كل ما يجري من حولك

روحاني في بغداد! كش ترامب؟

475

 

د. ماجد توهان الزبيدي*

قال وزيرُ خارجية السعوديّة الأسبق الأمير سعود بن فيصل بن عَبدالعزيز ذات يوم بعد احتلال الأميركيين والإنجليز للعراق عام 2003م، أن أميركا قدمت العراق على طبق من فضة لإيران!! كناية عن تنامي التنظيمات السياسيّة والعسكرية العراقية المؤيدة لإيران والمتلقية الدعم منها!

ويُعتبَرُ الفيصل واحداً من ألمع وزراء الخارجية العرب والمسلمين لرصانته ومحافظته ولمكانة دولته مالياً في المنطقة والعالم ولما ورثه عن والده: أعظم ملوك المنطقة!! ولمستوى تعليمه كخرّيج في جامعة “برنستون” العريقة!

لكن الأمير المرحوم تحاشى أن يتبع قولَه السابقَ قولاً آخر وصحيحاً أَيْضاً مفادُه أن دولاً عربياً عديدة ومؤثرة كانت قد قدمت العراق على طبق من ذهب لأميركا ولتحالفها غير الشرعي وغير القانوني، بل هو عدوان سافر خارج الشرعية الدولية!

مناسبة ما سبق هو الزيارة الحالية للرئيس الإيراني للعراق وتوقيع البلدين اتّفاقيات ثنائية مهمة في مجالات حياتية ثقيلة ومتميزة وحيوية، في وقت اعتقدت إدارة ترامب ومعها حكومات عديدة تأتمر بأمرها أن العراق بات في جيب اميركا!! وأن القواعد العسكرية والمعسكرات الأميركية في أرض الرافدين ووجود عشرة آلاف كادر في سجل السفارة الأميركية ببغداد، كفيلٌ بالسيطرة على العراقيين وإلحاقهم بالوصاية الأميركية كما هو شأن حكومات ودول عديدة في المنطقة والعالم!!

لكن الصحيح أن وجود روحاني وظريف ببغداد مؤخراً هو صفعةٌ موجعةٌ لكل الجهود الأميركية السياسيّة والعسكرية طيلة عامين كامكلين لبناء تحالف عربي أميركي صهيوني ضد الجمهورية الإيرانية، كان آخرها مؤتمر وارسو! وأن كُلّ تلك الجهود تبعثرت مع رياح صحراء العراق مع اول إطلالة للشيبخ الإيراني المُعممّ في بغداد!

وكواحد من الدارسين العرب في الجامعات العراقية، ونسيب للعراقيين وأحد قاطني بغداد، ممن ذهب بعيدا في سبر أغوار عقلية العراقيين من كُلّ الملل، كان في كُلّ حديث عن العراق والاحتلال الأميركي يُخالف الجميع في أن العراق لن يسير سوى باتّجاه إيران وسوريا!! والسبب أن ترامب وإدارته والغرب عموما يتعامل مع دول المنطقة من منظار الاستشراق، من بُعد، والإلحاق والإذلال، من دون تركيز ثاقب على عمق النفسيات الشعبية وتجاهل الشكل الحلزوني للتأريخ!! وأن النفس الإيراني في بناء علاقات إيران مع الغير نابع من نفس بعيد وطويل هو بدوره نابع من نفس صانع السجاد العجمي!!! كما قال أعظم وزير خارجية أميركي ذات يوم بعد انْتصَار الثورة على الشاه المخلوع ي شباط 1979م: هنري كيسنجر!!! لكن ترامب وربعه وتابعيه لم يتصفحوا أوراق التأريخ ملياً!

تأمل يا رعاك الله بين زيارتين: زيارة سرية يقوم بها رئيس القوة الأعظم في العالم: ترامب لقاعدة عسكرية أميركية في العراق من دون أن يُعلم حكومة العراق ومن دون إعلان رسمي أميركي مُسبق أَو حتى مُتزامن، وفي جنح الظلام، كلص غير محترف، ولسويعات قليلة ويهرب، وزيارة علنية رسمية في وضح النهار لرئيس إيران لقلب بغداد!! تأمل يا رعاك الله!

العراق قادمٌ! ولن تكون هناك أية قاعدة عسكرية أَو غربية في العراق!! وإذا لم تقم الحكومة الشرعية بذلك فإن تنظيمات عسكرية وسياسيّة شعبية عراقية تملك مخزونات هائلة من الطاقة والصواريخ ستقوم بالأمر!

* كاتب عراقي- رأي اليوم

You might also like