كل ما يجري من حولك

شكـراً علـى حُسـن النوايا السعودية!!

شكـراً علـى حُسـن النوايا السعودية!!

528

متابعات:

يريد ابن سلمان الخروج من حربه على اليمن بصورة مشرفة؛ لكن احتجاز سفن الوقود بغرض جر اليمنيين إلى كارثة إنسانية كبيرة سيجعله يعض أصابعه ندماً.

الإشارات الإيجابية التي تحاول السعودية تمريرها بخصوص الحرب في اليمن، والتعاطي مع مبادرة المجلس السياسي الأعلى الداعية للسلام، يظهر عكسها ميدانياً في واقع معاناة اليمنيين من الحصار واحتجاز ناقلات المشتقات النفطية في البحر من قبل قوات تحالف العدوان الذي تقوده السعودية.

واجهت صنعاء عشرات الأزمات الاقتصادية، منذ بدء العدوان قبل قرابة أربعة أعوام ونصف، ونجت منها بحسن إدارة السلطات لملف الأزمات بمختلف أنواعها وفي جميع مراحلها، خلال خمس سنوات.

تبدو أزمة الوقود الحالية أكبر من سابقاتها، فقد نفد مخزون شركة النفط اليمنية، وأصبحت أغلب قطاعات الدولة شبه مشلولة. لكن اليمنيين يثقون بأن ذلك لن يستمر طويلاً، لأنهم يعلمون أن جيشاً مسنوداً بلجان شعبية مازال في جعبتهم الكثير من المفاجآت المدوية التي ستجعل العدو يعض أنامله ندماً، هذا إن استطاع.

ولإظهار الصورة الكاملة لما قد ينتج عن استمرار تحالف العدوان في احتجاز سفن وناقلات المشتقات النفطية، تستعرض صحيفة “لا”، في التقرير التالي، حجم الكارثة التي يواجهها الشعب اليمني وحيداً، رافضاً الاستجداء وفاضحاً لمجتمع دولي ظهر قبيحاً جداً في اليمن.

في الشارع بين الناس

ما زالت عشرات المركبات المختلفة تسجل حضوراً رمزياً في شوارع العاصمة صنعاء، يساعدها في ذلك كميات نفطية احتياطية وفرها أصحابها للضرورة.

تتواجد حافلات النقل الداخلي بأعداد قليلة جداً، لكنها تفي بالغرض، فهي تنقل الموظفين الحريصين على التواجد في مقرات أعمالهم، سواء كانوا مدرسين أو في مختلف قطاعات ومكاتب الدولة، أو العاملين في القطاع الخاص، وكذلك طلبة الجامعات والمدارس الذين يأتون إلى كلياتهم ومدارسهم من أماكن بعيدة.

يتزاحم الركاب على الحافلات القليلة، ويتكدسون داخلها بأعداد تفوق حمولتها وحجمها، لكن الركاب وأصحاب الحافلات مضطرون لتحمل ذلك، لأن أزمة الوقود الخانقة جعلته أمراً واقعاً ومقبولاً.

ومع دخول ساعات المساء، تبدأ حركة الناس والمركبات تخف بدرجة كبيرة، وتتلاشى كلما تقدم الليل، ويعيش المضطرون للخروج ليلاً، سواء بسبب أعمالهم أو لظروف اضطرارية، معاناة انتظار طويلة في سبيل تمكنهم من ركوب حافلة نقل تساعدهم على الوصول إلى منازلهم أو وجهاتهم الاضطرارية.

اتخذ الناس تدابير تمكنهم من الصمود لفترات طويلة، لكنهم قد لا يستطيعون ذلك، لأن أزمات المشتقات النفطية بالذات لم تتوقف منذ بداية العدوان. 

ازدهـار الأوبئة

في 13 محافظة يسكنها أكثر من 22 مليون يمني، تبدو الأمراض أمام فرصة سانحة لتهديد حياة كل تلك الملايين البشرية، كونها ترتبط بشكل مباشر بقطاع النظافة الوشيك انهياره بسبب انعدام المشتقات النفطية.

تحتاج فرق النظافة إلى تشغيل سيارات وعربات النفايات. لكن الآن وبعد أزمة خانقة استمرت 10 أيام منذ نهاية سبتمبر الفائت، ثم لاحقاً بعد إعلان شركة النفط اليمنية الأسبوع الفائت نفاد خزاناتها من المخزون النفطي، وجدت فرق النظافة نفسها عاجزة عن توفير كميات من الديزل والبترول تمكنها من إنجاز مهامها في جمع المخلفات والقمامة من الشوارع والحارات ولو في الحد الأدنى.

وحذر المدير التنفيذي لصندوق النظافة في أمانة العاصمة، المهندس محمد شرف الدين، من أن انعدام المشتقات النفطية سيؤدي إلى كارثة بيئية نتيجة توقف 400 – 450 سيارة نظافة عن العمل.

يبدو مرعباً تصور حجم النفايات والمخلفات والقمامة التي ستتكدس في الشوارع والأحياء السكنية، وما الذي ستخلفه من كارثة على صحة سكان أمانة العاصمة و12 محافظة أخرى.

