كل ما يجري من حولك

5 سنوات مـن الحرب في اليمن .. هل يعثر السعوديون على مخرج؟

5 سنوات مـن الحرب في اليمن .. هل يعثر السعوديون على مخرج؟

643

متابعات:

أدت النجاحات العسكرية الأخيرة لحركة أنصار الله اليمنية، على التحالف السعودي، فضلا عما رافقها من انهيار كبير في أسعار النفط العالمية، وتأثيراتها بشكل رئيسي على دخل المملكة واقتصادها، إلى إجبار الرياض على البحث بصورة متزايدة عن حل دبلوماسي لإنهاء الحرب التي طال أمدها في اليمن.

ووفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال” فإن السعوديين بدؤوا اتخاذ خطوات نشطة لإجراء عملية تفاوض بين حركة أنصار الله، وحكومة الرئيس المخلوع عبد ربه منصور هادي المدعومة من المملكة السعودية.

هذه الخطوات السعودية المتزامنة مع إعلان التحالف وقف مؤقت للأعمال القتالية في اليمن، تأتي بعد مرور خمس سنوات من بداية الأعمال العدائية واسعة النطاق في اليمن، بعد استيلاء الحوثيين على السلطة في صنعاء، وتدخل المملكة العسكري المباشر في الصراع الداخلي، من أجل دعم حكومة المخلوع هادي، وإعلانها الحرب على اليمن في أواخر مارس 2015 والتي أودت بحياة أكثر من 112 ألف شخص.

الهزيمة

خلال سنوات الحرب الماضية تعرضت القوات الموالية للسعودية لخسائر فادحة في اليمن، كما تعرضت الأعمال العدائية للرياض مرارا لانتقادات واسعة النطاق، بسبب الاستخدام العشوائي والمفرط لمختلف الأسلحة، وبشكل أساسي الضربات الجوية وقصف طائراتها أكثر من مرة، لمواكب الزفاف والمستشفيات والأهداف المدنية الأخرى، التي استهدفتها الهجمات السعودية، وأسفر عنها مقتل مئات اليمنيين.

وعلى الرغم من القتل الجماعي للسكان المدنيين في اليمن لم يمنع الشركاء الغربيين للسعوديين، وبشكل أساسي الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى، من بيع الأسلحة والذخيرة إليهم، وذلك سعيا منهم لاحتواء النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة، ومنع تقديم طهران الدعم العسكري التقني لحركة أنصار الله.

وفي الآونة الأخيرة، واجه التحالف بقيادة السعودية مشاكل خطيرة. وتكبدت القوات الموالية لها في اليمن خسائر فادحة.

وفي العام الماضي، خفضت الإمارات العربية المتحدة (الشريك الرئيسي في التحالف) بشكل كبير من مشاركتها في الأعمال العدائية على اليمن، في محاولة منها للتقليل من تكاليفها المالية على المرتزقة الذين يقاتلون ضد الحوثيين، بالإضافة إلى تلقيها العديد من الهزائم على الأرض، وخاصة بعد خسائر المملكة نفسها وهزائمها على أراضيها، بما في ذلك التهديدات التي طالت عاصمتها الرياض ومنشآتها النفطية، بعد أن بدأت صواريخ الحوثيين في “التحليق” بانتظام في سمائها، وتوجيههم بشكل متزايد هجمات وضربات مؤلمة بالصواريخ وطائرات بدون طيار على البنية التحتية الاقتصادية للمملكة.

تغيير المعادلة

ومن الواضح أن الضربات الانتقامية المنتظمة للقوات الجوية السعودية التي كانت مهيمنة على سماء صنعاء ومواقع الحوثيين الأخرى، تغيرت بشكل ملحوظ مع تغير المعادلة العسكرية وتوازن القوى الجوية الناشئة لأنصار الله، بالإضافة إلى تعلمهم كيفية استخدام أنظمة الدفاع الجوي والمدفعية الخاصة بهم بمهارة. وقد أسقطوا -في الأشهر الأخيرة فقط- العديد من الطائرات السعودية بدون طيار ومقاتلات “تورنيدو” وطائرة أباتشي.

