كل ما يجري من حولك

ماذا يعني أن تكون يمنيًّا في مطار أردني؟

2٬417

يرغب الكثير منا بزيارة الأردن، هذا البلد السياحي الجذاب الذي تتنوع فيه الأماكن، بين ما هو تراثي تاريخي وما هو حضاري متقدم، وفيما يفضل الكثير الذهاب للبحر الميت من أجل السياحة العلاجية، يقصد الأردن أيضًا عاشق التاريخ الذي يحب أن يرى أين عاش العمالقة الأنباط في البتراء، إحدى عجائب الدنيا السبع الواقعة جنوب الأردن.

لكن الوصول إلى الأردن قد تنغصه بعض الترتيبات المتعلقة بشركات الطيران، إذ صنفت شركة الخطوط الجوية الملكية الأردنية الرسمية مؤخرًا من قبل شركة Air Help ثاني أسوأ 10 خطوط طيران على مستوى العالم، وقد سبق هذا التصنيف شكاوى عدة تتحدث عن سوء تنظيم الرحلات الجوية وتأجيل مواعيد السفر دون إعلام المسافرين واستئجار طائرات متهالكة.

وفي السطور التالية لـ«ساسة بوست» نتحدث مع مسافرين عن تجربة سفرهم عبر شركات الطيران الأردنية، وكذلك يتطرق التقرير إلى ما يعترض هذه الشركات من شبهات تهم بالمحسوبية والفساد.

ساعات من التأخير وكأس ماء واحد لكل  المسافرين!

في السادس من يوليو (تموز) الماضي، حجز المواطن الأردني أيمن محمد تذكرة طيران على الخطوط الملكية الأردنية الرسمية بغية السفر من الدوحة إلى الأردن لقضاء الإجازة الصيفية مع عائلته، كانت المعلومات تشير إلى أن الرحلة ستكون الساعة الواحدة والخمس دقائق ظهرًا، فقرر الوصول مع عائلته للمطار في الساعة العاشرة صباحًا.

فيما كان الرجل يجلس مع زوجته وأطفاله في صالة الانتظار تفاجأ عند النظر إلى لوحة الطيران أن الرحلة قد تم تأجليها حتى الثانية والخمس دقائق ظهرًا، تقبل الرجل الأمر دون ضجر حتى تفاجأ بما هو أكبر عندما صعد إلى الطائرة، فيحكي لـ«ساسة بوست»: «بقينا دون تحرك حتى الثالثة والنصف بعد الظهر، ثم أخبرنا الموظف أن هناك عطلًا داخل الطائرة، ولن يسمحوا لنا بالخروج، كانت الطائرة التي حجزنا بها مستأجرة من الطيران الباكستاني، تعرف باسم شاهين وهي قديمة جدًا ولا يوجد بها تكييف».

تفاجأ أيمن بأنه حجز تذكرة للسفر عبر طائرات الملكية ليجد نفسه في طائرة بيضاء تابعة للخطوط الجوية الباكستانية، وقد كان لديه انطباع أن هذه الطائرة ممنوعة من التحليق في الأجواء أو المطارات الباكستانية كونها خارج الخدمة، ويتابع أيمن القول: «في الرابعة والنصف وتحت وطأة صراخ الأطفال والتعب الشديد سمحوا لنا بالعودة إلى المطار، وأخبرونا بأن خللًا مفاجئًا حال دون تحرك الطائرة، والبديل هو انتظار رحلة جديدة موعدها الساعة الواحدة بعد منتصف الليل».

أيمن الذي يستاء من تجربة مواعيد السفر عبر الطيران الأردني، أكد أيضًا أن الخدمات في هذا الطيران سيئة جدًا بحسبه، ويوضح: «لا يوجد أي وسائد لنوم الأطفال ولا أغطية، وجبة الطعام غير مناسبة، فقط ساندويش مرتديلا أو جبنة»، أما فيما يخص توزيع المياه فكان الأمر «مقرفًا» –حسب ما رأي أيمن- إذ كان المضيف يوزع الماء بنفس الكأس البلاستيكي على أكثر من مسافر، يقول أيمن: «رأيته يستكمل على ما تبقى في كأس الماء من مسافر لآخر».

