كل ما يجري من حولك

كاتب جنوبي: المبادرة السعودية مخرج طوارئ خلفي للمملكة ونجاح كبير للحوثيين.. لهذه الأسباب (تفاصيل)

835

المبادرة السعودية لوقف الحرب باليمن.. مخرج طوارئ خلفي للسعودية… نجاح للحوثيين.. تجاهل للحكومة المعترف بها.. تهميشا للجنوب

صلاح السقلدي*

(وقف إطلاق نار شامل تحت مراقبة الأمم المتحدة، وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة وفق اتّفاق ستوكهولم بشان الحديدة، وفتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حَـلّ سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة بناء على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي ٢٢١٦، والمبادرة الخليجية واليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل)

تلك كان أهم بنود المبادرة التي أطلقتها المملكة يوم الاثنين، لوقف الحرب باليمن. فهذه المبادرة بإطارها العام – وبعيدًا عن التفاصيل التي تُــكمن فيها الشياطين – كونها تمثّــل مَــخرج طوارئ خلفي للسعودية، فأنها بالوقت عينه نرى فيها مبادرة ممتازة بالنسبة للحوثيين – أَو هكذا نأمل أن ينظرون إليها -. برغم ما قد لا تكون بصيغتها الحالية وبالذات فيما يخص شرط المرجعيات الثلاثة التي قالت المبادرة أنها يجب أن تكون مظلة التسوية السياسية القادمة مُــرضية للحوثيين فهم يرون بهذه المخرجات وبالذات مرجعية مخرجات حوار عام2014م استهدافا سياسيًّا وطائفيا لهم إلاّ أنها المبادرة تمثّــل بادرة حُــسن نية من السعودية تجاههم، كما أنها تحمل بنودا متقدمة ومشجعة لهم يمكن بالتالي التعويل عليها وَتطويرها أَو حتى تعديل بعضها والبناء عليها في قادم التفاهمات، فهي قابلة للتعديل من قبل السعودية إن لمستْ هذه الأخيرة جديّــة لدى الحوثيين بوقف الحرب وبالرغبة بطي صفحة المأساة التي تعصف بواحدة من أكثر بلدان العالم فقرا وبؤسا.

وحين نقول أن السعودية بهذه المبادرة عبّــرت عن حُـسن نيتها بوقف الحرب وبأنها تعني لها مخرج آمن، فلأنها (المملكة) باتت اليوم أكثر استعدادا لوقف هذه الحرب التي ستدخل عامها السابع بعد أسبوع واحد فقط، بعد أن أثقلت كاهلها ماديا ومالياً، وضربت صميم سمعتها الأخلاقية أمام المجتمع الدولي، فضلاً عما صاحبها من إخفاق عسكري مُــحرج للمملكة وضعضع سمعة جشيها الذي سوّقت له خلال عقود، واظهرت (الحرب) عجز المملكة الثرية التي تملك واحدا من أكبر جيوش الشرق الأوسط على كبح الهجمات الجوية الحوثية -ناهيك عن الإغارات البرية المكثّـفة- التي تضاعفت (الهجمات الجوية) بشكل لافت بالأيّام الماضية على مدن ومنشآت ومرافق اقتصادية حيوية، ووضعت المملكة في مأزق حقيقي أمام الداخل والخارج.

وحين نتوقع أن يتجاوب الحوثيون بإيجابية مع هذه المبادرة فلأننا نرى فيها مكسبا لهم ولو بالحد الأدنى من الخطأ تفويته وإظهار أنفسهم أمام المجتمع الدولي بانهم الطرف الرافض لوقف الحرب والغير حريص على وضع البلد وحالها الإنساني والمعيشي المريع، فهذه المبادرة ستمنح الحوثيين القوة السياسية في قادم الأيّام كطرف رئيس بأية تسوية قادمة عطفا على قوتهم على الأرض، وسيمنح طرف من طرفي طاولة المفاوضات القادمة.

