قوبلت الدعوات الدولية لوقف الحرب في اليمن والمقترحات الأمريكية الجديدة لحل سياسي، بتصعيد عسكري من قبل «التحالف» والقوات التابعة له، تصدره الهجوم على مدينة الحديدة منذ الخميس الماضي، وأعقبه إشعال الجبهات في أكثر من محافظة باستثناء صرواح، ومأرب، ونهم، وصنعاء، ومتون والجوف، لتبرز التساؤلات عن مرامي التصعيد الجديد، وجدية التحركات لحل سياسي مع مهلة الـ 30 يوماً التي حددها وزير الدفاع الأمريكي، ومدى قدرة «التحالف» على الحسم العسكري بعد أربعة أعوام من الحرب؟

من باب المندب وإطلاق عملية «الرمح الذهبي» في الـ 7 من يوليو 2017 م، وحتى الوصول الى مديرية الدريهمي في الـ13 من يونيو 2018، و«التحالف» يخوض معاركه في الساحل الغربي بقوات «العمالقة» و«المقاومة التهامية»، وبجانبها وحدات سودانية.

وبرغم وصول العميد طارق محمد عبدالله صالح إلى مدينة المخا في فبراير من العام 2018م، قادماً من أبوظبي التي فر إليها عقب فشله في إدارة المعركة مع «أنصار الله» في صنعاء، والتي انتهت بمقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، إلا أن الإمارات أبقته في دكة الاحتياط ووفرت له الدعم لإنشاء قوات   خاصة به، وواصلت القتال بـ«العمالقة» التي خسرت آلاف القتلى والجرحى.

ومع بدء الترتيبات للهجوم الحالي على مدينة الحديدة، وبحسب مصادر موثوقة لـ «العربي»: «سلمت ألوية العمالقة وبتوجيهات من القيادة العسكرية الإماراتية في المخا كافة مواقعها في الطريق الساحلي من الخوخة الى الدريهمي للقوات السودانية، وتحرك العميد طارق من معسكرات المخا بـ 3 ألوية «حرس جمهوري ليقود الهجوم على مدينة الحديدة، وتحل كتائب الحرس في الخطوط الأمامية جنوب شرق مدينة الحديدة، وتنتقل كتائب العمالقة الى جنوب غرب المدينة».

وتضيف المصادر أن: «هذه الترتيبات سبقتها خلافات بين العميد طارق والعمالقة، حيث اتهم الأخيرة بنهب المنازل في الخوخة والتحيتا وقرية منظر والسطو على الممتلكات العامة، ليضعف موقفها أمام القيادة الإماراتية التي كلفت طارق بقيادة تحرير مدينة الحديدة وأبلغت العمالقة بتنفيذ توجيهاته».

قدمت الإمارات لألوية «الحرس الجمهوري» أسلحة حديثة ومدرعات متطورة، ودربتها لشهور على حرب الشوارع والقنص والإقتحامات، لكنها تتولى عملية الإلتفاف على مدينة الحديدة من شارع الخمسين، فيما تحشر «العمالقة» في المحور الغربي حيث كثافة المنازل .

 

    تحضيرات مكثفة لإشعال تمردات ضد الحوثيين في مديريات محافظة إب

 

 

عزل محافظة إب

لا تنحصر مهام العميد طارق بقيادة الهجوم على مدينة الحديدة، فقد كشفت المصادر عن «وقوف الإمارات وراء التصعيد في جبهة دمت وإعداد لواء حرس جمهوري يتبع العميد طارق للتقدم من الضالع الى يريم، وقطع طريق ذمار – إب»، مشيرة إلى أن ذلك يأتي «بالتزامن مع تحضيرات مكثفة لإشعال تمردات ضد الحوثيين في مديريات محافظة إب يقف وراءها قيادات في حزب المؤتمر على صلة بالعميد أحمد علي عبدالله صالح، تمهيداً لإسقاطها وتسليمها للعميد طارق، الذي يقوم بتجميع الضباط والجنود السابقين في الحرس الجمهوري الى مفرق العدين من اتجاه الحديدة » .