أما في طريق العودة من عمان إلى الدوحة، فعانى أيمن من الوصول المتأخر لحقائبه، وقال عن رحلة العودة التي كانت في الرابعة والعشرين من أغسطس (آب) الماضي: «وصلنا المطار بدون حقائب، تقريبًا ثلث المسافرين وصلوا الدوحة ثم تفاجئوا أن حقائبهم ما تزال في مطار الملكة علياء، استلمناها في اليوم الثاني، ناهيك عن أن تعامل المضيفين كان غير راق وتحدثوا بلغة غير مفهومة للمواطن الأردني والعربي».

يذكر أنه يوجد في الأردن تسعة مطارات، أفضلها مطار الملكة علياء الدولي، وكذلك مطار عمان المدني، ومطار الملك حسين الدولي، ويوجد أيضًا 10 شركات طيران، أهمها الشركة  الملكية الأردنية، والأجنحة العربية، والأجنحة الملكية، والأردنية الدولية للشحن الجوي، والأردنية للطيران وطيران بتراء، وتعمل هيئة تنظيم الطيران المدني في الأردن منذ أغسطس 2007 خلفًا قانونيًا وواقعيًا لسلطة الطيران المدني الأردنية، إذ أحيل إليها كافة الحقوق والالتزمات التي كانت عائدة لسلطة الطيران، ويحق للهيئة التي تملك الأموال المنقولة وغير المنقولة اللازمة التعاقد مع الغير والقيام بجميع التصرفات القانونية بما في ذلك حق التقاضي وفقًا لما نصت عليه أحكام الفقرة (أ) من المادة (6) من قانون الطيران المدني.

 

«مجمع باصات وليس مطارًا».. والمملكة ترد على التصنيف

في يونيو (حزيران) الماضي، صنفت خطوط الجوية الملكية الأردنية ضمن أسوأ 10 خطوط طيران على مستوى العالم، فجاءت في الترتيب الثاني ضمن التصنيف الذي تصدره شركة «AirHelp» حول أفضل شركات الطيران الجوي وأسوأها، ويعتمد التصنيف على بيانات الربع الأول التي تملكها الشركات، بقياس ثلاثة عوامل، هي الأداء في الوقت المحدد، وجودة الخدمة، ودرجة معالجة المشاكل (التي تعكس كيفية تعامل الشركة مع الشكاوى).

وجاء في التصنيف الذي شمل 72 شركة خطوط جوية أن أسوأ شركات الطيران للعام 2018 هي شركة الطيران الآيسلندية «واو إير»، أما المركز الثاني فكان من نصيب شركة الخطوط الملكية الأردنية كما أسلفنا، وجاء في المركز الثالث شركة «باكستان إنترناشونال إيرلاينز»، فيما تصدرت الخطوط الجوية القطرية في المركز الأول باعتبارها أفضل شركات الطيران في عام 2018، وحلت شركة «لوفتهانزا» الألمانية في المركز الثاني، وفي المركز الثالث جاءت شركة الاتحاد الإماراتية.

وردت شركة الخطوط الجوية الملكية الأردنية مؤخرًا على هذا التصنيف، فجاء في بيانها: «إن الموقع الإلكتروني Air Help والذي نشر خبرًا صحفيًا مؤخرًا تضمن الإعلان عن تصنيفه لأفضل وأسوأ شركات الطيران في العالم، هو (شركة تجارية) قوام عملها تبني شكاوى المسافرين الخاصة بالتعويضات (Claims Processing) لمراجعة شركات الطيران بها نيابة عن المسافر والحصول من المسافر بعد ذلك على نسبة مئوية من قيمة التعويض النقدي الذي نجحت الشركة في تحصيله له».

وأضاف البيان: «حينما نشر موقع Air Help تصنيفه لشركات الطيران أخذ باعتباره ثلاثة معايير وهي دقة مواعيد الإقلاع وجودة الخدمة عمومًا، والتعويضات النقدية التي تدفعها شركات الطيران للمسافرين، حيث تطبق شركة الملكية الأردنية إجراءات التعويضات استنادًا إلى ميثاق مونتريال الخاص بالموضوع».

