كل ما يجري من حولك

وجه أمريكي آخر للحرب على دول العالم.. وخاصة الصين

وجه أمريكي آخر للحرب على دول العالم.. وخاصة الصين

660

متابعات:

الحرب العالمية الجديدة التي تمتد عبر قارات العالم كله تقريباً على الأغلب تكون الولايات المتحدة الطرف الرئيس فيها، وخاصة في صراعها مع الدول المتقدمة صناعياً وعلى رأسها الصين. إن مفردات هذه الحرب لم تعد الأسلحة العسكرية وحدها، ولم تعد الجيوش تتحكم في مساراتها، بل امتدت إلى حروب اقتصادية، وهذا ما يحدث على الأغلب بين الصين الناشطة اقتصادياً والولايات المتحدة التي تحاول الحد من القوة الاقتصادية الصينية تارة عبر فرض الرسوم والضرائب، وتارة من خلال استفزاز الصين بما يتعلق بالأمراض الخطرة، ولعلنا جميعاً نذكر قصة «جنون البقر» التي شغلت العالم طويلاً و«أنفلونزا الطيور» التي كان لها وقع كبير على شعوب العالم كله.

اليوم يظهر على الساحة فيروس آخر يدعى «كورونا» ولا يستبعد أن يكون للولايات المتحدة دور في نشر هذا الفيروس في الصين لإرباكها في الوقت الذي ستتسابق شركات الأدوية الأمريكية لإنتاج عقار مضاد له كما حدث مع جنون البقر وأنفلونزا الطيور.

في البداية، لابد من أن نتساءل ما هو فيروس كورونا وما أعراضه؟

هو نوع من الفيروسات التي تتسبب في إصابة الحمض النووي للحيوانات والبشر، إذ يخترق مجموعة الخلايا والجينات ويتكاثر فيها، انطلق من مدينة ووهان الصينية في الـ12 من كانون الأول الماضي ولذلك تمت تسميته أيضاً بـ «فيروس ووهان».. يُعرف عنه قدرته على التحول من حين لآخر ومن فصيلة إلى أخرى، وهذا ما حدث في حالة مرض السارس من قبل.

ينتقل بين البشر عن طريق الجو، الإفرازات، أو ملامسة الأجسام الملوثة، وخاصة في فصل الشتاء وأبرز أعراضه الحمى وألم في الحنجرة والتهاب الجهاز التنفسي وآلام بالصدر وضيق في التنفس في بعض الحالات، إضافة إلى اضطرابات في الجهاز الهضمي.

يُفترض أن يكون «المضيف» لفيروس كورونا حيواناً حياً قيل إنه الخفافيش أو نوع من أنواع الأفاعي، وهذا المضيف بيع داخل سوق الحيوانات في مدنية ووهان التي يقطنها 11 مليون نسمة، ويعتقد أن مدة حضانة الفيروس هي سبعة أيام وقد تصل إلى 14 يوماً وحتى الآن لا يوجد دواء محدد ولا حتى لقاح.

ومن أجل وقف انتشار كورونا وضعت مطارات دولية عدة كاميرات حرارية لقياس درجة حرارة القادمين من الصين، مع فرض الحجر الصحي على الأشخاص المصابين. وفي هذا الصدد وصف فلاديمير جيرينوفسكي، وهو نائب روسي وزعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي فيروس كورونا الجديد بأنه «استفزاز أمريكي».ووضعه في سياق الحرب الاقتصادية الراهنة بين البلدين بقوله: يخشى الأمريكيون من عدم قدرتهم على تجاوز الصين أو على الأقل البقاء على قدم المساواة معها. وتابع: كل شيء سينتهي خلال شهر معتبراً أن هذا الفيروس استفزاز أمريكي للصين.

وبينما لم يوضح ما يقصده بـ «الاستفزاز الأمريكي» عدّ جيرينوفسكي أنه ليس الأول من نوعه مذكراً بفيروسي أنفلونزا الطيور وجنون البقر، وقال إن أشخاصاً من أمريكا يعيش معظمهم في سويسرا أصبحوا من أصحاب المليارات بفضل بيع علاج لهذه الفيروسات.

