كل ما يجري من حولك

«بلومبيرج»: السعودية مقبلة على المصاعب.. و 3 عوامل تهدّد إستقرارها

«بلومبيرج»: السعودية مقبلة على المصاعب.. و 3 عوامل تهدّد إستقرارها

520

متابعات:

رأت وكالة «بلومبيرج» الأمريكية، أن السعودية مقبلة على مزيد من المتاعب الاقتصادية في طور «التخمّر»، متوقعة أن يتقلب الوضع الاقتصادي للمملكة بفعل 3 عوامل وهي: انحسار عائدات النفط، وتغيّر المُناخ، والتحرّر الاجتماعي.

وقالت الوكالة الاقتصادية في تقرير لها، إن السعودية بعائلتها الحاكمة التي تمثل النظام الملكي المطلق المليء بالثروة النفطية، تبدو للوهلة الأولى آمنة في قوتها، إذ رغم تقلبات أسعار النفط بقي دخل الفرد ثابتاً إلى حدٍ ما لسنوات عدة حتى الآن.

وأضافت أنه من حيث القوة الشرائية، السعودية هي دولة غنية تأتي بمرتبة قريبة خلف الولايات المتحدة في مستويات المعيشة، وفي الظاهر، تشعر قيادة البلد بالثقة والقوة الكافية لخوض حرب في اليمن وقتل الصحافيين المعارضين.

لكن تحت هذا السطح الهادئ ظاهرياً -ترى «بلومبيرج»- قد تكون هناك مشكلة هي بصدد التخمّر، فأولاً وقبل كل شيء، تتجه التركيبة السكانية إلى منحى يرتبط أحياناً بالاضطرابات الاجتماعية.

وتشير الوكالة إلى أنه في عام 2000، كانت عائلات السعودية كبيرة جداً، بمعدل يتجاوز 6 أطفال لكل امرأة، لكن الخصوبة انخفضت سريعاً، وهي الآن دون مستوى الإحلال البالغ 2.1 طفل لكل امرأة، وأوضحت أن هذا يعني أن سعوديين كثراً يبلغون سن الرشد الآن، سيمتلكون عدداً قليلاً نسبياً من الأطفال، وفي بلدان الاقتصادات القائمة على التصنيع، سيؤدي ذلك إلى عائد ديموغرافي وتسارع النمو بسبب وفرة العمال الشباب، لكن في اقتصاد السعودية الذي يعتمد على الموارد، قد يؤدي ذلك ببساطة إلى فرض ضغوط على مالية الدولة.

وتتابع الوكالة قائلة: «تقليدياً، السعودية اقتصاد ريعي توزّع فيه الوظائف الحكومية أموال النفط على السكان وتحول دون تفجّر توترات اجتماعية، وعادة ما تحوم بطالة الشباب في البلاد بين 25 و30 %، في حين سجل معدل البطالة الإجمالي مستويات تاريخية مطلع سنة 2018».

واستكملت: «قد يتشكل مزيج هشّ مكوّن من مجموعة كبيرة من الشبان الذين يعانون من معدلات بطالة مرتفعة ورسوم قليلة نسبياً لرعاية الأطفال، إذ لطالما لاحظ علماء السياسة العلاقة بين «انتفاخات» الشباب والنزاعات الأهلية»، وأوضحت الوكالة، أنه يمكن أن يصبح الوضع المتقلب أكثر خطورة بفعل 3 عوامل إضافية، هي: انحسار عائدات النفط، وتغيّر المُناخ، والتحرّر الاجتماعي.

ورأت «بلومبيرج» أن تطور السيارات الكهربائية قد يكون رائعاً للعالم ولمستقبل المناخ، ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للصناعة الرئيسية في السعودية، فوفقاً لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، يعتمد اقتصاد المملكة على النفط بنسبة 50 %، بينما يمثل الخام 70 % من عائدات صادراتها.

وتشير الوكالة إلى أن تقديرات أخرى تضع هذا الرقم الأخير أعلى من ذلك، حيث يتم استخدام البترول بكميات أكبر من تشغيل السيارات والشاحنات، بالطبع -البلاستيك والأسمدة والسفن ووقود الطائرات ومجموعة من المواد الكيميائية- ولكن إذا بدأت السيارات الكهربائية تحصل على حصة أعلى من السوق، يمكن لأسعار النفط أن تتجه للهبوط للأبد.

وقالت الوكالة، إن المملكة تعهدت منذ فترة طويلة بتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط، ولكن خططها الإصلاحية الطموحة غالباً ما تتحول إلى مزيد من الإنفاق الحكومي الباذخ. تهديد آخر لاستقرار البلد -تحدثت عنه «بلومبيرج»- هو تغير المناخ الذي قد تكون ظهرت آثاره بالفعل، فالجفاف الناجم عن الاحترار العالمي قد يساهم في تأجيج الصراع في اليمن، حيث تختفي الأراضي الصالحة للزراعة، والمملكة العربية السعودية قد لا تكون بعيدة عن هذا الوضع بكثير، معتبرة أن هناك القليل الذي يمكن للبلد القيام به بمفرده لوقف تغير المناخ، بخلاف وقف التنقيب عن النفط الذي من شأنه أن يدمر اقتصادها.

وحول التهديد الثالث لاستقرار البلاد وهو التحرر الاجتماعي، قالت الوكالة الأمريكية، إن تحرير ثقافة البلد فيما يتعلق بالفنون والمسرح وغير ذلك من أشكال التعبير الثقافي، بحيث إنها أصبحت أكثر تسامحاً على نطاق واسع، فضلاً عن أن السماح للنساء بقيادة السيارات والتصويت الانتخابي، وتخفيف الإسلام السياسي المتشدد، من الأمور العظيمة للمجتمع السعودي، لكنها تتيح أيضاً الفرصة لحصول اضطرابات.

ورأت أنه قد يصبح الشباب المعتادون على وتيرة التغيير الاجتماعي السريع غير راضين بحدّة في حال تباطأ التقدم على مسار التغيير، وهي ظاهرة تُعرف باسم «ثورة التوقعات المتزايدة»، وأضافت أنه رغم ما تُبديه السعودية من استقرار وثراء وقوّة، قد تتجه إلى عاصفة من المشكلات يفجّرها انخفاض عائدات النفط، والجفاف، وفائض غاضب من الشباب العاطلين عن العمل بعد إحباط توقعاتهم.

واعتبرت «بلومبيرج» أن الحكام في السعودية يدركون هذا الخطر، وهو ما قد يكون السبب في توزيعهم مزيداً من الأموال وإقدامهم على إصلاحات اجتماعية حتى حين يعمدون إلى إخماد الانشقاقات السياسية وقتل معارضي النظام.

واختتمت الوكالة تقريرها بالقول: «لكن كل هذه الإجراءات قد لا تكون كافية، وقد يكون الأمر ببساطة هو أن الزمن الذي يمكن فيه لمملكة صحراوية غنية بالنفط، أن تُلبّي حاجات سكانها الاقتصادية والاجتماعية سوف يدنو من نهايته قريباً».

You might also like