كل ما يجري من حولك

الأشياء المشتركة بين خيانة أمريكا لكردستان وخيانتها لليمن

الأشياء المشتركة بين خيانة أمريكا لكردستان وخيانتها لليمن

472

متابعات:

أخيراً، قام ترامب بعمل يزعج حقاً كل شخص تقريباً. 

في إعلانه الضوء الأخضر لشن غارة تركية على شمال سوريا ضد الأكراد، حلفائنا الأقوى في المنطقة ضد «الدولة الإسلامية»، فقد أثار الرئيس موجة من الغضب ليس فقط من الأوساط المعتادة بل ومن القادة الدائمين، قواتنا في الخطوط الأمامية وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين المؤيدين عادةً. 

هذا الغضب مفهوم، لكن القرار كان متوقعاً تماماً ويتماشى مع غرائز الرئيس المعلنة. كان ترامب يتذمر من كونه طيلة أشهر يريد مغادرة سوريا. وليس لديه أي تاريخ من الولاء لهؤلاء الذين يعمل معهم، ولا وجود لأي تعاطف من قبله مع المستضعفين في أي قتال. وإذعانه لأطماع تركيا يعكس تماماً تأييده للتدخل السعودي في اليمن: في كلتا الحالتين، وقف إلى جانب القوة الإقليمية المهيمنة الساعية إلى سحق انتفاضة عرقية شعبية في دولة مجاورة والتي تخشى أن تمتد إلى أراضيها. 

قد تبدو المقارنة غريبة بشكل سطحي. كان الأكراد عميلاً أمريكياً ذا قيمة لسنوات، بينما كان يتم نبذ الحوثيين بشكل منتظم باعتبارهم وكلاء لإيران. علاوة على ذلك، دعمت أمريكا بشكل فعال الحرب السعودية، بينما كنا نفسح الطريق للجيش التركي. لكن السعوديين قد دفعوا بالحوثيين بشكل كامل إلى أذرع الأسلحة الإيرانية أكثر مما كانوا عليه قبل دمار بلدهم. وكان الدعم الأمريكي لحرب اليمن في بادئ الأمر أقل حماسة بكثير مما أصبح عليه في نهاية المطاف تحت إشراف ترامب. سنرى ما يحدث في كردستان سوريا، لكن تخلينا سيؤدي على نحو منطقي بالكرد إلى البحث عن راع إقليمي آخر يمكن أن يقدم لهم دعماً جديراً بالاعتماد عليه، مبنياً على مصلحة مشتركة حقيقية. والراعي المحتمل هو إيران. 

إن محاولات أمريكا المستمرة احتواء أو حتى الإطاحة بالنظام الإيراني تشكل الستار الخلفي المهم لوجودنا في سوريا في المقام الأول. قبل ظهور «الدولة الإسلامية»، كانت أمريكا منخرطة في حرب بالوكالة للإطاحة بالحكومة السورية إلى جانب مجموعة معارضة، العديد منها مرتبط بالإسلاميين السنيين. هذه المحاولة بدورها كانت على الأقل متعلقة بإسقاط حليف إيراني، بقدر ما كانت تتعلق بالترويج للديمقراطية السورية الخرافية. ومع ذلك كان تنظيم داعش يعتبر خطيراً للغاية لدرجة أنه لم يكن لدينا رغبة في إتاحة الوقت له كي يعزز سلطته؛ حيث كانت أولويتنا السابقة في استبدال نظام الأسد خاضعة للحاجة إلى تدمير الخطر الجديد. 

خاضعة ولكن ليست مهجورة

استقرت الولايات المتحدة على أن الكرد هم حلفاؤنا الأفضل في الحرب ضد «الدولة الإسلامية»، ويعود ذلك بشكل جزئي إلى أنهم كانوا إلى حد بعيد المقاتلين الأفضل تدريباً والأكثر التزاماً -بخلاف استمرار تخيل دعاة التدخل، لم يكن هناك أي وكلاء مقبولين آخرين- بل ولأنهم أيضاً كانوا قوة مستقلة فعلاً في الصراع. وقد لا يعني الانتصار للأكراد انتصاراً للأسد -أو للراعي الإيراني للأسد. 

