واصل الباحثُ البريطاني بيتر ساليسبيري، كبير محللي «مجموعة الأزمات الدولية»، تحليلاته بشأن اتفاق السويد، مشيراً إلى أنه «وبعد مرور شهر من توقيع ذلك الاتفاق، يتزايد الزخم خلف ذلك الاتفاق، حيث يتنافس الخصوم على تبادل الاتهامات المتبادلة، في حين تكافح الأمم المتحدة لحملهم على الوفاء بتعهداتهم بإعادة الانتشار في الحديدة».
ولفت ساليسبيري إلى أنه «ومع انقضاء الموعد النهائي لعمليات إعادة الانتشار التي كان من المقرر الانتهاء منها بحلول 8 كانون الثاني يناير، تتزايد التكهنات بأن الصفقة قد تكون على وشك الانهيار».
خمس خطوات لإنقاذ اتفاق ستوكهولم
وشدد على أنه «وعلى الرغم من أن اتفاقية ستوكهولم غير كاملة وغير دقيقة، فأنها كانت صعبة المنال، وإذا سمح لها بالتعطل، فقد لا تكون هناك فرصة مماثلة خلال فترة طويلة»، مقدماً خمس خطوات قال إنه «يجب على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي اتخاذها على وجه السرعة لحماية الاتفاق ودفع بنوده إلى الأمام».
وأوضح كبير محللي «مجموعة الأزمات الدولية» أن في مقدمة تلك الخطوات تأتي مسألة «منع الانهيار»، مبيناً أنه «ينبغي على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أن يضغطوا على كل جانب لوقف التحركات التي يبدو أنها تهدف إلى استثارة الطرف الآخر ودفعه بعيد عن الالتزام بالاتفاق، كما يتعين عليهم البدء في تنفيذ الاتفاق»، وأكد على أن ذلك الأمر، «يتطلب تأمين تعاون أكبر من الحوثيين أولاً وقبل كل شيء».
ورأى ساليسبيري، أن ثاني تلك الخطوات هي «تحديد شروط خاصة بوقف إطلاق النار وفرضها»، وذلك لكون الاتفاق «لم يتضمن ماهي الأعمال العدائية أو طبيعتها أو مدتها»، موضحاً أن القيام بذلك «سيتطلب مجموعة واضحة من القواعد، إلى جانب المعرفة التفصيلية بمواقع القوات، وفريق فني ماهر قادر على تقييم الانتهاكات المزعومة».
وأضاف بهذا الخصوص: «يمكن للجنة تنسيق إعادة الانتشار، التي تتألف من عدد متساوٍ من ممثلي الحكومة الشرعية والحوثيين، أن تضع القواعد الأساسية، في الوقت الذي سيحتاج فيه فريق الأمم المتحدة أيضا إلى حرية الحركة حول الحديدة، وهو أمر لم يحققوه بعد، بسبب اعتراضات من الحوثيين، الذين يذكرّون دائما بأن هناك مخاوف أمنية».
ولفت إلى أنه «وبمجرد حدوث كل ما سبق، ستحتاج الأمم المتحدة إلى تقرير كيفية ضمان المساءلة،» مشيرا إلى أن ذلك «سيقع على عاتق الجنرال الهولندي باتريك كاميرت الذي يجمع بين أدوار المنسق العسكري والمخطط والرصد، حيث وبمجرد وضع القواعد ومهمة المراقبة، سيكون في وضع أفضل بكثير لتقديم تقييم عادل لما يحدث على الأرض، وستجعل تقاريره المنتظمة من السهل مساءلة الأطراف علناً».
واعتبر ساليسبيري أن ثالث الخطوت، هو «تحقيق اتفاق تفصيلي بشأن إعادة الانتشار، كما ينبغي وضع تفسير واضح للقوات المحلية التي ينبغي أن تسيطر على الموانئ بعد إعادة الانتشار»، مؤكداً على أن الوصول إلى «تفاهمات حول هذه الأمور أمراُ ملحا، كما سيكون خطوة هائلة إلى الأمام، ودليل على قدرة الطرفين واستعدادهما، كما أنه سيكون بمثابة انتصار كبير لمصداقية الأمم المتحدة كوسيط». وحذر ساليسبيري من أن «الفشل في القيام بذلك سيكون له تأثير معاكس».
وأضاف موضحاً: «من المحتمل أن يتضمن الوصول إلى ذلك الاتفاق عنصراً فنياً، بقيادة كاميرت، وجانباً سياسيًا بقيادة مارتن غريفيث، في حين ستحتاج الأمم المتحدة أيضاً إلى إعادة رسم الحدود الزمنية لعمليات إعادة الانتشار المتفق عليها في السويد، كما يجب أن يكون التركيز في الوقت الحالي على التوصل إلى اتفاق حول إعادة انتشار الحوثيين الحقيقيين من الموانئ ووضعها موضع التنفيذ».
