كل ما يجري من حولك

الحوثي في المحاضرة السابعة بذكرى الهجرة النبوية: موقف الزنداني وصعتر من العدوان على شعبنا اليمني لم يختلف عن موقف نتنياهو.. موقف واحد وجبهة واحدة

896

مبدأ المسؤولية هو إحدى الواجبات الرئيسية والدينية ولا بد منه في تحقيق الإيمان

أعداء الأمة أرادوا من بعض الجماعات أن تحمل عناوين مثل الجهاد ليشوّهوا هذه العناوين حتى يفصلوا الناس عن مضامينها الصحيحة

قوتنا ستبدأ بقوة إيماننا بقوة وعينا بفهمنا الصحيح والواضح للحقائق من حولنا وفي حياتنا وفي إدراكنا للتحديات والأخطار الموجودة

لا بد أن نستيقظَ ونستشعر المسؤولية وأن نتحَـرّك وأن ندركَ أننا بحكم انتمائنا لقرآننا ونبينا المعنيون بإقامة العدل والتصدي للظالمين

معنيون أن نعودَ إلى هذه المعالم وأن نعرف أن الإصالة في الإسْلَام أن نلحظ هذه المعالم الأساسية كما هي في القرآن

من حق شعبنا اليمني المسلم بهُويته الإيمانية أن ينطلقَ للدفاع عن نفسه فيتحَـرّك بضابط إيماني ويلتزم بالدوافع والتشريعات للتصدي لهذا المعتدي

المسؤولية في إقامة العدل وتحقيق القسط في هذه الحياة هي نهج المسلمين

بنو أمية أداروا السلطة بناءً على أُسُس جديدة بعيدة عن ما أتى به رسولُ الله واستبدلوا عن العدل الظلم والفساد والمنكر

عملت دولُ الخليج وعلى رأسها السعودية على تجميع عشرات الآلاف من المقاتلين الذين يذهبون إلى أفغانستان ليقاتلوا هناك لإخراج الاتحاد السوفيتي لتأتي أمريكا لتحتله وأن تقوم دول الخليج بتوفير الكلفة المالية لهؤلاء وتلك الحرب

موقف الزنداني وصعتر من العدوان على شعبنا اليمني لم يختلف عن موقف نتنياهو.. موقف واحد وجبهة واحدة

القاعدة تتحدث أنها تقاتل الحوثيين في 11 جبهة، فهي تقاتلنا وموقف الداعشي والتفكيري بكل أشكاله هو امتداد لموقف الأمريكي والإسرائيلي

الذين يقاتلون في صف العدوان بممارساتهم وقصفهم للمنازل والمدنيين وصولاً إلى التقارير المعروفة عنهم من انتهاك الأغراض واغتصاب وجرائم بشعة جداً.. كيف يمكن أن نقول إن أولئك في جهاد وعلى حق

كيف ظلمت الأمة عندما فصلت عن المسؤولية المهمة التي تنطلق مع المفاهيم القرآنية وما سار عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

 

 

أكّــدَ السيد عَبدالملك بدر الدين الحوثي أن حديثَ وزير الخارجية الاميركي قبل أيّام عن أن هناك محاولاتٍ من قبل قوى العدوان؛ لتحاشي استهداف المدنيين في اليمن هو بمثابة شهادة إضافية على مشارَكة بلاده في هذا العدوان.

وأشارَ السيدُ عبدالملك بدرالدين الحوثي، إلى أنَّ أمريكا والصهاينةَ والتكفيريين لهم موقفٌ واحدٌ، حيثُ يسعَونَ جميعاً للقضاءِ على الشعبِ اليمني.

وتعليقاً على الخطوات الأميركية الأخيرة في فلسطين المحتلة، اعتبر السيد عَبدالملك بدر الدين الحوثي أن ثمة تحولاً في الموقف الأميركي من مستوى الدعم المفتوح إلى التدخل المباشر لمصلحة الكيان الإسرائيلي.

نص المحاضرة:

 

أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيْنَ، وأَشهَـدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ المَـلِكُ الحَـقُّ المُبِيْن، وأشهَدُ أن سَيِّـدَنا مُحَمَّــدًا عَبْـدُه ورَسُــوْلُه خَاتَمُ النبيين.

اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إِبْـرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْـرَاهِيْمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارْضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ المنتجَبين وعَنْ سَائِرِ عِبَادِك الصالحين.

أَيُّهَا الإِخْوةُ والأخواتُ..

السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه:

 

يتضحُ لنا من خِلالِ المحاضراتِ الماضيّةِ ومن خلال العَودَةِ إلى القُــرْآنِ الكريم والتأمُّلِ في سيرة رسولِ الله صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـه والتأمل فيما يعَبِّــرُ عن الامتداد الأصيل للإسْلَام في حركة الإمام علي عليه السلام في حركة الإمام الحسين الإمام الحسين في نهضة الإمام الحسين عليه السلام.

يتجلى لنا أهميَّةُ مبدأ المسؤولية في الإسْلَام ويتضح لنا أَيْـضًا من خلال العودة إلى واقع الأُمَّـة عبر التأريخ وفي العصر في زمننا نحن يتجلى لنا بوضوح ما يُمَثِّـلُه هذا المبدأ من أهميَّة كبيرة جِــدًّا تتصل وترتبط بواقع حياة الناس بواقع حياة الناس لاستقامة دينهم واستقامة دنياهم المسؤولية في كُـلّ جوانبها المتعددة المسؤولية في إحقاق الحَــقّ وإقامة العدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجِهَـاد في سبيل الله إلى آخره، المسؤولية في هذه الاتِّـجاهات تشكل جانبًا أساسيًّا ومعلمًا رئيسيًّا في الإسْلَام أضاعته الأُمَّـة على مدى أجيال على مدى قرون من الزمن وكان لإضاعته آثار سلبية ومدمّـرة في واقع الأُمَّـة وبشكل رهيب جِــدًّا.

في استعراض النصوص القُــرْآنية تبين لنا حتى موقع هذا المبدأ من الدين وتجلى لنا أنه يُشَكِّـلُ جزءً رئيسيًّا، الإخلال به إخلال بالدين وإفقاد للدين من أثره وثمرته في الحياة وتفريغ له من مضمونه الجوهري والأساسي؛ ولذلك سعى الطواغيتُ والمجرمون والمظلون والمفسدون إلى التركيز عن هذه الجوانب مع الإبقاء على جوانبَ أُخْــرَى ولكن على نحو مستغل ومفصول مفصول عن الأسس ومفصول عن الثمرة كما بيّنا في الكلمات الماضية، فيتجلى لنا أن هذا المبدأَ الذي ارتبط به في النص القُــرْآني التأكيد على أنه إحْدَى الواجبات الأساسية والرئيسية والدينية وأنه لا بـُـدَّ منه في تحقيق الإيْمَــان وفي أن يتحقّق لنا في واقعنا مصداقية انتمائنا الإيْمَــاني وأنه كذلك لا بـُـدَّ منه في أن نكسب رضا الله لا بـُـدَّ منه للأخذ بأَسْبَـاب الرحمة الإلهية وأن الله قدّم بشأن هذا الأمر كَثيرًا من الوعود وكَثيرًا من الوعيد الوعود في حالة الاستجابة والطاعة والانطلاق على أساس توجيهات الله في ذلك والوعيد عندما تفرّط الأُمَّـة في هذه المسؤولية وتقصر في هذا الواجب كما قرأنا قول الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى [أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ] وقرأنا قوله تعالى [إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] وكم في القُــرْآن مما يتصل بهذه المَسْأَلَـة من وعد أَوْ وعيد من جانب الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى، يتضح لنا في واقع الحياة بحسب ما تعانيه أمتنا اليوم مشاكل كبيرة جِــدًّا كما قلنا لا يزال الدين الإسْلَامي في بعض شعائره وفي بعض أعماله في بعض سلوكياته حاضرا بشكل كبير في ساحتنا الإسْلَامية هذه نعمة ولكن الخطأ هو كما كررنا هو في فصل هذا الجانب عن الجوانب الأُخْــرَى؛ لأنَّ فصله عن الجوانب الأُخْــرَى أعدمه الكثير من آثاره الإيْجَابية في واقع الحياة وجعله على نحو يمكن استغلاله من جانب قوى الطاغوت والإِجْــرَام، الإسْلَام في صلاته مَثَـلًا لا يزال بفضل الله وبحمد الله حاضرًا بشكل كبير في ساحتنا الإسْلَامية وشعائر الصلاة تؤدى بشكل كبير من الملايين وهناك الكثير جِــدًّا من المساجد والملتزمين بأداء هذا الواجب الملايين من أبناء الأُمَّـة الإسْلَامية، الصيام كذلك لا يزال كثيرٌ من أبناء الأُمَّـة الإسْلَامية يؤدون هذا الركن وهذه الفريضة من فرائض الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى، جوانب معينة بارزة في ساحتنا الإسْلَامية في نفس الوقت نعاني كأمة إسْلَامية في معظم أقطارها ومعظم بلدانها وشعوبها من ظلم شديد جِــدًّا على كُـلّ المستويات على كُـلّ أنواع وأشكال الظلم فساد بشكل رهيب جِــدًّا اختلاف وتمزق حالة رهيبة جِــدًّا من التخلف وانعدام الوعي مشاكل كبيرة جِــدًّا تعاني منها الأُمَّـة ومنكرات كثيرة موجودة في الساحة وغياب إلى حَـدٍّ كبير لثمرة الإسْلَام في أثرة في الناس وفي أثره في الحياة فيما يحقّقه من عدل من خير من رحمة من صلاح لحياة الناس لدينهم ودنياهم لشؤونهم وتعاني الأُمَّـة إلى حَـدٍّ كبير في معظم بلدانها من سيطرة قوى الشر والإِجْــرَام والطاغوت وهيمنة فئات النفاق والعمالة والارتهان لأَعْدَاء الأُمَّـة للأمريكيين والإسرَائيليين إلى آخره.

