كل ما يجري من حولك

المغترب تحت وطأة قوانين مجحفة وبيئة عمل غير عادلة .. السفالة في السفارة

المغترب تحت وطأة قوانين مجحفة وبيئة عمل غير عادلة .. السفالة في السفارة

786

متابعات:

المملكة السعودية تنظر بغطرسة وعجرفة لكل اليمنيين على اختلاف مواقفهم ومناطقهم ورؤيتهم للصراع القائم مع مملكة الشر ومن خلفها، فهي تنظر لمن هم في داخل الوطن كمتمردين وانقلابيين رفضوا الانصياع لمشاريعها ومزاجها، ولذلك وجب عليها إرسال جحافلها الوهابية وتحالف بعرانها ذوي العقلية الصحراوية البدوية، لإعادة فرض الوصاية السعودية على اليمن من جديد.

كما أنها تنظر لليمني المغترب فيها بازدراء وتتعامل معه بانتقاص، رغم دور المغتربين اليمنيين في بناء وتشييد السعودية الحديثة، فالمستثمرون اليمنيون وأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة تمنحهم الجنسية، وهي بذلك تعتبرهم كرجال أعمال سعوديين، بينما تتعامل مع المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال الصغيرة والمتوسطة بنظام استغلالي فاضح، حيث تفرض عليهم تسجيل ممتلكاتهم ومحلاتهم بأسماء سعوديين، وهذه الظاهرة تعرف في السعودية باسم التستر التجاري.

دور اليمنيين في نهضة الخليج

لعب رجال المال والأعمال اليمنيون دوراً بارزاً في النهضة العمرانية والتجارية في الدول الخليجية، بما فيها السعودية التي تعد الجالية اليمنية من أكثر الجاليات استثماراً داخلها رغم الإجراءات التعسفية التي يتعرضون لها، بل إن بعضهم استطاعوا تجاوز حدود الجزيرة العربية والمنطقة.

لم تكن السبعينيات هي بداية موجات هجرة اليمنيين إلى السعودية للتجارة، فقبل هذا التاريخ بنحو أكثر من عقدين من الزمن كان المهاجرون اليمنيون استطاعوا أن يندمجوا في مجتمعات خليجية؛ ومنها السعودية البدائية والبدوية في تكوينها الاجتماعي في ذلك الوقت، والتي لم تكن تعرف أيضاً لعنة الترف والرفاه بعد، وعليه فقد حصل أوائل المهاجرين على الجنسية وامتيازات أخرى، منها الحق في تسجيل ما يمتلكونه بأسمائهم.

ثمة أشياء تثير الحسرة والدهشة في آن واحد، فكبريات الشركات والمؤسسات والبنوك في السعودية تعود ملكيتها ليمنيين في غالبيتهم من المهاجرين الأوائل، فعلى سبيل المثال لا الحصر تعود ملكية البنك الأهلي السعودي لمؤسسه سالم بن محفوظ ذي الأصول الحضرمية، والذي يمتلك أيضاً أكبر سلسلة مطاعم في المملكة تحت اسم «Applebee’s».

كما أن رجل الأعمال اليمني أحمد سالم بقشان، هو صاحب أول مصنع للإسمنت في السعودية، ويمتلك أيضاً شركة تصنيع وتعليب المشروبات الغازية «Pepsi». 

إضافة إلى أن أهم وأكبر شركات العطور في السعودية تعود ملكيتها لرجلي الأعمال اليمنيين محمود سعيد وأخيه عبدالخالق سعيد، كما أن مصنع بحلس للسجاد الوطني ومجموعة بن لادن للمقاولات الأكبر عربياً تعود ملكياتها لرجال أعمال من أصول يمنية.

جامعة الملك عبدالعزيز أسسها تجار يمنيون في 1967، ومنهم بقشان، وقام الملك فيصل بشرائها وتحويلها إلى جامعة حكومية، وهناك غيرها الكثير من الاستثمارات اليمنية داخل المملكة.

عقود عمل غير منصفة

لكن رغم كل تلك الجهود والإسهامات لرجال المال والأعمال اليمنيين في نهضة المملكة، تتنكر السعودية لليمنيين وتتعامل معهم بصلف، وتفرض عليهم قوانين مجحفة وبيئة عمل غير عادلة.

محمد العديني، أحد المغتربين اليمنيين في السعودية، أكد لصحيفة «لا» أن عقود العمل التي تعتمدها المملكة للمغتربين اليمنيين عقود ظالمة، وتفرض على العامل التزامات وواجبات دون أن تضمن له أي حقوق تذكر، وتخضع بنود عقود العمل لمزاج الكفيل وصاحب العمل.

وأشار العديني إلى أن هذه العقود تتضمن إجراءات تعسفية، منها على سبيل المثال:

1 ـ إذا ترك العامل العمل عند كفيله فلا يجوز له العودة إلى السعودية لمدة عامين متتاليين.

2 ـ يلتزم العامل بتحمل نفقات التدريب والتأهيل.

3 ـ لا يحق له العمل في نفس النشاط في حالة نقل الكفالة داخل المملكة لمدة 5 سنوات.

