تتواصل مفاوضات السلام في ستوكهولم بالسويد، بين حكومتي «الشرعي» و«الإنقاذ» برعاية الأمم المتحدة، لكنها وحتى اللحظة وعلى الرغم من بوادر الانفراج التي لحظتها، إلا أنها لم تحقق أي تقدم ينبئ بتوقف الحرب، إذ أن الخلاف على معظم الملفات الساخنة، بين الطرفين، لا يزال وحده سيد الموقف، عدا ملف الأسرى والمعتقلين. بالمقابل لا تزال العمليات العسكرية تحتدم على الأرض، حيث تشهد العديد من مناطق المواجهات تصعيداً عسكرياً كبيراً.

التقدم إلى الخلف

وعلى الرغم من أن أمس الأول (رابع أيام المفاوضات) كان أول ما كسر الجليد بين طرفي المفاوضات، حيث تمكن المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن جريفيث، من عقد اجتماع مباشر بينهما، بعدما كان الأمر يقتصر منذ الخميس الماضي، على قيامه بنقل الرسائل بين الطرفين، برز اليوم تسلم الأطراف قوائم أسماء المعتقلين والجثامين لدى كل منهما، وقد وصلت حتى 15 ألف اسم، من دون إغلاق تلك القوائم على مزيد من الأسماء.  غير أن ما تقدم لا يزال تقدماً حذراً، خاصة بعد التحفظ الذي أبداه الوفدان، أمس الإثنين، على مبادرة جريفيث بشأن ميناء ومدينة الحديدة، ووقف إطلاق النار، وفتح المعابر في تعز، وفتح مطار صنعاء، وهي ما رأى فيها مراقبون إعادة لعقارب الساعة إلى الوراء، وبالتحديد إلى «نقطتها الأولى».

وتشير المعلومات إلى أنه تم اليوم تبادل كشوفات الأسماء بين الوفدين بعدد يزيد عن 15 ألف أسير ومعتقل، كما تم الإتفاق على أن يكون مطاري سيئون وصنعاء مكاني تبادل الأسرى، فيما جرى تشكيل لجنة بالتنسيق مع «الصليب الأحمر» لنقل الجثامين من الطرفين، وذلك خلال مدة زمنية لا تتجاوز شهراً واحداً.

وأوضح عضو وفد «الإنقاذ»، غالب مطلق، أن المشاورات بحثت عدداً من الملفات، مشيراً إلى أنه «بالنسبة إلى لجان التهدئة فهناك لجنة خاصة بالحديدة كما تم الاتفاق على الفصل بين القوات وسيتم اليوم وضع الية لهذا الأمر، وفي ما يتعلق بتعز فهناك الية للتهدئة وتبادل الاسرى».

 

    تبادل الأسرى سيكون بتاريخ 19 من يناير المقبل

 

 

وتحدث عن الإطار العام للمباحثات قائلاً: «سيكون هناك محددات عامة وسيتم تسليم الطرفين الاطار العام للانتقال السياسي، سواء في ما يتعلق بالحكومة او المؤسسة الرئاسية او غيرها من قضايا الانتقال السياسي».

بدوره، عضو وفد «الانقاذ» عبد القادر المرتضى، أكد أن «التبادل الكامل والشامل للأسرى سيكون بتاريخ 19 من يناير المقبل، و أن الأمم المتحدة هي الضامن لهذا الاتفاق»، معتبراً أن «هذا الملف أحد ملفات تبادل الثقة وإذا ما تم انجازه فسيترك أثراً كبيراً على بقية الملفات».

وأوضح المرتضى في تصريح صحافي أن «الطرفين اتفقا على أن يتم نقل الاسرى جواً، وأن يكون مطاري سيئون وصنعاء هما محطتا الاستلام، والصليب الاحمر هو من سيقوم بتوفير الطائرات».أما عضو لجنة التهدئة عن «وفد الشرعية» عسكر زعيل، فأوضح أنه «لم يتم النقاش حتى اللحظة حول التهدئة في الحديدة»، مشيراً إلى أن «المبادرة التي طُرحت بخصوص الحديدة هي مجرّد أفكار عامة، تبدأ بوقف إطلاق النار والانسحابات من المدينة وتسليم السلاح».

