كل ما يجري من حولك

الجيش السعودي غـير قادر على كسـب الحرب في اليمن

الجيش السعودي غـير قادر على كسـب الحرب في اليمن

1٬482

متابعات:

هذا الذي كان يفترض أن ينتهي في يومين أصبح فيتنام بني سعود، كما يصف تقرير فرنسي سري عدم كفاءة القوات السعودية. 

في “البرقيات السرية لليمن” (مراسلات دبلوماسية سرية نُشرت في عام 1939)، قال توماس إدوارد لورنس عن البدو: “إن فائدة القبائل الوحيدة هي دفاعية، وقوتهم الحقيقية هي في حرب العصابات. فهم عباقرة وشديدون وتقريباً متهورون، ولكن فردانيين إلى درجة مبالغة بها بالنسبة لإطاعة الأوامر، فإما يقاتلون ضمن جماعة وإما يتعاونون مع بعضهم البعض”. ما بين العامين 1920 و1932 غزا عبد العزيز بن سعود الجزء الأكبر من شبه الجزيرة العربية وأسس المملكة العربية السعودية التي أصبح ملكاً عليها. وإذا كان النفط قد جعل السعودية مملكة ثرية، وإذا كانت الوهابية هي عامل تأثيرها على العالم الإسلامي، فالحرب هي التي أسستها. 

بفضل هذا المنّ النفطي، ينفق الجيش السعودي اليوم ثالث أكبر ميزانية عسكرية في العالم، قبل فرنسا وبريطانيا العظمى وروسيا. ومع ذلك وعلى الرغم من الوسائل المتطورة المتفوقة بمائة مرة، إلا أن هذا الجيش قد تبين أنه غير قادر على القضاء على الحوثيين في اليمن. بعد استثمار المليارات، وبعد أزمة إنسانية دفعت بثلثي سكان اليمن إلى حافة المجاعة، يُمنى الجيش السعودي بهزيمةٍ تلو الأخرى ولا يستطيع حتى حماية الرياض من الصواريخ الحوثية (هجمة مارس 2018). وهذا الذي كان يفترض أن يستغرق “يومين” أصبح لاحقاً -بعد أربعة أعوام- “فيتنام” بني سعود. وعلى الرغم من ذلك كانت الحرب في اليمن بمبادرة من محمد بن سلمان. وكان الغرض من ذلك تحقيق نصر سريع يعزز سمعته في الشرق الأوسط. ولكن وبعد مرور أربعة أعوام، اعترف بأنه كان على رأس جيش غير قادر على الانتصار. 

ثلاث شخصيات في شخص محمد بن سلمان 

محمد بن سلمان هو ولي العهد ورئيس وزراء سابق ووزير الدفاع دفعةً واحدة، ناهيك عن كونه يجسد ثلاث شخصيات في آن واحد. 

أولاً: محمد بن سلمان المُصلح. منذ أن أصبح ولياً للعهد في يونيو 2017، قام بتقليص صلاحيات الشرطة الدينية ومَنح السياح الأجانب تأشيرات الدخول لزيارة البلد، ورَفع حظر قيادة السيارة المفروض على النساء وسمح بإقامة أول حفل موسيقي لامرأة وفَتح أبواب الملاعب أمام النساء، وأعد مقابلات توضح أنه يريد الابتعاد عن التأويل المحافظ المبالغ به للإسلام الذي تبنته الدولة منذ عام 1979. من يونيو 2017 حتى أكتوبر 2018 وُصِف محمد بن سلمان -الذي الْتُقِطت له صور مع السياسيين والنجوم ورجال الأعمال في وادي السيليكون- الإصلاحي المنتظر لآل سعود. 