طَبْــعًا هذا لا ينسجمُ مع الإسْلَام بأي حال من الأحوال بمعنى الإسْلَام كدين في قُــرْآنه وبحركة وسيرة نبيه صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـه ليس مصممًا ليكون على هذا النحو فحسب على هذه الشاكلة التي عليها الأُمَّـة الإسْلَامية في معظم أقطارها في هذا الزمن شعب مسلم يصلي ويصوم ينتمي إلى الإسْلَام جزء لا بأسَ به من الشعائر الإسْلَامية موجود في واقعه ولكن يخضع بالمطلق للسياسات الأمريكية والإسرَائيلية ويتحَـرّك النظام فيه أَوْ السلطة فيه لخدمة أمريكا بكل ما تستطيع وتؤقلم واقع البلاد في الاتِّـجاهات في الثقافات في المواقف في التوجهات في أشياَء كثيرة بما يتناسب مع السياسات الأمريكية الشيطانية أَوْ بما يهيئ ذلك البلدَ أَوْ ذلك الشعبَ لتقبل التحالف مع إسرَائيل والعداوة لآخرين من أبناء الأُمَّـة الإسْلَامية والتآمر على آخرين من أبناء الأُمَّـة الإسْلَامية وظهور كثير من المفاسد والمنكرات التي تدمّـر أَخْـلَاق المجتمع المسلم وغياب في الاهتمامات الكبرى وانعدام للإحساس بالمسؤوليات ذات الأهميَّة الكبيرة في القُــرْآن وفي حركة رسول الله صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـه، ليست المَسْأَلَـة مبنية على هذا الأساس لا في القُــرْآن ولا في حركة الرسول وسيرته صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـه.

 لاحظوا عندما نعودُ إلى القُــرْآن الكريم ونجدُ الحضورَ الكبيرَ في آيات كبيرة جِــدًّا حول مبدأ المسؤولية في كُـلّ جوانبه بأَكْثَــر من أية فريضة عملية أُخْــرَى بأَكْثَــرَ من أية فريضة عملية أُخْــرَى ونرى أنه ارتبط بهذا المبدأ كثيرٌ من النصوص القُــرْآنية التي تعطيه أهميَّة قصوى أهميَّة كبيرة جِــدًّا ومن موقعه في الدين لدرجة أنه لا يمكن أن يقبل منا الدين إلا به بدون هذا المبدأ بقية ما نأخذ به من الدين لن يدخلنا الجنة ولن ننجو به من النار هذا ما يؤكّـده القُــرْآن الكريم وإلا ما فائدة أن يقول الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى [أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ] ما قيمة أن يقول [إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ، يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ، وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ] ما قيمة أن يقول [أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم، مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ، أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ] ثم على أي أساس يمكن للإنْسَـان سواء باسم عالم أَوْ أمير أَوْ ملك أَوْ رئيس أَوْ زعيم أَوْ بأية صفة أَوْ شخص عادي بأيّة صلاحية يمكنه أن يشطب بكل بساطة جانبًا أساسيًّا من دين الله من دين الله أتى هذا الجانب حتى بأَكْثَــرَ من الصيغ والتوجيهات والتشريعات والأوامر والآيات القُــرْآنية والنصوص النبوية وحركة الرسول بشأنه بأَكْثَــرَ من المسائل الأُخْــرَى التي نراها إلزاميةً علينا في واقع الحياة نرى الصلاة إلزامية هي إلزامية ولا يمكن تركها وإذا تركها الإنْسَـان ترك عمود الإسْلَام وأخل بركن رئيسي في الإسْلَام لكن جانب المسؤولية كذلك جانب أساسي كُـلّ ما يمكن أن تقرأه عن الصلاة في القُــرْآن أن اللهَ أمر بها رغّب فيها توعد على تركها إلى آخره، هو موجودٌ عن جانب المسؤولية عن الجِهَـاد عن الأمر بالمعروف عن النهي عن المنكر إلى آخره، موجود وبكثير فما الذي يبرّر للإنْسَـان أن يتهربَ من واجب كهذا من مسؤولية كهذه من جانب أساسي من الدين الإخلال به يؤدي بالإنْسَـان إلى الضياع إلى الهلاك إلى الخسران إلى ألا يقبل منه ما بقي من الدين، فالمَسْأَلَـة مهمة جِــدًّا مهمة في موقعها من الدين كما قلنا وكما قرأنا في النصوص القُــرْآنية وهي جزء يسير مما ورد من القُــرْآن في مئات الآيات القُــرْآنية ثم في واقع الحياة كما أكّـدنا وكررنا وذكرنا أمثلة في واقع الحياة.

اليومَ تعاني أُمَّتُنا الإسْلَاميةُ من الظلم أُمَّـة مظلومة وشعوبنا شعوبٌ مظلومة ومشكلتنا كشعوب عربية مَثَـلًا أننا أتينا كأجيال لم ننعم بالعدل لم نتذوق العدل الذي جاء به الإسْلَام وذلك كثير من الناس؛ لأنَّه لم يجرب أن يعيشَ واقعَ العدل كما قدّمه الإسْلَام لا يدرك الفارقَ لا يدرك طبيعة ما تعانيه الأُمَّـة ومدى معاناتها فيما هي فيه؛ لأنَّه أَصْـلًا لم يتذوق عدالة الإسْلَام ولم يعرف البعض يعني لم يعرف حتى عبر التأريخ كيف كان الإسْلَام تحت قيادة رسول الله صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـه وما تحقّق مَثَـلًا كيفَ أقيم العدل في ظل ولاية الإمام علي عليه السلام في ظل مراحل من التأريخ محدّدة جِــدًّا، فالكثير من الناس لما لم نخُضْ كشعوب هذه التجربة تجربة الإسْلَام في عدالته تجربة الإسْلَام في مسؤوليته تجربة الإسْلَام في مبادئه تلك العظيمة التي تصلح واقع الحياة وتبني واقع الحياة فالكثير من الناس يرضي الحال الذي هو فيه؛ لأنَّه يظُنُّ أن الأمر هكذا لا مناصَ منه وهذا أقصى أَوْ أفضل ما يمكن أن نصل إليه في واقع الحياة أن نكونَ هكذا على هذا النحو البئيس كشعوب عربية وكأمة مسلمة على هذا الواقع البئيس المتخلف حتى عن سائر ما في الدنيا عن بقية ما عليه أُمَــم الأرض الأُخْــرَى من يهود ونصارى وبوذيين وفئات أُخْــرَى لها عقائدها لها قناعاتها لها اتِّـجاهاتها التي تنتمي إليها سواء دينيًّا أَوْ لها رؤيتها السياسية التي بنت عليها واقعَ حياتها، الواقع الذي نعيشه كأُمَّةٍ مسلمة واقع مأساوي ومظلومية كبيرة جِــدًّا وَإلى واقع كثير من شعوبنا ترى ما تعيشه من ظلم إما ظلم شامل في كُـلّ نواحي حياتها أَوْ ما في جوانب معيّنَة ومظلومية بارزة وبينة وغبن فاحش على مستوى التربوي والتثقيفي على مستوى الحرية والكرامة على مستوى قيم أساسية وصحيح هناك كيانات بدأت تظهر في الساحة وتتحَـرّك آخذة بهذه المعالم وهذه المبادئ المهمة جِــدًّا وتقارع قوى الطاغوت وهي محاربة في داخل ساحتنا العربية والإسْلَامية كما هو الحالُ في الحرب التي يشنها العدوان الأمريكي السعوديّ على بلدنا وعلى شعبنا اليمني المسلم لما تحَـرّك لما تحرّر لما انطلق ليكون حُرًّا، فنحن عندما نتأمل الواقع الذي نعيشه كأمة مسلمة وكشعوب مسلمة المظلومية الكبيرة التي نعاني منها في فلسطين وفي غير فلسطين في ميانمار في اليمن في العراق في دول كثيرة ظُلمت وعانت بفعل هذا الطرف أَوْ ذاك وكل الأطراف تلك من ورائها أمريكا وإسرَائيل لو نأتي لنقول من المعني برفع الظلم عنا من هو المعني من الذي ننتظر منه أن يؤدي هذا الدور؟ من المعني بإقامة العدل فينا حتى ننعم بالعدل حتى نتخلص من الظلم في ساحتنا العربية والإسْلَامية؟ هل مَثَـلًا نعول على الأُمَــم المتحدة وننتظر لها أن تكون جهة تأتي لتحقّق العدل وتقيم العدل وترفع عنا الظلم وتصلح لنا واقع هذه الحياة حينها كمن يعلق أمله على سراب كالذي يطلب السراب يريد أن يشرب منه وهو ليس ظامئ هو ظامئ وليس الذي يراه إلا سرابًا ليس ماءً، القضية واضحة جِــدًّا.