4 ـ في حالة إخلال العامل بأي بند من البنود يتحمل نفقات تأديبية يقدرها الكفيل، ولا يحق للعامل المراجعة بشأنها.

بين رمضاء المملكة ونار السفارة

تعامل المملكة المجحف والمتعمد مع العمالة اليمنية، سواء في فرض قوانين مجحفة بحقهم وعدم احترام حقوقهم المادية والإنسانية، حول حياة مئات الآلاف منهم إلى جحيم لا يطاق، وهنا يأتي دور السفارة اليمنية في المملكة التي من المفترض أن تقوم بدورها في تذليل الصعوبات التي تعترض مواطنيها في بلد الاغتراب من أجل صون كرامتهم وحماية حقوقهم وحرياتهم من أي انتقاص من قبل سلطات البلد المضيف.

غير أن السفارة اليمنية في المملكة ليست مهتمة بتقديم أية خدمات تذكر لمغتربينا هناك أو حل مشاكلهم، وحالها ينطبق عليه المثل القائل «كالمستجير من الرمضاء بالنار»، إذ إن السفارة تشكل عبئاً إضافياً على كاهل المغتربين اليمنيين بما تفرضه من رسوم باهظة على معاملاتهم، تضاف إلى الرسوم والجبايات التي تفرضها عليهم الحكومة السعودية، كما أن العاملين فيها ليسوا سوى سماسرة يبحثون عمن يدفع أكثر لينجزوا له معاملة ما ولو كانت بسيطة جداً. 

ويؤكد عدد من المغتربين أن رسوم المعاملات في السفارة تزيد عن قيمتها الرسمية بأضعاف، فمثلاً استخراج جواز سفر من السفارة اليمنية في السعودية يكلف 1200 ريال سعودي، بينما لا تتعدى الرسوم القانونية 250 ريالاً سعودياً.

ويضيفون أن السفارة تفرض زيادة في الرسوم على كل معاملات الزواج والطلاق وتوثيق المواليد الجدد، والمصيبة أنها لا تصدر سندات تحصيل قانونية لهذه الرسوم، فسندات التحصيل ليست أوراقاً رسمية ولا يوجد عليها أي ختم، إضافة إلى أنها قسائم غير متسلسلة، وبذلك تسهل عملية الاختلاس والفساد.

وأشار هؤلاء المغتربون إلى أن السفارة تفرض 50 ريالاً سعودياً على كل شخص مقابل ما تسميه تقديم خدمات لأبناء الجالية لا تقدمها أصلاً، في حين أن السجون السعودية تمتلئ باليمنيين الذين يشكون من عدم متابعة السفارة لشكاواهم وتظلماتهم.

كما تفرض السفارة رسوم مرور للمغتربين المرحلين غير معلن عنها رسمياً، والتي تبلغ 37 ريالاً سعودياً، حيث تفرض عليهم دفع رسوم قدرها 312 ريالاً سعودياً مستغلة حاجتهم لتصاريح الخروج.

منصب رفيع لصاحب مطعم مقابل ديون

ولا تكتفي السفارة اليمنية في المملكة بابتزاز المغتربين اليمنيين، بل وصل بها الأمر إلى حد المتاجرة بجوازات السفر الدبلوماسية التي صرفتها لأبناء مسؤولين في حكومة العميل هادي.

وكشف ناصر السقاف (موظف في السفارة اليمنية في المملكة) في منشور على صفحته في «فيسبوك»، أن السفارة اليمنية في الرياض قامت بصرف 700 جواز دبلوماسي لأطفال مسؤولين وأبناء قيادات في حكومة العميل هادي.

وقال إن من بين الذين تحصلوا على جوازات سفر دبلوماسية يمنية، 7 أشخاص يعملون مباشرين (نوادل) في أحد المطاعم في مملكة البحرين، وبعد علم البحرين بهذه الفضيحة قررت إغلاق منافذها أمام حاملي الجواز الدبلوماسي اليمني.

وفي فضيحة أخرى، أوضح السقاف أن مالك أحد المطاعم في الرياض وصلت مستحقاته عند أعضاء في حكومة العميل هادي، إلى مبلغ 300 ألف ريال سعودي، وعندما لم يستطيعوا تسديدها قاموا بتعيينه في منصب رفيع مقابل المبلغ المالي الذي عليهم.

الحكومات اليمنية المتعاقبة تركت المغترب والمستثمر اليمني فريسة سهلة للقوانين الظالمة في مملكة الرمال السعودية، لأنها كانت تمارس دور الأجير للنظام السعودي، ولم تقم بأي شيء لتطمين المستثمرين وتشجيعهم لاستثمار جزء من أموالهم في بلدهم اليمن.

ظلت عشرات المليارات من الدولارات لرجال المال والأعمال اليمنيين تتنقل من دولة إلى أخرى دون أن يكون لوطنهم أي نصيب فيها، إضافة إلى عجز السفارة عن حماية اليمنيين المغتربين ومتابعة أحوالهم وحل مشاكلهم. كل ذلك جعل المغترب اليمني بين نارين؛ نار رسوم قانون العمالة الوافدة، ونار إتاوات سماسرة السفارة.

(تقرير – مروان أنعم)

You might also like