كل ما يجري من حولك

«جاستا» و« ماغنيتسكي» مثالاً ..«القوانين» العدائية سلاح واشنطن القذر للتدخل في شؤون الدول

«جاستا» و« ماغنيتسكي» مثالاً ..«القوانين» العدائية سلاح واشنطن القذر للتدخل في شؤون الدول

329

متابعات:

تحت عنوان استنكاري يقول: هل تحكم واشنطن العالم؟.. أكد مقال نشره موقع «رون بول إنستيتيوت» الأمريكي أن من أكثر الجوانب إثارة للقلق فيما يخص السياسة الخارجية – التي انتهجتها إدارة ترامب على مدى العامين الماضيين هي الافتراض أن القرارات التي تصنعها الولايات المتحدة هي «قرارات مُلزمة تجاه العالم»، لافتاً إلى أنه – باستثناء وقت الحرب – لم تسع أي دولة أخرى لمنع دول ثانية من التجارة مع بعضها بعضاً، كما أن الولايات المتحدة تسعى إلى معاقبة دول أخرى بسبب جرائم مزعومة لم تحدث أساساً على الأرض الأمريكية، ولم تستهدف مواطنين أمريكيين أيضاً، كما تصر على «وجوب امتثال» جميع الدول الأخرى لأي عقوبات تفرضها.

وجاء في المقال: تعد الولايات المتحدة نفسها الآن قاضياً وهيئة محلفين وجلاداً في «حفظ أمن المجتمع الدولي»، وقد دخلت في حالة التظاهر تلك منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، عندما بدأ الرؤساء الأمريكيون يشيرون إلى أنفسهم على أنهم «زعماء العالم الحر».. وللمفارقة، فقد استحوذ هذا الإدعاء على دعم تشريعي مع إقرار ما يسمى «قانون مكافحة الإرهاب» لعام 1987 (ATA) بصيغته المعدلة في عام 1992، إضافة إلى التشريعات اللاحقة ذات الصلة، لتشمل قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» لعام 2016 (جاستا)، ويمكن استخدام تلك التشريعات من المواطنين الأمريكيين أو المقيمين في الولايات المتحدة للحصول على أحكام مدنية ضد الإرهابيين المزعومين في أي مكان في العالم، ويمكن توظيفها أيضاً لمعاقبة الحكومات والمنظمات الدولية وحتى الشركات التي يُنظر إليها على أنها داعمة للإرهابيين، حتى لو كان ذلك الدعم غير مباشر أو غير مُدرك، ويمكن للمُدّعين رفع دعوى قضائية ضد إصابات لحقت بشخصهم أو ممتلكاتهم أو أعمالهم ولديهم عشر سنوات لرفع الدعوى.

في بعض الأحيان تكون الروابط ومستوى الإثبات – المترتبين على اتخاذ محكمة أمريكية إجراء معيناً – غير واضحين تماماً.. يستطيع المدعون، في الوقت الحالي، المطالبة بتعويض ثانوي عن أطراف ثالثة، بما في ذلك المصارف والشركات الكبرى، تحت عنوان «الدعم المادي» لقوانين الإرهاب، وهذا يشمل تهمة «المساعدة والتحريض» وكذلك تقديم الخدمات لأي مجموعة تراها الولايات المتحدة إرهابية، حتى لو كانت تلك التسمية مشكوكاً فيها، أو إذا كان هذا الدعم غير مقصود.

هناك قضيتان حديثتان كيديتان بموجب قانوني (ATA) و JASTA)) ضد إيران وسورية.

فيما يتعلق بإيران.. في حزيران 2017، أجرت هيئة محلفين تداولاً لمدة يوم واحد، قبل إصدار حكم «مذنب» ضد مؤسستين إيرانيتين بذريعة انتهاك العقوبات الأمريكية، ما سمح لمحكمة اتحادية بتفويض الحكومة الاتحادية الأمريكية بالاستيلاء على ناطحة سحاب في وسط مانهاتن، في أكبر مصادرة مدنية بذريعة «الإرهاب» في تاريخ الولايات المتحدة، وكان القاضي، الذي يترأس الجلسة، قد قرر توزيع عائدات بيع المبنى – التي قد تصل إلى مليار دولار – على ما يسمى عائلات ضحايا الإرهاب، بما في ذلك هجمات 11 أيلول، ومن المثير للدهشة أن المحكمة ادّعت أن إيران لديها «بعض الذنب فيما يخص تلك الهجمات»، علماً أن المحكمة لم تستطع إثبات أن إيران متورطة في الهجمات.

لاشك في أن الحكم ضد إيران حكم خارج عن المألوف، إذ من الواضح أن إيران لا علاقة لها بأحداث 11 أيلول.. وعلى الرغم من ذلك، فقد تم عدّها «مذنبة» على أي حال لأن وزارة الخارجية في واشنطن ادّعت أنها «دولة راعية للإرهاب». وللأسف، فإن القدرة على تحديد «حكم مذنب» بناءً على تأويل مزاجي لسلوك حكومة أجنبية من شأنه أن يضع قوة لا يمكن تصورها في أيدي البيروقراطيين غير المنتخبين الذين يتخذون قرارات سياسية متعلقة بمن هو «جيد» ومن هو «سيئ».

