كل ما يجري من حولك

عندما تظهر السعودية كداعم للأراضي السورية؛ ماذا تريد دموع التماسيح هذه المرة؟

عندما تظهر السعودية كداعم للأراضي السورية؛ ماذا تريد دموع التماسيح هذه المرة؟

481

متابعات:

اجتذب الهجوم العسكري التركي الاخير الذي بدأ قبل بضعة أيام على المناطق الشمالية والشمالية الشرقية السورية التي تتمركز فيها قوات سوريا الديمقراطية الكردية بالتزامن من انسحاب القوات الامريكية من تلك المناطق، انتباه العديد من المحللين والخبراء والشخصيات السياسية. وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية، بأنه كان لهذا الهجوم التركي الغادر رد فعل عالمي وإدانات واسعة النطاق بين الدول العربية والغربية، بحيث أن ذلك الهجوم التركي الأخير قد وحد أعضاء جامعة الدول العربية في اجتماعهم الاخير ضد العدوان العسكري التركي على الاراضي السورية وخلال ذلك الاجتماع دعا ممثلي الدول العربية في جامعة الدول العربية إلى ضرورة حماية كافة الاراضي السورية واحترام سيادتها. وعلى الرغم من أن بعض حلفاء تركيا مثل قطر أيدوا ذلك الهجوم، إلا أن معظم الدول العربية والاقليمية ادانت ذلك الهجوم، بما في ذلك إيران.

ووفقا للعديد من وسائل الاعلام، فلقد تحول الغزو التركي لشمال سوريا، على الرغم من أنه بدأ باسم جميل “نبع السلام”، إلى ينبوع من الدم في المنطقة، وبالإضافة إلى أن ذلك الهجوم تسبب في قتل الآلاف من طبقات الناس المختلفة، أدى أيضا إلى تهجير  عشرات الآلاف من النساء والرجال والأطفال السوريين الذين لم ينسوا بعد طعم النزوح والحرب.

وفي رد على الهجوم التركي على شمال سوريا، أدانت السعودية العملية العسكرية واصفة إياها بـ “العدوان” السافر. وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية إن الهجوم التركي “تعدٍ سافر على وحدة واستقلال وسيادة الأراضي السورية. كما ذكر المصدر بأن المملكة تشعر بالقلق تجاه ذلك العدوان، بوصفه يمثل تهديدًا للأمن والسلم الإقليمي، مشددًا على ضرورة ضمان سلامة الشعب السوري الشقيق، واستقرار سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها. ونبه المصدر السعودي إلى أنه بصرف النظر عن الذرائع التي تسوقها تركيا، فإن خطورة هذا العدوان على شمال شرق سوريا له انعكاساته السلبية على أمن المنطقة واستقرارها، مشيراً، إلى أنه يقوض الجهود الدولية في مكافحة تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) الإرهابي.

ومن جانبه، رفض وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو” بشدة الإدانات التي وجهتها المملكة العربية السعودية للعملية العسكرية التركية في شمال سوريا، متهما المملكة بقتل وتجويع الكثير من المدنيين في اليمن. وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية التركية، بأن “جاويش أوغلو” قال، “لقد قتلتم وجوعتم الكثير من المدنيين في اليمن، بأيّ حقّ تُعارضون الآن هذه العملية”. وسبق أن شدد وزير الخارجية التركي على أن الهدف من عملية “نبع السلام” التي أطلقتها تركيا الأربعاء الماضي، هو القضاء على ما وصفه بالإرهاب، وليس أكثر من ذلك. وأعرب عن استنكاره الشديد للانتقادات الموجهة لهذه العملية تحت ذريعة أنها ستعرقل عملية مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، وأنها ستؤدي إلى حدوث أزمات إنسانية، مضيفا بالقول: “لقد تعبنا من ضرب المنافقين في وجوههم وهؤلاء لم يتعبوا أو يملوا من النفاق مع الأسف، لكننا سنواصل ضربهم في وجوههم“.

مما لا شك أن الغزو التركي للمناطق الشمالية والشمالية الشرقية لسوريا هو اعتداء سافر على سيادة وحدود دولة مستقلة، لكن لماذا المملكة العربية السعودية التي كانت حتى أمس تحيك الكثير من المؤامرات للاطاحة بالنظام السوري وتتهمه بقتله للكثير من الابرياء وتتهمه بتقديم الكثير من الدعم للارهابيين، ظهرت اليوم كداعم لوحدة كافة الاراضي السورية والقوات الكردية والسلامة الإقليمية لسوريا ؟ ولماذا أيضا ادانت الغزو التركي ؟ ألا يعني هذا أن الموقف الذي اتخذته المملكة العربية السعودية له علاقة بمصالحها السياسية مع أنقرة أكثر من كونه موقفاً إنسانياً ؟

وفي هذا السياق، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأن تزايد الخلافات بين المملكة العربية السعودية وتركيا خلال الفترة الأخيرة، أكد أن الرياض عند الضرورة تهتم بمصالحها السياسية أكثر من القضايا الأخرى. ولفتت تلك المصادر بأن التوترات بين البلدين زادت حدتها قبل عام عندما استغلت أنقرة قضية اغتيال الصحفي السعودي المعارض “جمال خاشقجي” في قنصلية بلاده في اسطنبول على أيدي رجال المخابرات السعودية، وذلك من اجل الضغط على الرياض لتحقيق بعض المكاسب على الساحة الاقليمية والدولية.

وقد نجم عن جريمة الاغتيال تلك، العديد من ردود الفعل القوية من قبل المسؤولين الأتراك، وخاصة الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” ضد الأسرة السعودية، وخاصة “محمد بن سلمان” ولي عهد المملكة العربية السعودية. وبعد حادثة الاغتيال هذه، اغتنم الرئيس “أردوغان” كل فرصة لانتقاد المملكة العربية السعودية واتهامها بالقيام بالكثير من عمليات انتهاك حقوق الإنسان في البلاد وتوجيه أصابع الاتهام لـ”بن سلمان” في قضية اغتيال الصحفي “خاشقجي” ولقد أصبح النزاع بين الجانبين خطيرًا لدرجة أنه اشتمل على مجالات أخرى مثل السياحة والاقتصاد والثقافة.

وهنا لا ينبغي للمرء أن يتجاهل حقيقة أن المملكة العربية السعودية ترى في الأساس تركيا كمنافس لها في قيادة العالم الإسلامي وأنها تنتهز كل فرصة لإسقاط هذا المنافس الشرس. إن علاقات تركيا الإيجابية مع إيران، إلى جانب علاقات أنقرة الجيدة جداً بالدوحة والتي تعتبرها الرياض دولة معادية لها في المنطقة، قد قادت المملكة العربية السعودية وتركيا إلى الدخول في “حرب مصالح”.

وفي الختام، صحيح أن أي ضمير إنساني يدين بشدة الغزو التركي لسوريا، لكن المملكة العربية السعودية، التي تلوثت أيديها بدماء الآلاف من الرجال والنساء والأطفال اليمنيين، والتي لا تزال تحاصر هذا البلد الفقير الذي يعيش حاليا على اعتاب أسوأ كارثة إنسانية في العالم، ليست في وضع يسمح لها بالدعوة إلى حماية حقوق الإنسان والحفاظ على سيادة دولة مستقلة، لأنها تنتهك السيادة اليمنية منذ خمس سنوات، كما أن تدخلها العسكري تسبب في تدمير البنية التحتية لهذا البلد وعودته لمئة عام إلى الوراء.

You might also like