الأُمَــمُ المتحدةُ ليس لها حتى صلاحية لنفسها تعطي نفسها صلاحية أن تكونَ قراراتها كأُمَــم متحدة ملزمة أَوْ أن تكونَ فيها أطراف تتجهُ بجدية كبيرة جِــدًّا لإحقاقِ حَـقٍّ ما أَوْ لدفعِ ظلمٍ ما أَوْ لإقامة عدل هنا أَوْ هناك لا تمتلك العدالة لا في آلية عملها ولا في قدرتها ولا في اتِّـجاهاتها دول كثيرة عندما تجد إلى واقع هذه الدول متفرقة جزء منها ظالم وجزء منها مظلوم والظالم هو ذلك الظالم الذي لا ننتظر منه أن يقيم العدل والمظلوم هو ذلك الضعيف المغبون الذي ليس له هناك في تلك المُؤَسّسة الدولية صلاحية أن يفرض شيئًا أَوْ يقرّر شيئًا، ماذا فعلت الأُمَــم المتحدة للشعب الفلسطيني على مدى 70 عَامًا فأَكْثَــر؟ ماذا فعلت؟ لا شيء ومظلومية واضحة جِــدًّا مجلس الأمن نأتي إلى مجلس الأمن أَبْــرَز الدول الأساسية التي لها أعضاء دائمون في مجلس الأمن هي ما يعَبِّــرُ عنها بالدول الكبرى يعني ذات النفوذ الأوسع في الأرض في العالم في الواقع البشري من، حَيْــثُ قدرتها العسكرية ومكانتها السياسية وكذلك إمْـكَاناتها الاقتصادية بنفوذها الواسع بثقلها الاقتصادي والسياسي بقدرتها العسكرية تصبح ذات نفوذ كبير في الساحة العالمية يأتي في الترتيب لهذه الدول رقم واحد أمريكا ماذا تنتظر يعني من أمريكا أن تقيم العدل وهي منبع الظلم منبع الشر منبع الإِجْــرَام تأتي لتنتظر الأمريكي ليقنع بقية أعضاء مجلس الأمن يقنع البريطاني يأتي البريطاني الذي كان المستعمر ما قبل الأمريكي وورث عنه الأمريكي دورَ الاستعمار للشعوب ولاضطهاد للمستضعفين والتآمر على الشعوب المستضعفة السيطرة عليها ونهب ثرواتها والتلاعب بأوضاعها تأتي إليهم إلى الأمريكي والبريطاني ومن معهم مع الأمريكي والبريطاني ليقيموا عدلًا هنا أَكْبَــر من ساند الكيان الإسرَائيلي في فلسطين من هو أَوَّلًا من عمل كُـلّ ما يلزم لإنشاء هذا الكيان على أرض فلسطين هو بريطانيا ورثت أمريكا الدور عن بريطانيا في تقديم رعاية شاملة وكاملة وحماية للإسرَائيلي من بعد البريطاني دور لعبه الأمريكي فكيف تنتظر من الأمريكي عندما تتأمل هذه الأَيـَّـام ما يفعله ترامب بشكل مباشر أمريكا تتدخل بشكل مباشر ضد الشعب الفلسطيني تصبح شريكًا مباشرًا لإسرَائيلَ في الأذى للشعب الفلسطيني في مصادرة أراضي الشعب الفلسطيني في استهداف المقدسات فلسطين في التآمر على الشعب الفلسطيني بكل أشكال التآمر ليس فقط دور الحماية والدعم المفتوح لصالح الكيان الإسرَائيلي بل إلى جانب الدعم المفتوح والكبير للكيان الإسرَائيلي التدخل المباشر والعمل المباشر مع الكيان الإسرَائيلي ضد الشعب الفلسطيني هل يمكن أن تقول عن أمريكا راعية السلام أم منشأ الفتن والعدوان والإِجْــرَام؟

نأتي إلى مظلوميتنا كشعب يمني من الذي يشرف على هذا العدوان ويرعاه ويبرّره ويوفر له كُـلّ أشكال الحماية والدعم والغطاء السياسي ويقدّم له الدعم اللوجستي ويشترك فيه على مستوى التخطيط والتدبير والإشراف بكل أشكاله وعلى مستوى التدخل المباشر في كثير من الأحيان الأمريكي ويأتي وزير الخارجية الأمريكي قبل أيّام ليتحدث في الكونجرس ويقدّم شهادة يشهد هو على أن هذا العدوان يتحاشى إلى حَـدٍّ كبير استهداف المدنيين في ظل عدد هائل جِــدًّا من الجرائم في ظل جرائمه اليومية بحق المدنيين بحق المصالح العامة بحق الشعب اليمني في كُـلّ أشكال وأنواع حياته ومقدراته ومتطلباته كُـلّ أشكال الضرر تحصل بهذا الشعب من جانب أمريكا بالدرجة الأولى قبل أن تكون السعوديّة التي هي مُجَـرَّد أداة النظام السعوديّ الذي هو مُجَـرَّد أداة والنظام الإماراتي الذي هو مُجَـرَّد أداة كذلك بيد الأمريكي.

عندما تعاني شعوبُنا من وطأة الظلم وتحس بمرارة الظلم وهذا يحصل طَبْــعًا عندما تشتد وتيرة الظلم وتصل إلى مستويات ساخنة بمعنى بمراحلَ معينة وشعوبنا المظلومة تتأقلم إلى حَـدٍّ كبير مع ما تعانيه من الظلم ولكن الظلم والشر والفساد والإِجْــرَام والطغيان لا يبقى في واقع الحال عند مستوى معين هذه قاعدة مؤكّـدة تشهد لها الحياة وقائع الحياة التأريخ في حاضره وفي ماضيه يشهد لها الطغيان والإِجْــرَام والشر والفساد لا يبقى عند مستوى أَوْ حَـدٍّ معين يتعاظم يكبر يكبر يزداد، شعوبنا اعتادت في مراحلَ معينة أن تتأقلم مع حالة تعيشها لا يتوفر منها إلا أقلّ القليل من العدل أشياء بسيطة جِــدًّا والمساحة الهائلة قد تكون أَكْثَــر من 95% من الظلم بكل أشكاله إنْ لم تكن أَكْثَــرَ بكثير، يعني نسبة العدل الذي يتحقّق لشعوبنا نسبة ضئيلة للغاية مع ذلك كانت شعوبنا تتأقلم مع تلك النسبة الضئيلة؛ لأنَّك احسب حسابَ الظلم وما تعانيه الأُمَّـة في كُـلّ مجالات حياتها ليس فقط اقتصاديًّا أَوْ أمنيًّا أَوْ عسكريًّا حتى على المستوى الثقافي وَالفكري من أَكْبَــر ما ظلمت به الأُمَّـة هو التضليل الثقافي والفكري؛ لأنَّه ترتب عليه مآسٍ كبيرة جِــدًّا دخول الأُمَّـة في حالة من العمى والتيه والتخبط وانعدام الرؤية هو حالة رهيبة جِــدًّا من المعاناة والإحباط واليأس لدى الكثير من أبناء الأُمَّـة، فعندما نأتي إلى حجم المظلومية التي تتكاثر وتزداد إلى أن يضطر شعبٌ هنا أَوْ شعب هناك للتحَـرّك عندما تصل الأمور إلى مستويات كبيرة جِــدًّا المعاناة هائلة فيحس بوطأة الظلم ومعاناة ومرارة الاضطهاد وحينها يتطلع إلى الأُمَــم المتحدة ليتنظر لها من يتنظر إلى الأُمَــم المتحدة فهو ينتظر للسراب كما قلنا واقعُ الشعب الفلسطيني شاهد والشعوب التي تحرّرت تحرّرت بجهدها مع اعتمادها على الله وليس بالأُمَــم المتحدة أَبـَـدًا ما هناك شعب تحقّقت له العدالة أَبـَـدًا والخلاص الكامل بمُجَـرَّد اهتمام الأُمَــم المتحدة أَوْ من مجلس الأمن لم يحصل ذلك أَبـَـدًا بل هناك أحداث مأساوية جِــدًّا لشعوب راهنت على الأُمَــم المتحدة فأسهمت في وقوع جرائمَ كبيرة جِــدًّا بحقها كما حصلت مَثَـلًا في البوسنة والهرسك كانت بعض المدن يجمع سكانها في مكان بجور المدينة أَوْ خارج المدينة يجمع أعداد كبيرة من السكان ويطلب منهم أن يسلّموا كُـلّ ما بحوزتهم من أسلحة وتكون أَحْيَــانًا حتى بأعداد بسيطة وعلى أساس أن تتوفر لهم حماية كاملة من الأُمَــم المتحدة وجمعت بعض المدن في البوسنة على هذا الأساس اجتمع سكانها في معسكرات كلاجئين تحت حماية الأُمَــم المتحدة ثم ترفع الأُمَــم المتحدة يدها عنهم بعد أن سلبت منهم حتى سلاحهم ويأتي آنذاك الصرب في البوسنة ليقوموا بارتكاب أبشع جرائم القتل والإبادة وقامت حينها الأُمَــم المتحدة بالتجنيد جمعت للصرب أعداد كبيرة آلاف من المسلمين ونزع أية أسلحة متبقية لديهم وتجهيزهم للإبادة ثم تنسحب عنهم وتتركهم ليأتيَ الصرب فيعملوا على إبادتهم آنذاك وهناك شعوب أُخْــرَى لها تجارب مأساوية وكارثية من خلال الأُمَــم المتحدة فلا يعول أَبـَـدًا لا على الأُمَــم المتحدة ولا على أي طرف هنا أَوْ هناك.

