كل ما يجري من حولك

تعذيب قتل الأسير.. صورٌ لن تمحوَها الأحداثُ

492

 

خوله العُفيري

لمن يسألون عن ما هي أُمُّ الجرائم وأبشعها؟ إنها جليةٌ أمامكم، بشاعة هذه الجريمة النكراء التي لم تكن الأولى وليست الأبشع، فما سبقها كان أفظع وأبشع.

قساوةٌ تقشعرّ لها الأجسادُ ويندى لها جبينُ الإنسانية، يا لها من فاجعة عظيمة تصيب قلوبَ أهالي الأسرى الذين طال انتظارهم لعودة أبنائهم سالمين من حضن السجون إلى حضن الأمان، ولطالما كان ليلهم دامساً لا يشرق فيه نهار ولا تغمض فيه عين ولا يهجع فيه، فلا يهدأ لهم بالٌ وهم يدعون ويدمعون، يفكّرون كيف حال ذويهم عندَ تلك الوحوش البشرية التي لا ترقب في الأسير إلّاً ولا ذمّة.

من ثم تعود إليهم الفاجعة من تلك الديار دون أبنائهم وتعود لهم الأحزانُ من جديد، بدلاً عن الفرح الذي كان يأملونه عند عودتهم.

يا لها من جريمة نكراء تنكر الإنسانيةُ مرتكبيها، بل وتتبرأ منهم الديانةُ الإسلامية التي يدّعون الانتماءَ اليها، وتنعيهم العروبةُ والهُوية الذي لا يمثلونها قط.

لم تكن هذه الجريمة الأولى ولكنها في سجل الكشف الإجرامي لأحقادهم، فجريمةُ دفن الأسير عبدالقوي الجبري ما زالت عالقةً في أذهاننا، صورة لن تمحوَها الأحداثُ ولن تنسينا إيّاها السنينُ، جريمة لن يغفرها لهم الزمنُ طالما وجع رحيلهم يسكن قلوبَنا، فلن تسقط جرائمُكم في بحر السهو والنسيان، ولكنها ستظل قضية محاسبة المجرمين وتحصيل أولياء الدم حقوقَهم لشلالات الدماء المسفوكة ظلماً وعدواناً، ولن يسقط عنكم عارُها ونتيجة إجرامكم.

فما تركه قبحُ أعمالكم السوداوية من أثر يحرقُ الأكباد على فلذاتها وَيشوي القلوب على أبنائها، لم ولن تخمد تلك النيرانُ المشتعلة في أحشائهم، بل ستكون شرارات ملتهبة ستحرقكم في جحيم أحزانها، وستغرقكم دموع ثكلاها، ولن تنجيكم سفينةُ الأموال والدراهم، حينئذٍ لن ينفعَ الدرهمُ ولن يجديَ الريالُ، فستدركون حينها كم هو الثمن الذي ستدفعونه بحقِّ الدين دنيا وآخرة.

فدماءُ العظماء الذي لطّختم وجوهكم بها لن تمرَّ مرورَ الكرام، فهي كفيلة بأن تجرفكم إلى مستنقع العمالة والخيانة ودكتاتورية الارتزاق، وستخط دماءُ الأحرار من جديد، وتدوي صرختها “لن ترى الدنيا على أرضي وصياً”.

You might also like