كل ما يجري من حولك

ترتيبات ما قبل التسوية: مصير هادي بين يديّ برلمان البركاني وتحالف العليمي

ترتيبات ما قبل التسوية: مصير هادي بين يديّ برلمان البركاني وتحالف العليمي

702

متابعات:

على إيقاع التحضيرات الدولية لعقد جولة مفاوضات جديدة بدأ المشهد السياسي في اليمن يتشكل من جديد على قاعدة التحالفات القديمة وهذه التحالفات المبنية على المصلحة ربما تحدث تغييرات كبيرة في المشهد الجامد بفعل الحرب الممتدة لأكثر من 4 سنوات لكنها قد لا تضمن الاستقرار مستقبلاً.

المفاوضات المرتقبة التي تضغط أطراف دولية لتحقيقها من شأنها مناقشة الإطار السياسي للحل ، الكفيل بإنهاء معاناة اليمنيين واستعداداً لذلك بدأ التحالف الذي يقود الحرب مرحلة جديدة من البحث عن فاتورة خسائره وقطف ثمار مغامراته، ليتجلى ذلك بسماح التحالف لأول مرة بعقد جلسة لمجلس النواب في سيئون بالتزامن مع إجراء صنعاء انتخابات تكميلية لنحو 24 دائرة انتخابية وموازاة السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر إشادته بدعوة هادي للسلام مع خطاب مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء إضافة إلى مساعي دولية لتوحيد البنك المركزي بصنعاء وعدن.

هذا التقارب الذي يأتي وسط أنباء عن توجه لتقليص حكومة هادي ذي الـ36 وزيراً إلى النصف وبما يمنح النصف الآخر لصنعاء يشير إلى وجود اتفاقات من تحت الطاولة بين الأطراف اليمنية لترتيب الوضع السياسي وبما يفضي إلى مصالحة عامة يؤكد ذلك السفير الأمريكي لدى اليمن ماثيو تولر الذ اعتبر انعقاد البرلمان بمثابة إحراز تقدم بالعملية السياسية ومباركة المبعوث الأممي في اليمن والسفير البريطاني مع أن ناطق الحوثيين محمد عبدالسلام اعتبر ذلك خطوة تصعيدية تعكس عدم الجدية بالسلام.

اختيار البرلمان في هذا التوقيت والصراع عليه لم يأتِ من فراغ، فأطراف الصراع باتت ترى فيه رافداً أو بديلاً آخر للشرعية التي حصرها التحالف على مدى السنوات الماضية بشخص الرئيس هادي كما يقول طارق صالح، نجل شقيق الرئيس السابق وقائد ألوية ما تسمى بحراس الجمهورية المدعومة إماراتياً فهذا المجلس تعول عليه الأطراف بقيادة المرحلة المقبلة باعتباره آخر مؤسسة دستورية في اليمن وإن مضى على آخر انتخابات لها أكثر من عقد.

لكن وبينما يؤهل التحالف البرلمان الذي عقد جلسات لأربعة أيام فقط تجرى ترتيبات من نوع آخر تتمثل بإعادة تأهيل القوى السياسية وأولها الأحزاب الموالية للتحالف فالمؤتمر الذي انقسم بعد مقتل صالح في 2017م ويواجه مصيراً مجهولاً تتم إعادة صياغته بعيدا عن أسرة صالح التي كانت تتطلع لقيادة أكبر الأحزاب في اليمن.

فالتأهيل لم يقتصر على رفع قيادات الحزب الموالية للتحالف بتنصيب البركاني رئيساً للبرلمان وبن دغر للشورى وحافظ معياد للبنك المركزي، بل تشمل أيضا بناء تحالفات لأجل تماسك القيادات الجديدة، حيث تم اختيار العليمي رئيساً للتحالف السياسي المساند للشرعية والذي يضم 16 حزباً وقبلها شهدت علاقة المؤتمر الجديد تقارباً مع القوى السياسية التقليدية وأبرزها حزب الإصلاح الذي رحب قادته بالتقارب مع مؤتمر بلا عائلة صالح وساهموا بدعم مظاهرات إعادة المؤتمر إلى الواجهة والتي شهدتها مدينة تعز مؤخراً.

تحالف المؤتمر والإصلاح على مستوى القاعدة الشعبية والبرلمان لم يكن وليد اللحظة؛ فهذان الحزبان كانا جزء من تحالف حاكم في تسعينيات القرن الماضي وغرقا في دوامة الخلافات بسبب ثورة 2011 م التي أطاحت بصالح، ولعب الإصلاح دوراً بارزاً في انطلاقها.

وترى السعودية في التحالفات الجديدة مخرجاً لها من مستنقع اليمن فمن ناحية قد تستخدم هذه الأوراق للضغط على صنعاء للانخراط بالتسوية السياسية التي تطمح السعودية لأن تسير وفقا لرؤيتها، إضافة إلى الحفاظ على علاقات مترابطة مع القوى اليمنية التي عملت الإمارات على تفكيكها واستهدافها لصالح أجندتها المتمثلة بإعادة تدوير نجل صالح، لكنها في كل الحالات ستؤدي في نهاية المطاف لإقرار مرحلة انتقالية ربما لن يكون هادي جزءاً منها، وقد اعترف هادي أكثر من مرة عن ترتيبات طي صفحته، ونشرت صحف سعودية سابقاً عن احتمال مناقشة البرلمان للحالة الصحية للرئيس الذي قالت بأنه يعاني من مرض الزهايمر.

ولذلك كان هادي من أشد المعارضين والمعيقين لانعقاد البرلمان، لولا أن هناك من تحايل عليه وأقنعه بضرورة انعقاد البرلمان بهدف التمديد لفترته الرئاسية.

وهنا وافق هادي على مضض وأصر على اختيار الشدادي رئيسا للبرلمان وكان يخطط لذلك منذ إقالته أحمد بن دغر من رئاسة الحكومة حتى لا تكون جميع السلطات الرئاسية والحكومية والبرلمانية في قبضة المحافظات الجنوبية، ليجد في النهاية أن رئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان تكرست في محافظة تعز وهو ما قد يدفع إلى تغيير معين عبدالملك من رئاسة الحكومة إذا لم ترفض السعودية ذلك باعتباره أحد رجالاتها في اليمن.

ومن خلال هذا كله يتضح أن صاحب القرار الفعلي في اليمن هما السعودية والإمارات هما من يقرران متى يعود الرئيس ومتى وأين ينعقد البرلمان ومتى تتوافق الأحزاب والفصائل ومتى تتحارب فيما بينها..

كما أن اللواء العسكري السعودي الذي جاء إلى سيئون بذريعة حماية الرئيس هادي والبرلمانيين ومن خلال مسرحية هزلية عن الخلافات الوهمية بين الرياض وأبوظبي وأكذوبة إسقاط 11 طائرة فوق سيئون وذلك كله بهدف إبقاء المعسكر السعودي في مكانه بكامل قواته وصواريخه ودباباته رغم مغادرة هادي والنواب لسيئون ورفع الجلسات إلى ما بعد رمضان.

إذاً الحرب في اليمن لم تعد لإعادة الشرعية التي تقزمت وأصبحت أحد أربعة أطراف يمنية وفصيل من عشرات الفصائل وحتى هادي نفسه قد يصبح آخر ورقة مساومة في لعبة التحالف السعودي الإماراتي.

You might also like