كل ما يجري من حولك

اليمنيون في السعودية: من ظلم «الشقيقة» إلى جحيم الحرب!

420

 

 

لم يشهد العصر الحديث تعسفاً إنسانياً وحقوقياً نال من جالية تعيش أو تعمل في بلاد الغربة، مثل المغتربين اليمنيين في السعودية؛ معاناتهم تجاوزت ما يستوعبه العقل في كل تفاصيلها. بات المغترب اليمني هناك، ينتظر مع إشراقة كل صباح قراراً يلتهم من حقوقه وكبريائه وماله، ليقرر مرغماً بعد ذلك كله اتخاذ ما لم يفكر به مطلقاً أو ما كان يخشى اتخاذه، العودة إلى اليمن.

قبل أسبوعين فقط وصلت إلى اليمن أم محمد البطاح ومعها أولادها الثمانية وزوجها الذي بات في حكم العاطل عن العمل، تسرد وبمرارة بالغة لـ«العربي» أسباب عودتها قائلة: «تحملنا أنا وزوجي كل الرسوم المالية التي فرضتها السعودية على المقيمين، وأولادهم، لكن وصل الأمر إلى إخراج أبنائي من المدارس، ولكي لا يضيع مستقبلهم قررنا الخروج إلى اليمن».

وتضيف «هنا لا تعليم في المدارس الحكومية، وأنا محتارة بين إدخالهم المدارس الحكومية أو المدارس الأهلية ذات النفقات الباهظة»، لافتة إلى أن «المناهج مختلفة وطريقة التعليم مختلفة أيضاً، وزوجها لا يعرف ماذا يعمل وهو من وقت وصولهم إلى اليمن يجلس في البيت كأنه خائف من الشارع». وبصوت يخنقه البكاء تدعو أم محمد الله أن «لا يسامح من كان السبب».

وعلى الرغم من الصعوبات والعراقيل، التي واجهت المغتربين العائدين من السعودية في مجال الاستثمار، إلا أن عشرات المحال التجارية والمشاريع الاستثمارية تم افتتاحها وسط مدينة تعز.

معوِّقات الداخل

رجل الأعمال الذي تغرَّب في السعودية ما يقارب الـ 20 عاماً محمد الجبري، يقول في حديثه إلى «العربي»، إن «الممارسات غير الإنسانية والابتزازات التي تعرض لها من قبل كفيله السعودي دفعته لمغادرة مدينة جدة»، وهي بحسب تعبيره، «المدينة التي حفظ ملامح جدران بناياتها، ومحلاتها التجارية».

وأضاف أنه «عاد قبل 3 أشهر إلى مدينة تعز، بعدما باع محلاته التجارية وبثمن بخس مقابل أن يشتري كرامته التي أهدرتها الحكومة الشرعية قبل السعودية»، موضحاً أنه «بصدد افتتاح مشروع تجاري متمثل بمطعم سياحي يوفر كافة الوجبات الشرقية والغربية».

ويقول الجبري إن «الكثير من المعوقات واجهته في مرحلة الإعداد للمشروع، ابتداء باستصدار السجل التجاري والضرائب وصولاً إلى الابتزاز من قبل بعض العناصر المسلحة الخارجة عن القانون».

ويرى أنه «يجب على السلطة المحلية تقديم التسهيلات وتوفير الحماية للمستثمرين القادمين من السعودية، والذين سيكون لهم دور كبير في دعم الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل للكثير من العاطلين».

الإجراءات غير المنصفة التي أقدمت عليها السعودية، دفعت وخلال أقل من عام ونصف العام، بالعشرات من المستثمرين اليمنيين، ومعهم آلاف الأسر، للعودة من السعودية إلى اليمن عبر منفذ الوديعة.

وبحسب تقرير رسمي أصدرته لجنة «ترتيب أوضاع المغتربين اليمنيين العائدين لليمن»، فإن «1534 أسرة تم رصدها عادت إلى اليمن بخروج نهائي منذ 26 مايو – 15 يوليو من العام الحالي»، موضحاً أن «292 من الأسر عادوا إلى أرض الوطن من دون رب الأسرة».

استثمار على «أرض مستوية»

وفي هذا السياق، يقول الكاتب والصحافي، مازن فارس، في حديث لـ«العربي»، إن «القرارات الأخيرة التي فرضتها السلطات السعودية على المغتربين اليمنيين دفعت الكثير من التجار والمستثمرين إلى أن يُولُّوا وجوههم نحو دول، ماليزيا وإثيوبيا وتركيا ومصر للاستثمار على أرضية مستوية، تضمن لهم العمل بعيداً عن الإجراءات والقوانين التي تؤثر على تجارتهم».

ويؤكد فارس، أن «استقرار البلاد واقتصادها يمكن له أن يشكل محطة لتجارة أولئك المستثمرين، فضلاً عن إسهامهم في تشغيل الأيدي العاملة وتوفير فرص عمل، خصوصاً وأن نحو 80% من سكان اليمن يعانون من البطالة»، مشيراً إلى أنه «يتطلب على الحكومة الشرعية تفعيل الموانئ والمطارات وتوفير أرضية مستقرة لإعادة حركة التجارة وعودة التجار الى البلاد».

وكانت السلطات السعودية قد أمرت بـ«سعودة» عدد من المهن التي يزاول معظمها المغتربون اليمنيون، ما دفع معظمهم لتركها والخروج النهائي من السعودية، بينما لا يزال البعض يصارع الواقع الجديد الذي تحفه مخاطر وغرامات تصل في أدناها إلى 20.000 ريال سعودي.

You might also like