يسعى الرئيس هادي لعقد جلسة للبرلمان خارج اليمن أو في عدن، كبرلماني سابق، ما الذي يحتاجه هادي أو «التحالف» من مجلس النواب بعد 4 سنوات حرب؟ وما مدى شرعية مثل هذا الانعقاد وبالتالي شرعية مخرجاته؟
برغم هشاشة مجلس النواب إلاّ أنّ أي مخرج للحرب لا بد أن يكون عبر بوابة السلطة التشريعية بكل علَّاتها وعيوبها، وأي سلطة تنفيذية يتم التوافق عليها لمرحلة انتقالية سيتطلب إضفاء الشرعية عليها من قبل السلطة التشريعية مصدر التشريع، من هذا المنطلق يتم التنافس لكسب ولاءات أعضاء مجلس النواب في صنعاء وفي الرياض، والبرلمان الذي تنافست عليه الأحزاب وإيصال ممثليها إلى تحت قبته استمر الى حد كبير برلمان سلطة، وممثلاً لمصالح وأجندات السلطة والأحزاب التي رشحتهم لا الشعب الذي انتخبهم.
هذا يعني أن لديكم ملاحظات على مجلس النواب ؟
أحد أسباب هشاشة هذا المجلس يعود إلى كون أن عدداً لا يستهان به من أعضائه وصلوا إليه بطرق ملتوية، ترتقي إلى مستوى التزوير والتلاعب باللوائح والقوانين المسيرة للعملية الانتخابية، هؤلاء راهنت عليهم السعودية وعلى إمكانية استقطابهم وشرائهم، وعوَّلت على أن إطالة الحرب كفيلة بخفض منسوب الولاء الوطني لديهم بفعل المعاناة، وزيادة دوافع ومبررات الارتهان وشراء أكبر قدر ممكن من ضعفاء النفوس لصالحها.
الرئيس هادي ما حاجته لمجلس النواب باعتقادك؟
أعتقد أن البرلمان في حقيقة الأمر حاجة سعودية إماراتية وفي الشكل حاجة لهادي، لأن هادي ارتهن لـ«التحالف» وباع البلد وقبض الثمن، والسلطة التشريعية كما سبق وأشرت، برغم كل ما أصابها تبقى الجسر الذي يعبر من خلاله الجميع عبر تسوية سياسية قد يتفق عليها.
 هل تحتاج السعودية لاستقطاب مجلس نواب يمني وأحزاب سياسية، وخلق حراك سياسي يمني داخل أراضيها، بما في ذلك من مفارقة من حيث طبيعة النظام في السعودية؟
النظام السعودي نظام وظيفي منذ النشأة، عرف بدمويته واستبداده وقهره وظلمه لشعبه ومحيطه القريب والبعيد، وتكاد تكون القواسم الحضارية والفكرية والثقافية والسياسية مع نظام آخر شبه منعدمة، ووطد علاقاته ونفوذه بالمال ويشتري المواقف فلا تقوم على المصالح المشتركة ولا على القيم والمبادئ، ولطالما عمل النظام السعودي على مفاقمة الظروف الاقتصادية والمعيشية لليمنيين، وسعى دوماً للتدخل في شؤونه الخاصة والسيادية مستخدماً أدواته المحلية لإعاقة أي مسعى لإقامة علاقات تعاون مجدية أو مشاريع حيوية واستراتيجية مع دول إقليمية ودولية، او الإنضمام لتكتلات اقتصادية ضرورية لتبادل الإستثمار والتعاون التجاري والصناعي.
لقد دأب النظام السعودي على توظيف الظروف الاقتصادية الحرجة من أجل الابتزاز للحكومات المتعاقبة لا غير، وتعداه إلى تطويع قوى سياسية وقبلية واجتماعية وأحزاب ومشرعين ولكلٍ ثمن معلوم، وعملية الاستقطاب للحكومة والقوى السياسية والمشرعين واستدراجهم إلى الرياض الغاية منه توفير غطاء لجرائمه التي يرتكبها بحق اليمنيين، وشرعنة عدوانه وحتى لا يعود في النهاية هناك يمن كما نعرفه.
