كل ما يجري من حولك

مع الصبر النصرُ والظَّـفَـر

563

 

ماجد جدبان

إن عاقبةَ الصبر على المعاناة في سبيل الله تعالى وفي سبيل الدفاع عن اليمن أرضاً وإنساناً وأن نتحرّر من سيطرة الطاغوت والاستكبار ونحن نسعى لأداء واجبنا ومسؤوليتنا لمواجهة الطغيان والعدوان وتحقيق الحرية والاستقلال ومن خلال الاستعانة بالله تعالى التوكل عليه عاقبتُه الخيرُ والنصر والظَّفَر، وبذلك نطق الوعد الإلهي في القرآن الكريم قال تعالى: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) وقال تعالى: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا، إِنَّ الأرض لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).

إن الصعوبات في هذا الطريق يوماً ما يتم تجاوزها كما تجاوز الأنبياء والرسل كثيراً من الصعوبات والتاريخ يشهد بذلك في حركة النبي (صلى الله عليه وعلى آله) فقد واجه المسلمون تحت رايته تحدياتٍ كبيرةً منها غزوة الأحزاب التي وصل المسلمون آنذاك إلى: (إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا) وغيرها كثير من التحديات، وفي الأخير تحقّق الوعدُ الإلهي بنصر الله وبعاقبة التمكين لعباده المتقين.

فالتاريخُ يعيدُ نفسَه نحن كيمنيين شعبٌ مظلوم ومعتدى عليه وتعصفُ به التحديات من كُـلّ جانب وفي كُـلّ مقوماته أبرز ما نعتمد عليه بعد الله هو الصبر؛ لأَنَّه السُّلَّم الذي نعبُرُ عليه إلى النصر والظَّـفَـر وصبرنا وصمودنا وثباتنا ما هو إلّا نموذج مصغّر لصبر أولي العزم من الرسل في مقامهم ومكانتهم عند الله إلّا إنها سنن الله في تبيين الحق والحقيقة وغربلة المؤمن من الكافر والصادق من الكاذب والصابرين من المتهاونين والكسلين، فالذين منحهم الله شرفَ الهدى والرسالة وتبيين الحق وحملَه للآخرين والصبر على المعوقات والمطبات التي تحيط بهم لتجاوزها لا بد لهم من الصبر على ما منحهم الله من شرف إيصالها إلى الأمم كما أوصلها نبي الرحمة، فالتهاون وعدم الصبر يؤدي إلى الزلل مع استمرارية تأييدِ الله ونصره لنا ونحن لم نصبر ولم نعِ معنى الصبر وقيمته وأنه هو النصر هو التمكين وهو جناية للوعد الإلهي بنصره وتمكينه.

والصبرُ لا يكونُ إلا في العمل الدؤوب لحمل الرسالة أَو القتال تحت رايتها في ميادين القتال ومواجهة الكافرين والمعتدين والطاغوت، كما سطّره الله في كتابه وسطر منه قصص لطالوت وجنوده ومحمد والذين آمنوا معه وموسى والملأ الذين اتبعوه وكانت ثمرة صبرهم النصر على الأعداء من الأمم ونتيجة صمودهم في وجه وحدة وقوة أحزاب اليهود وقريش وفرعون وجالوت الذين كانوا يمثلون أعتى قوة آنذاك، فماذا كانت النتيجة؟ كانت النصر عليهم (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ) والظَّفَر لنبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله في إيصال الرسالة إلى العالم كله (وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا) ونصر موسى على جبروت فرعون وطغيانه وكانت ثمرة صبرهم زوال ممالك وغرق وهلاك أُخرى.

فنحن أمة محمد في واقعنا هذا وفي ظل تكالب الأمم علينا وحربها وعدوانها وفتنها إن لم نعطِ للصبر أكبرَ قيمة وللثبات والصمود في وجه أعتى قوة أكثر أهميّة فلا نصر من الله ولا ظَـفَـر على أعداء الله؛ لأَنَّهم الآن أكثرُ خبرةً وأكبر تكنولوجيا وسلاحاً ومكراً وضلالاً، ونحن إن لم نستخدم صبر محمد ونهج محمد ونحن تحت لواء محمد ومع عترة محمد “ص” الذين هم امتدادٌ لنبوته ومنهجه وصبره فهل سنحظى بالنصر الذي حظي به وهو نبيُّ الله ووحيُه وشريعته في أرضه أمرنا الله باتباعه والاقتداء به في كُـلّ مقومات حركته الرسالية ليقول الله لنبيه ولامته (وكان حقاً علينا نصرُ المؤمنين) ومن أصدق من الله قيلاً؟.

ولنا من الواقع عبرة ودروسٌ ومن جبهات الحدود والداخل، ومن صبر الشعب اليمني نصرٌ يلوح في أفق اليمن وضَفَراً على أعداء اليمن ومن غزا اليمن وهذا هو الشرف الذي منحه الله لنا من بين الأمم لنقدم الشواهد الحية لعصا موسى التي لقفت ما أفكوا لها وأغرقت من حاربها وحجر داوود التي قتلت جالوت ومن معه بعد أن دعوا الله أن يفرغ عليهم الصبر.

ومن يمننا وصبرنا وثباتنا كان نصرُنا وعزتنا أمام أعتى طغيان مسلح ومجند تحت راية الطاغوت إلّا يليق بنا أن نقدم الحق والحقيقة لآيات القرآن وعظمته والشاهد على هذا الدين وقوته ومنهج النبي المختار ومعيته وولاية خليفته الكرار وعترته انطلاقاً وقولاً وفعلاً والتزاماً تحت هذه الراية القرآنية التي تتلوها الأجيال جيلاً بعد جيل (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)، وما النصرُ إلّا من عند الله القوي العزيز.

You might also like