القُــرْآنُ الكريمُ يُعَلِّمُنا اللهُ فيه بأن المسؤولية في إقامة العدل وتحقيق العدل وتحقيق القسط في هذه الحياة هو نحن المسلمين الذين آمنوا الناس هذه مسؤوليتهم لا يمكن أن يتطلعوا إلى قوى الشر لتكون هي قوى تحقّق الخير والعدل في هذه الحياة ولا يمكن حتى أن يتنظروا من الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى أن يقوم هو بما هو مسؤولية عليهم مسؤولية هي عليهم جزء من التزاماتهم الدينية والإيْمَــانية والعبادية يتعبدون الله بها الله غني ليس بحاجة إلى ذلك ولا يمكن أن يتدخل بشكل مباشر ليقومَ هو بمسؤولياتنا العملية والتزاماتنا الدينية بَدَلًا عنا ماذا يعني ذلك هو الرب جل شانه هو الملك والخالق وليس هو المأمور الذي تصل إليه الأوامر وينفّـذ نحن من علينا ذلك ولهذا لا يمكن مَثَـلًا أن ننتظر ليوم من الأَيـَّـام نستيقظ فيه فجرا أَوْ في الصباح الباكر فإذا بالأرض قد امتلأت عدلا وزال عنها كُـلّ ظلم وجور وكل طغيان وإِجْــرَام وصلحت أمور الحياة كيف تدخل في الليل والناس نيام وأصلح الله كُـلّ شيء، لا، المَسْأَلَـة ليست كذلك أَبـَـدًا الله جل شأنه يقول: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ] يقول هو جل شأنه [لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ] الناس هم المعنيون بإقامة القسط مسؤولية عليهم يدخل ضمنها الكثير من الأعمال من الجهود والأنشطة من الاهتمامات العملية وتحتاج قبل ذلك أن تكون ضمن اهتمامات الناس على المستوى التثقيفي والتعليمي وعلى المستوى التربوي وأن تكون جزءًا رئيسيًّا من برنامجهم العملي في هذه الحياة وجزءًا أساسيًّا من التزاماتهم الدينية في هذه الحياة كما هي الصلاة كما هو الصيام كما أي التزام ديني آخر، فالمَسْأَلَـة مرتبطة بأدائنا وكما قلنا يتضح أصالة هذا الموضوع بالنظر إلى حضوره الواسع في النصوص القُــرْآنية في آيات الله في أوامر الله الكثيرة جِــدًّا بهذا الشأن في مئات الآيات في القُــرْآن الكريم وبأَكْثَــرَ حتى من الصلاة آيات أَكْثَــر بكثير ثم في حركة رسول الله صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـه الذي كان جزء كبير من أعماله واهتماماته وأنشطته وبرنامجه وحركته جِهَـاد وأمر بالمعروف ونهي عن منكر وما يتصل بذلك إقامة للعدل أم إلى آخره، حركة واسعة مساحة واسعة في حركة رسول الله في حياة رسول الله في أعمال رسول الله في جهود رسول الله في اهتمامات رسول الله صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـه كما هي واضحة جِــدًّا وحاضرة في سيرته في ما عَبَّــر عنه القُــرْآن وفيما رواه التأريخ فكيف غابت كيف غابت على مدى زمن طويل لدى فئات واسعة من أبناء الأُمَّـة لا أقُل غابت لدى الجميع لدى فئات واسعة من أبناء الأُمَّـة وإلى اليوم الحال هو نفسه لا يزال الكثير من أبناء الأُمَّـة كثير من الشعوب كثير من البلدان كثير من المناطق حتى في القطر الواحد مَثَـلًا عندنا في اليمن ليست كُـلّ منطقة يحظر فيها في العام التثقيفي والتعليمي والتربوي الحديث عن هذه المَسْأَلَـة الدينية المهمة كما هي في القُــرْآن كما هي في حركة رسول الله وسيرة رسول الله وأعمال رسول الله وأقوال رسول الله صلوات الله عليه وآله، هل هي حاضرةٌ بمستوى أهميَّتها بمستوى حضورها في القُــرْآن بمستوى حضورها في السيرة النبوية؟ لا، غائبة إلى حَـدٍّ كبير جِــدًّا بل عندما غابت إلى حَـدٍّ كبير جِــدًّا في الساحة الإسْلَامية وصل الحدُّ إلى أن يكونَ أيُّ تحَـرّك يخالفُ هذا المزاج العام مستغرباً لدى الكثير من الناس وغير مرغوب فيه غير مرغوب فيه في بعض المناطق لا يرغب الناس حتى أن يسمعوا كلاما في هذا الشأن حتى أن يسمعوا آيات من القُــرْآن الكريم حتى أن يسمعوا مَثَـلًا سورة الصف أَوْ أن يسمعوا سورة التوبة أَوْ أن يسمعوا سور من القُــرْآن الكريم تتحدث عن هذه المسائل بشكل واسع، ليس عندهم رغبة أَبـَـدًا بهذا الشأن.

نحن عندما نلحظ اهتماماً كبيراً بحركة رسول الله، حضوراً واسعاً في النص القُــرْآني، تأثيراً كبيراً جِــدًّا في أوامر الله وتوجيهاته، ثم فجوة كبيرة بين هذا وبين ما هو سائد في الساحة الإسْلَامية من جمود لدى أَكْثَــر الأُمَّـة وحالة من التنصل الكامل عن المسؤولية بل حالة من الانفصال عن هذه المسؤولية وشطب لها بالكامل من الالتزامات الدينية والبرامج العملية.

هذه الفجوة كيف حدثت؟ من المسؤول عن إيجاد هذه الفجوة؟ كما قلنا هذا وراءه شغلٌ كبيرٌ لم يأتِ من فرغ هناك من اشتغل عندما أتى بنو أمية إلى السلطة وأداروا شؤونَ الأُمَّـة الإسْلَامية، أداروها بناءً على أُسُسٍ جديدة غير ما كان عليه رسولُ الله وليس امتدادًا لما كان عليه رسولُ الله ولما أتى به القُــرْآن، بل بالبديل عن العدل، الظلم، الفساد، المنكر وسنتحدث عن هذا في كثيرٍ إن شاء الله ابتداءً من المحاضرة القادمة التي نسلط الضوء فيها على هذه المَسْأَلَـة، وجهد واسع بُذِلَ وترافق معه أنشطة واسعة ولذلك عندما نأتي لنتحدث عن الأَسْبَـاب:

 أولًا: هناك جهات اشتغلت على الموضوع بقصد بشكل مقصود بهدف إبعاد هذه المسائل والمعالم الرئيسية عن واقع الساحة الإسْلَامية للتمكّن من السيطرة عليها بشكل مريح.