وخلف المُصلح يأتي الدكتاتوري. في أكتوبر 2018، اختفى الصحفي المعارض جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول، ولم يتم العثور على جثته أبداً. تم إرسال فريق من خمسة عشر رجلاً، من بينهم الحرس الشخصي لمحمد بن سلمان، لاغتياله. قُطعت جثته بعد ذلك إلى قطع صغيرة ثم أذيب في الحمض. واكتشف العالم بفزع ما يستطيع الأمير المصلح فعله. وحينها توالت وتعددت الاكتشافات. ويشتبه بمحمد بن سلمان في كونه أيضاً وراء اختراق هاتف جيف بيزوس الذي قام بعرض صور للمتورطين في قتل خاشقجي (الذي كان كاتباً عمودياً في “واشنطن بوست” التي يملكها بيزوس)، والاعتداء على غانم المصارير أو كما يعرف بالدوسري وآلان بندر من قبل عملاء سعوديين في لندن، محاولات التجسس الدائمة على خطيبة خاشقجي في العاصمة البريطانية، وخطة اختطاف المطيري في الولايات المتحدة، وحالات التعذيب العديدة والإعدامات وانتهاكات حقوق الإنسان… وبدعم غير مشروط من الرئيس الأمريكي الحالي ومتأثراً بصهره جاريد كوشنر (الذي أدار بحسب مايكل وولف السياسة السعودية إزاء الولايات المتحدة)، هل يظن بن سلمان أن كل شيء مسموح؟

وأخيراً: يأتي قائد الحرب. في يناير 2015 وبعمر التاسعة والعشرين عاماً أصبح محمد بن سلمان أصغر وزير دفاع في العالم. وفي مارس 2015، أعلن العملية المسماة “عاصفة الحزم”، وهي حرب كان يُفترض أنها ستستغرق “يومين”. كانت السعودية -التي تقود تحالفاً من عشرة بلدان سنية- تريد إعادة الرئيس اليمني هادي إلى السلطة الذي انقلب عليه المتمردون الحوثيون الشيعة الزيديون. لقد كانت الوسائل التي استُخدمت في البداية ضخمة: 100 مقاتلة سعودية (إف 15 وتورنيدو وتايفون) و150 ألف رجل تساندهم 86 طائرة حربية من بلدان التحالف الأخرى. وعلى الرغم من العدد الهائل للجنود، لاسيما من المرتزقة السودانيين المشاركين في الحرب المدفوعين من قبل الإمارات، إلا أنه وبعد أربعة أعوام تعقد الصراع أكثر. وتم نسيان الهدف الأساسي من ذلك: تجنب الحرب الأهلية التي كانت على الأبواب واحتواء النفوذ الإيراني ومعاقبة الشيعة وتوسيع نطاق النفوذ السعودي ومد خط أنبوبي يمر عبر اليمن بحيث يتحرر من خطر مواجهة طهران في مضيق هرمز وضمان استمرار الملاحة بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي! أو أن الهدف بالنسبة لابن سلمان هو انتهاز فرصة النصر المشرق ليصبح القائد الأول بلا منازع في العالم الإسلامي؟ 

ثالث أكبر ميزانية عسكرية في العالم.

بحسب المعهد الدولي للبحث من أجل السلام لستوكهولم، ارتفعت ميزانية الدفاع السعودي لتصل إلى 67 مليار دولار. أما بحسب إحصائية المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية التي مقرها لندن فقد بلغت 82 ملياراً. وفي كلتا الحالتين، الميزانية السعودية هي الثالثة في العالم بعد الولايات المتحدة والصين وقبل روسيا وفرنسا وبريطانيا العظمى والهند. ظلت مملكة سعود طيلة عقود تشتري بعض المواد الأمريكية والبريطانية والفرنسية. أصبحت المملكة ثاني مستورد للمعدات العسكرية بدءاً من العام 2015. وفي ظل نزوة محمد بن سلمان استمرت النفقات في التسارع: +200% في السنوات الست الماضية! في 2017، تجاوزت الميزانية السعودية روسيا بوتين. فمع 227 ألف جندي بحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية وأكثر من 1000 دبابة و300 طائرة حربية، ناهيك عن الأسطول البحري ونظام الدفاع المضاد للصواريخ باتريوت وصواريخ من صنع الصين، كان يُفترض أن يكون الجيش السعودي قد سيطر على الشرق الأوسط بأكمله. 