وعن خيارات «الشرعية»، أكد أن «خيارتنا كحكومة شرعية هي خيارات واضحة، وتتمثل في تسليم الميناء إلى وزارة النقل لتتم إدارته كما كانت سابقاً، وكذلك الشأن في مسألة الضرائب والجمارك التي يجب أن تكون تحت إشراف حكومي مباشر»، موضحاً أن «وزارة الداخلية هي من ستتولى إدارته بعد أن يتم اعادة تموضع المعسكرات داخل المدينة حسب خطة وزارة الدفاع».

ولفت إلى أن «خيارات الحكومة الشرعية بالنسبة للحديدة مفتوحة بما لا يمس بالسيادة اليمنية، وبما لا يخل بالمرجعيات الثلاث و في مقدمتها 2216».

وحول ملف الأسرى، أكد زعيل، أنه «تم تسليم وفد الشرعية اليوم كشوفات الأسرى من جانب الحوثيين وهم تسلموا كشوفاتنا»، لافتاً إلى أن «الأعداد التي وصلت إلينا من الطرف المقابل هي 7.487 اسماً، والعدد الذي سلمناه لهم هو 8.576، والعملية ستكون مستمرة في هذا الجانب، وهذا ليس العدد النهائي من كلا الطرفين، ولن يكون لدينا إشكالية في إضافة أي اسم في مرحلة لاحقة».

وأشار إلى أن «هناك 43 يوماً ابتداء من الان ستتم فيها جميع الإجراءات الفنية لإطلاق السجناء بشكل كامل، وبعدها بثلاثة أيام سيتم البحث عن المفقودين الذين لم نجدهم في السجون والمعتقلات ولم نجد جثثهم».

تفاؤل حذر

يؤكد المراقبون أن «الضغوط الدولية على الأطراف المتحاربة للوصول إلى اتفاقات ولو جزئية لتعزيز الثقة لم تحقق أي اختراق في جدار الخلاف المحتدم بين الطرفين»، مشيرين إلى أن «الفرق التي تم تشكيلها من الفريقين لم تحقق أي تقدم نحو تعزيز الثقة بين الطرفين حتى اللحظة».

رئيس وفد «الشرعية» خالد اليماني، أكد في تصريح صحفي، لوكالة «رويترز»، أن «بلاده لن تقبل بمهمة قوات حفظ سلام للأمم المتحدة في مدينة الحديدة، غربي اليمن»، موضحاً أن «الشرعية لديها الإستعداد للقبول بدور أممي بميناء الحديدة لكن ينبغي أن تكون المدينة تحت سيطرة الحكومة».

وأشار إلى أن «الحكومة مستعدة للقبول ببقاء عائدات ميناء الحديدة في فرع البنك المركزي بالمدينة».

وفي ذات السياق، قال عضو وفد «الشرعية» مروان دماج إن «الحكومة متمسكة بدورها السيادي على محافظة الحديدة ومينائها».

وفي غضون ذلك، أفاد مصدر سياسي، في وفد «الشرعية» خلال حديث لـ«العربي»، بأن «المبادرة التي سلمت من المبعوث الأممي مارتن جريفيث، لوفد الحكومة الشرعية مفخخة بالكامل، وهناك شبه إجماع من قبل أعضاء الوفد على عدم قبولها»، مشيراً إلى أن «الرد على المبادرة ارتكز على التعاطي بإيجابية مع الجوانب الإنسانية وما يخدم المواطنين، وفي الوقت ذاته عدم التفريط بالسيادة، أو الانتقاص منها».

وبالمقابل، أكد عضو «وفد الإنقاذ» المشارك في مشاورات السويد سليم المغلس، أن «الوفد الوطني ووفد حكومة الرياض وافقا من حيث المبدأ على فتح المطار، ولا يزال هناك تباين في وجهات النظر في ما يتعلق بالإجراءات التفصيلية التي يمكن النقاش حولها».