انتصارات وهزائم ثقيلة

قبل أيام، ألحق مقاتلو حركة أنصار الله بأنصار الرئيس المخلوع هادي المدعومين من السعودية هزائم جديدة وثقيلة. وانطلاقا من لقطات الفيديوهات المصورة التي تداولها الحوثيون للمعارك في محافظات مأرب وصعدة والجوف، تظهر هزائم القوات الحكومية فيها وسيطرة الحوثيين عليها واستيلاؤهم على غنائم كبيرة من المعدات العسكرية.

وبالنظر إلى هذه المناطق المهمة استراتيجيا التي تمت السيطرة عليها نجدها تقع مباشرة على الحدود مع المملكة العربية السعودية، ما يعني أن هناك مخاطر كبيرة من إمكانية نقل المعارك العسكرية والأعمال العدائية النشطة إلى أراضي المملكة نفسها، وستمكنهم مباشرة من شن هجمات صاروخية أكثر فاعلية على الأهداف في العمق السعودي، بما في ذلك ضرب البنية التحتية والمنشآت النفطية في المملكة، وسيكون لها عواقب وخيمة ليس فقط على أمن المملكة، بل وعلى اقتصادها، خاصة بعد الانخفاض الكبير الذي شهدته صادراتها النفطية وانخفاض أسعارها في أسواق النفط العالمية، ورفض المستوردين في الولايات المتحدة وأوروبا شراء النفط السعودي.

تعزيز أنصار الله ميزتهم العسكرية 

إن سيطرة أنصار الله على المناطق المجاورة للحدود السعودية، وتهديد صواريخها بشكل يومي لمنشآت السعودية الاقتصادية، فاقم الوضع لدى الرياض، وجعلها تحاول بكل الوسائل البدء بالعملية السياسية. وقد تيسر لها ذلك بشكل موضوعي، من خلال دعوة أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لجميع الأطراف في الصراع إلى وقف إطلاق النار، خاصة وسط تهديد الجائحة العالمية لفيروس كورونا التاجي. وقد حاولت الرياض وحكومة المخلوع هادي بالفعل استغلال هذه الظروف ودعمها للمبادرة ظاهريا للخروج من هذا الوضع المتفاقم بشكل يومي. إلا أن الحوثيين ما زالوا غير واثقين من نوايا التحالف، لذلك يواصلون عملياتهم الهجومية داخل الأراضي السعودية. وفي ليلة الأحد من الشهر الماضي، تعرضت العاصمة السعودية ومدينة جيزان الساحلية لإطلاق الصواريخ. ويبدو أن ذلك ليس فقط ردا على استمرار غارات التحالف، أو يريدون أن يسجلوا بها ورقة رابحة وضاغطة على طاولة المفاوضات، بل وأن يعززوا بشكل نهائي وبصورة لا رجعة فيها ميزتهم العسكرية “على الأرض”.

ووفقا لمنشور “ميدل إيست مونيتور”، فإن الرياض في مواجهة هذه التحديات الخطيرة، باتت حقا تبحث عن فرصة للحد من تدخلها في اليمن. لكن قدرة المملكة السعودية على إنهاء حرب الخمس السنوات في هذا البلد ومحاولتها الجدية الخروج منها بهذه السرعة، تبدو في هذه الظروف متناقضة وغير مقبولة، بعد أن أدرك السعوديون أخيرا أنهم ببساطة لا يمكنهم الخروج منها بهذه السهولة، ولا باستطاعتهم الاستمرار في تحمل التكاليف المالية والعسكرية للقتال مع الحسينيين على المدى الطويل وفقا للكثير من الخبراء.

المحلل والكاتب الروسي ألكسندر جاسيوك – صحيفة روسيسكاياجازيتا الروسية

You might also like