كل ما يجري من حولك

صحيفة عطوان: الأجواء اليمنيّة باتت خطًّا أحمرَ وأيّ مُفاوضات ستتم من موقِع القوّة

834

 

 

لم يَصدُرْ أيُّ نفيٍ أو تأكيدات رسميّة من السّلطات السعوديّة حولَ التّقارير الصحافيّة التي تتحدّث عن مُفاوضات سريّة بينها ومُمثّلين عن حركة “أنصار الله” في سلطنة عُمان، وبغض النّظر عن صُدور هذه التّأكيدات من عدَمِها، فإنّه يُمكن القول بأنّ هذه الحركة، وبعد إسقاطها طائرتين، الأُولى من نوع أباتشي قُبالة عسير الحدوديّة، والثّانية مُسيَّرة صينيّة الصُّنع فوق مُحافظة حجّة، باتَت تتفاوض، أو تُقاتل، من موقعٍ قويٍّ يتعزّز يومًا بعد يوم، بما يُغيِّر قواعِد الاشتباك بشكلٍ جذريّ.

من المُفارقة أنَّ طائرةَ الأباتشي العموديّة التي تُعتَبرُ الأفضلَ في العالم، وتصِلُ تكلفةُ النّوع المُتقدّم منها حوالي 20 مِليون دولار جرى إسقاطُها بصاروخٍ لا تزيدُ تكلِفتُه عن بِضعَةِ آلافٍ من الدّولارات، وجرى تطويرُه في معاملَ يمنيّةٍ محميّةٍ بجِبال اليمن العِملاقة.

موازينُ القِوى في الحرب اليمنيّة التي تقترب من دُخولها عامها السّادس، باتت كُلفتُها تَميلُ لصالح التّحالف العسكريّ والسياسيّ الذي تقودُه هذه الحَركة وجيشُها اليمنيّ المدعوم بقوّات المُقاومة الشعبيّة، فبعد تدميرها لأُسطورة الجُيوش الخليجيّة المُجهّزة بأحدث الأسلحة وأغلاها، وإذلال منظومات صواريخ “الباتريوت” التي يزيد ثمَنُ الواحد منها عن خمسَة ملايين دولار، ها هي تُدمِّرُ أُسطورةَ مِروحيّة الأباتشي فخر الصِّناعة الأمريكيّة في هذا المِضمار.

اليمنيّون الذين يتَصدّون للعُدوان الذي تقودُه  السعوديّة، يملِكون خُصلَتين رئيسيّتين لا تُوجَد لدى خَصمهِم جعلتهم يكسَبون هذه الحرب، أو لا يخسرونها على الأقل، الأُولى: النّفَس الطّويل والثّقة بالنّفس، والثّانية: انهيار غِطاء “الشرعيّة” الذي جرى استخدامُه كذريعة لتبرير هذه الحرب، وإذا أضفنا إليهما ثالثة الأثافي، أيّ نجاحهما في إنهاكِ عدوّهم واستنزافه مَاليًّا ومَعنويًّا، وضربِه في خَاصِرته الضّعيفة، أي مُؤسّساته النفطيّة مصدر قوّته ودخلِه الأبرز، وأحد معالم هيبته الوطنيّة وتهديد مطاراته.

عندما يُهدِّدُ السيّدُ عبدُ الملك الحوثي -زعيم حركة “أنصار الله”- بقصف أهدافٍ إسرائيليّةٍ، وتحتجز قوّاته سُفنًا كوريّة جنوبيّة في البحر الأحمر، وتُفتِّشُها قبلَ إطلاق سراحها، فإنَ هذا يعني أنّنا أمامَ نُشوءِ قوّةٍ إقليميّةٍ جديدةٍ في مِنطقةٍ استراتيجيّة تتحكّمُ بالممرّات المائيّة، والأجواء، ليس فوقَ اليمن والجزيرة العربيّة فقط، وإنّما في مِنطقة الخليج أيضًا.

بعدَ إسقاطِ هاتين الطّائرتين السّعوديّتين، باتت الأجواءُ خطًّا أحمرَ، تمامًا مِثل الأراضي اليمنيّة، والمُستَقبل سيكونُ حافِلًا بالعديدِ من المُفاجآت

* افتتاحية صحيفة رأي اليوم

You might also like