كل ما يجري من حولك

ماذا يدور وراء الكواليس وما هي الأسباب التي أدّت إلى طرد “جون بولتون” من البيت الأبيض؟

ماذا يدور وراء الكواليس وما هي الأسباب التي أدّت إلى طرد “جون بولتون” من البيت الأبيض؟

434

متابعات:

يوم الثلاثاء الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، عن إقالة “جون بولتون” مستشار الأمن القومي الأمريكي من منصبه، موضحاً أنه سيعيّن مستشاراً جديداً الأسبوع المقبل. 

وأعرب الرئيس “ترامب” في تغريدة على حسابه في تويتر، قائلاً : “أخبرت جون بولتون الليلة الماضية أن خدماته لم تعد مطلوبة في البيت الأبيض، اختلفت بشدة مع العديد من اقتراحاته، كما فعل آخرون في الإدارة، وبالتالي طلبت من جون تقديم استقالته، التي قُدمت إلى هذا الصباح، أشكر جون جزيل الشكر على خدمته، سأعيّن مستشاراً جديداً للأمن القومي الأسبوع المقبل.

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن رحيل “بولتون” يأتي في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأمريكي إلى الانفتاح الدبلوماسي مع العديد من البلدان التي لا تحبّذ سياسات البيت الأبيض في العالم، وهي الجهود التي أزعجت المتشددين في الإدارة، مثل “جون بولتون”.

إن الإطاحة بـ”بولتون” من منصبه تعدّ مؤشراً واضحاً يحمل في طياته العديد من العلامات والرسائل حول من هم صنّاع القرار داخل البيت الأبيض وداخل السياسة الخارجية لأمريكا.

مهمة “بولتون” في إدارة “ترامب”

كان “جون بولتون” الذراع اليُمنى للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” والمحرّك الرئيس للواقع الهجومي داخل البيت الأبيض وكان أيضاً أحد معارضي الالتزامات الدولية لأمريكا ولقد استخدم “بولتون” تعليمه في مجال القانون وذلك من أجل أن تلتزم واشنطن بالحد الأدنى من التزاماتها القانونية في الشؤون الدولية وعندما كان يمثل أمريكا في مجلس الأمم المتحدة، كان يعارض بشدة قانون “روما” الأساسي والمحكمة الجنائية الدولية، وخلال حقبة “ترامب” كان أحد المؤيدين الرئيسيين لانسحاب أمريكا من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وكان أيضاً داعماً رئيساً لفرض عقوبات أمريكية على وزير الخارجية الإيراني وزيادة العقوبات الاقتصادية على طهران.

لقد كانت المهمة الرئيسة لـ”بولتون”، وربما السبب الأكثر أهمية لاختيار “ترامب” له لدخول البيت الأبيض، هو أنه شارك في حملة فرض ضغوط قصوى ضد إيران.

يذكر أن “بولتون” دخل البيت الأبيض قبل أقل من شهر واحد من انسحاب “ترامب” من الاتفاق النووي الإيراني.

يذكر أن “بولتون” انتقد الرئيس الأمريكي السابق “باراك أوباما” عندما وقّع على الاتفاق النووي، كما أنه وصف سياسات “أوباما” تجاه إيران بالضعيفة. 

ونظراً لمعارضة مستشار الأمن القومي الجنرال “ماكماستر” ووزير الخارجية الأمريكي “تيلرسون” لخطوة “ترامب” بالانسحاب من الاتفاق النووي، أصبح موقف “بولتون” الراديكالي ضد طهران مواتياً ومحبّذاً عند “ترامب”.

ولقد نشر “بولتون” مقالاً في صحيفة “نيويورك تايمز” في عام 2015، قال فيه: “لإيقاف القنبلة الإيرانية، ينبغي علينا القيام بقصف إيران”.

ولقد قدّم “بولتون” طريقتين لمواجهة إيران، أحداهما القيام بهجوم كثيف على المنشآت النووية الايرانية والطريقة الثانية تغيير النظام الحاكم في طهران، كان يعتقد “بولتون” أن إيران لن تتخلى عن الأسلحة النووية حتى ولو أجرت مفاوضات مع الدول الغربية.