جدار اللامبالاة الدولي

ليست المرة الأولى التي يطلق القطاع الصحي في اليمن نداء استغاثة للعالم، بسبب احتجاز قوات تحالف العدوان لناقلات المشتقات النفطية ومنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة، غير أن نداءاته الاستغاثية تصطدم بجدار لا مبالاة دولية مريبة.

وقد اعتاد القطاع الصحي على تخلي المنظمات الأممية والدولية عنه، لكنه هذه المرة وجد نفسه عاجزا عن إيجاد حلول لكوارث إنسانية كان قد عمل على تخفيفها قدر الاستطاعة. أما هذه المرة، فلم يعد ثمة مخزون وقود على الإطلاق. فما الذي يستطيع فعله قطاع لم تسلم مستشفيات ومرافقه الصحية وكادره وحتى مرضاه من الاستهداف المباشر والقاتل؟!

ومساء السبت الفائت أعلن متحدث وزارة الصحة العامة والسكان في صنعاء تقليص ساعات العمل في المستشفيات بسبب انعدام الطاقة وشح المشتقات النفطية.

الدكتور يوسف الحاضري، الذي أكد أن القطاع الصحي بات مهدداً بالانهيار التام، قال إن إجراءات تقليص ساعات العمل في المستشفيات إجراء اضطراري يهدد حياة المرضى.

هناك ما يزيد عن 120 مستشفى حكومياً، والكثير من المستشفيات الخاصة، و3 آلاف مركز صحي، وصيدليات ومختبرات وبنوك الدم، مهددة بالشلل التام، إذا استمر تحالف العدوان في احتجاز ومنع وصول المشتقات النفطية.

وبحسب الدكتور الحاضري فإن عدد المنشآت الصحية التابعة للقطاع الخاص المتضررة من انقطاع المشتقات النفطية يقدر بـ183 مستشفى و165 مستوصفاً و555 مركزاً طبياً، بإجمالي يتجاوز 903 منشآت. 

ويقدم القطاع الخاص خدمات صحية لأكثر من 60% من السكان، خاصة في ظل الظروف التي يمر بها البلد من عدوان وحصار. وتأثر هذا القطاع بسبب المشتقات النفطية سيؤدي إلى كارثة صحية كبرى، يقول الحاضري.

القطاع الزراعي والحيواني.. نتائج كارثية

انعدام المشتقات النفطية لن تقتصر نتائجه (القاتلة) على قطاع معين، فكل القطاعات مرتبطة ارتباطاً أساسياً ومصيرياً بتلك المشتقات، ومن بينها قطاع الزراعة والري، وكذلك الثروة الحيوانية.

قاوم قطاع الزراعة والري عشرات الأزمات، واجتهد لكي يخرج منها بأقل الخسائر، ليس ذلك فحسب، بل وعمل على استصلاح أراضٍ زراعية في عديد محافظات، وزراعة أنواع معينة من الحبوب كالقمح والبطاطا، وذلك في إطار رؤية وطنية أطلقها المجلس السياسي الأعلى في صنعاء نهاية مارس الفائت تهدف إلى الاكتفاء الغذائي.

ويعتمد قطاع الثروة الحيوانية، خاصة مزارع الدواجن وإنتاج البيض ومزارع الأبقار وإنتاج الألبان والحليب، المشتقات النفطية بالإضافة إلى تشغيل محركات قوارب صيادي الأسماك وثلاجات التبريد.

وقالت وزارة الزراعة والري في حكومة الإنقاذ الوطني، على لسان وزيرها المهندس عبدالملك الثور، السبت الفائت، إن احتجاز سفن المشتقات النفطية يهدد القطاع الزراعي ويؤثر سلباً على إنتاج المحاصيل الزراعية التي يعتمد ريها على مولدات استخراج مياه الآبار، كما يعتمد تسويقها على المشتقات النفطية.

الثور طالب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالقيام بدورها في إيقاف العدوان الهمجي، ورفع الحصار المفروض من التحالف، والسماح بدخول المشتقات النفطية لإنقاذ القطاع الزراعي والحيواني من الانهيار.

لمــاذا تصمـت الأمــم المتحـدة؟!

هل تعلم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي حجم الكارثة التي يتعمد تحالف العدوان جر الشعب اليمني إليها استمراراً لجرائمه بحقهم؟!

أصحاب المخابز والأفران يتذمرون وقد يتوقفون عن العمل، وكذلك محطات تنقية مياه الشرب، والمصانع بمختلف إنتاجاتها… ومن المؤكد أن السلطات في صنعاء لن تقف مكتوفة الأيدي حتى يحقق تحالف العدوان أهدافه الانتقامية.

حيال الأزمات التي تستهدفهم وتتنافى مع المواثيق الدولية والإنسانية، يُبدي اليمنيون صبراً مدهشاً، ويتعهدون بمزيد من ذلك الصبر، ولكنهم يطالبون الجيش واللجان الشعبية بمواصلة عملياتهم الهجومية النوعية، والتنكيل بعدو فاقد للأخلاق، يستقوي على المدنيين ويختبئ خلف جدران المؤامرات الخبيثة. 

تقرير: عبدالملك هادي

You might also like