كل ما يجري من حولك

“الإعلام العربي والقضية الفلسطينية” تخاذل مستمر والمُضي قُدماً في عجلة التطبيع مع تل أبيب

539
"الإعلام العربي والقضية الفلسطينية" تخاذل مستمر والمُضي قُدماً في عجلة التطبيع مع تل أبيب

لم تقدّم معظم وسائل الإعلام العربية خلال الفترة الماضية دعماً يذكر لأبناء الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، ولم تقم أيضاً بمهاجمة الكيان الصهيوني الذي قام بالكثير من الجرائم الوحشية بحق الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني المظلوم، وهذا الأمر تؤكده الأحداث الأخيرة التي شهدها قطاع غزة، حيث سعت العديد من وسائل الإعلام العربية التابعة لبعض الحكومات العربية الموالية لـ “إسرائيل” بتبرير جرائم قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي شنّ هجوماً وحشياً على مناطق مختلفة من قطاع غزة، ما أدّى إلى استشهاد وجرح المئات من السكان الأبرياء معظمهم من النساء والاطفال، وعملت تلك الوسائل الإعلامية أيضاً على نشر العديد من التقارير الإخبارية للتستر على تلك الجرائم الوحشية وإظهار المقاومة الفلسطينية بأنها هي الملامة وهي السبب الرئيس وراء حدوث هذه الجرائم في قطاع غزة.

ولم تقم وسائل الإعلام العربية هذه بتغطية الأخبار المتعلقة بقطاع غزة بالشكل المطلوب ولم تتبنَ أيضاً موقفاً ضد الكيان الصهيوني، وهنا يمكن القول بأن هذا التخاذل الإعلامي العربي جاء بالتنسيق مع الخطة الأمريكية المسماة “صفقة القرن” التي تهدف إلى القضاء كليّاً على القضية الفلسطينية، والتي من المفترض أن تعلن عنها أمريكا بعد انتهاء شهر رمضان المبارك، ووفقاً لهذه الخطة لن تعترف الدول الغربية بتشكيل بلد للفلسطينيين على أرضهم المحتلة، بل إنه سوف يتم منحهم دولة في أرض بديلة.

لذلك، تحاول وسائل الإعلام العربية أيضاً تجاهل عدوان الكيان الصهيوني على سكان قطاع غزة، واعتبار ذلك العدوان أمراً طبيعياً ولا يتطلب الجدال، وذلك لأن الفلسطينيين سوف يغادرون هذه المنطقة عاجلاً أم آجلاً وسيهاجرون إلى الأردن أو صحراء سيناء أو إلى أي وطن بديل لأن الأرض الفلسطينية سوف تصبح ملكاً للإسرائيليين ولهذا فإن هذه الوسائل الإعلامية ترى بأن الهجوم الإسرائيلي على هذه المناطق يعدّ حقاً مشروعاً للشعب والحكومة الإسرائيلية.

بالطبع، لا ينبغي أن ننسى أننا هنا نعني بهذا الكلام بعض وسائل الإعلام العربية، التابعة للنظام السعودي والإماراتي، وبعض الدول العربية الواقعة في منطقة الخليج الفارسي، وليس وسائل الإعلام العربية التابعة والموالية لمحور المقاومة في المنطقة.

وعندما نسلط الضوء أكثر على أداء هذه الوسائل الإعلامية السعودية والإماراتية، نجد أنهم يقلبون القضايا رأساً على عقب كما لو كانت حركة حماس وجماعات المقاومة الفلسطينية هم الإرهابيون والمحتلون، ويقومون بإظهار الكيان الصهيوني هنا بأنه هو المظلوم وهو الذي أُجبر على مهاجمة قطاع غزة للدفاع عن نفسه.

وحول هذا السياق، يجب علينا ألّا نستغرب من محاباة هذه الوسائل الإعلامية للكيان الصهيوني وذلك لأنها في الماضي كانت تطلق المصطلحات الإرهابية على حركة حماس وكانت تنتقد بشدة القوة الصاروخية المتنامية لهذه الحركة وكانت تهاجم أيضاً المواقف السياسية التي كانت تتخذها حركتي حماس والجهاد الإسلامي.

ولقد سعت تلك الوسائل الإعلامية إلى عدم إطلاق مصطلح “الاحتلال” أو “الكيان الصهيوني” على المعتدين الصهاينة وبعض تلك الوسائل الإعلامية أيضاً لم تقم بنسب كلمة الشهادة للفلسطينيين الذين قتلهم الكيان الصهيوني، وإنما كانوا يطلقون عليهم مصطلح “القتلى الفلسطينيين”.

إن تجميع كل هذه المصطلحات يكشف لنا حقيقة واقعية تتمثل في دعم وسائل الإعلام العربية هذه لقادة تل أبيب، وهذا ما تؤكده الأحداث والوقائع الميدانية، حيث خلت الصحف والمواقع الإخبارية العربية تقريباً من الإدانات الرسمية لبلادها للعدوان الصهيوني الذي وقع الأسبوع الماضي والذي استمر يومين وأسفر عن استشهاد 25 فلسطينياً وجرح أكثر من 150 آخرين، عدا عن تدمير عشرات العمارات والشقق السكنية.

واكتفت الصحف العربية ببعض المواقف الرسمية التي أدانت العدوان وعنونت تطورات العدوان بجهود أممية ومصرية.

لقد سعت وسائل الإعلام العربية في الماضي من خلال نشر المقالات والأخبار إلى نقل الكثير من الأكاذيب إلى الجمهور المشاهد والمستمع، وحاولت إظهار الجيش الصهيوني على أنه من أقوى الجيوش في المنطقة والعالم، ولا يمكن هزيمته من قبل جماعات المقاومة الفلسطينية.

إن الأمر الأكثر إثارة هنا، هو أن وسائل الإعلام العربية قد استخدمت كلمة “اغتصاب” على مدى السنوات الماضية لوصف الهجمات الصهيونية ضد الفلسطينيين، لكنها خلال الأحداث الأخيرة التي وقعت في قطاع غزة لم تستخدم تلك الكلمة وإنما استخدمت كلمة “هجمات”.

لقد هاجم الإعلام العربي مراراً القوة الصاروخية والعسكرية لجماعات المقاومة الفلسطينية وادّعت أن تلك الصواريخ عديمة الفائدة وغير فعّالة، لكن خلال العدوان الأخير الذي شنته قوات الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، أصبح من الواضح أن إطلاق مئات الصواريخ من الجانب الفلسطيني على الأراضي المحتلة، أجبر على الأقل 35٪ من السكان على الفرار وأجبر وزير الداخلية الصهيوني على الاختباء في مرآب بيته تحت الأرض.

أخيراً، يجب القول هنا بأن الأخبار والمقالات والتحليلات التي نشرتها بعض وسائل الإعلام العربية التي ترعاها دول الخليج الفارسي، وتقدّم لها الكثير من الدعم المالي، نُشرت للدفاع عن الكيان الصهيوني ولنشر الخوف واليأس بين الفلسطينيين والتقليل من المكاسب التي حققتها جماعات المقاومة الفلسطينية، والتي لا يمكن لأحد إنكارها.

إن هذا الجهد المتضافر التي تقوم به هذه الوسائل الإعلامية العربية يفتح باباً جديداً لتسهيل عملية تطبيع علاقات تلك الدول العربية مع العدو الصهيوني في مجال الإعلام.

You might also like