كل ما يجري من حولك

نحو السلم أم الحرب الجديدة؟ (3 – 3)

نحو السلم أم الحرب الجديدة؟ (3 – 3)

553

متابعات:

العدو السعودي الأمريكي حينها كان في ذروة توغله في اختراق محاور صعدة وحجة الحدودية وتمدده على جبهة عريضة واسعة بعرض أكثر من 300 كيلومتر وبعمق عشرات الأميال داخل الشريط الحدودي، بعد أن ظن بأن قوات الجيش واللجان قد أصابها الوهن والإجهاد والقنوط من شدة الحصار الشامل، وأنها لم تعد قادرة على مواجهة الهجوم من عدة جبهات في وقت واحد، وأنها غرقت في الاستنزاف جنوبا وغربا مما يجعل سمك جبهاتها الدفاعية شمالا ضعيفاً وقابلاً للاختراق.

غير أن قيادة قوات الجيش واللجان كانت قد جهزت الأرض جيدا، ونصبت فخاخاً في دوائر متوالية، وشبكات واسعة غير مرئية من الكمائن على النقاط المناسبة، وتركت المجال مفتوحا وشبه مهمل وضعيفا لاستدراج تقدم العدو بقوات كبيرة للإيقاع به بقوة بدلا من الانكسارات السابقة المحدودة التي كانت تنزل بالعدو فيفر مستغلا وجوده داخل مناطقه. فقد قررت القيادة في المرحلة الجديدة سحب واستدراج العدو إلى مناطقنا الداخلية للالتفاف عليه لتقييد حركته ومحاصرته وتدميره بقوة وكثافة تجعل نتائج الاصطدام كارثية وتمنع عليه إمكانيات الهروب والتفكير بإعادة وتنظيم وتجميع قواته مجددا.

انتقلت قوات الجيش واللجان وقيادتها إلى تطوير استراتيجيات جديدة نوعية في إطار انتقالها من الدفاع إلى الهجوم، تتمثل فيما يلي:

1 ـ بدلا من كسر العدو على مشارف الحدود، قررت القيادة تحطيم قوات العدو في كمائن على سفوح المنحدرات والمرتفعات الصديقة الداخلية وعلى ضفاف الوديان التخومية وخلف خطوطه وعلى مجنباته خلال تقدمه وتوغله، ومن ثم الإيقاع به بين فكاك الأسود ومطارق الجنود والإطباق عليه من كل جانب، بعد تقسيمه وتشتيته وتجزئته في جزر ودوائر منعزلة. 

2 ـ الانتقال بالمعركة وأدواتها ووسائلها من القتال بالأسلحة الكلاسيكية إلى الاستخدام المكثف لأسلحة الجو المسير والصواريخ التكتيكية القصيرة المدى والصواريخ المضادة للطيران، والسيطرة الجوية على سماء المعركة التكتيكية الميدانية والهجومية وتحييد السلاح الجوي للعدو وتهديده وإخراجه من ساحة المعركة والقتال الأرضي. 

3 ـ المزاوجة بين الهجمات الأرضية المباشرة والهجمات الاستراتيجية الرادعة بعيدة المدى على قواعد العدو اللوجستية ومطاراته وقواعد انطلاق طائراته ومراكز قياداته ومواصلاته وخطوطه على بعد مئات الأميال من ساحة المواجهات الجارية، وفي هذا الإطار تمكنت قوات الجيش واللجان من إخراج مطارات نجران وعسير وجيزان عن الخدمة تحت الضربات الصاروخية اليومية والطيران المسير.

انهيارات العدوان لا سابق لها

تكبدت السعودية، زعيمة العدوان، الهزائم الضخمة على الجبهات الشمالية الشرقية. وكانت أبرز الانهيارات العسكرية على الحدود الشمالية، والتي تمثلت في هزائم جبهة صعدة ـ نجران، وهزائم جبهة صعدة – علب – عسير، وهزائم جبهة جيزان ـ الملاحيظ ـ حيران، والتي تم خلالها تحرير جميع المناطق التي كانت قد توغلت السعودية فيها خلال السنوات السابقة للعدوان وبهدف اختراق الخطوط الداخلية اليمنية، لكن محاولاتهم الاختراقية تحولت إلى هزائم وكمائن كبرى أودت بآلاف المرتزقة وآلاف المعدات والأسلحة التي غنمها أبطالنا المجاهدون، بعد أن ردوا اختراقات مرتزقة العدوان إلى نحورهم. وتحولت قوات الجيش واللجان، بعد فترة من الدفاع والالتفاف والمناورات، إلى الهجوم وتمكنت من اختراق الحدود السعودية والسيطرة على مناطق داخل هذه الحدود.