ثانيًا: غاب في الساحة الإسْلَامية الاهتمامُ بهذا الموضوع بالرغم من حضوره كما قلنا في القُــرْآن وفي حركة الرسول على مستوى هذا الغياب على مستوى المناهج التعليمية، التثقيف، الخطاب الديني، وعلى مستوى المسار التعليمي، كم مدراس في الساحة الإسْلَامية في المنطقة العربية وفي غيرها بلدان كثيرة كم هناك من خطباء! كم هناك من مساجد! كم هناك من منابر! كم هناك من أنشطة تثقيفية وتعليمية وتوجيهية ولكن يغيب منها بشكل كبير جِــدًّا الحديث عن الجِهَـاد بمفهومه الصحيح عن إقامة العدل عن إحقاق الحَــقّ عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن مواجهة الفساد عن السعي لإصلاح واقع الأُمَّـة وبناء واقعها كما ورد في القُــرْآن الكريم وفي الاقْتدَاء برسول الله صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـه، يغيب هذا إلى حَـدٍّ كبير جِــدًّا، فالغياب في التثقيف في التعليم في الإرشاد لدى كثير من الناس، يجلس البعض من علماء الدين طول عمره البعض يدرس طول عمره ويخطب ويعلم ويرشد ويعظ، ولا يتحدث عن هذه المسائل نهائيًّا، يتجاهل كُـلّ النصوص القُــرْآنية المتصلة بهذا الشأن كُـلّ الآيات القُــرْآنية ذات العلاقة، ويتجاهل ما ورد عن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، ويتجاهل كُـلّ ما هو ما قائم في الساحة في الواقع من مظالم ومعاناة وعن واجب الأُمَّـة تجاه ما هو حادث وحاصل، كم هناك من كتب كتبت وألفت كم هناك من أنشطة تقدّم كما قلنا في هذا الزمن حتى عبر وسائل حديثة من قنوات، من إذاعات، من برامج سجلت، من وثائقيات كثيرة يغيب هذا الموضوع نهائيًّا يغيب عند أَكْثَــرِ أبناء الأُمَّـة ليس عند الجميع عند أَكْثَــر أبناء الأُمَّـة، غياب هذا الجانب وصل كما قلت إلى درجة أن يصبح مستغربًا وغير مرغوب، عندما يسمعون من يتحدث فهناك الكثير ممن لا يرغبون أن يسمعون ما يقال في هذا الشأن أَبـَـدًا، عندما مَثَـلًا إلى نص عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّمَ رُوِيَ عنه أنه قال فيما معناه “بدأ الإسْلَام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء”، لاحظ أن غربة الإسْلَام هذه ليست غربته في صلاته ولا في صيامه، وليست غربته في عناوينه العامة الأولى هذا يمكن أن تكون قائمة، ويمكن أن تكون موجودة، ويمكن أن تكون غير مستغربة، فليس غريبًا أن يدعو إنْسَـان ما إلى الصلاة أَوْ أن يشاهد إنْسَـان يصلي وليس غريبًا أن يأتي من يحث الناس على صيام شهر رمضان أَوْ أن يجد الناس إنْسَـانًا يصومه وأمور كثيرة يعني ليست غريبة ليست غريبة في الساحة، لكن هناك فِـعْـلًا غربة للإسْلَام في معالمه الرئيسية.

الإسْلَامُ الذي يستنقذ الناس من العبودية لغير الله ويحرّرهم من الطاغوت ويستقل بهم في شئون حياتهم من التبعية للمستكبرين هذا إسْلَامٌ غريبٌ وهذا خطابٌ غريبٌ وهذا منطق غريب لدى كثير من الناس لدى فئات واسعة من أبناء الأُمَّـة، الإسْلَام الذي يعطي مَسْأَلَـة الوعي ويربط الأُمَّـة بمصادر الهداية ويعطي لمَسْأَلَـة الوعي أهميَّة كبيرة جِــدًّا ويركز على تنوير الناس بالقُــرْآن الكريم وتبصيرهم ببصائره وأن يحملوا الوعي تجاه حياتهم والواقع من حولهم وأعدائهم وما يتصل بذلك من مسؤولياتهم إلى آخره. هذا خطابٌ غريبٌ غير مألوف وغير مرغوب فيه لدى فئات كثيرة من أبناء الأُمَّـة، والإسْلَام الذي يلزم بإقامة العدل ودفع الظلم ومواجهة الطغاة والطغيان وإصلاح واقع الحياة بناء على توجيهات الله وأوامره وهديه كذلك غير مرغوب وغريب جِــدًّا، الإسْلَامُ الذي فيه جِهَـادٌ بمفهومه الصحيح في مواجهة العدوان على الأُمَّـة في دفع الأخطار عن الأُمَّـة عن المستضعفين، غريبٌ وغير مألوف وعند البعض ما يعرفه من مرة يعني مثلما يشاهد مَسْأَلَـة لا يعرف ما هي مجهولة نهائيًّا وليس فقط مستغربة، والإسْلَام والإسْلَام في هذه المعالم الرئيسية هو الذي شهد الغربة في واقع الساحة الإسْلَامية وبات الكثير من الناس ينظرون باستغراب ويعتبرون المَسْأَلَـة هذه ليست مَسْأَلَـة مهمة ولا يريدون أن تكون حاضرة وأن تكون موجودةً يريدون لها أن تقصى أن تبعد أن تحذف أن تشطب أن لا يسمعوها وأن لا يشاهدوا شيئًا عنها، غربة الإسْلَام في هذه غربته في هذه ولهذا عندما قال رسولُ الله فطوبى للغرباء فقيل من هم يا رسولَ الله؟ قال فيما معناه “الذي يصلحون عند فساد الناس” يسبحون كما يُقالُ عكس التيار، الاتِّـجاه والمزاج العام، مزاج يعيش حالة التبعية التي ينتج عنها الفساد التبعية للطغاة والمجرمين والمنافقين والضالين والفاسدين فيفسدون الآخرين بفسادهم، هؤلاء يأتون كما يقال ليسبحوا عكس التيار لديهم اتِّـجاه مختلف عن المزاج العام الذي لدى كثير من الآخرين كثير من الناس.

 فنحن نتحدث عن أن من أهمّ الأَسْبَـاب في غياب هذه المعالم الرئيسية وهذه المَسْأَلَـة المهمة للغاية هي:

1- فصلها عن الاهتمام التعليمي في المناهج والأنشطة والبرامج والخطاب الديني وعن التثقيف وعن الإعلام في زمن الإعلام.

2- فصلها عن برنامج واجبات الأُمَّـة والتزاماتها الدينية، دَائمًا في الخطاب الديني والتعليم الديني يقال للناس واجباتكم هي التالي أن تصلوا خمسكم أن تزكوا مالكم أن تصوموا شهركم أن تحجوا إلى بيت ربكم واكتملت المَسْأَلَـة كملت كمل الدين نفّـذت بقية الالتزامات يأتي البعض ليضيفَ قسطًا يسيرًا من الالتزامات الأَخْـلَاقية في المعاملة وفي المحرمات كذلك جزء محدود منها وتنتهي المَسْأَلَـة، ثم لا تذكر من هذه القائمة من الالتزامات الدينية والواجبات لا أن تجاهدوا ولا أن تأمروا بالمعروف وتنهون عن المنكر وطبعًا بالمفهوم الصحيح القُــرْآني وليس بالمفهوم الداعشي ولا بمفهوم الجامدين الذين يجمدون كُـلّ النصوص القُــرْآنية بتحيُّلاتهم ولا كذلك يقال للناس وأن تقيموا العدل في حياتكم هذا يحذفُ إقامة العدل في الحياة والأمر بالمعروف والجِهَـاد إلى أخره والإنفاق في سبيل الله تحذف في كثير من المناطق في كثير من المدارس في كثير من الأنشطة التثقيفية والتعليمية في الخطاب الديني لدى الكثير من الناس تحذف هذه وكأنها ليست من الواجبات لا وردت بشأنها نصوص قُــرْآنية ولا كان لها حضور ولا وجود في حركة رسول الله صلوات الله عليه وآله حتى بات البعض ينظر إلى المَسْأَلَـة أنها فقط بهذا المستوى واجباتنا الدينية والتزاماتنا الدينية هي واحد أثنين ثلاثة أربعة تلك الأشياء الاعتيادية الروتينية ما عداها ليس إلزاميًا أَوْ قد تم سقوطه بأساليب وحيل جعلت منه أمرًا غير إلزامي وغير واجب ولم يعد مطلوبًا وهو كان حالة استثنائية للعصر الأَوَّل وكأنه لا حاجة إلى العدل لا حاجة إلى العزة ولا حاجة إلى الخير ولا حاجة إلى المنعة ولا حاجة إلى القُــوَّة إلا للمسلمين الأوائل في عصر رسول الله صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـه هم فقط من كانوا يحتاجون إلى العدل إلى الخير إلى العزة إلى الكرامة إلى الاستقلال إلى الحرية بقية المسلمين في كُـلّ عصر وجيل ليسوا بحاجة لا إلى عدالة ولا إلى حرية ولا إلى استقلال ولا إلى كرامة ولا إلى عزة ولا إلى أي شيء من هذه وطبيعي أن يكونوا ضحية ضعفهم وشتاتهم وتفرقهم وانعدام كُـلّ عوامل النهوض بالمسؤولية لديهم، لا، المَسْأَلَـة كُـلّ البشرية بحاجة إلى العدل بحاجة إلى الكرامة بحاجة إلى هذه المبادئ العظيمة والمهمة، فعلى كُـلّ حال في الذهنية العامة فيما يقدّم للناس على أنه يُمَثِّـلُ العناوين من واجباتهم والتزاماتهم الدينية كان يشطب منه عند كثير من الناس مثل هذه المسائل أَيْـضًا من الأَسْبَـاب الخطيرة جِــدًّا والمؤثرة بشكل سلبي التحريف التحريف من هذه العناوين بتطبيقها على غير مصاديقها وباستغلالها في غير مواضعها، كما هو الحال بالنسبة للتكفيريين يرفعون عنوان الجِهَـاد في سبيل الله ولكن أين يتحَـرّكون بهذا العنوان يتحَـرّكون به في غير مصاديقه، في نهاية المطاف يصبح الأمر في حقيقته التحَـرّك في خدمة أمريكا هذا هو واقعهم، في مصلحة إسرَائيل هذا هو حقيقة ما هم عليه ليس ما هم في جِهَـاد ليس جِهَـادًا في سبيل الله هو تحَـرّك في خدمة أمريكا وإسرَائيل واستهداف للأُمَّـة وتوجه نحو كُـلّ ما يمكن أن يساهم في تقويض هذه الأُمَّـة والإضرار بهذه الأُمَّـة.