الجيش الأقل فاعلية؟

في السبعينيات، بإجراء تحليل لكمية القوات المشاركة في بداية الحرب العالمية الثانية أعد العقيد تريفور دوبوي فهرساً سماه “درجة الفاعلية في القتال”. وبهذا الفهرس أظهر أن فاعلية الجيش الألماني أكبر مقابل الجيش الأمريكي. 

ما يهتم به هذا الفهرس لم يكن عدد الرجال ولا العدة ولا الوسائل التمويلية؛ هذه المجالات التي كان فيها الأمريكيون متفوقين، إنما كان يهتم بعوامل أخرى أكثر “نوعية”، والتي بدا أنها توضح قدرة الويهرماشت (القوات المسلحة النازية بالألمانية) على المقاومة التي استمرت لأكثر من سنة أمام تحالف كبير. إذا طبقنا هذا المؤشر على الصراعات الحديثة، لا شك أننا سنجد معدل فاعلية مرتفع لـ”تسهال”. (جيش الدفاع “الإسرائيلي” بالعبرية) أو الجيش الروسي، ولكن بالنسبة لدرجة فاعلية الجيش السعودي فستكون حتماً واحدة من أضعف درجات الفاعلية في العالم، كما وصف تقرير فرنسي سري في مجلس الدفاع مقيد في أكتوبر 2018 عدم خبرة أو كفاءة القوات السعودية، خاصةً فيما يتعلق بالقطع العسكرية المتنقلة (الإسناد الجوي المباشر القريب) أو عدم خبرة طياريها مقارنين بالإماراتيين. كيف نشرح ذلك؟

الدافع: يعيش السعوديون في مجتمع غير متكافئ؛ حيث يوجد آلاف “الملكيين” الذين يهربون من التجنيد الإجباري، وليس لدى الطبقة الوسطى أي رغبة في خوض الحرب (في سبتمبر الماضي، عقب هجوم حوثي على نجران واعتقال ثلاثة ألوية سعوديين واغتنام مئات المدرعات…). 

الهيكل التشغيلي: كما يذكر يوئيل غوزانسكي من معهد دراسات الأمن القومي في “تل أبيب”، أن المجتمع السعودي هو أحد المجتمعات الأكثر هرمية (تسلسلاً) في العالم، وتركيبه العسكري شديد المركزية: لا يتخذ أي شخص قراراً دون الرجوع أولاً إلى الأعلى درجة في السلسلة خلافاً لأساسيات اللامركزية الموظفة في الاستراتيجية العسكرية الحديثة. 

الخبرة: لم يشارك الجيش السعودي في أي حرب منذ 1991 على عكس قوات الإمارات أو الأردن. 

التدريب: بحسب جنود أمريكيين مقيمين في المملكة يُشاع عن السعوديين أنهم أقل مثابرة واجتهاداً. 

صيانة المعدات: ينفق الجيش السعودي مبالغ كبيرة يدفعها للمقاولين الأمريكيين مقابل الصيانة وتزويد الطائرات بالوقود والدبابات… إلخ. 

القيادة: مستوى عدم الكفاءة بعد تصفية الملك سلمان لقيادته العسكرية العليا في 2018. 

لقد قوض ولي العهد سمعته في الشرق الأوسط في الصراع اليمني، فقد خسر هذه الحرب منذ بدايتها. وستكون اليمن هي “فييتنام” طموحه في المنطقة. 

فينيكس – روائي ومتخصص في حرب سوريا ووحدات حماية الشعب والدولة الإسلامية والمجال العسكري والمخابرات. 

المصدر: (HUFFPOST) موقع أمريكي
You might also like