وتمثلت أبرز الهجمات المضادة لقوات الجيش واللجان في عمليات وادي أبو جبارة في صعدة باتجاه نجران، وعلب ومجازة في جبهة عسير، وحيران والملاحيظ في جبهة جيزان.  

وتمكنت قوات الجيش واللجان من السيطرة على مدينة الربوعة والإشراف على محيط مدينة نجران ومحيط مدينة جيزان، والتوغل في عسير وفي جميع المحاور الشمالية الحدودية.

تكبدت السعودية انهيارات جماعية هائلة لم تشهدها خلال السنوات السابقة بهذا الحجم من العدد والخسائر والنكسات والارتدات النفسية والعقيدية والحربية والسياسية والمعنوية، ولا يوجد سوى آلاف المرتزقة المحليين والأجانب، أي جيوش من العبيد، والعبيد لا يمكنهم القتال والصمود أمام قدرات أبطال الجيش واللجان، لذلك سرعان ما انهاروا رغم أنهم متفوقون عدداً وعتاداً وموزعون على جبهات الحدود.

لم يكن أمام المملكة ومرتزقتها سوى الانهيار والهزائم المدوية، لم ينهاروا من كثرة أفراد قوات الجيش واللجان ولا من عدتهم المتواضعة البسيطة، وإنما انهاروا أخلاقيا ومعنويا وعقيديا ونفسيا وروحيا قبل الانهيار العسكري المادي الميداني. إنها الطبيعة النفسية التي يحملها كل مرتزق وكل عبد وهو في صف أعداء بلده، يقاتل أبناء وطنه وشعبه، ويتسلم الأموال لقاء ما يسكبه الشعب من دماء وتضحيات.

لم يعد هناك جيش سعودي الآن على الحدود، والطريق مفتوحة حتى مشارف الطائف. وما إن تنهار بقية الألوية المرابطة داخل مدن نجران وجيزان وأبها وخميس مشيط، فإن اجتياحها ليس سوى مسألة وقت لا أكثر، فالمعركة الهجومية اليمنية الحدودية ما تزال في بدايتها، وعلى العدو أن يحذر فالأسوأ بالنسبة له لم يأت بعد.

ومادامت المعركة الحدودية الهجومية في بدايتها، فإنها ماتزال تخفي الكثير من المفاجآت والقدرات والنتائج، والضربات التي تفوق بأضعاف كل ما سبقها من ضربات وقدرات، فالعدو لم يواجه بعد التحديات الكبرى لقوات الجيش واللجان الشعبية والشعب اليمني والأمة اليمانية الحرة.

اتفاقية حرب جديد!

ومن نصوص الاتفاق المبرم بين الشريكين ومعانيها الملموسة، تتضح طبيعة وملامح ذلك الجوهر المتجسد في العمل على توحيد قوى وقوات الشريكين المرتزقين في كتلة استراتيجية وسياسية واحدة موحدة، توحد قواها العسكرية والسياسية لتشكيل جيش موحد خلال المراحل القادمة، بغض النظر عن نقاط تقابلهما واختلافهما حول الغنائم والأهداف النهائية التي ما تزال بعيدة المنال، في ظل الحضور الطاغي ميدانيا وعسكرياً لقوات الجيش واللجان.

الدرس القديم الذي يحاول إدراكه العدو ولو متأخرا، هو أن الوحدة قوة والتفرق ضعف، وأن بقاء الفرقة لا معنى لها سوى الفشل والهزائم الدائمة. كما أن تشكيل حكومة مناصفة بين الطرفين يعني أن السعودية أجبرت «الانتقالي» على أن يتنازل مؤقتا عن مطالبه السابقة، التي أوعزت بها إليه إلى مرحلة تالية ستأتي بعد أن يقتنع أنه لا يمكنه تحقيق شيء منفردا في مواجهة قوات الجيش واللجان، ومن ثم فإن القضاء عليهما منفردين أمر محتم ومؤكد بعد تجربة المعارك الساحلية السابقة والحدودية التي تؤكد كلها تلك الحقيقة.

وفي الجهة المقابلة، السعودية أجبرت ما يسمى «الشرعية» على تقديم تنازلات بقبولها «الانتقالي» شريكاً لها في الفترة القادمة، لأن القوات التابعة له قوة كبيرة تبلغ حوالي ثلث قوات المرتزقة بشكل عام، مع تفوق نوعي في التسليح المدرع والمدفعي.

ومن خلال تصريحات الطرفين الموقعين وتعليقاتهما، فإنها تشير بوضوح إلى أنهما يعتبران الاتفاق هو مجرد معبر وجسر يتيح لهم الانتقال عليه معا من الوضع الراهن نحو المرحلة الجديدة القادمة.

(تقرير – علي نعمان المقطري)

You might also like