التحريفُ هذا ليس جديدًا يعني منذ زمن بعيد وهو يستخدم من فئات الضلال نفسها، ولكن المَسْأَلَـة ليست معقدة لتعرف هل يستخدم هذا العنوان بحق أَوْ بغير حَـقٍّ ليست معقدة المَسْأَلَـة يمكن أن تكون واضحة لا تحتاج إلى أن تكون غامضة للغاية، مثلًا هناك باطل من المؤكّـد أنه باطل أمريكا باطل أمريكا شر إسرَائيل شر وباطل جهات كلنا نعرف أنها جهات على باطل وأن تحَـرّكها حتى في ساحتنا الإسْلَامية لا يمكن أن يكون بخير ولا لخير ولا لصلاح ولا بحق ولا لحق أَبـَـدًا.

جهاتٌ نعرفُ جميعاُ أنها جهاتُ شر جهاتُ ضلال جهات فساد جهات طغيان تعرف أن كُـلّ ما هو امتداد لها ومرتبط بها ومتصل بها أنه لن يكون إلا شرًا وفسادًا وضلالًا وباطلًا مهما حمل من عنوان أتى بعنوان ديني أَوْ أتى بعنوان علماني أَوْ أتى بعنوان قومي بأي عنوان أفهم أنه يكذب في عنوانه وأن العنوان الذي حمله إنما حمله للخداع والتضليل للسذج والمخدوعين والذين أَيْـضًا يريدون أن تقدّم لهم عناوين للتغطية على حقيقة ميولهم وعلى طبيعة انحرافهم؛ لأنَّ البعض من الناس تكون الصورة واضحة لهم ولكن يرغب أن يكون للموضوع عنوان يتستر به وهو يعرف أنه عنوان مزور وأنه لا ينطبق على واقعه بأي حال من الأحوال.

عندما تأتي لتتأمل كثيرًا من الوقائع والأحداث التي تحَـرّك فيها التكفيريون وحملوا عنوانَ الجِهَـاد بدءًا من حرب أفغانستان كان من الطبيعي مثلًا أن يكون هنالك جِهَـادٌ في أفغانستان لإخراج المحتل السوفيتي ولكن ليكون تحَـرّكًا صادقًا نابعًا من إرادة تحرّر وليس من استغلال لصالح أمريكا آنذاك ما الذي حصل أمريكا كانت ترغب وضمن حربها الباردة مع الاتِّـحاد السوفيتي السابق أن تعمل على إضعاف الاتِّـحاد السوفيتي وتنتقم منه ضمن برامج وأنشطة واسعة لها واستهدافات متنوعة تسعى إلى تقويضه والتخلص منه والدفع بهِ إلى حافة الانهيار، هي تحَـرّكت بوسائلَ وعناوينَ وطرقٍ متعددة، واحدة من هذه الوسائل التي تحقّق لها هدفين الهدف الأَوَّل الإضعاف آنذاك للاتِّـحاد السوفيتي والاستنزاف له، والثانية العمل على السيطرة على أفغانستان بشكل مباشر من جانب أمريكا، فما الذي عملت أمريكا اتجهت إلى السعوديّة إلى النظام السعوديّ ومعه بعض دول الخليج على أساس أن يقوموا بالآتي:

أولًا: يعملون على توفير طاقة بشرية وتغطية الموارد البشرية بتجميع عشرات الآلاف أَوْ مئات الآلاف من المقاتلين الذين يذهبون إلى أفغانستان ليقاتلوا هناك باسم الجِهَـاد في سبيل الله بإخراج الاتِّـحاد السوفيتي بعد استنزافه وفي النهاية تتمكّن أمريكا من المجيء وتحتل فيرفع عنوان الجِهَـاد؛ لأنَّه عنوان سيحاط بفتاوى دينية من علماء البلاط لدى السعوديّة وأمثالها والمرتبطين بها في العالم الإسْلَامي.

ثم يدفع بالشباب من كافة المناطق والبلدان العربية والإسْلَامية للتحَـرّك إلى هناك تحتَ عنوان الجِهَـاد المقدس والواجب والذي صدرت به فتاوى من فلان الذي هو من هيئة كبار العلماء وفلان مفتي دولة كذا وفلان الذي هو كذا بألقابهم وأسمائهم وأساليبهم المعروفة للترويج والإقناع ثم أن تقوم أيضًا بالتمويل لمستلزمات هذه الحرب التمويل المادي توفير المال اللازم والكلفة تحمل الكلفة اللازمة لتلك الحرب، قام النظام السعوديّ ومعه بعض الأنظمة لكنه هو الذي تولى المَسْأَلَـة بالدرجة الأولى قام بكل هذا الدور وبقيادة هذا الدور كلفة مادية زخم تحشيد كبير جِــدًّا من مختلف البلدان التي انطلق منها الكثير والآلاف من الشباب، في بعض الإحصائيات أن الذين تحَـرّكوا من اليمن تقريبا ستين ألف، ستون ألف مقاتل تحَـرّكوا من اليمن للمشاركة في حرب أفغانستان تحت عنوان الجِهَـاد في سبيل لله! آنذاك قالوا أفغانستان بلد محتل وبما أن الاتِّـحاد السوفيتي احتل أفغانستان يلزم وجوبًا كُـلّ شعوب المنطقة أن تذهبَ للجِهَـاد في أفغانستان، حتى تطهر أفغانستان وتعمل على تنظيفها بالكامل من سيطرة الاتِّـحاد السوفيتي، انتهت المَسْأَلَـة تحقّقت أهداف أمريكا في الاستنزاف الهائل للاتِّـحاد السوفيتي وإلحاق نكبة كبيرة بها على المستوى الاقتصادي، وأن تستنزف الأُمَّـة الإسْلَامية، وتقدّم الشعوب العربية تضحيات كبيرة جِــدًّا وتقدّم تلك الدول العربية مبالغَ هائلة جِــدًّا لتمويل الحرب والقيام بتكلفتها، والعنوان كان الجِهَـاد في سبيل الله! لماذا لم يجب هذا الجِهَـاد بنفسه في فلسطين لإنقاذ الشعب الفلسطيني لدحر إسرَائيل؟! لماذا لم يصدر علماء السعوديّة علماء النظام السعوديّ في هيئة كبار العلماء والمفتين وغيرهم آنذاك نفس الفتوى لتحرير فلسطين من سيطرة إسرَائيل؟!

واضحٌ؛ لأنَّ المَسْأَلَـة باعتراف الأنظمة العربية وباعتراف الأمريكيين أنفسهم وباعتراف بعض قادة تلك الجماعات التكفيرية الثلاثة اعترفوا المُخَطّط والممول والمنفّـذ ثلاثتهم اعترفوا أن مَسْأَلَـة التحَـرّك للقتال في أفغانستان آنذاك كانت بإرادة أمريكية ورغبة أمريكية وطلب أمريكي.

إذًا لا تتوقع من أمريكا أن تطلب منك خيرًا أن تطلب منك ما هو رضا لله وفي الوقت نفسه ما فيه مصلحة حقيقية لك.

ألم يكن بالإمْـكَان أن يكون هناك جِهَـاد غير مرتبط بأمريكا ولا يحظى بالتمويل طبعًا الخليجي من النظام السعوديّ وغيره ولا يحظى بذلك الإقبال والالتفات الواسع والزخم الكبير من الفتاوى ونحوها في النهاية ما الذي حدث؟!

 بعد الاستكمال لإخراج السوفييت من أفغانستان والسيطرة التامة عليها في ما بعد وبعد وبعد، أتت أمريكا احتلت أفغانستان وأَصْبَــحت أفغانستان أَصْبَــح بلدا محتلًا من أجنبي (كافر) بحسب التسميات التي يركز عليها أُولئك فما الذي حصل؟ لم يأتوا من جديد ليقولوا وجب نفس الجِهَـاد الذي وجب آنذاك أيّام الاحتلال السوفيتي لأفغانستان لماذا؟؛ لأنَّ المحتل اليوم هو الأمريكي.

 تلك الفتوى ذلك التحَـرّك النشط في مختلف البلدان العربية والإسْلَامية أُولئك الخطباء والمرشدون وغيرهم والمفتين كُـلّ أُولئك سكتوا، ولم يأتوا من جديد بمثل ما فعلوا أيّام الاتِّـحاد السوفيتي.

