كل ما يجري من حولك

الساحل الغربي بيد طارق صالح: خطوة إماراتية لتعزيز نفوذها..!

الساحل الغربي بيد طارق صالح: خطوة إماراتية لتعزيز نفوذها..!

755

متابعات:

تسرّع الإمارات من حراكها على الساحة اليمنية مع الإعلان عن نيّتها سحب قواتها من هناك ففي خطوة جديدة تدل على مسعاها لتكريس نفوذ وسيطرة حلفائها قلبت أبوظبي الطاولة في الساحل الغربي وغيّرت من خارطة السيطرة على الأرض بعد أن سلّمت كل مناطق هذا الساحل إلى العميد طارق محمد عبد الله صالح نجل شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله صالح وأخضعت كل التشكيلات العسكرية في المنطقة لقيادة طارق صالح.

هذه الخطوة أوجدت ردود فعل متفاوتة بين الأطراف اليمنية ببن مؤيد وبين متخوف متردد من تأثير ذلك على سلطة حكومة هادي التي يقل أكثر فأكثر نفوذها الميداني. وأكد بيان صادر عن القوات الرئيسية في الساحل الغربي المتمثلة في “ألوية ومقاومة تهامة” و”حراس الجمهورية” و”المقاومة الوطنية” و”ألوية العمالقة” الاتفاق على تشكيل قيادة موحّدة لهذه القوات وتشكيل غرفة عمليات مشتركة مرتبطة بالتحالف السعودي الإماراتي مباشرة وفقاً لما تمليه عليها “مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية.

إخضاع “ألوية ومقاومة تهامة” و”ألوية العمالقة” التي كان يتقاسم النفوذ فيها حكومة هادي و”المجلس الانتقالي الجنوبي” لسلطة طارق صالح يعني إخراج هذه القوات من تحت عباءة حكومة هادي وتسليمها إلى صالح تحت ضغوط إماراتية. وعلى الرغم من عدم صدور تعليق حتى بشكل رسمي من قيادة حكومة هادي على هذه الخطوة الإماراتية وحتى من وزارة الدفاع وهيئة رئاسة الأركان إلا أن هناك آراء لمسؤولين في حكومة هادي يتخوفون من هذه الخطوة فيما آخرون رحبوا بها مع تحذيرهم من تداعيات تسليم القوات لأطراف لا تعترف بحكومة هادي.

 وزير الدولة في حكومة هادي عبد الرب السلامي ذكر في منشور له في “فيسبوك” أن “إعادة هيكلة ألوية الساحل الغربي لقيادة واحدة بشكل مؤسسي ومهني خطوة جيدة وهي أفضل بكثير من البعثرة والأشكال المليشياوية الشعبوية السابقة” مضيفاً أن “إجراء تلك الهيكلة خارج وزارة الدفاع ورئاسة الأركان الشرعية يعتبر مشكلة أخرى كبيرة قد تؤدي، إذا لم تعالج بسرعة وبمسؤولية مشتركة من قيادة التحالف العسكري مع حكومة هادي إلى شرعنة ظاهرة الجيوش الموازية. وهي ظاهرة لا تقل خطورة عن ظاهرة المليشيات التي يراد تفكيكها”. وتابع: “في تقديري نستطيع كيمنيين مع التحالف العسكري السعودي إيجاد حل لهذه المشكلة إذا توفرت الإرادات السياسية الصادقة فمصلحة اليمن ومصلحة الإقليم والعالم لن تتحقق إلا باستقرار مؤسسات الدولة الشرعية وفي مقدمتها مؤسسة القوات المسلحة ولا يوجد في اليمن دستورياً إلا شرعية واحدة وجيش وطني واحد”.

من جهته اعتبر رئيس المكتب السياسي للمجلس الأعلى للحراك الجنوبي فادي باعوم في تعليق على الخطوة أن “اللعب أصبح على المكشوف” وقال في منشور له على صفحته في “فيسبوك” إن “أي مقاومة موحدة في الساحل الغربي يتحدث عنها قائد الحرس الجمهوري؟ كما أعرف فالأغلبية جنوبيون بل وبعضهم يرفع علم الجنوب ويعرف طريق الحديدة لاستقلال الجنوب”. وتابع: “أصبح اللعب على المكشوف وهذه إرادة الكفيل”.