نقاط الخلاف المتزايدة بين “بولتون” و”ترامب”

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في عام 2020، دفع فشل برامج البيت الأبيض فيما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” إلى، أولاً وقبل كل شيء، الابتعاد عن سياسة الدخول في حروب مع العديد من بلدان العالم وذلك لأنه يعلم جيداً بأن مكانته في مارثون السباق الانتخابي المقبل ضعيفة ومتذبذبة، وثانياً يجب عليه التعامل بحرص لحل عدد من القضايا الحساسة في العالم والقبول بالدخول في مفاوضات مع إيران وكوريا الشمالية والصين وأفغانستان بدلاً من استخدام سياسة التهديد والوعيد.

وحول هذا السياق، كشف العديد من الخبراء السياسيين بأن خروج “بولتون” ليس بالمفاجئ، وهو بدأ طرحه أول الصيف مع تنامي الخلافات بينه وبين “ترامب” حول فنزويلا وإيران وكوريا الشمالية وأخيراً أفغانستان، فالشخصيتان متناقضتان في طريقة صنع السياسة ومقاربة الصفقات.

وذكر أولئك الخبراء بأن “ترامب” يريد الوهج الإعلامي سواء بزيارة المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين، أم اقتراح دعوة طالبان إلى منتجع “كامب ديفيد”، أم إمكانية دعوة وزير الخارجية الإيراني “جواد ظريف” إلى البيت الأبيض.

أما “بولتون”، صاحب الأفكار المتشددة، بل الملتزمة بالأساليب التقليدية لصنع السياسة، كان يحبذ الابتعاد عن حوار مباشر مع إيران، ويلتزم التشدد مع روسيا وفنزويلا، وعدم مكافأة النظام الكوري الشمالي قبل تخليه عن السلاح النووي.

وأكد أولئك الخبراء السياسيون بأن مسألة تخلي “ترامب” عن “بولتون” جاء نتاجاً للتخبط داخل الفريق الرئاسي، وتذمّر وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” من أداء “بولتون”، وتضارب الرسائل السياسية الصادرة عن البيت الأبيض، لكن خروجه لن يصنع أو يفشل اتفاقات وصفقات يريدها “ترامب” وذلك لأن “بولتون” ليس قادراً على منع انفتاح “ترامب” على كوريا الشمالية ولم تكن له المقدرة على إيقاف “زلماي خليل زاد” من عقد تسعة اجتماعات مع طالبان في الدوحة.

ومن أبرز نقاط الخلاف بين “بولتون” و”ترامب” أيضاً، دعوة “جون بولتون” منذ زمن بعيد إلى انتهاج خط متشدد مع طهران، لكن “ترامب” كرّر إعلانه عن انفتاحه على السبل الدبلوماسية وأيّد على سبيل المثال اقتراحاً فرنسياً يرمي إلى منح طهران خط اعتماد، معرباً عن استعداده لقاء نظيره الإيراني “حسن روحاني” من دون شروط مسبقة.

بشكل عام، يمكن القول هنا بأن إقالة “بولتون” من منصبه تعتبر علامة واضحة أخرى على فشل الضغوط الأمريكية على طهران ويرى معظم النخب والخبراء السياسيين أن وجود “بولتون” بجوار “ترامب” يُعدّ أمراً خطيراً، لذا كانت ردود الفعل على طرد “بولتون” من البيت الأبيض إيجابية.

وفي هذا السياق، قال السيناتور الجمهوري “راند بول” بعد إقالة “بولتون”: إن “تهديد الحرب في مختلف أنحاء العالم يتراجع بدرجة كبيرة مع خروج بولتون من البيت الأبيض.

وفي المقابل، قال السيناتور الأمريكي “ميت رومني”: “إن آراء بولتون المختلفة هي السبب في رغبتي أن يظل موجوداً في البيت الأبيض”، وأضاف رومني”: “أنا حزين للغاية لرحيله

وعلى الرغم من إقالة “بولتون” الذي كان يُعدّ واحداً من أكثر صانعي القرار داخل البيت الأبيض، إلا أن السبب الجذري للمشكلات التي تعصف بصناعة القرار السياسي داخل البيت الأبيض، يرجع إلى نهج ترامب” تجاه العالم، وبالتالي فإن هذا النهج سيشهد مزيداً من الإخفاقات والمأزق في المستقبل.

المصدر: الوقت

You might also like