لماذا لم يفعلون مثل ما فعلوا آنذاك ويتحَـرّكون في ساحتنا العربية والإسْلَامية لاستنفار المسلمين والوجوب الحتمي واللازم والفوري بالجِهَـاد ضد أمريكا في أفغانستان؟؛ لأنَّ المحتل هو الأمريكي والقوم يتحَـرّكون وفق البوصلة التي يحدّدها الأمريكي، يعني أنهم يتحَـرّكون بعنوان الجِهَـاد أينما أرادت منهم أمريكا أن يتحَـرّكوا.

 لم يجعلوا من فلسطين أولوية لتحَـرّكهم نهائيًّا لا آنذاك ولا اليوم ولا قبل اليوم ولن يجعلوها بعد اليوم، فلسطين وفيها مشاهد مقدسة مساجد مقدسة فيها ثالث الحرمين الشريفين الأقصى الشريف مكان مقدس يعترف المسلمون بقدسيته وأرض مباركة وفيها الكثير أيضًا من المشاهد وكذلك المقدسات المتعددة ومع ذلك بمكانتها حتى داخل الثقافة الإسْلَامية لم يجعلوها من أولوياتهم أَبـَـدًا، لم يجعلوا إسرَائيل العدوّ رقم واحد، يرفضون ذلك نهائيًا مع إن الله يقول (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ) مع ما يفعله اليهود الصهاينة وما فعلوه عبر كُـلّ هذه التأريخ من بداية غزوهم لفلسطين وإلى اليوم ومؤامراتهم على الأُمَّـة بكلها، ولم يقبلوا أن يجعلوا أمريكا في تصنيفهم هي العدوّ بشكل جاد وحقيقي فيتحَـرّكون وفقًا لذلك ولمناهضتها بالفعل.. لا، فعلوا بوصلتهم تمامًا في سوريا إلى، حَيْــثُ تريدهم أمريكا وإسرَائيل أن تكون وكان موقفهم متطابقًا مع موقف الأمريكي والإسرَائيلي والفارق لم يكن إلا في العناوين وإذا لم يكن الفارق إلا في العناوين والمضمون واحد والتوجه واحد والموقف واحد في أصله فاعرف أن ذلك من الباطل من الباطل، اتجهت بوصلتهم في العراق بوصلة واحدة اتجهت بوصلتهم في اليمن لتكون بوصلة واحدة، وإذا موقف مَثَـلًا الزنداني، صعتر بعض علماء التكفيريين لا يختلف نهائيًا عن موقف نتنياهو الموقف لنتنياهو الموقف للداعشي الموقف للقاعدي الموقف للأمريكي تجاه الحرب على شعبنا اليمني نفس الموقف، وكُلٌّ منهم يسعى إلى إبادة هذا الشعب وإلى ضرب أحراره وإلى القضاء عليهم، كُـلٌّ ينادي نتنياهو ينادي الزنداني ينادي صعتر ينادي فلان وعلان كم من خطبائهم كم من قادتهم كم من رموزهم ينادي! ترى الموقف واحد ويتحَـرّكون في جبهة واحدة تأتي القاعدة لتقول نحن نقاتل الحوثيين في إحدى عشرةَ جبهةً يعني يقاتلون الشعب اليمني في إحدى عشرةَ جبهةً إلى جانب من؟! أي جبهات هذه؟! هي نفسها الجبهات التي يديرها السعوديّ ويشرف عليها الأمريكي وترى الجميع يتحَـرّكون في اتِّـجاه واحد العدوّ واحد والموقف واحد فقط تختلف العناوين فقط الأمريكي له عنوانه السعوديّ له عنوانه والداعشي له عنوانه والموقف هو واحد يتجهون في جبهات موحدة للعداء ضد أطراف معينة هنا أَوْ هناك تعرف أنهم على باطل وأن موقفَ القاعدي الداعشي التكفيري بكل أشكاله هو امتدادٌ للموقف الأمريكي الإسرَائيلي وما كان امتدادًا للموقف الأمريكي الإسرَائيلي من اليقين المؤكّـد أنه باطلٌ لن يكون أَبـَـدًا حقًا ولا بحق نهائيًا المَسْأَلَـة ليست مستعصية على الفهم، فإذًا عملية التحريك من خلال استغلال هذا العنوان وتشغيله في غير مواضعه وإطلاقه على غير مصاديقه هو واحدةٌ من هذه الوسائل التي تؤثر سلبا في التفاعل مع العناوين هذه في مضمونها الحقيقي ومضمونها الصادق ومفاهيمها الصحيحة المتطابقة مع القُــرْآن الكريم.

من حَـقِّ شعبِنا اليمني المسلم بهُويته الإيْمَــانية أن ينطلقَ في الدفاع عن نفسه وهو معتدىً عليه من قوى ظالمة ومعتدية وباغية ترتكب بحقه أبشع الجرائم من حقه أن ينطلق تحت عنوان الجِهَـاد في سبيل الله فيتحَـرّك بدافع إيْمَــاني ويلتزم بالضوابط والأَخْـلَاق والتشريعات والتوجيهات التي يلزم بها المسلمون في قتالهم وهم يقاتلون من يعتدي من هو ظالم ومجرم وطاغية ومستكبر ومتجبر، يتحَـرّكون للتصدي له بتلك الضوابط والأسس وفق الطريقة التي رسمها الله في كتابه وسماها جِهَـادًا طريقة لها دوافعها النبيلة والمشرّفة لها منهجها الراقي والعظيم والعادل تجد حتى على مستوى الممارسات يأتي أُولئك بكل أشكالهم الذين في صف العدوان ويثبتون بممارساتهم الإِجْــرَامية إنْ من خلال القصف العشوائي بقنابل الطائرات وصواريخها للمدنيين وللمصالح العامة وارتكاب أبشع المجازر الجماعية بحق الناس، وإنْ بممارساتهم مع الأسرى من تعذيب من جرائم من انتهاكات وصولًا إلى الفظائع التي باتت اليوم معروفة عنهم وتتحدث بها حتى التقارير الدولية والأُمَــمية من انتهاكات الأعراض من اغتصاب من جرائم بشعة جِــدًّا، كيف يمكن أن نقول عن أُولئك بأنهم جهات في حَـقّ وعلى حَـقّ.

فنحن في هذا الزمن نلحظ كيف ظُلمت الأُمَّـة في ما فُصلت به عن المسؤولية الرئيسية المهمة التي تنطبق مع المفاهيم القُــرْآنية ومع ما عليه رسولُ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّمَ) وينبغي أن نكون متنبهين أن الاستغلالَ السلبي من البعض لهذه العناوين لا يعني أن نعطّلَ هذه العناوين ولا يعني أن نتركها ولا أن نهجرها ولا أن نبتعد عنها في ما هي عليه كعناوينَ وبمضامينها الصحيحة، بمضامينها الصادقة بمصاديقها في الواقع بالالتزام بما يتعلق بها من منهج ومبادئَ وتعليمات إلهية من الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى في الواقع، حتى لا نقبل بأن تكون مشوهةً وبالتالي محذوفة ومشطوبة فلا نجد لها وجودًا إلا في القُــرْآن ثم تغيّب عن الواقع لا، لتُستخدم بصدق في واقعهم ولا تعطل لاستغلال أُولئك لها بشكلٍ سلبي، الأَعْدَاء أنفسهم هم رغبوا في ذلك أن تستخدم بشكل مشوه حتى تشوه حتى يشمئز الإنْسَـان عندما يسمع مفردة جِهَـاد أَوْ مفردة أمر بمعروف ينطبع في ذهنه عندما يسمع كلمة جِهَـاد التصرفات التي يمارسها التكفيريون، الجرائم الوحشية والبشعة التي يرتكبونها، أَوْ ينطبع في ذهنيته عندما يسمع أمر بمعروف ونهي عن منكر ما عليه مثلًا هيئة الأمر بالمعروف والنهي والمنكر في السعوديّة التي لديها اهتمامات هامشية وأشياء عجيبة وغريبة جِــدًّا وتمارسها بحق المواطن العادي فقط، وتعطل قضايا رئيسية وكبيرة وعناوين عظيمة ومهمة تصلح واقع الحياة، أَوْ ينطبع في ذهنيته كذلك في مَسْأَلَـة إقامة الحَــقّ والعدل ينطبع في ذهنه تنظيم داعش أَوْ ينطبع في ذهنه فئة هنا أَوْ هناك، كُـلّ أُولئك أُريد منهم من جانب أَعْدَاء الأُمَّـة الإسْلَامية أن يحملوا هذه العناوين ليشوهوا هذه العناوين في ذهنية الناس، حتى يفصلوا الناس عن هذه العناوين في مضامينها الصحيحة كما وردت في القُــرْآن وفي حركة رسول الله (صلواتُ الله وسلامه عليه وعلى آله) أُريد لهم ذلك وفعلًا أثّروا في ذلك في ذهنية الكثير من الناس، في ذهنية الكثير من الناس الذين لم يفهموا بعد كيف هي المضامين الصحيحة لتلك العناوين فتأثروا تأثرًا سلبيًا.