في صعيد آخر، وضمن إطار الحرب الاقتصادية التي تشنها الولايات المتحدة على الصين، والتي ترافقها حملات إعلانية ذكرت الـ «سي إن إن»الأمريكية في تقرير لها أن تفشي الفيروس سيؤثر في نمو الاقتصاد العالمي، وقالت على لسان جوليان إيفانز بريتشارد، كبير الاقتصاديين المهتمين بالشأن الصيني:إن الانتشار السريع للفيروس يعني أنه لم يعد هناك أي شك في تعطيله الاقتصاد خلال هذا الربع من العام الحالي.

وضمن سياق الحملات الإعلامية الأمريكية على الصين مستغلة «كورونا» أشار موقع «سكاي نيوز» الأمريكي إلى أن ظهور الفيروس وانتشاره في الصين أكبر مصدر للسلع في العالم وثاني أكبر اقتصاد على ظهر الكوكب، سيؤثر في الاقتصاد العالمي إذا لم تتم السيطرة عليه.

لقد بدا أن الصين عازمة بكل قوة على وقف انتشار كورونا بأي ثمن، ومن يستمع لحديث الرئيس الصيني، شي جين بينغ، يظن أن بكين دخلت في حالة حرب، وذلك عندما قال إن بلاده قادرة على الانتصار على الفيروس، وبالفعل اتخذت الصين إجراءات غير مسبوقة، إذ عزلت مدينة ووهان بالكامل، في أكبر عملية حجر صحي في العالم.

ويبدو أن أحد أهم الأسباب التي تدعو الصين لمواجهة الفيروس هو الاقتصاد الذي سيتأثر حتماً، إذ تمتلئ ذاكرة الصينيين القريبة بفيروس سارس عام 2003 الذي أدى حينها إلى تباطؤ في النمو وكلف البلد 40 مليار دولار، لذلك تبدو استجابة الصين للفيروس هذه المرة أقوى بكثير.

وقد تزامن تفشي كورونا مع احتفالات الصين بالسنة القمرية الجديدة وهو الموسم الذي يسافر فيه ملايين الصينيين داخل بلادهم أو خارجها، وما لاشك فيه أن تقييد سفرهم حرم دولاً وشركات طيران عدة من نفقات هؤلاء حسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية. وقد أوقفت الصين العديد من الاحتفالات العامة الكبرى، ما يعني خسارة مؤكدة للتجار، كما اضطرت بكين إلى إغلاق مدينة ووهان التي تعد أبرز المعالم السياحية التي يزورها يومياً أكثر من 80 ألف شخص.

على المدى البعيد، تعتمد تداعيات كورونا على الاقتصاد العالمي وفقاً لدرجة تفاقمه وتفشيه وقدرة الصين على وقف انتشاره، وربما يكون التأثير الاقتصادي الأخطر على الاقتصاد العالمي هو قيام السلطات الصينية بإغلاق شركات ومصانع في البلاد تمتلكها دول أجنبية مثل الولايات المتحدة، ما يعني فقدان وظائف وتباطؤ النمو وانخفاض العملات الأجنبية المحولة إلى البلاد، وقد تم إغلاق جميع مصانع السيارات في الصين خلال عطلة السنة القمرية الجديدة، ولا يبدو واضحاً ما إذا كانت ستفتح أبوابها قريباً.

وفي حال تجاوز الإغلاق الحد ، فهذا يعني توقفاً في عجلة الإنتاج وخاصة أن شركات مثل نيسان وجنرال موتورز وهونداي قامت بإجلاء موظفيها غير الصينيين ما سيؤثر بشكل أو بآخر في عجلة الإنتاج.

إن الأيام وربما الأشهر القادمة ستكشف أبعاد الحملات الإعلامية الضخمة بشأن فيروس كورونا.. وقد تكشف دور الولايات المتحدة في تهويل أو زرع هذا الفيروس.

عن «مركز الدراسات الاستراتيجية العالمي»

You might also like