ملاحظات مهمة عن المبادرة:

أولا: أن هذه المبادرة تؤكّـد صحة القول بأن الحل العسكري الذي ظلت السعودية تنشده بات من الماضي، وأن الحوثيين أكثر قوة عسكريًّا وجماهيرا مما اعتقدت السعودية، التي بنَتْ قرارها بالحرب على قاعدة بيانات خاطئة ومضللة، قللّت من حجم قوات الحوثيين وقوات الرئيس السابق صالح، وبالغتْ من قوة حزب الإصلاح على الأرض، ومن نفوذ الرئيس هادي داخل الجيش، النفوذ الذي كشف عن أنهم لم يكن سوى كذبة ابتلعتها السعودية بمرارة.

ثانيا: أنها مبادرة سعودية محضة خالية من أي كولسترول يمني(حتى وأن تقمصت السعودية بهذه المبادرة دور الوسيط بهذه الحرب وليس طرف أصيل بها)، فقد كانت هذه المبادرة مفاجئِــة للسلطة اليمنية الموالية للسعودية والمسماة بالشرعية، وهو الأمر الذي يؤكّـد للمرة الألف بأن السعودية التي أطلقت صافرة بداية هذه الحرب دون استشارة الطرف اليمني المعني بالأمر – حتى وأن زعم إعلامها وإعلام السلطة الموالية لها عكس ذلك- هي وحدها من يحدّد مستقبل هذه الحرب ومستقبل اليمن أَيْـضاً للأسف، فمثلما كانت هي من أعلن اندلاع هذه الحرب في مارس 2015م فأنه هي من أعلنت توقفها في مارس 2021م، أَو بالأصح هي من يأمل أن تتوقف إن وافق خصوصها على ذلك، وليس ضروريا موافقة شركائها باليمن. فالسلطة اليمنية الموالية للسعودية لم تكن تعلم بهذه المبادرة إلى قبل ساعات من إعلانها، وقد كان هذا واضحًا من تصريحات المسئولية اليمنيين في الرياض وعدن الذين كانوا يغردون بعيدًا عما طرحته هذه المبادرة ,مما يعني هذا بالضرورة أن هذه السلطة ليست بالنسبة للسعودية أكثر من وسيلة سياسية تستمد منها مشروعية هذه الحرب ومشروعية تدخلها باليمن أمام المجتمع الدولي، وأداة سياسية وشرعية لتأكيد نفوذها على الأرض خُصُوصاً في محافظات استراتيجية كمحافظتي: المهرة وحضرموت.

ثالثاً: الطرف الجنوبي في هذه الحرب ليس أحسن حالاً من السلطة اليمينة الموالية للرياض، فيما يتعلق بالتبعية للسعودية وللتحالف كله، وبما يتعلق بالتهميش والتجاهل المعيب الذي يجد نفسه فيه ال، يوم فهو الذي انخرطت قواه السياسية والثورية بهذه الحرب معصوبة الأعين دون أن تضع ولو شرطا أَو مطلبا واحدا أمام التحالف أَو تنتزع منه وعدا بحل القضية الجنوبية حلا عادلا بعد انتهاء الحرب تجد هذه القوى والجنوب برمته اليوم خارج الأجندة الخليجية تماماً، بعد أن استخدم التحالف قضية الجنوب مُجَـرّد بندقية أجيرة ومخزن بشري في جبهات القتال وجسر عبور شمالا. فهذه المبادرة تشترط بأية تسوية سياسية أن تكون المرجعيات الثلاث أَسَاس الحل، وهي المرجعيات التي تجاهلت تماماً شيئاً أسمه القضية الجنوبية، بدءاً من المرجعية الأولى: المبادرة الخليجية وانتهاء بقرار مجلس الأمن الدولية2216، مُرورًا بمخرجات حوار 2014م التي تجاهلت الجنوب كليًّا.

* رأي اليوم| صحافي من اليمن –عدن.

You might also like