 مع ذلك، كان الوقوف مع الأكراد يعني معاداة تركيا التي كانت تحارب التمرد الذي قام به حزب العمال الكردي على نحو متقطع لعقود. وكنتيجة، حتى بعد أن تم بشكل كبير كسب القتال ضد «داعش»، كان على القوات الأمريكية البقاء في المنطقة، من أجل أمرين: هما منع الأتراك من التدخل لسحق الأكراد ومنع إيران من المشاركة في تدخلها. 

بطبيعتها، لم يكن هناك نهاية طبيعية لهذا الانتشار. لدى الأكراد ادعاء أفضل من الأغلبية بشأن دولة خاصة بهم: أنهم مجموعة عرقية مميزة كان يتم قمعها بوحشية من قبل العديد من البلدان التي تعيش فيها، ولديهم حس قوي بالهوية، وروح قتالية ستخدمهم جيداً في الدفاع عن أي دولة يفوزون بها. إلا أنهم غير قادرين على الحصول على دولتهم الخاصة في الدولة التي يعيشون فيها. كانوا موضع قتال لـ»الدولة الإسلامية» ولكن ليس للقوى الإقليمية مثل تركيا. وفي غياب أي راع إقليمي، احتاجوا إلى مدافع من خارج المنطقة مستعد للوقوف ضد كل الأطراف: الولايات المتحدة. 

ولعب هذا الدور يستهوي الطبائع الرومانسية للأمريكان. لكن الرومانسية ليست أساساً ثابتاً لعلاقة طويلة الأمد، والنتائج السلبية لتأمين الطموحات الكردية هي دائمة بشكل أساسي. وقد خانت أمريكا الحلفاء الذين يعانون منذ فترة طويلة، عندما لم يعد دعمهم من مصلحتنا. بالنظر إلى البولنديين: بعد كل ما عانوا منه خلال الحرب العالمية الثانية، فقد استحقوا بقوة أن يستولي ستالين على نصف أراضيهم وأن تكون حكومتهم خاضعة لسيطرة السوفييت الفعالة. لكن الولايات المتحدة لم تكن لتلحق حرباً عالمية أخرى بتلك، ولا حتى لضمان استقلال البلد الذي أدى دفاعه إلى اندلاع حريق عالمي في المقام الأول. 

تبقى واشنطن اليوم متلهفة بشكل ملحوظ لحرب أخرى، ودعمنا وتخلينا عن الأكراد قد تشكل بشكل حاسم بفعل هذه الديناميكية. وفي الوقت الذي أثبت فيه الرئيس ترامب حتى الآن أنه عصبي أكثر مما كان يفضل قادة حزبه -إذا كان هناك أي مبرر استراتيجي لدعمه حرب السعودية في اليمن واعتداء تركيا على سوريا، فإن كلا الحليفين خصمان إقليميان لإيران. كما هو الحال مع حرب السعودية الكارثية في اليمن، يحتمل أن تدفع الحرب التركية في كردستان بضحاياها نحو الأذرع الإيرانية وأن تشعل تمردها الداخلي إلى الخارج. 

إن أي إدارة قادمة أكثر ذكاءً ستخدم هذا الاحتمال لتحذير أنقرة، وربما حتى تقوم بإيجاد مساحة لاستقلال الكرد في توزان دقيق بين المصالح التركية والإيرانية. لكن قد يتطلب ذلك القبول بمكانة إيران كلاعب إقليمي كبير لها مصالح مشروعة لجعلها متوازنة. وكما أننا عازمون على جعل العداء تجاه إيران محور سياستنا الخارجية في المنطقة، سيتم التلاعب بنا بسهولة من قبل قوى إقليمية في دعم جهودها الأكثر وحشية في القمع -أو سوف يتوجب علينا الاستمرار في وضع قواتنا على طريق الأذى ولا نغادر أبداً. 

نوح ميلمان – موقع «ذا ويك»

You might also like