 

    مبادرة جريفيث جاءت مفخخة

 

 

وأشار في تصريح صحفي إلى أن «إغلاق مطار صنعاء كان قراراً سياسياً من دون أي أسباب فنية، والمطار جاهز لاستقبال الرحلات المدنية ويستقبل رحلات الطيران التابع للأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها باستمرار»، معتبراً أن «ما تم طرحه من قبل الطرف الآخر حول فتح مطار صنعاء للرحلات الداخلية من إلى عدن غير منطقي».

وقال المغلس: «نحن تقدمنا بمقترح وأفكار بهذا الشأن، على أن يفتح المطار لكافة الرحلات الداخلية والخارجية والإقليمية، ونحن حريصون أن نصل بهذا الملف إلى حلول لتخفيف المعاناة على أبناء الشعب»، لافتاً إلى أن «الأمم المتحدة وعدت بتقديم ورقة بخصوص المطار للوفدين تتضمن أفكاراً قابلة للنقاش وطرح الملاحظات عليه».

مبادرة جريفيث

وتضمنت المبادرة المقدمة من المبعوث الأممي، والتي حصل «العربي»، على نسخة منها أمس الاثنين، عدداً من النقاطً الأساسية في إطار مرحلة بناء الثقة.

وبحسب الوثيقة، فإنه «تم الإتفاق على تشكيل لجنة أمنية وعسكرية مشتركة متفق عليها من الطرفين لمدينة الحديدة، وبمشاركة الأمم المتحدة، للإشراف على تنفيذ الترتيبات الأمنية».

ووفقاً للمبادرة، فإن «مسؤولية أمن منطقة الميناء ستقتصر على جهاز خفر السواحل اليمني وحرس المنشآت بإدارتهما المعينة قبل سبتمبر 2014، على أن تسحب كافة التشكيلات العسكرية والأمنية الأخرى من ميناء الحديدة».

ونصت المبادرة على أن «تلتزم الأطراف بإنهاء أي مظاهر مسلحة في المدينة، وستقوم الأمم المتحدة بنشر عدد من مراقبي آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (UNVIM) في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، ليمارسوا مهامهم وفقاً للتفويض الممنوح لهم من قبل مجلس الأمن، على أن توفر كافة التسهيلات اللازمة لممارسة مهامها».

وبخصوص الأمن الداخلي لمدينة الحديدة، حددت المبادرة، أن «يكون من مسؤوليات قوات الأمن المحلية، وفقاً للقوانين واللوائح اليمنية ذات الصلة، ويجب على الطرفين تسهيل حرية حركة الأشخاص والبضائع من وإلى مدينة الحديدة، وإيصال المساعدات الإنسانية عبر الموانئ».

وبشأن الألغام، أشارت المبادرة إلى أن «يلتزم انصار الله بتسليم خرائظ الألغام للمدينة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وستتولى إدارة مؤسسات الموانئ الثلاثة، الإدارات السابقة، ممثلة بالأشخاص المعينين قبل سبتمبر 2014، وينطبق ذلك على إدارة الجمارك، وستقوم الأمم المتحدة بلعب دور قيادي في الإشراف على عمليات التشغيل والتفتيش في الموانئ المذكورة، من خلال رفدها بخبراء وفنيين لتعزيز الكفاءة والشفافية».

وفي ذات السياق، جاء في المبادرة اتفاق لوقف إطلاق النار وفتح المعابر والمطار في محافظة تعز، بهدف معالجة الوضع الإنساني والوصول إلى ووقف دائم للأعمال العدائية من الطرفين.

ويتضمن الاتفاق إجراءات مرحلية، بدءاً بإعلان وقف النار وخفض التصعيد، وإعادة فتح الطرق والمعابر والممرات المؤدية من وإلى المحافظة، وذلك على مرحلتين، حيث تنفذ مرحلة إعلان وقف النار الاتفاق على إعلان وقف إطلاق النار وتشكيل مجموعة عمل من الأطراف بمشاركة الأمم المتحدة، تكون مسؤولة عن مراقبة تنفيذ الاتفاق. وفقاً لمبادرة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة مارتن جريفيث.

 

العربي| مفيد الغيلاني