وتحدثنا إلى السيدة حنان وهي واحدة من مجموع المسافرين الذي أعربوا عن ضجرهم من سوء خدمة داخل الطائرة التابعة للـ«ملكية»، بدءًا بتأخير المواعيد لحد كبير، وليس انتهاء بسوء خدمات الأكل والشرب، ولخصت حنان معاناتها مع إحدى شركات الطيران الأردنية قبل أيام، بالقول لـ«ساسة بوست»: «غيروا حجزي من يوم 25 أغسطس حتى 29، مما اضطرني إلى التأخر عن عملي يومين، وطلب إجازة عارضة، كذلك عطل الأمر استعداداتي لتجهيز أبنائي للمدارس في الوقت المناسب».

أما المواطنة الأردنية شيرين، وهي مغتربة عن الأردن، فتقول: «بعد تجربة سفر عبر الملكية الأردنية لعدة سنوات، كان السفر هذا العام هو الأسوأ، كنت أهاجم المنتقدين للشركة على شبكات التواصل الاجتماعي، حتى شفت بعيني حقيقة ما يُقال».

الكثير من الاستياء حل بشيرين حين نظرت إلى تعامل الموظفين وهم ينادون على رقم الرحلة والمكان المتجهة إليه بعد وضع المسافرين لأكثر من رحلة في مكان واحد ثم القيام باصطحاب الناس حتى ينتهوا من إجراءات السفر، وتوضح شيرين لـ«ساسة بوست»: «كان الأمر أشبه بمجمع باصات وليس مطارًا لدولة كبيرة، لا يوجد جاهزية للتعامل مع الضغط في المطار، وطريقة المناداة كانت غير حضارية».

وتتابع القول: «تأخرت رحلتي لمده أربع ساعات، مع العلم أنه لم يصلني أي إخطار من الشركة بهذا التأخير، لا عبر الإيميل ولا رقم الهاتف، حصلت على هذه المعلومة الصادمة بعد انتظار ثلاث ساعات مع طفلي، حتى وصل الموظف المسؤول ليخبرني بهذا التأخير»، وفيما يتعلق بوجبة الطعام تقول شيرين: «لم أر بحياتي ساندويش التيركي يوضع عليه ماسترد، كان الطعام سيئًا».

ماذا يعني أن تكون يمنيًّا في مطار أردني؟

«سلطات المطار بالأردن منعت اليمنيين المسافرين من الدخول إلى المطار وأبقتهم في الطارود (الممر العام الذي يمشي فيه المسافرون)، حيث لا يوجد في الطارود كراسي انتظار ولا حمامات ولا مطاعم ولا مصلى وغيره»، كانت هذه شكوى من أحد المسافرين اليمنيين علق في مطار الملك العلياء بالأردن، ومُنع من الانتظار داخل صالة المطار حتى موعد الرحلة.

وتابع الشاب القول: «بعض الرجال نامت أطفالهم ونساؤهم وبناتهم بين أقدامهم وظلوا واقفين إلى ما يزيد عن ست ساعات، وحين سأل بعض الأجانب المسافرين ما قصة هؤلاء، رد عليهم أحد موظفي المطار بأنهم لاجئون يمنيون».

خاض اليمنيون في يونيو الماضي احتجاجًا على تعرضهم للإهانة والإذلال بحسبهم على خطوط الطيران الأردني التي أصبحت خيارهم الوحيد بعد التضييق وعرقلة دخولهم لدول أخرى، حيث أصبحت الأردن «ترانزيت» بالنسبة لهم، فحين يصل اليمنيون إلى مطار الأردن (الملكة علياء) وجلهم ترانزيت وتكون أوراقهم مكتملة وجاهزة يمنعون من الدخول إلى المطار لساعات أو أيام، ويبقون في الممرات، وبعد التوسل للموظف المسؤول يسمح لبعضهم بالدخول من أجل شراء الطعام أو الماء من داخل المطار.

هذه المعاملة الـصعبة دفعت النشطاء اليمنيون إلى إطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، لمقاطعة الطيران الأردني ضمن هاشتاق (#‏قاطع_الطيران_الأردني)، وهو الوسم الذي كشف عن حجم إهانة وازدراء وإجراءات تعسفية كبيرة يتعرض لها اليمنيون في الأردن من قبل سلطات المطار، ومن طواقم الطائرات نفسها.