فنحن معنيون أن نعودَ إلى هذه المعالم وأن نعرفَ أن الأصالة في الإسْلَام هي أن نلحظَ هذه المعالم الرئيسية كما هي في القُــرْآن، أن الإنْسَـانَ الصادق وأن العالم الرباني الذي هو عالم حقيقي هو من يتحَـرّك ويُعطي هذه المعالم الأساسية نفس مستواها من الأهميَّة بحسب ما وردت في القُــرْآن وبحسب ما كانت في حركة رسول الله (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـه) وأن الذي يهمِّشُ هذه المسائلَ ويتجاهلُها هو يظلم نفسَه ويظلم الناس، هو لا يتجه في الاتِّـجاه الصحيح المنسجم مع القُــرْآن والمقتدي برسول الله (صلواتُ الله عليه وسلامه عليه وعلى آله) هو يؤثر على الناس سلبًا حينما يغيّب عن ذهنيتهم ومن واقع اهتماماتهم مسائل أساسية لا تجاهلهم لها ولا تغيّيبهم لها ولا تنكرهم لها سيفيدهم، إنما سيضرهم إنما تكون النتيجة التمكين للطغاة التمكين للأَعْدَاء، التسليط للأَعْدَاء، وهذه نتائج كارثية جِــدًّا، الأُمَّـة مكثت في كثير من أبنائها على مدى أجيال تتجاهل هذه المسائل، لا عدل ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر ولا ولا إلى آخره، النتيجة ما هي؟ بل يروّج في المفاهيم الأُخْــرَى أنه لا مانعَ من استحكام سيطرة الطاغوت والظالمين والمجرمين وأن يديروا هم شؤون الأُمَّـة وأن وأن… وشُطبت تلك المسائل من برنامج الأُمَّـة كلها من موقع السلطة والقرار إلى المواطن العادي، شُطبت مَسْأَلَـة العدل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الجِهَـاد في سبيل الله، كُـلّ ما يتصل بذلك وفق مفاهيمها الصحيحة، شُطبت خرجت عن دائرة الاهتمام، يأتي لك الأميرُ أَوْ الزعيمُ أَوْ الملك أَوْ بأي مسمى والموضوع مشطوب عنده، خلاص مَسْأَلَـة ما لها لزوم عندهم ليست من الدين ولا لها أهميَّة عندهم وشطبت في أنشطة واهتمامات كثير من العلماء، يسمى عالمًا كبيرًا ويُطلق له أيضًا ألقاب معينة البعض قاضي القضاة البعض شيخ الإسْلَام البعض كم يا ألقاب، ويشطب المَسْأَلَـة لا تدخل ضمن أنشطته ولا تثقيفه ولا تعليمه ولا نصحه ولا مواعظه ولا اهتماماته بأي شكل من الأشكال، ثم في بقية واقع الأُمَّـة وصولًا إلى الإنْسَـان العادي الذي هو ضحية لما هناك وهناك، النتيجة ما هي؟ النتيجة تستحكم المظالم ينعدم العدل إلى حدٍ كبير تكثر المفاسد تكثر المفاسد إلى حَـدٍّ كبير جِــدًّا، ثم على المستوى التربوي تربى الأُمَّـة تربية بتقبّل الظلم للألفة بالمفاسد تألف المفاسد ولا تشمئز منها كثير من المفاسد تحصل والمنكرات وكذلك المظالم، وتأقلم مع ذلك الواقع إلى أن يصل إلى مستوى فظيع جِــدًّا جدًا، عندما نأتي إلى القُــرْآن الكرم لنرى العواقب السيئة لهذا التجاهل ولهذا الإعراض لهذا الإهمال الذي هو عصيانٌ لله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى في مسائلَ مهمة جِــدًّا أمر بها وألزم بها وأكّـد عليها ووعد وأوعد بشأنها وعد فيما إذَا أطيع فيها وتوعد فيما إذَا عُصي فيها، المَسْأَلَـة ليست سهلةً، اللهُ سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى قال في كتابه الكريم: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ، لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا، لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ) نجد سخطًا كبيرًا جِــدًّا لعن من أنبياء الله ومن الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى ووعيد شديد بالعذاب وبالسخط الإلهي والعذاب الأبدي، الخلود في جهنم، ومن أَبْــرَز ما حصل وتسبب في ذلك كله، لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه ويتولون الذين كفروا، انحراف كبير جِــدًّا في مَسْأَلَـة التناهي عن المنكر هيّأ الساحة لأن تمتلئ بالمنكرات وتكبُر فيها المنكرات وتعظم فيها المنكرات، إذَا ما هناك نهي، وكذلك فيما يتعلق أيضًا بالتولي للأَعْدَاء هذا ينتج عنه حتى تبعية لهم في كثير من المواقف والسياسات ويدخل أثر ذلك إلى واقع الأُمَّـة إلى كُـلّ شؤون حياتها، إلى اقتصادها إلى إعلامها حتى إلى السلوكيات الاعتيادية في الحياة، اليومَ أَلَا نرى آثارَ هذه التبعية في ساحتنا الإسْلَامية حتى في قصّة الشَّعَر، حتى في الملابس والزين، حتى في أشياءَ كثيرة، ترى الكثيرَ يتطلع إلى هناك من كبير الأمور إلى صغيرها تبعية بشكل أحمق حتى وبشكل غريب وساذج.

فإذًا المَسْأَلَـة عندما نأتي لنقول لا لزوم لكل هذه المسائل ما الذي ينتج عنه، في الحديثِ عن رسول الله (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـه) (لَتَأْمُرُنَّ بالْمَعْرُوفِ ولَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ) وفي بعض الرويات (ولَتَنْهَوُونَّ عَنِ المُنْكَرِ أَوْ لَيُسَلِّطَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ شِرَارَكُمْ ثُمَّ يَدْعُو خِيَارُكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ) النتيجة هي التسليط للأشرار وهذا الذي حصل في واقع الأُمَّـة أشرار الأُمَّـة هم المتسلطون عليها في كثير من المناطق وهم المسيطرون عليها وهم المتحكمون في شؤونها وهم على قمة زعامتها وإدَارَة شؤونها بما يخدمهم وبما يضر بالناس، بما له أبلغ الأثر والضرر وأقساه في واقع الناس وفي حياتهم في كُـلّ شؤون حياتهم.

فنحن معنيون اليوم من واقعِ ما نعاني كشعوب مظلومة تتطلع إلى العدل تحتاج إلى العدل تحتاج إلى الخير تحتاج إلى التربية الإسْلَامية والإيْمَــانية الصحيحة التي تزكو بالنفوس التي تنمّي معنى الكرامة ومعنى الحرية في أعماق النفوس، التي تربينا على الخير والصلاح والزكاء والطهارة، التي تعود بنا إلى قيمنا وأَخْـلَاقنا القُــرْآنية والإسْلَامية التي تعيدنا إلى الصراط المستقيم فنتمسك بالقُــرْآن منهجًا ونقتدي بالرسول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّمَ) قائدًا وأسوةً ومعلمًا نحتاج إلى هذا كله ونحتاج أيضًا إلى استعادة المّنّعة والقُــوَّة لنواجه التحديات؛ لأنَّنا إنْ رضينا لأنفسنا بالضعة والهوان والضَّعف والعجز النتيجة أن نخسرَ كُـلّ شيء دُنيانا وآخرتَنا، تكون المَسْأَلَـة كارثيةً علينا جِــدًّا.

إذا أردنا أن نستعيدَ إلى واقعنا أن نستعيد القُــوَّة والعزة والكرامة والمنعة وأن نكون في مواجهة التحديات في موقع القُــوَّة، يجب أن نعودَ أولًا إلى تلك المبادئ إلى تلك الأَخْـلَاق إلى تلك المعالم الرئيسية لنبني عليها حياتنا، حينئذ سنستعيد القُــوَّة وسنكون في مواجهة التحديات والأخطار من واقع قوي، قوتنا ستبدأ أولًا بقُــوَّة إيْمَــاننا بقُــوَّة وعينا بقُــوَّة إرادتنا بصحة وسلامة نظرتنا بفهمنا الصحيح والواقعي للحقائق من حولنا وفي حياتنا، وفي إدراكنا للتحديات والأخطار القائمة والموجودة والتي لا يجدينا أن نغضض أعيننا عن مشاهدتها أَوْ عن التنبه لها ولا أن ندسّ رؤوسنا في التراب كالنعامة، لا، لا بـُـدَّ أن نستيقظ أن نستشعرَ المسؤولية أن نتحَـرّكَ، أن نعيَ جيدًا أننا بحكم إسْلَامنا وقُــرْآننا والاقْتدَاء بنبينا المعنيون أولًا وأخيرًا لنتحَـرّك بتلك المبادئ والقيم للدفاع عن أنفسنا وعن حريتنا وعن كرامتنا وعن استقلالنا ولإقامة العدل في حياتنا ولدفع الظلم عن أنفسنا ومن واقعنا أيضًا، نحن المعنيون بذلك، مسؤولية علينا أمام الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى، يسألُنا عنها يومَ القيامة يعاقبنا على التفريط بها وفيها في الدنيا والآخرة.

أَسْأَلُ اللهَ سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى أن يُوَفِّقَنا وإيَّاكم لما يُرضيه عنا.

وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه..

 

 

You might also like