كل ما يجري من حولك

الدبُّ الروسي طامعٌ في ما تبقى من حليب البقرة

622

 

المسيرة: متابعات

في ذروة المتغيّرات المتسارعة والانشغال الروسي الأمريكي بالتطور في الشمال السوري وعشيةَ زيارة بوتين، كانت القواتُ الأمريكية تنسحب من شمال سوريا في الوقت الذي أبرم فيه حلفاؤها الأكراد اتّفاقاً مع الجيش السوري المدعوم من روسيا ؛ بهَدفِ صد هجوم عسكري تركي، جاءت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتن إلى الرياض التي تعاني للعام الخامس على التوالي من عجز وانسداد في الخيارات أمام حرب أعلنتها على اليمن أضرت بسُمعتها الإقليمية والدولية.

على مستوى الصورة لم تكن حفاوةُ الاستقبال لبوتين في أدنى مستويات حرارة ما حظي به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي كان الملكُ السعودي على رأس مستقبليه في المطار، يحضُرُ أمير سعودي لاستقبال بوتن واصطحابه إلى القصر الملكي.

على مستوى المخرجات لم تتجاوز الاتّفاقيات الموقعة بين الرياض وموسكو أربعة تراخيص استثمار لشركات روسية متخصصة في البناء والعقار وتقنية المعلومات والاستشارات المالية والهندسة المعمارية وفق ما جاء على لسان وزير التجارة السعودي ماجد القصبي كما وقع الجانبان خلال الزيارة أكثر من 12 مذكرة تفاهم شملت مجالات الطاقة والبتروكيماويات والنقل والذكاء الصناعي وبما لا يتجاوز ملياري دولار، يدرك بوتين أن انتزاعَ اتّفاقات عسكرية ونفطية في ظل أزمة عميقة يعيشها القطاع النفطي السعودي في أعقاب عملية أرامكو ليس بالأمر الهيّن ولا بالمتاح، في ظل الاحتكار الأمريكي لكل ما يتصل بقضايا توفير الحماية لكل مؤسّسات النظام وخُصُوصاً ما يتعلق بقطاع الأمن والطاقة عدا عن الصفقات الضخمة والتي تجاوزت أربعمِئة وخمسين مليار دولار.

وقبل الزيارة قال بوتين، الذي عرض تزويد المملكة بأنظمة دفاعية روسية بعد عملية الرابع عشر من سبتمبر بأن بوسعه أَيْـضاً أن يلعب دوراً إيجابياً لتخفيف حدة التوتر في المنطقة، إلا أن أيَّ تقدم لتنفيذ خطط تدرسها السعودية منذ فترة لشراء نظام الدفاع الجوي الصاروخي إس-400 سيؤدي إلى استياء في واشنطن التي أعلنت في مطلع الأسبوع أنها سترسلُ نحو 3000 جندي ونُظُم دفاع جوي إضافية إلى السعودية.

بعيداً عن المقارنة والمفارقة، ثمة متغيرٌ كبيرٌ في المشهد السعودي بعد تعاظم إخفاقاته في أكثر من ملف، بدءاً بسوريا التي كان رئيسها أكبر الأعداء بالنسبة للرياض فقد باتت الحليف المقرب من موسكو، وُصُولاً إلى اليمن الذي وضع تحالفاً مدعوماً من واشنطن أمام امتحان كبير بعد تنفيذ عمليات توزان الردع النوعية، بما خلّفته من تداعيات سمع بها العالم، فهل ترمّم هذه الزيارة بعضاً من سُمعة مهدورة؟ يقول الواقع إن الدب الروسي طامع في ما تبقى من حليب البقر.

You might also like