وبيّن ساليسبيري، أن رابع الخطوات هو «وضع حد لإمكانية تنصل الحوثي»، وبهذا الشأن يضيف ساليسبيري قائلاً:«من المرجح أن يحاول الطرفان إفساد الاتفاقية، لكن في هذه المرحلة، فإن الحوثيين هم العقبة الرئيسية أمام التقدم، حين أنه وبموجب شروط اتفاق ستوكهولم، يتعين عليهم أولا القيام بالخطوة الأولى عن طريق إعادة نشر القوات من موانئ البحر الأحمر الرئيسية الثلاثة، بعد ذلك يتعين على كلا الجانبين القيام بسلسلة من عمليات إعادة الانتشار المتبادلة وصولاً إلى الخروج من المدينة بأكملها إلى مواقع لم يتم تحديدها بعد، مما يعني نزع سلاح الممر التجاري بالكامل في البحر الأحمر».
فيما كانت آخر الخطوات التي يوصي بها الباحث البريطاني، هي: «الحفاظ على التركيز الدولي وتوافق الآراء»، موضحاً بهذا الخصوص أن اتفاق ستوكهولم «كان نتيجة لالتقاء الأحداث، والتي كان من بينها الاحتجاج العالمي على مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، والتهديد الذي يلوح في الأفق من مجاعة شاملة».
وأضاف: «على الرغم من العيوب التي خرج بها الاتفاق، فإن العملية التي بدأت في السويد قد نجحت في منع حمام الدم في الحديدة، وإذا كان بالإمكان تنفيذ اتفاق استوكهولم بشكل كامل، فيمكن لمكتب المبعوث إحراز تقدم في مبادلة السجناء وإنهاء المعركة في تعز، حيث سيؤدي ذلك إلى تجميد الصراع بشكل أساسي، وستزداد مصداقية الأمم المتحدة كوسيط إلى حد كبير».
واعتبر ساليسبيري أنه هذه قد تكون الآن «المحاولة الأخيرة للأمم المتحدة في بناء الزخم وراء عملية السلام مستقبلاً»، مؤكداً على أن تحقيق أقصى استفادة من اتفاقية استكهولم يتطلب إجماعاً دولياً حول العملية، خاصة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مع ضرورة تجنب المفاوضات المعقدة والممتدة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة بشأن القضايا الإنسانية واللغة المتعلقة بإيران والتي تعطل مسار القرار الذي يدعم اتفاق ستوكهولم، حيث أن هناك الكثير من المخاطر التي تقف في طريق مجلس الأمن للدفع قدما نحو الوصول إلى وقف كامل لإطلاق النار».
اليمن أول الأوليات
وفي سياق آخر، كشف «مجلس العلاقات الخارجية» (مؤسسة بحثية)، عن أن «من بين أهم النزاعات التي يجب مراقبتها حول العالم في العام 2019، هو النزاع في اليمن».
ولفت المجلس إلى أن «الأزمة الإنسانية في اليمن، أدرجت كأولوية من الدرجة الأولى في المسح السنوي الأول للأولويات الوقائية لمركز العمل الوقائي، وذلك من بين 30 من الحالات الطارئة المشمولة في مسح أولويات الوقاية لهذا العام، وذلك بعد أن تفاقمت بسبب التدخل الأجنبي المستمر في الحرب الأهلية»، مشيراً إلى أن تلك الحالة أعتبرت بالفعل كأولوية عليا ومتوقعة الحدوث للولايات المتحدة في العام 2019، حيث من الممكن أن يكون لها تأثير معتدل على مصالح الولايات المتحدة».
وأشار المجلس الأمريكي إلى أن «مركز العمل الوقائي» التابع له «يُجري سنوياً دراسة استقصائية لخبراء السياسة الخارجية، لأخذ تقييمهم الجماعي لحالات الطوارئ التي تمثل أكبر خطر على مصالح الولايات المتحدة»، مبيناً، أن المركز «قد بدأ التماس حالات الطوارئ في أكتوبر 2018، مما أدى إلى تضييق نطاق قائمة الصراعات المحتملة مما يقرب من ألف اقتراح إلى 30 من الحالات الطارئة التي تعتبر محتملة وربما تضر بالمصالح الأمريكية».
وأوضح المجلس أن «مركز العمل الوقائي أرسل الاستبيان إلى أكثر من ستة آلاف خبير، وتلقى ما يقرب من 500 رد، وقد تم تسجيل نتائج الاستطلاع وفقًا لتصنيفاتها، حيث تم تصنيف الحالات الطارئة إلى واحد من ثلاثة مستويات أولوية، وفقًا لوضعها في مصفوفة تقييم المخاطر التي وضعها المركز».

*العربي| عمر أحمد