موقف باعوم كان أول رد فعل جنوبي من طرف سياسي رسمي، فيما لم يعرب “المجلس الانتقالي الجنوبي” عن أي ردة فعل حول الخطوة، لا سيما ان هناك ألوية فعلياً كانت توالي المجلس ومدعومة من الإمارات. وألمح مصدر مقرب منه لـ”العربي الجديد” إلى أن “الانتقالي” مرتبط بالإرادة الإماراتية وهناك علاقة بين طارق صالح وبين المجلس، وحتى إن القوات الموالية لـ”الانتقالي” تحرس معسكرات التدريب ومعسكرات صالح في عدن وخارجها، وهذا ما يؤكد أن المجلس أخضع القوات الموالية له لسلطة صالح.

يأتي هذا متزامناً مع تسريبات عن نيّة الإمارات سحب جزء من قواتها من الساحل الغربي لا سيما بعد أن دعمت ودربت ما يقارب المائة ألف جندي في الساحل الغربي وفي مناطق جنوب وشرق اليمن. وباتت هذه القوات على علاقة مباشرة بأبوظبي التي تتحكّم فيها، لذلك فقد جاءت خطوة توحيد هذه القوات الكبيرة في الساحل الغربي لتبدو في ظاهرها كتوحيد للقوات ضد الحوثيين، لكن مصدرين سياسيين قالا إن “هذه الخطوة تُعد بمثابة توزيع الأدوار وتقاسم النفوذ على الأرض بين حلفاء الإمارات في الشمال والجنوب وتقليص نفوذ القوات الموالية للشرعية في مناطق السيطرة”.

وعلى ضوء هذه الخطوة بات حلفاء الإمارات يبسطون سيطرتهم على محافظات ومناطق جنوب وشرق اليمن لا سيما السواحل من باب المندب إلى المهرة بينما حلفاؤها في الشمال بقيادة طارق صالح يبسطون نفوذهم على الساحل الغربي من باب المندب حتى ميدي لتراوح الشرعية مكانها في مأرب والجوف وجزء من صعدة ومن تعز من دون أي منفذ بحري أو حتى جوي.

*(العربي الجديد)

ماذا تريد الإمارات؟

ثمة سببان للانعطافة الإماراتية في اليمن يجري تداولهما:
الأول: الخوف من تغير قواعد الاشتباك الإقليمية على وقع المواجهة الإيرانية الأميركية، وهو ما لا تتحمّله دولة كالإمارات. ولطالما كرر مراقبون استبعادهم شنّ حرب ضد إيران إن بقيت جبهة اليمن مفتوحة. اليوم لا يمكن لأي مراقب أن يفصل ما يجري منذ إلغاء واشنطن الإعفاءات على العقوبات أو ينزع الدلالة عن تزامن تصعيد الخطوات الإيرانية مع نقلة نوعية في العمل العسكري في اليمن ضد التحالف السعودي الإماراتي سواء من خلال تفعيل أسلحة جديدة كالصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة أو الزج بأهداف حساسة ومنشآت حيوية كالحاصل في معادلة المطارات.

كل ذلك التقطته أبوظبي التي تدرك جيداً أن توسع رقعة الاشتباك ليشمل نفطها ومطاراتها وموانئها وسفنها يفوق طاقتها على التحمّل، وبالتالي تبرز الحاجة إلى مناورات للنأي بالنفس عن الصراع الأكبر في المنطقة وهو ما بدأت إشاراته مع الاحجام عن اتهام إيران بالهجوم على ناقلات النفط في الفجيرة. التطورات الأخيرة أثبتت أن بإمكان طهران الاستفادة من الحرب على اليمن (بالتقاطع مع أجندة صنعاء) لجعل ثمن انخراط حلفاء واشنطن في الخليج باهظاً الأمر الذي يجعل مسعى أبوظبي عقلائياً إلى حد بعيد خصوصاً أن الثمن الذي تدفعه حليفتها الرياض اليوم من نفطها ومطاراتها درس ليس ببعيد.