 

«الموازنة من جيب المواطن والتوظيف للأجنبي».. هل ينخر الفساد في الطيران الأردني؟

كان خبرًا سارًا على اللبنانية جورجينا إبراهيم تعيينها في سبتمبر (أيلول) الماضي، مديرة تنفيذية للخدمات الجوية في الملكية الأردنية للطيران براتب 4500 دينار أردني، لكنه كان خبرًا سيئًا بالنسبة لبعض للأردنيين الذين رأوه قرارًا خاطئًا في وقت تعاني فيه الشركة من خسائر متواصلة، ولكون السيدة إبراهيم ليست أردنية الجنسية، ولذلك قال مواطن أردني: «الملكية الأردنية.. موازنتها من جيب المواطن والتوظيف للأجانب».

أما ما حدث في مارس (أذار) الماضي فيتجاوز بالنسبة للبعض حدود المحسوبية في التوظيف، وذلك حين ذُكر اسم شركة «أجنحة العرب» في الأردن في قضية شراء السلطة الفلسطينية لطائرة جديدة خُصّصت لرئيسها محمود عباس، وهي طائرة أثار المبلغ الذي دفع فيها وهو خمسون مليون دولار (30 مليونًا من صندوق الاستثمار الفلسطيني، و20 مليونًا من السلطة) ضجة كبيرة في وقت تعاني فيه السلطة من نقص مالي.

وحسب تحقيق أجرته صحيفة الأخبار اللبنانية: «يُبيّن سجل الطائرة أنها انتقلت عمليًا إلى العمل ضمن خطوط شركة «أجنحة العرب» في الأردن (Arab Wings Company) في الشهر الأول من العام الجاري (2018) تحت مسمى استعمال خاص VIP واسم جديد ألصق عليها هو T7-PAL»، ويظهر التحقيق أن سجل الشركة الأردنية المشغلة للطائرة، مملوكة بالكامل للشريك الوحيد والمؤسس: «شركة أكاديمية الطيران الملكية الأردنية».

أما في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فقد فشلت المطالب الشعبية بدفع هيئة الطيران المدني نحو سحب التراخيص من شركة طيران «فلاي جوردن» المملوكة للنائب الأردني السابق أمجد المسلماني، وذلك إثر انحراف الطائرة الثانية التي تملكها شركته عن مسارها في مطار الملك حسين بمدينة العقبة، بعد تجاوزها مدرج الهبوط وعلى متنها 126 راكبًا في السابع عشر من سبتمبر الماضي، فمع أن هذه الحادثة تفقدها قانونيًا أبرز متطلبات تراخيص التشغيل الممنوحة من قبل الهيئة، وهي امتلاك الشركة المرخصة طائرتين كحد أدنى لضمان ديمومة تشغيلها، إلا أنه بعد خروج هذه الطائرة عن الخدمة لم تلغ شهادة التشغيل تلقائيًا، وفقًا لأحكام قانون الطيران المدني رقم 41 لسنة 2007.

والمسلماني الذي مول عضو حركة فتح المفصول محمد دحلان حملته الانتخابية بحسب بعض المصادر سمحت علاقته بالمدير التنفيذي السابق للملكية سليمان عبيدات بالحصول على التراخيص والتغاضي عن غياب شروط السلامة الملاحة الجوية المفترضة، وذلك بمقابل تعيين أحد أقرباء عبيدات مديرًا لشركة المسلماني، ويذكر تقرير لموقع «وطن» أن هذه: «الحادثة أعادت للواجهة جدلية ملف ترخيص هيئة الطيران المدني شركة طيران مخالفة لشروط الملاحة الجوية لتجاوز الطائرات العمر التشغيلي المفترض، التي شغلت الرأي العام الأردني وقتها»، ويضيف تقرير الموقع أنه: «كشف أن ثلاثة من أعضاء مجلس النواب الحالي ضمن هيئة المديرين في شركة الطيران التي يملكها النائب السابق المسلماني».

You might also like