية، ما زال واضحاً، أنّ اليمنيّين يملكون القدرة على التصدّي للعدوانين المتكاملين من السعودية ومحورها، ومن «داعش» و«القاعدة» ومن معهما. وما يدلل على كلّ ذلك، هو صمود اليمنيين في شمال اليمن، والعمل على استعادة جنوبه والتعمّق والسيطرة على مناطقٍ في الجنوب السعودي.

ومع استمرار فصول الصمود اليمني، أمام موجات الزحف المُسلّح بمحيط العاصمة صنعاء، من قبل هذه القوى، وانكسار معظم هذه الموجات سابقاً، على مشارف مدينتيّ تعز ومأرب، تسعى الدول الشريكة في الحرب على اليمن، إلى الانتقال إلى استراتيجية نشر المجاميع المتطرفة في شمال اليمن، لإدخال الدولة اليمنية بحرب استنزاف، لكلّ موارد وقطاعات الجيش اليمني وحلفائه، في محاولة أخيرة لإسقاطهم. ورغم ذلك، ما يزال الجيش اليمني وحلفاؤه، ممثلين بالقوى الوطنية، قادرين على أن يبرهنوا للجميع، أنهم قادرون على الصمود. والدليل على ذلك، قوّة وحجم التضحيات والانتصارات التي يُقدّمها الجيش اليمني وحلفاؤه «أنصار الله»، التي انعكست مؤخراً بظهور حالة واسعة من التشرذم لما يُسمّى بـ «داعش» و«القاعدة» ومن معهم، في مناطقٍ واسعة، شمال وشمال غرب وشمال جنوب اليمن.

من هنا، نستطيع أن نقرأ ومن خلال ما جرى مؤخراً، من تمدّد لـ«داعش» و«القاعدة» ومن معهم في جنوب اليمن، أنّ الأدوار والخطط المرسومة، بشنّ الحرب على اليمن، قد تغيّرت وخصوصاً مع تمدّد هذه القوى المتطرفة وانقلابها، بشكل أو بآخر، على السعوديين ومن معهم من اليمنيين بجنوب اليمن. وما يجري في عدن اليوم هو خير شاهد على ما نتحدث عنه.

ختاماً، انّ ما يجري في جنوب اليمن وفي مدينة عدن بالتحديد، من تمدّد للمجاميع المسلحة المتطرفة، يؤكد أنّ السعودية ومن معها، بحربها على اليمن، ارتكبت أخطاء جسيمة كبرى، ستكون لها ارتدادات كارثية كبرى على السعودية بشكل خاص، وعلى معظم دول الخليج بشكل عام. وهذا يُحتّمُ على القوى الوطنية اليمنية بكلّ أركانها، التحرك الفوري لإعادة تمتين الجبهة الداخلية أكثر وأكثر، حتى وإنْ كان ذلك على حساب تنازلات مجتمعية ومصالحات وطنية كبرى وعقلانية، تقومُ بها هذه القوى الوطنية، للتخفيف من وطأة وآثار تمدّد هذه المجاميع المسلحة المتطرفة، لأنّ استمرار تمدّد فكر ونهج هذه القوى المتطرفة، ستكون له تداعيات كارثية على مستقبل الداخل اليمني، الذي تتحمّل السعودية ومن معها، مسؤولية تفتيته من خلال حربها العدوانية الظالمة على اليمن، كلّ اليمن والتي بدأت آثارها ونتائجها ترتدّ، بشكل أو بآخر، على السعودية نفسها.

*كاتب وناشط سياسي – الأردن.

You might also like