الثاني: يتعلّق بعدم رغبة أبوظبي في مواصلة الحرب على اليمن بالقواعد الحالية، لجملة من الأسباب، تنطلق من اختلاف الأجندة الإماراتية عن السعودية. أبوظبي، المهتمة بملفات كالنفوذ الإقليمي والجزر والسواحل والموانئ ومحاربة «الإخوان» لا بصراع «وجودي» على حدودها لم ترغب في حرب طويلة الأمد، ومن الأساس فإن رهانها الفاشل على معركة الحديدة كان لفتح بوابة مشرّفة للحل السياسي. بالعودة إلى البرقيات الأردنية التي نشرتها «الأخبار» قبل مدة، نجد أن السفير الأردني لدى الرياض علي الكايد سمع من سفير الإمارات لدى الرياض، شخبوط بن نهيان، قلقاً لدى بلاده من السعودية، وتأثيرات سلوكيات الأخيرة سلباً عليها. يقول السفير الإماراتي في الجلسة نفسها التي عقدت بين السفيرين بداية العام الماضي، إن بلاده تسعى للخروج من حرب اليمن «بأي طريقة».

يحكى هنا عن واقعية السياسة الإماراتية وعدم التزامها بشكل مبدئي مع السعوديين فضلاً عن الواقع الإماراتي الداخلي ورفض حكام إمارات الدولة المتحدة سياسات ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وعلى رأسهم حاكم دبي محمد بن راشد الذي يُنقل أنه هدّد ابن زايد قبل مدة بالسعي إلى فكّ ارتباط إمارته بالاتحاد إن استمر التورط في الحرب. يؤكد رواية «الشيخ شخبوط» للسفير الكايد ما أوضحه أمس المسؤول الإماراتي للصحافيين، من أن الانسحابات تجري بعد تنسيق مع السعوديين، إذ قال: «استمر نقاشنا بشأن إعادة انتشارنا لما يزيد عن عام وتزايد بعد توقيع اتفاق ستوكهولم»، في إشارة إلى اتفاق السويد الذي أقرّ خفض التصعيد في الحديدة.

ومن المهم التوقف عند ما أفاد به المسؤول الإماراتي المذكور حول تحول استراتيجية بلاده في اليمن حيث قال: «الأمر يتعلّق بالانتقال من استراتيجية القوة العسكرية أولاً إلى استراتيجية السلام أولاً». ربما تذكّر هذه العبارة، لو لم تكن مرفقة بانسحاب عسكري فعلي بإعلان التحالف السعودي الإماراتي، بعد أشهر على الحرب انتهاء عملية «عاصفة الحزم» والبدء بعملية جديدة أطلق عليها «إعادة الأمل».

لكن المؤشرات تتضافر لوضع الإعلان الإماراتي في خانة مختلفة عن الإعلان الهزلي وقتها. في الحد الأدنى فإن الإمارات من خلال هذه المناورة، التي لا ترقى إلى الانكفاء الشامل والتخلي عن هيمنتها على جنوب اليمن حيث تراهن على تدريبها 90 ألف مقاتل هناك تريد ضمان عدم تأثرها بالمواجهة الإقليمية، وفي الوقت نفسه التحجج باتفاق السويد لتغيير استراتيجية مشاركتها المثقلة بالأعباء في الحرب، كما كانت ترغب لا سيما تداعيات السمعة السيئة لجرائم معركة الحديدة لدى الدول الغربية. هذا المنحى برز في زيارة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد إلى روسيا عقب إحجام واشنطن عن الرد على ضرب الطائرة الأميركية إذ تفيد المعلومات بأنه طلب توسط موسكو لدى طهران، مع رسالة تطمين بأن بلاده غير معنية بأي مواجهة عسكرية مع إيران.

You might also like