مشاورات واتفاق السويد… كيف قرأتم مخرجاته وحجم التحديات وفرص النجاح؟
من وجهة نظري بالتحليل والواقع على الأرض، السعودية والإمارات، كما سبق وأشرت، تقودان العدوان وليستا في وارد التوصل إلى حل سياسي للازمة، وهو ما أكد عليه التقريران لفريق الخبراء، وأوضحا الواقع على الأرض كما هو، وأن العدوان لم يعد يقتصر على الخصوم بل تعداه إلى استهداف «الشرعية» لكي لا يكون هناك دولة، فلم يعد يستثني هادي وحكومته وقواته وأجهزته، وقد حرص «التحالف» على إبقائها مشلولة ومحجمة ومحدودة الحركة لا تملك القرار على «85% من الأرض» ولا تتحكم بسياستها، ولا تحتاج دول العدوان لهادي إلاّ  بقدر ما يبرر لها شرعنة وجودها وكغطاء لحربها على خصوم الطرفين.
لكن الشرعية أعلنت مبكراً سيطرتها على 85% من الأراضي اليمنية؟
السعودية والإمارات هما من يتحكما بالقرار و يمسكا بزمام الأمور، حتى في «المناطق المحررة»، لمشروع فاقع المعالم ولم يعد يخفى على أحد، الهدف منه تمزيق اليمن بشراً وجغرافيا وتراباً إلى دويلات تطوى وآثر زراعة مقومات ومتطلبات خروجه الى حيز الوجود، بعده يتم طي صفحة هادي، وبعده على اليمن الذي كان، كما يأملون.
نعود لقراءة مخرجات اتفاق السويد؟
على هذه الخلفية يمكن قراءة نتائج مشاورات السويد، وأزعم أن ما قاد إليها بشكل رئيس كان الجانب الإنساني الضاغط، الذي أثقل كاهل المجتمع الدولي، وجريمة القنصلية (قتل الصحافي جمال خاشقجي) في تركيا التي ألهبت مشاعر الضمير والإعلام، هذان تطلبا الذهاب الى مشاورات السويد، ولم يكن الدافع الرغبة الحقيقية في التوصل إلى حل… ولا يملك الطرفان رفاهية رفض المشاركة من باب إقامة الحجة، ونوايا دول العدوان باتت معروفة، لن تتراجع ما لم يكن هناك صمود يمني أعاد التلاحم المجتمعي والانصهار الوطني، من شأنه أن يجبر دول العدوان على إعادة حساباتها ودفعها الى حوار جاد يسدل ستار الحرب، وقد اتضحت الأهداف وتبينت نوايا الشر، (هذا الأمر) يجعل اليمنيين كل اليمنيين أمام خيار أن يكونوا وأن يكون هناك يمن أو لا يكونوا ولا يكون هناك يمن… لنتذكر أن النظام السعودي قام ونشأ على فلسفة محو الآخر لا التعاون والشراكة معه .
كيف يمكن تقييم تحركات المبعوث الأممي لمواجهة التحديات أمام تنفيذ اتفاق السويد؟
ثقتي وارتياحي للمبعوث الأممي مارتن جريفيث كبيرة، وهو ذو خبرة تراكمية مشهود لها في المفاوضات وحل الأزمات، ومقاربة وجهات النظر وبناء الجسور وردم هوة الخلاف، ولا يساورني شك أنه حريص على إنجاح المهمة الموكلة إليه، إلاّ أن تحقيق النجاح المأمول يتطلب توفر رغبة حقيقية وجادة لدى الطرفين للدخول في مفاوضات تفضي الى إيجاد حل شامل وعادل، يمتلك مقومات النجاح وعناصر الديمومة، بما يرجح كفة الشعب القابع بين الحياة والموت، ويكون اليمن هو المستفيد الأول والعلاقات الندية بين دول الجوار تقوم على حفظ وصون الإخاء والمصالح والتعاون المتبادل.