أما فيما يتعلق بسورية، فقد زعمت محكمة فيدرالية في مقاطعة كولومبيا أن الدولة السورية «كانت مسؤولة عن استهداف» صحفية أمريكية كانت تغطي عمليات القتال في منطقة كانت خاضعة لسيطرة المسلحين في حمص في عام 2012، وقضت المحكمة بمنح تعويضات تقدر بـ302.5 مليون دولار لعائلة الصحفية المدعوة ماري كولفين، وقد استندت القاضية في حكمها إلى مزاعم لا يمكن تصديقها، وبما أنه من غير الممكن عادة، حتى في المحاكم الأمريكية، مقاضاة حكومة أجنبية فإن ما تزعم أنها منظمة تعنى بحقوق الإنسان وتمولها الولايات المتحدة وحكومات أخرى، هي «مركز العدالة والمحاسبة» قد أسندت قضيتها إلى المزاعم الملفقة ذاتها ورأت القاضية أن الأدلة المقدمة كانت «موثوقة ومقنعة»!

إن التعقيدات المرتبطة بما يجري على الأراضي السورية تجعل من المستحيل تخيل أن بإمكان قاضٍ – يتخذ من واشنطن مقراً له – أن يصدر حكماً بأي طريقة موثوق بها.. كولفين كانت في منطقة حرب، وكان المدّعون قد أسندوا قضيتهم إلى ما سموها «وثائق» قدموها هم أنفسهم، وقدمتْ بالتأكيد وجهة نظر ملفقة، وبدورها، فإن القاضية جاكسون، واستناداً إلى تعليقاتها الخاصة، دخلت اللعبة من خلال وجهة نظرها الخاصة حول سورية.

من «المنح» الأمريكية الأخرى للقانون الدولي «قانون ماغنيتسكي» لعام 2012 وهو نتج حماسة إدارة باراك أوباما، واستند إلى رواية تم الترويج لها من قبل بيل براودر- المستثمر البريطاني من أصل أمريكي وأبرز المستثمرين الأجانب السابقين في الأسواق الروسية، والذي يُعتقد على نطاق واسع أنه كان لاعباً رئيساً في نهب الاتحاد السوفييتي السابق- إذ ادّعى براودر وشركاؤه في وسائل الإعلام أن الحكومة الروسية كانت متواطئة في «اعتقال وتعذيب وقتل سيرغي ماغنيتسكي»، وهو محاسب ضريبي روسي تحول إلى مخبر يعمل لمصلحة براودر.

تقريباً، تم الطعن بكل جانب من جوانب القضية، لكن الكونغرس والبيت الأبيض سلما بها وفرضا عقوبات على المسؤولين الروس الذين يُزعم أنهم «متورطون» في مقتل ماغنيتسكي، رغم التنديد الروسي بأن الولايات المتحدة ليس لديها الحق القانوني في التدخل في شؤون روسيا الداخلية المتعلقة بمواطن روسي.

الأسوأ من ذلك.. أن «قانون ماغنيتسكي» تم توسيعه وأصبح الآن «قانون ماغنيتسكي الدولي للمساءلة حول حقوق الإنسان» لعام 2017، ويتم استخدامه لمعاقبة «منتهكي حقوق الإنسان» المزعومين في دول أخرى.

بعيداً عن «قانون ماغنيتسكي» وتشريعات «مكافحة الإرهاب» المتنوعة، هناك قدرة وزارة الخزانة الأمريكية ومكتب «مراقبة الأصول الأجنبية، OFAC» التابع لها على «معاقبة» دولة ما على نقل الأموال من خلال النظام المالي الخاضع لسيطرة الدولار الأمريكي، هذا هو ما يحدث في الوقت الحالي بشأن المدفوعات لصادرات فنزويلا النفطية، والتي تم فرض عقوبات عليها، حتى لا تكون فنزويلا قادرة على استخدام النظام المالي المقوم بالدولار بعد 28 نيسان المقبل، وهناك حالياً عقوبات أمريكية مماثلة ضد إيران، مع إخضاع جميع المشترين المحتملين للنفط الإيراني أنفسهم لعقوبات ثانوية إذا استمروا في الشراء بعد 5 أيار المقبل.

ولأن معظم تجارة النفط العالمية تتم بالدولار الأمريكي، فإن وزارة الخزانة لديها سلاح فعال في متناول اليد للتدخل في شؤون الدول الأخرى من دون الحاجة إلى إرسال قوات عسكرية إلى هناك، ولكن – بطبيعة الحال – احتمال أن تتخلى بقية العالم في نهاية المطاف عن اعتماد نظام البترودولار تماماً، لا يزال قائماً، وإذا حدث ذلك، فسيتعذر على الحكومة الأمريكية الاستمرار في طباعة الدولار من دون النظر إلى العجز، وخاصة مع تراجع الطلب على العملة الأمريكية.

عن موقع «رون بول إنستيتيوت» الأمريكي

You might also like