 تكرار السيناريو

أعقب الهجوم على مدينة الحديدة إطلاق عملية عسكرية من الداخل السعودي على المديريات الحدودية في محافظة صعدة، حيث تشن ألوية «العروبة ومكافحة الإرهاب» هجمات مكثفة على مديريات رازح، وشدا، والظاهر، ومنبه، وباقم وكتاف؛ وبرغم اعتماد السعودية في مهاجمة صعدة على مقاتلين من الجماعات السلفية والـ«المقاومة الجنوبية» والظهور المتكرر للعميد عبدالكريم السدعي، قائد اللواء الثالث «عروبة»، للحديث عن سير المعارك في شمال صعدة، إلا أن سيناريو الساحل الغربي يتكرر هنا.

مصادر «العربي» أوضحت أن «وزير الزراعة في حكومة معين عبدالملك الشيخ عثمان مجلي وشقيقه العميد ياسر مجلي، هما من يتوليان إدارة جبهة صعدة وتسلم الدعم المالي والعسكري من السعودية»، مشيرة إلى أن «الشيخ عثمان مجلي تربطه علاقة قوية مع عائلة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وهو عضو اللجنة العامة في حزب المؤتمر وزميل العميد طارق في الكلية الحربية بصنعاء التي تخرجا منها ».

كما أفصحت المصادر عن «تكليف السعودية مؤخراً وبطلب من أبوظبي لعضو اللجنة العامة في حزب المؤتمر الشيخ فهد دهشوش بالإشراف على جبهة حرض، والتواصل مع المشائخ في المديريات التهامية بمحافظة حجة للإسهام في تمكين قوات المنطقة الخامسة من التقدم في الساحل الغربي، من شمال حجة وصولاً إلى الصليف».

 

    علي محسن الأحمر لم يعد يملك قراراً نافذاً في الجيش

 

 

مكافأة «الإصلاح»

يأتي ذلك في الوقت الذي تقوم فيه السعودية بسحب الأسلحة الثقيلة من المعسكرات في مأرب، والجوف، ونهم وصرواح «المحسوبة على حزب الإصلاح».

يؤكد ضابط في رئاسة الأركان بمأرب اـ«العربي»، أن«اللواء علي محسن الأحمر لم يعد يملك قراراً نافذاً في الجيش الوطني، وأن السعودية قلصت وإلى حد كبير الدعم المالي والعسكري الذي كانت تقدمه لرئاسة الأركان والمناطق العسكرية الثالثة والرابعة والسادسة والسابعة، في السنوات الثلاث من الحرب».

ويضيف أن «اللواء علي محسن ومنذ بداية العام الحالي يقضي معظم أيامه في مقر القيادة الخاص به بمنفذ الوديعة، مع تعرضه لضغوط من أبوظبي والرياض لإقالة رئيس الأركان طاهر العقيلي، فيما اللواء هاشم الأحمر قائد المنطقة العسكرية السادسة لا يزال معتكفاً في مزرعة والده بوادي عبيدة، ولم يمارس مهامه في الجوف سوى أياماً معدودة عقب قرار تعيينه».

الإعلامي أحمد الشلفي  وفي منشور على موقع «فايسبوك»، يرى أن «الإمارات تريد قبل أي مشاورات أو أي اتفاق، من أي نوع، تسليم الحديدة وحتى الساحل الغربي والمناطق القريبة من الحديدة لطارق صالح وكتائبه، لتضمن أن تلك المناطق تحت سيطرتها وتتمكن من المقايضة بنصيب صالح وعائلته في المشاورات القادمة أو الحل القادم إن كان هناك من حل».

كما فسر الشلفي الدعوات الأمريكية لوقف الحرب في اليمن بـ «الإنكشاف السعودي في أزمة خاشقجي، وتزامنها مع رغبة سعودية في الخروج من مستنقع اليمن وخاصة في الحدود، بالإضافة إلى رغبة أمريكية بوقف هذه الحرب التي جلبت لها الكثير من النقد والإزعاج»، مستدركاً أن «الأمريكيين لا يرغبون بتقديم حل شامل للأزمة في اليمن، وإنما حل جزئي يتمثل في وقف الحرب بين الحوثيين والسعودية على الحدود، ووقف الغارات الجوية التي تكلفهم السمعة وتكلف السعودية السمعة والمال دون طائل».

(العربي)