باعتقادكم ما هي أبرز التحديات أمام تنفيذ اتفاق السويد؟
التحديات التي تواجه اتفاق السويد تتركز في عدم قبول السعودية والإمارات، و طالما تحظيان بغطاء ودعم أمريكي وبريطاني غير محدود فلن يكون لديهما حافز لإيجاد تسوية سياسية، وحل شامل، وبالتالي هذا هو التحدي الحقيقي أمام اتفاق السويد والمبعوث الأممي، ولا يساورني شك أن السيد جريفيث في حال وصل الى طريق مسدود ولم يتمكن من مواجهة تعنت دول العدوان، وليس في جعبته قراراً أممياً يلزم بخارطة سلام وسحب معول الهدم وسكين الذبح من أيادي الرياض وأبوظبي، فسوف، وبما يمليه ضميره، يكشف الأمور كما فعل المبعوث الأممي الأسبق جمال بن عمر، وربما يتطرق الى ما هو أكثر مما ذهب إليه بن عمر.
شهدت الجبهة الداخلية أحداثاً عاصفة في ديسمبر 2017، فإلى أي حد باعتقادكم تمكنت أطراف الداخل من ترميم شرخ ديسمبر 2017؟
الأحداث التي وقعت في ديسمبر 2017 جاءت نتيجة لتراكم الخلافات بين الحلفاء والشركاء في مواجهة العدوان لم يتم التمكن من حلها، أحد فريقي الشراكة جاء من خارج السلطة يحمل غِلَّاً تجاه المركز المستبد، وأصبح يمتلك السلاح ولديه طموح للسلطة، بعدما أُفشلت محاولة الوصول إليها عبر بوابة الشراكة، ويفتقر للخبرة ولم ينجح في طمأنة الآخر في الوطن والمختلف معه.  الفريق الآخر مارس السلطة وأقصي منها ويسعى للعودة إليها، وباتت الثقة فيه مهزوزة، هذه العوامل بطبيعة الحال حالت من دون التوصل إلى رؤية مشتركة حول كيفية إدارة البلد، في ظل الحرب وخوض المعركة مع العدوان، وتعداه إلى غياب رؤية موحدة جامعة حول شكل الوطن ما بعد الحرب، الخلاف بين الفريقين تفاقم حتى تلاشت الثقة وصولاً إلى أحداث ديسمبر، وبرغم حجم الشرخ إلَّا أن أطراف الداخل تمكنت بحكمة، وإلى حد كبير، من مداواة آثار تلك الأحداث المؤلمة، ومعالجة أكبر قدر ممكن من ذيولها وردم الشرخ.
هناك مجموعتان داخل «المؤتمر» و«أنصار الله» خرجتا عن السيطرة، ولهما حساباتهما الخاصة والمدفوعة، لا تلتقيان مع القيادة إلى حد التماهي، وحصل ما حصل، وعلينا أن نداوي الجراح والوطن فوق الجميع .
الأداء الحكومي لحكومة «الإنقاذ»، هل يرقى لمستوى التحدي في هذه المرحلة؟
حكومة «الإنقاذ» برغم التحديات وأمام حجم الصعوبات، تمكنت إلى حد ما من القيام بالحد الأدنى مما هو مطلوب، وقد تشكلت في ظروف مختلفة وترهلت، ولا بد من حكومة جديدة تكرس جهدها وتسخر إمكاناتها بشكل رئيس من أجل رفد الجبهات وزيادة الإهتمام بمعيشة الناس والحد من معاناتهم، والتعامل بجدية مع تحديات العملة وغلاء المواد الغذائية، وتحرص على تماسك الجبهة الداخلية كما تركز على مساعي الحوار، من أجل طي صفحة الحرب والعمل على تطبيق مصفوفة الرؤية الوطنية .