كل ما يجري من حولك

إلى الفاسدين في هذا الزمن.. بلا تحية

الفاسد قد يتخيل أن بإمْكَانه الاستمرارُ بالخداع والتلون في المحيط الذي وجد نفسه مضطراً للتماشي معه

481

عبدالقوي السباعي

هناك خيطٌ رفيعٌ جِـدًّا يفصِلُ بين الإيمان والنفاق.. بين الحق والباطل.. بين الخير والشر.. بين الصلاح والفساد.. قد لا يلاحظه الكثير من الناس، قد يعجز عن إدراكه معظمُ البشر، قد يتردّد البعض بين هذا وذاك، سواءً بقصد أَو بدون قصد، يعلم أَو لا يعلم، وفي ذلك مصداقاً لقوله تعالى: {وَإذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُواْ فِي الْأَرْضِ قَالُوٓاْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ}.

فيما يبقى الإيمانُ الكاملُ والوعيُ المتقدُّ والبصيرة النافذة المُجسِّدة للفطرة الإنسانية السليمة والسوية، هي الموجه الثابت للفرد المؤمن نحو الانجذاب دوماً باتّجاه الخير.. في ملازمة الحق.. في الاصطفاف مع دعاة الصلاح والفلاح.. في مواكبة أهل البر والاحسان، بينما نجد الفرد صاحب الفطرة الفاسدة التي علقت بها شوائبُ الأطماع، وشكلتها النزعةُ إلى الرغبات والشهوات، وصاغتها على النحو النقيض تماماً لما يتجسده الفرد ذو الفطرة السوية.

لأَنَّهُ وبطبيعة الحال فالإنسان خليط من الانفعالات والرغبات.. من الأهداف والطموحات.. مزيج من القيم والعادات، من الإبداع والمهارات، التي في مجملها تشكّل سلوكه.. تقوّم تصرفاته، وتقولّب شخصيته إمّا سلباً أَو إيجاباً، لذلك يستحيل على الشخص مهما بلغ من المهارة والإبداع في التلوُّن والظهور متعدد الاوجه، أن يظلَّ بنفس الحضور الدائم.

قد يغتر البعض فيك، قد توهمهم بعض الوقت، قد توهم حتى نفسك.. أنك شخصٌ كامل الإيمان والصلاح والهدى، لكنك حيال كثير من الأمور تجد صعوبة في تحديد معالم الطريق ووجهتها.. في استبصار ملامح الواقع الذي تعيشه.. في رسوخ تموضع قدمك على الأرضية التي تقف عليها..!

الشخص الفاسد قد يتخيل أن بإمْكَانه الاستمرارُ بالخداع والتلون في المحيط الذي وجد نفسه مضطراً للتماشي معه.. للتماهي فيه، لكنه لم يدرك أنه ومع مرور الوقت مُجَـرّد جثة ميتة ملقاة على قارعة الطريق سرعان ما سيكتشف المارة رائحته النتنة والمنتنة.. سيدرك أنه مُجَـرّد بغي تتخفى عن أهلها فيما سيكشفها انتفاخ بطنها، ويوماً ما ستفضحها القابلة.

هُنا يجب أن أهمس في آذان الفاسدين المتلونين المرتدين مسوحَ الصلاح والطهر والعفة.. أن تطهير مؤسّساتنا اليوم منكم أقربُ من أي وقتٍ مضى، فانتظروا إني معكم من المنتظِرين.. والعاقبة للمتقين.

You might also like