كل ما يجري من حولك

بوليفيا ساحة بديلة للانتقام الإمبريالي

بوليفيا ساحة بديلة للانتقام الإمبريالي

581

متابعات:

منذُ عقود تدور عقارب الساعة وتعود إلى النقطة ذاتها في أمريكا اللاتينية، فمن جديد تعود القارة إلى الواجهة، مع معركة جديدة بين اليسار الاشتراكي والإمبريالية العالمية، فمعركة الإمبريالية اليوم في «اللاتينية» هي نفسها في سياق الحرب على اليسار والأسلوب هو نفسه «الانقلاب» المفضل بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، بعد مرحلة الحصار والحروب الاقتصادية، المؤدية بالضرورة لصرف الانتباه عن العدو الخارجي وتحويل التدخلات الخارجية إلى أزمات داخلية اجتماعية – اقتصادية، بين معارض وسلطة بالضرورة لا ترضى بها أمريكا.

في بوليفيا لا يختلف الأمر شيئاً، فالصراع مازال هو نفسه، حرب الإمبريالية على المبادئ الأولى لليسار، بمحاربة توزيع الثروات العادل والقيادة الوطنية للاقتصاد، حيث إن ما يجري اليوم في بوليفيا، التي تعتمد القواعد الاشتراكية نفسها كغيرها من دول أمريكا اللاتينية التي تقارع الإمبريالية، لا يمكن إلا الإشارة إلى أن لأمريكا «العدو التقليدي» اليد في ذلك، فالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أكد أن الولايات المتحدة تقف وراء الانقلاب الذي جرى في بوليفيا.

لا تسمح أمريكا بمرور واكتمال أي مشروع اقتصادي واجتماعي بسلاسة في أمريكا اللاتينية، رغم الانتخابات الديمقراطية والحرة التي تفوز بها الأحزاب اليسارية المعادية بكينونتها للإمبريالية الأمريكية التي تنهب خيرات بلدانها، ففي كل انتخابات حرة يفوز بها اليسار- غير المرضي عنه أمريكياً- فإن واشنطن التي تفتعل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في هذه البلدان كما يحدث في كوبا وفنزويلا وبوليفيا لا تشذ عن القاعدة و التي تضامنت مع فنزويلا في حربها ضد المشاريع الإمبريالية الأمريكية، فعندما عجزت أمريكا عن إحداث التغيير التي تريده في فنزويلا وكوبا، كانت الساحة البديلة للانتقام هي بوليفيا ساحة المواجهة الساخنة والجديدة مع قوى اليسار في أمريكا اللاتينية.

في أمريكا اللاتينية لاتهم الديمقراطية والحرية بالنسبة لواشنطن بقدر ما تسفر عنه من وصول حلفاء لها إلى السلطة، رغم أنها دائماً تبني تدخلاتها على ذلك، ولكن عندما تخذل صناديق الاقتراع أحلام أمريكا تلجأ إلى الانقلابات العسكرية، فأغلب الديكتاتوريات العسكرية المنقلبة على السلطة الشرعية والتي حكمت في دول أمريكا اللاتينية كانت بدعم وتخطيط أمريكي، فمادورو أكد أن واشنطن كانت تقف وراء جميع الانقلابات التي جرت في المنطقة.

ساحة مواجهة مباشرة جديدة فتحت أمام الحرب التي لا تنتهي بين الإمبريالية والاشتراكية، بين غطرسة القوة الاقتصادية والتكنولوجية من جهة وبين الصمود والسيادة والمبادئ الخيرة من جهة أخرى.

أمريكا كسبت جولة باستقالة الرئيس البوليفي إيفو موراليس، لكن الحرب لا تزال قائمة، ففقراء بوليفيا يعلمون الطريق التي خطها الثائر سيمون بوليفار في عموم أمريكا اللاتينية والتي «بوليفيا» اتخذت اسمها منه، ومن جاء بعده من فيدل كاسترو في كوبا إلى هوغو تشافيز في فنزويلا، فكسب معركة على الطريق لا يعني نهاية الحرب، وبخاصة عندما تكون بين إيديولوجيتين متنافرتين «اشتراكية ورأسمالية».

(راتب شاهين)

You might also like